الإهداء
اهدي ثمرة جهدي هذا والذي اعتبره واجب وأمانه في عنقي
إلى روح الشهيد السعيد العقيد الطيار نافع نجم عبد الله الجبوري
والى كل قطرة دم من دمه الطاهر التي اختلطت مع ثرى شارع البو حشمة
والتي سقيت من رحيق دمه الزكي وكانت عنواناً وعزاً و فخرا لكل عراقي غيور وفي مقدمتهم أهله وناسه وأقاربه ورفاق دربه وزملائه من
صقور الجو العراقيين الذين يفخرون بان لهم شهيداً مثل المرحوم نافع نجم عبد الله
كما أتقدم بالإهداء
إلى ولدنا تحسين نافع نجم عبد الله وأشقاء الشهيد نافع الجبوري رحمه الله وإلى كافة صقور الجو الشجعان ونسال الله سبحانه و تعالى أن يوفقنا الله لما فيه من عمل و هو مفخرة لكل صقر من صقور القوة الجوية العراقية البطلة .
سيرة الشهيد العقيد الطيار نافع نجم عبد الله الجبوري
احد أبطال وصقور الجو للقوة الجوية العراقية
المقدمة
قال تعالى في محكم كتابه الكريم ...
((فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)) سورة النساء / الآية 74
2. ونحن إذ نتذكر هذا الشهيد الذي ارتفع برواحه إلى الله جل جلاله في علاه وفاز برضوانه ، نحسده ، نغبطه ، على ما حصل عليه من نعيم وعده به الله جل جلاله ، حيث يقول الله سبحانه في سورة آل عمران : (( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ َ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )) سورة آل عمران / الآية 169-170 .
5. يحق للأمم و الشعوب أن تفتخر بأبطالها الذين قدموا التضحيات ليكون لها مجدا لتداوله عبر الأجيال وعن سيرتهم العطرة التي ستخلد في تاريخها مفاخرهم التي سطروها عبر مسيرتهم البطولية سواء في خدمتهم بالقوات المسلحة أو في حياتهم العامة .
كان الشهيد البطل العقيد الطيار نافع الجبوري مثالاً حياً في التضحيات التي قام بها وأهمها التضحية بحياته من اجل دينه ووطنه ضد أعتى أنواع الظلم عبر التاريخ وهو غزو العراق من قبل عدو الله و الإنسانية أمريكيا وحلفائها وعملائها الأقزام الذي كان العراق حريصا عليهم وأول المدافعين عنهم فهكذا جزاء الإحسان بالرذيلة لعنهم الله أجمعين .
6. ولد الشهيد نافع الجبوري رحمه الله في عام 1964 بقرية ضمن ناحية العباسي التابعة لقضاء الحويجة بمحافظة كركوك حيث انحدر من عائلة فلاحيه تكافح من اجل لقمة العيش و كان رحمه الله حريصا على الدراسة و التعلم إضافة إلى سلوكه و أخلاقه التي كان يستمدها من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف . ثم دخل العسكرية في سن مبكر ليلتحق برفاقه في السلاح إلى الإعدادية الجوية حيث الدراسة الإعدادية الاعتيادية ودروس الطيران النظرية والعملية في أكثر من مرحلة من مراحل الدراسة في الاعداديه ... ثم أوفد إلى دولة أوربية لإكمال متطلبات دراسة الطيران وكان مثالاً رائعاً في الخلق بتلك الدولة وبقى مواظبا على صلاته وصيامه وقراءته للقران الكريم رغم المغريات في تلك الدولة العلمانية
7. تخرج المرحوم من الكلية وتدرج في الطيران والعلم والمناصب حيث كانت حياته مليئة بالنجاحات على الصعيد النظري والعملي حيث كان من الذين يشار إليهم في العمل والخلق والأخلاق وله العديد من المواقف البطولية من خلال مشاركته في جميع المعارك التي خاضتها القوة الجوية وخصوصا في معركة أم المعارك الأولى حيث كان الشهيد له دور بارز وملحمي في إسقاط طائرة أمريكية نوع (F111) بالرغم من حداثة رتبته وخبرته المتواضعة في أجواء ممطرة إضافة إلى كثافة الطيران المعادي ولكن إصراره وعزمه على القتال جعله يحقق الانتصار الجوي في تلك المهمة والذي جعله يواكب مسيرة الصقور الأبطال في حرب القادسية وهم من سطروا أروع الملاحم و البطولات.
8. أما عن قصة استشهاده رحمه الله حيث تعتبر المهمة الاستشهادية التي قام بها الشهيد نافع الجبوري رحمه الله من أفضل المهام في الحروب الحديثة من ناحية التخطيط وإصراره رحمة الله على التنفيذ بالرغم من تمكن العدو من تحقيق سيادة جوية مطلقة حيث كانت المهمة في البداية مهاجمة إحدى حاملات الطائرات في الخليج العربي ( فقط بالاسم هو عربي ) ونتيجة لظروف قاسية تحولت مهمته إلى مهاجمة تجمعات العدو في منطقة جنوب غرب كربلاء ولكن المهمة في كلتا الحالتين صعبة جدا ، و أصداء المهمة الاستشهادية دائما يكون لها صدى إعلامي و اسع ويساهم بشكل كبير في رفع معنويات القوات المسلحة و التي كانت بأمس الحاجة إلى هكذا مهام .
9. نتيجة لانهيار البلد بالكامل والبنى التحتية إضافة إلى كافة مفاصله لم يبقى إلا بعض الوثائق التي تشهد لنا وللتأريخ ما قام به الشهيد من موقف رائع ومتميز في فداء الوطن , لذلك تم جمع شهادتنا الشخصية وشهادات من عاصروه وشهادات أهله وناسه وأهل قريته وإمام مسجد القرية الذي كان يذرف الدمع الغزير وهو يتحدث عن المرحوم , وفي مقدمة من شهدوا له شقيقه والذي ورد اسمه في الوصية التي كتبها الشهيد إلى أهله وكيف تم قراءتها أثناء دفن جثمانه الطاهر مما أدى إلى رفع معنوياتهم بهذا العمل البطولي ليبقى فخراً على مر السنين وموقف والدة الشهيد نافع رحمهم الله وهي تشد من أزره وتوصيه بعدم التخاذل لتنفيذ مهمته وهي بدورها قامت بأداء مناسك الحج عن الشهيد ثم وافاها الأجل بعد عودتها من الحج بمدة ( 24 ) ساعة . وهذه الشهادات من كافة النواحي ضرورية لسرد الحقائق التاريخية في حق هذا البطل والصقر المغوار المحب لله ولرسوله ولوطنه العراق .
10. من الملفت للنظر هناك قصائد رثاء شعرية بحق الشهيد نافع الجبوري وهي بالحقيقة ليست رثاء له وإنما كلها تمجد القضية التي نال الشهادة من اجلها و هذه القصائد التي أدلى بها الشعراء تدمي القلب من شدة الوصف الرفيع الذي يليق بمكانه الشهيد ، وأكثرها شدة و أوجاعاً قصيدة الوالدة رحمها الله .
11. كي لا نطيل السرد في القصة البطولية ، تم وضع مذكرات الشهيد مع وصيته إلى أهله وبعض من صوره كمرفقات ليتسنى للقارئ الكريم التركيز في قراءة الملحمة البطولية ، ونساءل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل الأخ نافع شهيداً ومثواه جنان الخلد و الفردوس الأعلى أن شاء الله .
الغاية
12. تسليط الضوء على سيرة الشهيد العقيد الطيار نافع نجم عبد الله الجبوري احد صقور وأبطال القوة الجوية العراقية البطلة .
السيرة الذاتية
13. ولد الشهيد العقيد الطيار نافع نجم عبد الله صالح الجبوري في عام 1964 في قرية (غريب عليا( التابعة لناحية العباسي قضاء الحويجة وهذه القرية واقعه بالقرب من ملتقى الزاب الأسفل مع نهر دجلة وهو من عشيرة البوجحش قبيلة الجبور ومن عائلة فلاحية تعيش حياة متواضعة حالها حال العوائل التي تمتهن الزراعة مهنةً لها وتربية عدد قليل من المواشي ويسكنون في بيت من الطين المتواضع وكان والد الشهيد المرحوم نجم عبد الله صالح كان رجل محباً لعمله مثابراً ويعمل أمام عائلته بحزم واجتهاده رغم ما كان المردود الزراعي قليلاً ونظراً لعدم خصوبة الأرض ولعدم توفر الإمكانيات حيث أن هذه الصفات انعكست على أبناءه من حيث التربية الحسنة والسلوك بما فيهم الشهيد حيث كان منذ طفولته يحمل صفة الهدوء والبساطة وبدأ دراسته الابتدائية في
مدرسة 30 تموز الابتدائية من عام 1970 وأكمل الابتدائية في عام 1976 ودخل في متوسطة العباسي( الجبور سابقاً) وفي سنة 1977 ارتحلت عائلته إلى
قرية عرصة والتي هي ضمن ناحية العباسي أيضاً أكمل دراسة المتوسطة
عام1979م وبعد أن أكمل الصف الرابع العام في عام 1980 حمل أوراقه ليقدم إلى إعدادية القوه الجوية العراقية وكان أول التحاق له في 7-1-1981 وسكن في دار رقم 33 السرية الأولى الفصيل الثالث واجتهد في الإعدادية وكان من المتميزين في الدراسة حيث كانت مهنية عسكريه ودروس الطيران وكذلك مواد الإعدادية الفرع العلمي حيث كان معدله (86%) . أكمل الدراسة عام 1983 وكان من الأوائل على دفعته , أرسلته الدولة إلى أثينا – اليونان وكان عدد اللذين ذهبوا 15 طالب من الدورة الأولى لإكمال دراسته في مجال الطيران العسكري , وبعد أربع سنوات تخرج من الأكاديمية اليونانية للطيران وكان تسلسله من الأوائل في مجال الدراسة والتدريب على الطلبة الأجانب في اليونان حيث كان اليونانيون لا يدخلون طلبتهم في المنافسة مع الأجانب وتخرج برتبة ملازم طيار في عام 1987 وقد احتسب تخرجه الرسمي اعتبارا من 6 كانون الثاني 1986 مرافقتاً بموعد تخرج أقرانه في العراق واستمر مشواره العملي بعد عودته إلى العراق حيث نسب إلى أسراب طائرة الميراج الفرنسية F-1 للعمل عليها وتدرج بالرتب العسكرية والمناصب على الطائرة إلى أن وصل إلى منصب قائد رف من أربع طائرات وشهادة معلم طيران ( A2 ) من مدرسة معلمي الطيران العراقية وطيار فعال ليلي نهاري مقعد خلفي ومدرب طيران على الطائرة الميراج وبساعات طيران تتجاوز
الـ ( 1300 ساعة طيران ) وشارك في العديد من الدورات منها وكان متميزاً في هذه الدورات ومن الأوائل دائماً .
بطولات الشهيد
14. من بطولات الشهيد نافع الجبوري رحمه الله هو الموقف المشرف بإسقاط طائرة معادية أمريكية نوع ( F-111) في قاطع قاعدة ســـــــــــعد الجوية
( H-2) كما ذكر الشهيد في مذكراته المرفقة نسخة منها طيا حيث تم تنفيذ الواجب في ليلة الخميس لمصادف 17 /1 / 1991 كما مبين ذلك في نسخة من سجل ساعات الطيران الخاص بالشهيد نافع رحمه الله والمرفقة نسخة منه طياً .
15. بالساعة ( 0306 ) بعد منتصف الليل اصدر أمر بالإقلاع الفوري بطائرته
المرقمة ( 4021 ) نوع ميراج ( F-1) وكان رحمه الله برتبة ملازم أول ضمن مفارز تلك الطائرة في قاعدة ( H-2) ومهمته كانت التصدي لطائرات العدوان الثلاثيني الغاشم , تم توجيهه من كتائب قاطع الدفاع الجوي في تلك المنطقة وبعد عملية التوجيه الناجحة والدقيقة جداً تم كشف هدف جوي معادي راداريا والقفل عليها بواسطة رادار الطائرة ثم إصدار أمر الإطلاق عليها حيث تم إطلاق الصاروخ المحملة به طائرته من
نوع ( سوبر – 530 ) وأود أن اذكر حاله ذكرها لي الشهيد نافع الجبوري رحمه الله
بعد إطلاق الصاروخ كان يتابع الصاروخ بصريا للتأكد وحرصاً منه على إصابة الهدف وهذا مخالف لنظام الصاروخ لأنه كان يعمل بمبدأ ( Fire Forget) أي
( أطلق وأنسى ) إضافة إلى مخالفة سلامة الطيران لأنه يؤدي إلى عمى وقتي بسبب النار الملتهبة التي تنبعث من فوهة نفث الصاروخ ونتيجة لذلك أدى إلى دخول طائرة الشهيد نافع الجبوري في وضعية حرجـة
والمتعارف عليها لدى الطيارين ( ungula position) وتم السيطرة على الطائرة من قبله وعندها تم مشاهدته إصابة الطائرة المعادية وتبين فيما بعد أن الطائرة المعادية لم تسقط في الأراضي العراقية و أنما سقطت في الأراضي السورية ومقتل طاقمها نتيجة اصطدام الصاروخ مباشرة في مقصورة
طائرة ( ف 111 ) , علما أن هذا النوع من الطائرات غير مزودة بنظام كرسي القذف و إنما تقذف المقصورة كاملة وذلك لارتفاع أسعار المعدات داخل المقصورة و كلفتها الباهظة ، وعلى تلك البطولة نال الشهيد تكريم القيادة المعنوي والمادي بمبلغ ( 10000) عشرة ألاف دينار و قد أعطى مبلغ ( 500 ) ألف دينار إلى ضباط صف المفرزة الفنية والمبلغ المتبقي صرفه بالكامل لجامع في قريته .
المهمة المستحيلة
16. الإقلاع بطائرة ميراج ( ف1 ) بحمولة قنابر زنة ( 250 ) كغم عدد / 2
وخزانات إضافية كاملة من قاعدة البكر الجوية للهجوم والانقضاض على إحدى
حاملات الطائرات في الخليج العربي هذه المهمة التي يتصور الجميع بان تنفذ ولكن
لاعتبارات تعبوية وتكتيكية في التخطيط لهذه المهمة يكون النجاح صعب جداً ويكاد
يكون معدوم لتنفيذها ومن هذه الاعتبارات ما يلي :
أ- نسبة نجاح العملية ضئيل جدا وتكاد تكون معدومة وذلك لان العدو قد حقق سيادة جوية مطلقة على الأجواء بالاضافه إلى تدميره اغلب مدارج ومهابط القواعد الجوية التي تعمل ضمن خطوط العرض36ْْْْْ شمالاً و 32ْ جنوبا
ب- كما هو معلوم للجميع يضع المخططون لهذه المهمة نصب أعينهم عدة عوامل لتنفيذ المهمة أعلاه وإيجاد البدائل لخط الرحلة وحتماً سيكون عبر دول الجوار وهذا العامل يدخل ضمن فقرة تقدير الموقف وتحديداً ( العامل السياسي ) لتلك الدولة التي يمر بها خط الرحلة لأسباب عديدة منها عدم زج تلك الدولة في صراع العراق أو الأتفاق مع دول العدوان الظالمة وأكيد هذا العامل قد دخل في حسابات دول الطرفين المشتركين في الصراع .
ج- لا توجد أي معلومات دقيقة عن الهدف المراد مهاجمته كونه متحرك وكما هو معلوم إن طائرة الميراج ف1 تستطيع العثور عليه في حالة توفر معلومات مؤكدة عن الهدف كونها مزودة بمنظومة I.N.U أي نظام ملاحي متطور يعمل بنظام الإحداثيات وهذا غير متوفر العامل في تلك الأيام .
د- تعتبر حاملات الطائرات من الأهداف الحيوية جداً ومن الصعب استمكانها أو مهاجمتها وذلك لتعزيزها بمنظومات دفاعية متطورة تعمل ذاتياً للدفاع عنها إضافة إلى مظلات طائرات الدفاع الجوي وطائرات الإنذار المبكر وهناك اعتبارات أخرى لانريد الإطالة بها وهذا ما دفع المخططين لايجاد مهمة بديلة .
17. فعلاً تم تغيير المهمة من حيث الهدف وخط الرحلة , وهي استهداف تجمعات العدو في منطقة تجمع قواته في منطقة ( جنوب غرب مدينة كربلاء ) ويكون خط الرحلة ( قاعدة البكر الجوية-معسكر التاجي-مطار صدام الدولي-جنوب غرب كربلاء ) .
هذه المعلومات التي توصلنا أليها من بعض الصقور الذين كانوا يعملون مع الشهيد البطل رحمه الله في ذلك اليوم ، تعتبر المهمة في الحالتين سواء كانت على حاملة الطائرات أو على تجمعات العدو في منطقة جنوب غرب كربلاء صعبه المنال وصعبة التحقيق وتكون فرص نجاحها تقترب من الصفر إضافة إلى العامل الحيوي والذي يعتبر من أهم مبادئ الحرب وهو مبدأ السيادة الجوية التي حققها العدو في وقت مبكر على أجوائنا لذلك أن أمكانية وصول أي طائرة مقاتلة عراقية لكي تحقق التأثير المادي أو حتى المعنوي سيكون معدوماً , ولكن استعداد الصقر العراقي البطل العقيد الطيار نافع الجبوري النفسي والعقائدي والحمية الوطنية وأصالة معدنه وبراعة المخططين لتنفيذ المهمة الاستشهادية التي تطوع لها تدل على مدى إصرار المقاتل العراقي للتضحية وبذل النفس في سبيل الوطن وكان هذا النموذج يتجسد في شخص الشهيد نموذجاً حياً لهذا المقاتل الصنديد الذي ستحكي الأجيال العراقية القادمة وبكل فخر عن قصة الطيار العراقي الوطني البطل رحمه الله واسكنه فسيح جناته..
شهادة الصقر المقدم الطيار الركن مثنى إسماعيل جاسم
ابدأها ببيت شعر مرتجل بحق أخي ورفيق دربي الشهيد السعيد
( سيذكر التأريخ مجد فعلك ........ وتبقى أنت في العلياء سعيداً )
18. كنت ضمن مفرزة واجبها التصدي ضمن قاطع الدفاع الجوي الثاني في قاعدة البكر الجوية حيث تم إخلاء طائرات المفرزة المكلفة بواجب التصدي و عددها ( 2 ) طائرة وأثناء تلك الفترة صدر أمر الإخلاء للطائرات و من ضمنها الطائــــرة المرقمة (4571)
نوع ميراج ( Mirage F-1-EQ5 ) (والمرفقة صورتها) إلى الشارع المسمى ( شارع الشركة ) و أثناء إخراج تلك الطائرة من الشارع حصل حالة انقلاب الطائرة بسبب هشاشة الأرض كونها زراعية ، علما أن مدارج ومهابط قاعدة البكر الجوية وهي قاعدة جوية استراتيجيه تقع شمال العاصمة بغداد كانت تقصف يومياً بالصواريخ و القنابر المخصصة ضد المدارج لغرض تعطيلها عن العمل اخذين بنظر الاعتبار المسافات المسموح بها لإقلاع لتلك الطائرات العاملة وحسب أنواعها والمتواجدة في القاعدة
الجوية ، إضافة إلى كافة المقتربات للمدارج محدثة بتلك المقتربات وطرق الدرج
ومداخلها حفر كبيرة ولا يمكن تصليحها وهذا ما يؤكد من الناحية التعبوية تخطيط العدو لإحباط أي محاولة لإقلاع أي طائرة عاملة في تلك القاعدة و كان ذلك يتكرر
يومياً وخصوصا أوقات الليل و بمعدل ( 2 - 3 ) ضربة جوية أو هجمات صاروخية .
19. بعدها صدرت الأوامر إلى الطيارين بمغادرة قاعدة البكر الجوية وبقاء المفرزة الفنية والتوجه إلى قاعدة صدام الجوية وهي كذلك قاعدة إستراتيجية تقع في النصف الشمالي من خارطة العراق وفي محافظة نينوى حيث التقيت مع الشهيد البطل العقيد الطيار نافع نجم الجبوري رحمه الله وكان يحترق دمه نتيجة لما حصل من عدوان غاشم على البلد
بسبب الحرب الظالمة وما حققته القوات الغازية من سيادة جوية مطلقة وكان همه الوحيد كيف ينفذ واجب استشهادي وكان يسألني عن قاعدة البكر الجوية ما هي الضربات التي حققها العدو وقلت له المدارج معطلة بالكامل وهذا أهم شيء يريد أن يعرفه مني ، وفي أواخر شهر آذار من عام 2003 زارت قاعدة صدام الجوية لجنة من قيادة القوة الجوية وكان احد الضباط بهذه اللجنة تربطه علاقة خاصة بالمرحوم الشهيد البطل العقيد الطيار نافع نجم الجبوري حيث أعطاه طلب تنفيذ واجب استشهادي على حاملة الطائرات في الخليج العربي ولم يعلم بهذا الموضوع أي احد و كما هو معلوم للجميع أن المواقف في تلك الفترة مواقف متغيرة وسيالة بكل لحظة لعدة اعتبارات وأهمها الاتصالات السلكية و اللاسلكية بين القواعد الجوية ومقر قيادة القوة الجوية نتيجة ترك مقراتها والتوجه إلى مقرات بديلة غير مهيأة لتأمين ذلك الاعتبار وهو حيوي بالنسبة لمتطلبات الحرب الجوية و هذا الموضوع خارج عن إرادة الجميع وذلك لتمتع العدو بوسائل تشويش و تعطيل إضافة إلى استمكان محطات البث و بالتالي مهاجمتها حيث كانت تعتمد طريقة تنفيذ الأوامر عن طريق البريد وباليد وهذا ما زاد الأمر تعقيداً وتأخيراً في
تلقي الأوامر وتنفيذها ، وفي يوم 31 / 3 /2003 حصلت موافقة القائد العام للقوات
المسلحة بتنفيذ الواجب والجميع علموا بهذا الواجب وكان رحمه الله أشجعنا وأكثرنا
إيماناً بتنفيذ الواجب المقدس إضافة إلى إصراره واندفاعه العالي وفرحه بالموافقة على التنفيذ .
20. بدأت المفارز الفنية بتحضير مستلزمات المهمة وفحص منظومات الأسلحة للطائرة وغيرها وأصبح كل شيء جاهز من الناحية الفنية وتم تحديد مفرزة فنية متكاملة كفوءة جداً ولها القابلية على تجهيز الطائرة بأسرع وقت ممكن إضافة إلى ارتفاع الروح المعنوية لكل المعنيين بالمهمة وهي على استعداد لإنجاح إقلاع الطائرة علما أن الشهيد نافع رحمه الله كان من الناحية الصحية غير جاهز للطيران كونه مصاب بمرض السكري ولديه كسر في ذراعه كما يسمى بمصطلح الطيارين (un fit) وقد اختليت معه بعد محاولات من جميع أقرانه حول إقناعه بالإقلاع من المدرج فقط بعد إصلاحه أو التمكن من إصلاحه
أو إلغاء المهمة ولكن دون جدوى فقال لي بالحرف الواحد ( أبو علي ما هو حال العراق بعد دخول الأمريكان سينتهكوا الأعراض و ينهبوا البلاد و يستبيحوا الدماء وان هذا الواجب صار لي زمان أتمناه وقد حصلت الموافقة على تنفيذه فأرجوك ادعوا لي بالثبات و لتكن معنوياتك عالية مثلي وان واجبي هذا هو لله تعالى وثم إلى القوة الجوية العراقية و إلى عشيرتي كي لا يقولون أن هذه العشيرة غير قادرة على تنفيذ مثل هكذا واجبات ) وختمها بهذا الشعر :
إذا جادت الدنيا عليك فجد بها / على الناس واعلم أنها تتقلب
فلا الجـــود يفنيها إذا هي أقبلــت / ولا البخل يبقيها إذا هي تذهــب
قلت له طيب أخي نافع إن المدرج من سابع المستحيلات أن يكون جاهز للطيران حيث يتم ضربه يوميا بمعدل 2 – 3 مرات يوميا و أنا كنت هناك فقال لي:( مالك شغله بهذا الموضوع سيتم إصلاحه و اقلع منه لأنفذ الواجب المقدس و كرر لي مرة ثانية أخي ادعوا لي بالثبات) وقد لاحظت حالة غريبة وهي معنوياته العالية و نور وجهه الذي يشع بالإيمان والتقوى .
21. أثناء الإعداد لتنفيذ المهمة و التخطيط لإقلاع الطائرة لم يكن هناك حلا إلا الإقلاع
بها من الشارع المحاذي لطرف القاعدة الجوية وهو شارع ضيق جدا وغير مستوي وبحمولة كاملة للطائرة وهذه بطبيعتها كلها عوامل جهدت لفشل المهمة ولكن ذلك لم يثني
من عزيمة وإصرار المرحوم أو ثنيه عن تنفيذ المهمة إنما أصر على أن التنفيذ
ومن هذا الشارع لعدم وجود البديل وبهذا نستدل على شيء واحد ألا وهو الارتجال والشجاعة الفائقة فقد كان بطلا بحق صنديداً غيوراً على دينه وبلده لتنفيذ
مهمته البطولية .
22. قام المرحوم الشهيد نافع الجبوري بوداعنا فجر يوم 1 / 4 / 2003 وكنا نذرف الدموع على شجاعته النادرة وتوجهه إلى مقر قيادة القوة الجوية في العاصمة الحبيبة بغداد
لاستلام الخطة ووقت التنفيذ عندها كتب وصيته التي يحث أهله على الرضا بقدره والتحلي بالصبر والمرفقة نسخة منها طياً والتي قام بكتبها في يوم 2 / 4 / 2003 وأخرجها من جيبه وسلمها عند صعوده سلم الطائرة إلى رفيق دربه واحد الصقور وابن دورته
حيث كان من المرافقين له بتنفيذ الواجب ليذكره بأجهزة ومعدات الطائرة حيث قام بمرافقته إلى بغداد وقاعدة البكر الجوية ويؤكد لم يعلمه أي شيء عن الطائرة فكان يراجع هو المعلومات وكأنه قد نفذ طلعة طيران قبل يوم حيث كان متلهف للتنفيذ ومتشوق لملاقاة ربه وكان يردد ويدندن بآيات من القران الكريم وكان يوم تنفيذ الواجب
هو 2 / 4 / 2003 .
23. ذكر لي احد المهندسين وهو المسؤول المباشر عن تجهيز الطائرة وهو الذي جهز الطائرة من الناحية الفنية و تسليحها ، وأثناء صعوده إلى الطائرة وربط الأحزمة ،
قد قبلته وطلبت منه رفع مسمار الأمان من عتلة القذف الرئيسية لكرسي القذف
نوع ( MK-10 ) فابتسم رحمه الله وقال لي (هل تريدني أن أتردد ولا أنفذ الواجب وقد تكون روحي غالية واقذف قال لي: لا لا سيدي ادعوا لي ربي بالثبات ويوفقني ربي لتنفيذ الواجب) وبعدها نزلت من سلم الطائرة وتم إغلاق المقصورة لتحل ساعة الصفر .
24. سيتم الإقلاع من شارع الشركة والمجاور لسياج القاعدة قرب قاعدة البكر الجوية وكما هو معلوم أن المسافة بين العجلات الرئيسية بطائرة الميراج تبلغ ( 4،20) متر وعرض جناح الطائرة ( 8،44 ) متر و حمولتها بلغت ( 16،200 ) طن وهذا الوزن يتطلب مسافة إقلاع لا تقل عن ( 1000 متر ) و هل يعقل أن تقلع الطائرة من هذا الشارع بهذه الأوزان والأبعاد ومثل هذه المهمة المستحيلة ولكن قدر الشهيد البطل هذا ولا يوجد مستحيل لدى صقور القوة الجوية العراقية الأبطال الذين روت دمائهم الزكية ارض
الوطن لتكون لنا نبراساً مضيئاً وفخراً لنا ولأجيالنا عبر تاريخ القوة الجوية العراقية بكل
صنوفه ولتكون عزاً وحروف من نور تكتب في سجل التاريخ وتبقى خالدة في نفوسنا ونفوس من بعدنا ليعرف العالم من هو الصقر العراقي وماذا قدم لهذه الأرض وكيف سيجازى ولكي يعلم الناس الذين هم بعيدين عن الواقع المرير الذي فرضته تلك الحرب الهوجاء التي فرضت علينا والتي هي من أبشع جرائم العصر التي ارتكبتها القوات الغازية ومن أعانهم على تقديم كل التسهيلات لإنجاح مهمة تلك القوات ، فهذه الحرب غير متكافئة من كافة الاعتبارات والنواحي الأخرى .
25. بدأ الشهيد في إحماء محرك الطائرة والاستعداد للإقلاع تم إعطاء الاشاره من قبله للتحرك للإقلاع وتوديعه بالأيدي لكل من حضر في تلك اللحظة ثم دفع قدرة
المحرك إلى الأعظم وفتح الحارق الخلفي وبدأت الطائرة بالتحرك ولمسافة لا تقل
عن 500 متر ولضيق الشارع والتعرجات التي فيه وبعض المطبات حيث وان الشارع يبلغ عرضه حوالي ( 5- 6 م) مما ولد اهتزاز كبير في الطائرة أثناء تدحرجها أدى
إلى كسر ساق العجلة اليمنى وإنحرافها عن مسارها مما أدى إلى احتكاك خزان الوقود الإضافي من سعة (2200 لتر ) وهو محمل بالوقود كاملاً إلى حريق فيه وانحراف الطائرة بالكامل عن الشارع لتتحطم وتنفجر ، وكان من مواصفات كرسي القذف (MK-10 ) بأنه يقذف الطيار على سرعة صفر وارتفاع صفر عند حصول أي طارئ و قد تم قذف الكرسي نتيجة الصدمة , وهذه صفة أخرى يتسم بها الكرسي حيث تم قذفه ومع بقاء مسمار الأمان لعتلة القذف الرئيسية لم تنفتح المظلة وخرج جسد الشهيد البطل نافع الجبوري كاملاً .
26. تم تشيع البطل الصقر الهمام تشيعا مهيبا يليق بالعمل البطولي الذي قام به من قاعدة البكر الجوية ومن ثم في قريته وعلى طول الطريق الواصل إلى مثواه الأخير ،
وحل حزنا عارم في قاعدتي البكر وصدام الجوية وكافة صنوف وطوائف القوة الجوية نتيجة لما جرى .
27. وتم تكريمه معنويا بوسام الرافدين مع وسام بطل إم المعارك وعشرة أنواط شجاعة وأما التكريم المادي فكان مبلغ و قدره خمسون مليون دينار ولكن لم يتسنى لذويه استلامه نتيجة لانهيار الدولة بعد ستة أيام من استشهاده
شهادات في حق الشهيد
شهادة أخ الشهيد نافع رحمه الله
28. في يوم 2 / 4 / 2003 طلبت مني والدتي أن اذهب إلى قاعدة صدام الجوية لإرسال وجبة غداء للشهيد وأوصتني أن ابلغه بضرورة عدم التخاذل و الدفاع عن بلده وعدم تسليم البلد للمحتل و قالت ( سلملي عليه و قول له لا يأتي فقط أن يكون بخير ) وذهبت أنا وولده تحسين إلى قاعدة صدام الجوية في ناحية ( الكيارة ) بسيارته البرازيلي ووصلنا تقريبا في الساعة العاشرة صباحا واخبرونا بأنه ذهب إلى بغداد ولم نعلم بأنه ذهب إلى تنفيذ واجبه الاستشهادي ورجعنا وعندما وصلنا إلى البيت في قرية
عرصة وجدنا إن جثمان الشهيد نافع وصل البيت برفقة اللواء الركن جاسم
وصدق الله ما وعده في أن يضحي بروحه من اجل الوطن , وقمت بقراءة وصيته
أثناء الدفن مما رفع معنويات أهله وعشيرته بهذا العمل البطولي و يبقى الفخر على طول الزمن و كان الشهيد مواظب على الصلاة في الجامع وقراءة القران وقد حفظ 11 جزء من القران الكريم وكان يلتقي بأصدقائه من أئمة الجوامع في المنطقة .
ولديه ثلاث أولاد هم تحسين ، اوس ، انس ، وثلاث بنات ، أسراء ، زينب ، زهراء وهي ولدت بعد استشهاده .
29. قامت والدتي بالحج عن الشهيد نافع عام 2006 و تبرعت بالحج للشهيد وتوفيت
بعد عودتها من الحج بيوم واحد وطلبت من الله تعالى أن يأخذ أمانتها بعد وصولها
إلى البيت وقد استجاب الله عز و جل دعائها وتوفيت بعد أن شاهدت أولادها وبناتها بيوم واحد من عودتها من الحج رحمها الله.
شهادة احد أقاربه
30. من خلال معرفتي بالأخ الشهيد ومن خلال خدمتي معه كان المرحوم الشهيد محبوبا من قبل كل المقاتلين العاملين في السرب بسبب أخلاقه العالية وكان في كل واجب ينفذه ويكرم من قبل القيادة كان يوزع المكرمة على المقاتلين وعلى المساجد و كان حريصاً على الاستشهاد ، وكنت قد تناولت معه وجبة الغداء يوم الاثنين والذي صادف قبل استشهاده بيوم و أمرني أن اذهب بسيارته إلى أهله ولم يعلم احد بنية الواجب ، وقد قام بتنفيذ الواجب على الرغم من انه موقوف من الطيران بسبب إصابته بيده اليمنى ، ولم يغادر الشهيد نافع القاعدة ابد إلى لحظة استشهاده .
شهادة إمام جامع القرية
بسم الله الرحمن الرحيم
(( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )) .
31. بصفتي من أبناء عمومة الشهيد نافع وإمام و خطيب جامعة قرية عرصة ومن خلال علاقتي به وصلاته في المسجد كان رحمه الله يتردد إلى المسجد بشكل مستمر وحريص على الصلاة فيه فأصبحت علاقتي به قوية فشهادتي لله وللتاريخ عن بعض مواقف الشهيد حيث كان شديد الحب لله ولرسوله ثم لوطنه متواضعا من خلال أخلاقه العالية
و تعامله مع الناس واحترامه الشديد للكبار و عطفه مع الصغار وكانت أخلاقه تفرض احترامه مع جميع الناس ومن خلال علاقتنا التي استمرت من عام 1997 ولحين استشهاده ، كنت قد ذهبت مع الشهيد إلى ارض زراعية تابع للقرية ووقفنا فيها أكثر من ساعة قبل الضربة بأربعة أيام عندها كان يتحدث لي عن الضربة العدوانية المقبلة وكان ختام حديثه انه سوف لن يعود أذا التحق و طلب من أن احلله وأوهبه لظروف الحياة ، نسال الله تعالى أن يتغمده برحمته ...
الخاتمة
36. الفخر للقوة الجوية وصقورها صناع المجد ، بالدرجة الأولى ، .. وان ما حدث نتيجة لاحتلال العراق الغاشم لايلغي هذا المجد بل يعززه لأنه سُطّر قبل الاحتلال وسيبقى مجداً تليداً ، وان الذي حدث أبان احتلال العراق لم يكن للجيش أو القوة الجوية يد بذلك وإنما بسبب اعتبارات تتعلق بتقديرات تتعلق بالسياسة الخارجية للعراق والموقف الأميركي ومخططي السياسية الكونية لتلك الدولة التي ترسم لمائة عام في المستقبل وماذا يحصل بها وقد تحصل تغيرات وبذلك تعالج آنياً ومن ضمنها أستهداف العراق كي لا أحد يعارض تلك السياسات والأيام والسنين القادمة ستكشف صحة ذلك ولمسناه من خلال ما يسمى بالربيع العربي .
37. وجب علينا أن نعطي الصورة الحقيقية التي تتطلب في سرد الحقائق بعيدا عن الاجتهادات أو التحليلات التي قد لا تصب في الحقيقة كما حدثت فكنا الأمناء في تناولها كي لا تنتقص من احد وان القوة الجوية العراقي بصقورها و طوائفها الجوية جزء من هذه الحقيقة التي تضيف إلى سجلاتها هذه الملحمة البطولية التي كتبت لها وللأجيال عبر العصور .
38. كتب الشهيد نافع الجبوري مذكراته البطولية عند إسقاط طائرة معادية أمريكية
نوع ( F-111 ) ليأتي اليوم لنستذكرها بكل فخر و اعتزاز للشهيد رحمه الله حيث ذكر أدق التفاصيل عن تلك العملة الشجاعة التي قام بها .
39. سطر الشهيد أروع العمليات البطولية في التاريخ الحديث والتي أضافت هذه القصة مجدا للعراق بكل أطيافه ولا يقتصر على أخوانه صقور الجو الشجعان وإنما وضع بصمة للشجاعة الفائقة التي كان يتحلى بها .
40. بعد انهيار البنى التحتية للعراق ولم تكن هناك أي وثيقة تثبت صحة الحقائق أنفة الذكر ،لكن الخيرين من أقرانه الصقور عوضوا عن تلك الحقائق بشهادتهم و إعطاء المعلومات بالتفصيل عن تلك الملحمة البطولية .
41. ذكر ذوي الشهيد نافع الجبوري رحمه الله بشهادتهم عن شجاعته و خلقه الرفيع الذي صاحبه طيلة فترة حياته و أهم شيء فيها إن الشهيد رحمه الله كان مصراً على تنفيذ مهمته بلا تردد أو تراجع عن قرار اتخذه في نفسه .
42. هناك قصائد شعرية تمجد الدور البطولي للشهيد نافع الجبوري و التي تحولت من رثاء إلى فخر للعمل البطولي الذي قام به و يتوجب على إخوانه الصقور أن يشاركوا أهله في هذا الفخر.
43. يحق للقوة الجوية العراقية أن تستذكر بكل فخر ومجد سيرة شهدائها الأبطال الذين
سالت دمائهم الزكية من أجل أن تروي أرض العراق وعشيقته بغداد الحبيبة وهؤلاء الشهداء الأبرار ستبقى أمجادهم وبطولاتهم قلادة شرف وعز في رقبة كل عراقي شريفاً غيوراً على حرائر العراق ٠ أضافت سيرة الشهيد البطل العقيد الطيار نافع نجم عبدالله الجبوري ( أبو تحسين ) صفحة جديدة من المجد والفخر بطعم خاص طيب المذاق إلى صفحات أخوانه من صقور الجو الشجعان الذين زينت أسمائهم صفحات تأريخنا المشرق
وأخيراً وليس أخراً أرجو المعذرة بكتابتي هذه الأسطر القلائل عن هذه الملحمة الاستشهادية ضد أعتى أنواع الظلم والبغي والعدوان على عراق الحضارات وأختمها بهذا البيت ( وما بكائي على ولدٍ ولأمال بل بكائي على أبا تحسين أسكبهُ ) ٠
والله ولي التوفيق
المقدم الطيار الركن المتقاعد
مـــثنى إسماعيــــــــل جــاســــــــم
العقيد الطيار المتقاعد
احمـــد محمــــــد نــــــاجي
