معركة تحرير الفاو 17-4-1988

مشاة و دروع و قوات خاصة
أضف رد جديد
صورة العضو الشخصية
التوبوليف العراقية
Lieutenant Colonel - Muqqadam
Lieutenant Colonel - Muqqadam
مشاركات: 2761
اشترك في: السبت نوفمبر 27, 2010 6:29 pm
مكان: Dubai - UAE

معركة تحرير الفاو 17-4-1988

مشاركة بواسطة التوبوليف العراقية » الأربعاء إبريل 17, 2013 8:54 am

في 17 من نيسان حرر العراق شبه جزيرة الفاو :
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة:
معركة تحرير الفاو هي عملية عسكرية نفذها الجيش العراقي في 17 أبريل/نيسان 1988 خلال حرب الخليج الأولى لإخراج الجيش الإيراني من شبه جزيرة الفاو بعد احتلال دام عامين، أطلق على العملية اسم رمضان مبارك لكون يوم 17 أبريل يوافق أول أيام شهر رمضان المبارك.
شملت العملية العسكرية نفذها الجيش العراقي في قبل شروق شمس يوم 17 أبريل 3 مراحل إستطاعت القوات العراقية من خلالها تحرير كامل شبه جزيرة الفاو في 35 ساعة وتكبيد القوة الإيرانية خسائر كبيرة ما بين قتلى وأسرى بالإضافة إلى الاستيلاء على معداته.
وقد كانت إيران قد حصنت الفاو بخنادق وحقول ألغام كما شقت القوات الإيرانية مجاري مائية لمنع الدبابات والمركبات المجنزرة من الحركة بينها.
مثلت الفاو نقطة تحول لحرب الخليج ودفعت هي وباقي الانتصارات التي حققها العراق بعد معركة الفاو لإعلان آية الله الخميني، مرشد الثورة الإيرانية، في 5 يوليو 1988، قبول إيران وقف إطلاق النار، كما أنها منحت العراق منفذه المائي على البحر الذي حرم منه سنتين.
يذكر العديد من الخبراء العسكرية ان العراق تلقت نصائح خارجية للأعداد والتخطيط للمعركة بينما أتهمت إيران الكويت بالسماح للعراقين باستخدام جزيرة بوبيان[1]


هذا الموقع مهم :
http://www.moqatel.com/openshare/Behoth ... m#_ftnref6

صورة

بعد خمس سنوات تقريباً، أي منذ الانسحاب، عام 1982، وهو تاريخ آخر الهجمات العراقية، في بداية الحرب، عاد العراق إلى شن هجمات رئيسية قوية، موجهاً هجومه الأول ضد القوات الإيرانية، التي تحتل شبه جزيرة الفاو، منذ أكثر من عامين (9 فبراير 1986)، في عمليتها المسماة "فجر 8".
كان التاريخ هو أول أيام رمضان. لذا، سميت المعركة من قِبل العراقيين، "رمضان مبارك". وقد وافقت نهاية يوم 16 أبريل، وقبل بدء نهار 17 أبريل. لذلك، كان هجوماً ليلياً صامتاً. هدفه استعادة السيطرة على شبه جزيرة الفاو كلها. كانت المفاجأة تامة؛ إذ كان الإيرانيون يحتفلون ببدء شهر رمضان المبارك. فضلاً عن أن القوات العراقية، لم تَعْتَدْ قتالاً ليلياً صامتاً، كما أن حجم القتال ومستواه لم يكونا متوقعَين. وكذلك الاتجاه لم يكن في الحسبان، فقد كان الظن الأكبر، أن تحاول القوات العراقية، عندما تفكر في الهجوم، شن هجمات مضادّة لكسر حصار البصرة.
1. طبيعة الأرض في قطاع الهجوم، في الفاو
تقع المنطقة التي خصصت لعمليات الفيلق السابع لاسترداد الفاو، يمين شط العرب ويساره، في منطقة، تمتلئ بأشجار النخيل، المنتشرة على مسافة، تراوح بين 800م وألفي متر، من حافة الشط. تتخللها سواقي الري. ويكثر فيها نباتات طويلة الساق (قصب وبردي). ويفصل بين منطقة العمليات والضفة الغربية لشط العرب، مسافات غير متساوية. لتعرج الشط، تبلغ في أدناها 500م وأقصاها 3 آلاف متر. وهي منطقة اختفاء جيدة للأفراد المترجلين، سواء عند التحرك أو التخندق. وهو ما يجعل من عملية تطهيرها من المدافعين أمراً صعباً، خاصة مع قربها من المواقع الدفاعية الإيرانية، على الضفة الغربية لشط العرب، حيث جزيرة عبدان.
اتخذ الإيرانيون من جزيرة عبدان قاعدة نيرانية، لمعاونة القوات، غرب شط العرب. وهي تمتد من مدخل الشط، مقابل الطرف الجنوبي الأقصى لشبه جزيرة الفاو، حتى جنوب المحمرة الإيرانية، عند مصب نهر كارون (65 كم طولاً، و5 كم عرضاً، في الشمال، و20 كم عرضاً، في الجنوب). وحُشد فيها فرقتان، خصصتا لمعاونة المواقع الدفاعية ونجدتها، في الغرب، كما كانتا تقومان بغيار القوات، في الغرب، دورياً (وهو ما كان يحدث حينما بدأ الهجوم).
المنطقة الملاصقة لشط العرب، غرباً، أرض رسوبية مالحة، غير صالحة لسير العربات العسكرية بوجه عام، والمجنزرات بوجه خاص. ويقع فيها، جهة الخليج، موقع المعامر، التاريخي، العائد إلى القرن التاسع عشر، والذي اتُّخِذ منطقة عبور، لتجاوز الترع والقنوات المائية، من الاتجاهين.
كان في المنطقة ثلاثة طرق رئيسية. الأول، الطريق القديم، بين الفاو والبصرة، منذ القرن التاسع عشر، وهو لا يزال مستخدماً، بعد تعديله وتطويره. الثاني، هو الطريق المعروف باسم الطريق الإستراتيجي، ويمتد من الفاو، عبر الأرض المالحة، إلى وسط شبه جزيرة الفاو. والثالث، طريق ساحلي موازٍ لخور عبدالله، حتى ميناء أم قصر. وتلتقي الطرق الثلاثة في منطقة عقدة الفاو (اُنظر شكل معركة تحرير الفاو).
2. الخطة الدفاعية الإيرانية
استمرت القوات الإيرانية في احتلال شبه جزيرة الفاو فترة زمنية، تعدت السنتَين. فكان لديها الفرصة لإنشاء مَواقع دفاعية جيدة التجهيز، وتدريب قواتها على مواجَهة الهجمات العراقية المتوقعة، لتحرير الفاو واستعادتها، والتي طال انتظارها 26 شهراً، في إطار خطة دفاعية مُحكَمة، ومنسقة جيداً.
كان الإيرانيون يعانون عدة مشاكل، عسكرية واقتصادية وسياسية، فرضت على القوات الإيرانية، في شبه جزيرة الفاو، أوضاعاً معينة، وأسلوباً محدداً. وكان أهم المؤثرات، هو عدم قدرتهم على استئناف الهجوم، للوصول إلى البصرة، هدفهم الأزلي، وعدم القدرة، كذلك، على التخلي عن هذا الهدف. لذلك، كانت المَواقع الإيرانية أقرب إلى مواقع ابتدائية للهجوم، منها إلى مواقع دفاعية كاملة. وأثر ضعف الإمكانات في تجهيز المواقع هندسياً، يجعلها منيعة، ضد الاختراقات العراقية المتوقعة. وكذلك في القدرات النيرانية. كانت الروح المعنوية، الآخذة في التدهور، مؤثراً آخر في قدرات القوات الإيرانية وكفاءتها، في شبه جزيرة الفاو؛ فطبيعة المنطقة قاسية، وإمداداتها، الإدارية والطبية، غير كاملة، وصدى الهزائم المتتالية، لا يزال مسموعاً، إضافة إلى ضعف التدريب، والمَلل من طول الحرب، التي دخلت عامها الثامن.
ارتكزت الخطة الدفاعية الإيرانية على طبيعة الأرض، مع بعض التجهيز الهندسي، باستغلال الموارد المحلية في المنطقة، لزيادة صعوبة اختراق القوات العراقية دفاعاتها. ووضعت الخطة على أساس صدّ الهجوم العراقي المنتظر، وتكبيده خسائر جسيمة، ثم دفع الاحتياطيات، المتمركزة في جزيرة عبدان، خلْف المَواقع الدفاعية، لشن هجوم مضادّ، يدمر القوات العراقية، التي قد تنجح في اختراق المَواقع الإيرانية.
وبنى الإيرانيون ثلاثة سواتر ترابية، متدرجة الارتفاع، تدرجاً، يعلو فيه الساتر الخلفي عمّا أمامه، مما يتيح للمدافعين عنه السيطرة على التحركات قبالته. ووصل ارتفاع أعلاها إلى ثلاثة أمتار. وشقت القوات الإيرانية مجاري مائية بين السواتر الثلاثة، لمنع الدبابات والمركبات المجنزرة من الحركة بينها، إضافة إلى أن منطقة الممالح (وسط شبه الجزيرة) ذات طبيعة رخوة هشة، مما يصعب الحركة خلالها. ولتسهيل حركة القوات الإيرانية وتأمينها، أنشئ ساتر رابع، خلْف الساتر الثالث، وأقلّ منه ارتفاعاً، ومُهدت الأرض بينهما للمركبات الإيرانية، كما أنشئ بينهما، كذلك، مناطق تمركز العناصر، الإدارية والفنية، والاحتياطيات من الاحتياجات والقوات.
وغمر الإيرانيون الأرض في المملحة، بينهم وبين القوات العراقية، بالمياه، بصفة دائمة، من طريق شق مجرى مائي في شط العرب، لزيادة صعوبة التحرك خلالها، ووضعت الموانع الخرسانية، والأسلاك الشائكة، والألغام، في كل مكان، خارج الطرق والمحاور.
وأنشأ الإيرانيون ملاجئ تحت الأرض، استخدمت الخرسانة المسلحة في بعض منها. وغُطِّيَت بردم عالٍ، لتتحمل القصف، الجوي والمدفعي، المنتظر. ومُوِّهَت لتشابه الأرض حولها، ليصعب اكتشافها. وحُفزت خنادق، لتكون ممرات لحركة الأفراد، مغطاة، كذلك، لتصل بين الملاجئ ومَواقع الأسلحة والدفاعات الأمامية. كما زوِّدت المَواقع إمدادات إدارية، من التعيينات والمياه والذخائر، تسمح لها بالصمود يومَين كاملَين، في حالة حصارها؛ وهو ما يوضح وعي الإيرانيين بالصعوبات التي ستواجهها الاحتياطيات القابعة في جزيرة عبدان، للعبور ونجدة هذه المَواقع الأمامية، غير أنهم لم يسعوا إلى تعديل خطتهم، ونقْل تلك القوات الاحتياطية، إلى مناطق تتيح سهولة الإنجاد. وعلى الرغم من إنشائهم عدة جسور عائمة، وآخر ثابتاً، على شط العرب، فالمتوقَّع أن يبادر العراقيون إلى تدميرها، قبْل بدء الهجوم، لعرقلة مناورة الإيرانيين.
كانت الخطة الدفاعية الإيرانية، في مجملها، بسيطة، وبدائية، وتقليدية كذلك. تفتقر إلى كثير من أساسيات الدفاع، خاصة الدفاعات ضد الدبابات، والطائرات، والإبرار، الجوي والبحري، والحرب الكيمياوية. وهو ما يعني هشاشة الدفاع ضد هجوم قوي، تُطبق فيه نظريات الاستخدام الأمثل لتعاون الأسلحة المختلفة. كانت نقطة القوة الوحيدة، هي طبيعة الأرض، والموانع الصناعية، التي أضيفت إليها.
بعد مرور أكثر من عامَين، على احتلال القوات الإيرانية شبه جزيرة الفاو، ومع اتساع جبهة القتال، من الشمال إلى الجنوب، وتكرار الهجمات الإيرانية، ذات الموجات البشرية الكثيفة، وخسائرها الجسيمة، كان لا بدّ للإيرانيين من تخفيض حشدهم في المنطقة، بسحب وحدات منها، لدفعها إلى مناطق أخرى، تبعاً للحاجة إليها. وتدنّي الحشد الإيراني من ثلاثين ألف جندي، عند احتلال المنطقة، عام 1986، إلى حوالي ثمانية آلاف جندي فقط، عام 1988. وهو ما أضعف قوة الدفاع، ذي المواجهة الكبيرة.
3. الخطة الهجومية العراقية
كانت البدائل المتاحة، أمام المخطط العراقي، محدودة؛ فالأرض، بطبيعتها وموانعها المختلفة، تجبر القوات العراقية على الالتزام بالمحاور الرئيسية. لذلك، سعى المخطط العراقي إلى حل مشاكل استخدام القوات بشكل أفضل، وإلى تنسيق خطة الخداع، بما يعوض القوات عن تحركها المقيد حتى الدفاعات الإيرانية، وصعوبة المناورة خارج المحاور الرئيسية؛ وهو ما سبق أن تسبب، عام 1986، بفشل الهجمات العراقية المضادّة.
قسمت الخطة إلى ثلاث مراحل متتالية. المرحلة الأولى، تتقدم فيها القوات العراقية، تحت ستر القصف، الجوي والمدفعي، نحو المَواقع الإيرانية، الأمامية والخلفية، لتواجه الدفاعات الرئيسية على الساتر الأول، وتهاجمه، وتستولي على السواتر الترابية الثلاثة، وتصل إلى القناة المائية الأولى للإغمار. المرحلة الثانية، تطور القوات العراقية هجومها، بدفع مزيد من القوات إلى الاشتراك في القتال، وتواصل اقتحام المَواقع الدفاعية الإيرانية، حتى تصل إلى القناة المائية الثانية للإغمار، وإلى المنطقة جنوب عقدة الفاو، حيث تتلاقى الطرق الثلاث الرئيسية المتجهة إلى الفاو. المرحلة الثالثة، تشمل حصار مدينة الفاو واقتحامها وتطهيرها، والوصول إلى آخر نقطة في شبه الجزيرة، عند رأس البيشة، فتبلغ القوات المهاجِمة أهدافها النهائية (8 كم، جنوب مدينة الفاو).
لتنفيذ الخطة بمراحلها الثلاث، حُشدت القوات المهاجِمة في رتلَين رئيسيَّين. الرتل الأول، ينهض بأعمال قتاله الفيلق السابع، وخُصص له المحور الرئيسي الأول (الطريق القديم)، الملاصق لشط العرب. الرتل الثاني، من قوات الحرس الجمهوري، وخُصص له المحور الرئيسي الثالث (الطريق الموازي لخور عبدالله).
لمعاونة القوات المهاجِمة، حدد للقوات الجوية مهمتان أساسيتان. أولاهما، تدمير الجسور على شط العرب، لمنع ارتداد المدافعين عن شبه الجزيرة، وحصارهم فيها، ومنع عبور القوات الاحتياطية في عبدان (أو تأخيرها)، أو إمداد القوات في شبه جزيرة الفاو. والمهمة الثانية، كانت قصف المَواقع الإيرانية، بالتركيز في مناطق تمركز الاحتياطيات، في جزيرة عبدان، وعقد المواصلات ومراكز القيادة والسيطرة. بينما تهاجم الطائرات العمودية المسلحة التجمعات البشرية والدبابات.
وحُدد للقوات البحرية تدمير القطع البحرية الإيرانية، في قمة الخليج، ومنعها من الاقتراب أو الاشتراك في قصف القوات المهاجِمة، والحؤول دون مشاركتها في التمهيد النيراني ضد المناطق الخلفية، في جنوبي شبه الجزيرة، خاصة عند اقتراب الرتل الثاني (قوات الحرس الجمهوري) من مدينة الفاو، أو عند تحقيقها المهمة النهائية في رأس البيشة.
4. سير المعركة ونتائجها
تقدمت القوات المهاجِمة، ليلاً، لتصل، قبْل الفجر، إلى مرمى أسلحة القوات المدافعة، فعمدت إلى الاختراق السريع، المباغت، في هجوم برمائي، على محورَي التقدم، مطوقة المَواقع الرئيسية، ومفاجئة القوات الإيرانية، على المحورَين، الأول، حيث تهاجم قوات من الفيلق السابع، والثاني، حيث تهاجم وحدات من الحرس الجمهوري. بينما انتشرت القوات الخاصة في منطقة المستنقعات والأرض المملحة بينهما.
استخدمت القوات العراقية الغازات الحربية، من أنواع غازات الأعصاب، لإفقاد المدافعين القدرة على استخدام الأسلحة، أو السيطرة على القوات. بينما مهدت المدفعية العراقية ـ فور الالتحام بالمَواقع الأمامية للإيرانيين، تمهيداً نيرانياً قوياً، شمل معظم شبه الجزيرة، وجزيرة عبدان، وشط العرب. اشتركت فيه القوات الجوية والقوات البحرية، مما مكن القوات المهاجِمة من تحقيق اختراق سريع فعال.
وساعد على سرعة الاختراق، والتقدم بمعدلات هجوم عالية، كثافة الحشد العراقي في مواجَهة الإيرانيين، إذ فاق، عدداً، 6 أضعاف المدافعين، وهو ما أتاح للقوات الأمامية المهاجِمة، الاقتراب من الموانع، والتغلب عليها، وعبور المسطحات المائية الفاصلة، بنجاح، على الرغم من الخسائر التي تكبدتها، من جراء حقول الألغام والأشراك الخداعية.
لم تُبْدِ القوات الإيرانية مقاومة عنيفة، كما هو متوقع، بل سرعان ما انهارت دفاعاتها، فعمدت إلى الارتداد، بسرعة، في اتجاه شط العرب، حيث الجسور الأربعة، التي تمكنت القوات العراقية من تدمير اثنين منها. وخلال أربع ساعات ونصف، من بدء الهجوم، حققت القوات الأمامية المرحلة الأولى (الساعة الحادية عشرة صباحاً).
اندفعت القوات العراقية تطارد المنسحبين، الذين اضطروا إلى ترك أسلحتهم الثقيلة والدبابات والمدافع، والتكديسات الإدارية، في المَواقع، وعلى طول المحاور العرضية، المتجهة إلى شط العرب، حيث المعابر إلى الشرق. وتمكنت القوات المطارِدة من الوصول إلى خط مهمة المرحلة الثانية، في الخامسة والنصف مساءً (بعد 11 ساعة قتال).
واستمر الحرس الجمهوري في الاندفاع جنوباً، ليصل إلى مدينة الفاو، ويتجاوزها، سريعاً، إلى رأس البيشة، مطوقاً القوات الإيرانية، التي لم تتمكن من الانسحاب، ومستكملاً مهمة الهجوم النهائية، بعد ظهر اليوم التالي (18 أبريل 1988)، في الساعة الخامسة إلا ربعاً، حين تحقق استرداد شبه جزيرة الفاو، في 35 ساعة، كأول انتصار عراقي كبير، منذ فترة طويلة من الحرب.
خسر الإيرانيون حجماً كبيراً من قواتهم، في شبه جزيرة الفاو، ما بين قتيل وجريح وأسير. ولم يتسنَّ الفرار إلا لعدد قليل منهم. كما خسروا معظم المعدات والأسلحة، خاصة الثقيلة، التي استولى العراقيون على معظمها، وبعضها سليم . كما استردوا الأرض كاملة، في ذلك القطاع، واتصلوا، مرة أخرى، مع الخليج العربي. وعلى أثر ذلك، أعلن الرئيس العراقي، صدام حسين، مبادرة سلام للخليج العربي في 19 أبريل 1988 (اُنظر ملحق نص مبادرة السلام في الخليج العربي التي أعلنها صدام حسين رئيس الجمهورية العراقية).
سابعاً: الهجمات العراقية لتحرير الأرض (تحسُّن الموقف القتالي للعراق)
تابع العراقيون هجماتهم، في القطاع الجنوبي. واستطاعوا إلحاق هزيمة جديدة بالقوات الإيرانية، شرق البصرة، باستعادتهم مدينة شلامجة، على مسافة 25 كم، شرق البصرة. وخسر الإيرانيون، في عشر ساعات قتال، في يوم واحد، 50 ألف مقاتل، إضافة إلى عدد كبير من معدات القتال الرئيسية، تصل إلى 10% من قوة الجيش الإيراني. وأدى ذلك إلى انخفاض آخر في معنويات الإيرانيين، جنوداً وشعباً، وفترت حماستهم للثورة.
مرة ثالثة، شن العراق هجوماً جديداً، في الشمال، على عدة مراحل، شمل كل أنحاء المنطقة الكردية. وتمكن من استعادتها، ودحر القوات الإيرانية. وكان رد الفعل الداخلي، في إيران، عنيفاً؛ إذ أُقصِيَ العديد من القيادات العسكرية، خاصة رئيس الأركان، ونيطت القيادة العامة للقوات المسلحة، بالإنابة، برئيس البرلمان، هاشمي رافسنجاني.
لم تحدِث التغييرات القيادية، والهزائم المتتالية، تغيراً في السياسة العسكرية لإيران. فقد دأبت القيادات، السياسية والدينية، على رفضها قبول وقف إطلاق النار. وطالب الخميني بمواصلة الحرب. ونشطت المزايدات من أجل الانتخابات الوشيكة. وكان رد فعل الشعب عنيفاً، كذلك، بتزايد التظاهر ضد الحرب، والتقاعس عن التطوع. ولم تجد القيادة السياسية بداً من محاولة إظهار قدرتها على السيطرة على الأمور، والإيحاء بأن الهزائم السابقة، إن هي إلا جولة. فانبرت لهجمات، خططت على عجَل، في 13 يونيه 1988، في منطقة شلامجة، لاستعادتها من العراق.
كانت القوة الإيرانية المهاجِمة، في شلامجة، مؤلفة من 25 ألف جندي (50 كتيبة). تمكنت من التغلب على الموانع أمام الدفاعات، من أسلاك شائكة وحقول ألغام، بخسائر فادحة. إلا أنها فشلت في اختراق أي مَوقع عراقي، ولم تستطع، بعد ثلاثة أيام قتال، اختراق أكثر من 10 كم.
اعتمد العراقيون على قواتهم الجوية، التي نفذت عدداً ضخماً من الطلعات، يومياً، وصلت إلى 650 طلعة، في أيام القتال الثلاثة، قبل أن يدفعوا الاحتياطيات القوية، بقوة 40 ألف جندي (11 لواء)، إلى ضربة مضادّة، استعادت بها الأرض، التي استولى عليها الإيرانيون في 19 ساعة قتال، مكبدة إياهم خسائر جسيمة.
عاد العراق إلى شن هجماته، في الشمال، حول السليمانية. وتمكن من استعادتها برمّتها، في يونيه 1988، وسيطر على المنطقة، فتمكن، بذلك، من إنهاء الوجود الإيراني في معظم المنطقة. ويلاحظ أن العراقيين نفذوا هجماتهم بعد تحريكهم قواتهم، من الجنوب إلى الشمال. كما شنت القوات الجوية، التي سبق أن شاركت في هجمات الجنوب، في الفاو، هجمات مكثفة لمعاونة القوات البرية. وهو ما يعنى قدرة العراق على إعادة توزيع قواته ونشرها، بحرية أكبر من قبْل. وهي نتيجة لنجاح هجماتهم المتوالية. وبات واضحاً استعادة العراقيين للمبادأة، التي فقدها الإيرانيون تماماً.
أبدت إيران مرونة أكبر، في التجاوب مع مساعي السلام، إلا أنها لم تتنازل عن شروطها لوقف إطلاق النار. وهو ما أدى إلى توقف المساعي وإنهائها، في كثير من الحالات. ولم يكن العراق يعلق آمالاً على المساعي الدبلوماسية. فقد كان تواقاً إلى تحسين موقفه العسكري، قبْل أن يحدث تغير في الموقف السياسي، يؤدي إلى وقف إطلاق النار، وهو ما كان متوقَّعاً في وقت قريب؛ إذ كانت الخطوة التالية المنتظَرة، هي المباحثات المباشرة، التي كان العراق يرمي إلى دخولها قوياً، يستطيع أن يحقق مكاسب سياسية، في اتجاهات التفاوض حول تلك المشاكل، التي كانت من أسباب الحرب، وتسويتها تسوية مُرْضِيَة.
قبل أن ينتهي يونيه 1988، كان العراق قد شن هجومَين آخرَين. الأول، في منطقة مهران، بحجم كبير من القوات المدرعة، وباشتراك جيش التحرير الشعبي، التابع لحركة مجاهدي خلق، الإيرانية المعارضة، تمكن خلاله أن يستولي على مدينة مهران الإيرانية وما جاورها، وأن يدمر فرقة إيرانية كاملة، قبْل أن ينسحب إلى داخل حدوده، تاركاً قوات مجاهدي خلق، الإيرانية المعارضة، تحتل المدينة. وقد سارعت القيادة الإيرانية إلى سحب عدة وحدات من قطاعات أخرى، لتدفعها إلى استعادة المدينة، وتنشر قواتها في المنطقة الحدودية، حتى كرمنشاه، معلنة عن نجاحها في صدّ الهجمات العراقية. إلاّ أن العراق فاجأ الإيرانيين، في اليوم نفسه، بدفعه قوات عراقية إلى الاستيلاء على مهران، مرة أخرى، والاستيلاء على القمم الجبلية المحيطة.
أمّا الهجوم الثاني، فقد وقع في نهاية الشهر، بقوة صغيرة من المشاة، يدعمها بعض وحدات من الحرس الجمهوري؛ إذ قاما بعبور برمائي، ثم هاجما جُزُر مجنون، تحت ستر نيران كثيفة، من المدفعية والدبابات، من مواقعها المختارة جيداً. وأعقب العبور البرمائي، إنشاء عدة جسور وطرق ممهدة، إلى المنطقة المستولى عليها، لنقل مزيد من القوات. وخلال ثماني ساعات قتال، استطاعت القوات العراقية السيطرة على الجُزُر، ومتابعة الهجوم، داخل الأراضي الإيرانية المجاورة، بعمق 30 كم.
تكبدت القوات الإيرانية خسائر جسيمة، مرة أخرى، خاصة أن العراق استخدم الغازات الحربية في الهجومَين. كما أن حشده القوات والأسلحة الرئيسية، تعدى، في الهجوم الثاني على جُزُر مجنون، المعدلات المعتادة، حيـث فاق نسبة 1 : 20 . واستخدم لواء مظلياً في الإبرار خلْف الدفاعات الإيرانية، لعزلها وتطويقها، مما عجّل بسقوطها.
ثامناً: الهجمات العراقية الأخيرة
خلال يوليه 1988، مارست القيادة العراقية ضغطاً قوياً على إيران، عبر قصفها الأهداف الاقتصادية بكثافة عالية، ومطاردة القوات الإيرانية في المناطق، التي سبق استيلاؤها عليها، داخل الحدود العراقية. ولم يبقَ سوى منطقة الزييدات على الحدود الدولية، بالقرب من حقول النفط، في العمارة، حيث آخر المَواقع الإيرانية، في الأراضي العراقية.
أسفرت الهجمات السابقة، منذ تحرير الفاو، عن هزائم متتالية للقوات الإيرانية. فقدت فيها معظم أسلحتها، حتى إنها باتت تفتقر إلى القدرة القتالية الكافية . كما انخفضت الروح المعنوية للجنود، وفقدوا الرغبة في القتال، بسبب الهزائم المتكررة، والذعر من الغازات السامة، التي يستخدمها العراق في هجماته كافة.
قصفت القوات العراقية، بالمدفعية، المَواقع الإيرانية، حول الزييدات، ثم دفعت قواتها (خَمس فِرق من الفيلق الرابع والحرس الجمهوري) إلى مهاجمة المَواقع الإيرانية، التي انهارت سريعاً ، ولم تبدِ القوات الإيرانية مقاومة قوية، واستسلم 2500 إيراني. تابعت القوات العراقية هجومها، من دون مقاومة تذكر من الإيرانيين. وتخطت الحدود الدولية، مرة أخرى، إلى داخل الأراضي الإيرانية، بعمق 40 كم. واستولت على مدينة دهلران، جنوب مهران، على الطريق بينها وبين ديزفول الإستراتيجية. وسيطرت على أكثر من 1500 ميل مربع من الأرض الإيرانية. إلا أنها انسحبت منها، بعد عدة أيام، كانت كافية ليعي المسؤولون الإيرانيون مغزى الرسالة؛ إذ أعقب ذلك مظاهرات ضخمة، في المدن الرئيسية الإيرانية. وصعد العراق من الموقف، مهدداً بغزو جنوبي إيران، العاجزة عن صدّه، حتى يجبرها على سحب قواتها كافة، خارج الحدود العراقية.
عرض العراق الأسلحة المستولى عليها من القوات الإيرانية، التي تبلغ عدة آلاف من كل نوع، في معرض مفتوح للشعب العراقي. وسارعت إيران إلى إعلان قبولها الانسحاب مما تبقى في حوزتها من مَواقع عراقية، شمال حاج عمران. كما عرضت وقف إطلاق نار، رفضه العراق، مطالباً بتنفيذ قرار مجلس الأمن، الرقم 598. وأتبعت ذلك بتهديد قوي أخير، إذ أغارت طائراتها على منطقة المفاعلات النووية الإيرانية، في بوشهر، والمنشآت الاقتصادية في بندر خميني والأهواز. وردت إيران بإغارة على أهداف عسكرية، في الفاو وكركوك، لم تحدث تأثيراً يذكر في الموقف.
كانت الحرب تمر بلحظات دقيقة في منعطفها الأخير، فالقيادة الإيرانية تبدي مرونة لم تكن من صفاتها سابقاً، بعد سلسلة الهزائم التي منيت بها قواتها، وعودة القوات العراقية لاحتلال أراضي إيرانية، والسخط الشعبي الذي عم المدن الإيرانية، وفي غمرة الأحداث التي ترتب مسرح الحرب للمشهد الأخير، حدثت مواجهة عنيفة بين الزوارق الخفيفة للبحرية الإيرانية والقطع البحرية الأمريكية في الخليج العربي، دمرت، خلالها، البحرية الأمريكية زورقين إيرانيين، وطائرة مقاتلة إيرانية من نوع (F-14)، وتصادف دخول طائرة ركاب إيرانية منطقة الاشتباك فأطلق عليها الطراد الأمريكي ليفنجستون صاروخين سطح/ جو فانفجرت فوق جزيرة هانجام في مضيق هرمز، وقتل كل ركابها (398 راكباً) (اُنظر ملحق حادث إسقاط طائرة الركاب المدنية الإيرانية بوساطة مدمرة أمريكية، في 3 يوليه 1988).
أعلن آية الله الخميني، مرشد الثورة الإيرانية، في 5 يوليه 1988، قبول إيران وقف إطلاق النار، والاستعداد للتوجه إلى مائدة المفاوضات، لحل المسائل المعلقة، في إطار القرار 598، لتتوقف الحرب، بعد ذلك، منهية عقداً من القتال الضاري، في منطقة الخليج العربي، بين أقوى قوَّتَين إقليميتَين فيه.


صورة

صورة

صورة

صورة

صورة
المعرفة تسبق النصر، والجهل يسبق الهزيمة

صورة العضو الشخصية
Hawkeye
2nd Lieutenant - Molazim Thani
2nd Lieutenant - Molazim Thani
مشاركات: 326
اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 10:09 pm

Re: معركة تحرير الفاو 17-4-1988

مشاركة بواسطة Hawkeye » الأربعاء إبريل 17, 2013 9:51 pm

تحية أجلال و ثناء الى كل المقاتلين الابطال الذين شاركو في الدفاع عن تراب ارض الوطن تحية الى الجيش العراقي الباسل الى الشهداء الابرار شهداء القادسية المجيدة الذين ضحو باروحهم من اجل العراق وراية العراق تحية الى الجرحى الذين جادو بدمائهم من اجل الوطن والرجال الذين نضحوا عرقاً من اجل العراق,, سيبقى الجيش العراقي منارا وعلما في طريق الاجيال وذكرى خالده كتبت بنيران المدافع وصيغت بدماء الشهداء لتخلد هذ السفر المجيد, الف تحية الى الضباط والمراتب وكل الذين ساهمو بدفاع عن ارض العراق والشعب العراقي

raaft
2nd Lieutenant - Molazim Thani
2nd Lieutenant - Molazim Thani
مشاركات: 410
اشترك في: الاثنين مارس 07, 2011 6:54 pm

Re: معركة تحرير الفاو 17-4-1988

مشاركة بواسطة raaft » الأربعاء إبريل 17, 2013 11:32 pm

الموضوع لطيف ولكن فيه الكثير من الاخطاء من بينها ان الخميني اعترف بالقرار 598 في 20 تموز 1988 وكذلك تفاصيل الهجومات واعداد الفرق وخسائر الطرفين وغيرها من الاخطاء

صورة العضو الشخصية
التوبوليف العراقية
Lieutenant Colonel - Muqqadam
Lieutenant Colonel - Muqqadam
مشاركات: 2761
اشترك في: السبت نوفمبر 27, 2010 6:29 pm
مكان: Dubai - UAE

Re: معركة تحرير الفاو 17-4-1988

مشاركة بواسطة التوبوليف العراقية » الخميس إبريل 18, 2013 7:38 am

شكرا اخ رافت بالحقيقة الموضوع مقتبس من كتاب وهنا الرابط له :

http://www.moqatel.com/openshare/Behoth ... /index.htm

لانه بالحقيقة لا يوجد ما هو احسن من هذا فهذا الذي وجدت وهو اذا يدل على شيء فيدل على ضحالة كتاباتنا فلك معركة يجب ان يتم توثيقها وكتابتها ولكن للاسف التاريخ العسكري العراقي اخذ بالضياع ان لم يقم اصحاب ذلك التاريخ بكتابته ..
المعرفة تسبق النصر، والجهل يسبق الهزيمة

أضف رد جديد

العودة إلى “Army الجيش العراقي\القوات البرية”