قبل ان يغادرنا التاريخ

رقمية او على ورق، حديثة و قديمة
ايسوس العراق

قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة ايسوس العراق » الثلاثاء سبتمبر 04, 2012 8:37 pm

اعلم ان الكتاب عنوانه مؤلم وهو يؤلمني عندما اطلع عليه واقرأه في كل مرة
لكن .............

الكتاب من قبل الفرريق الركن رعد مجيد الحمداني قائد الفيلق الثاني فتح مبين

صورة

نبذة عن الفريق :

لفريق الركن رعد مجيد الحمداني ضابط عسكري عراقي تقلد منصب قائد الفيلق الثاني في قوات الحرس الجمهوري خلال الفترة 1999 حتى 2003.

دراسته

تخرج من الكلية العسكرية العراقية عام 1970 م صنف الدروع.
خريج كلية الأركان العراقية سنة 1980 م.
خريج كلية الحرب العراقية عام1992 م.


مناصبه

تدرج بالمناصب العسكرية الآتية :-
آمر كتيبة إستطلاع بالجيش العراقي.
آمر كتيبة دبابات بالحرس الجمهوري.
آمر لواء مدرع بالحرس الجمهوري.
قائد الفرقة المدرعة السادسة بالجيش العراقي.
قائد الفرقة المدرعة (المدينة المنورة) بالحرس الجمهوري.
رئيس أركان الفيلق الأول بالحرس الجمهوري.
قائد الفيلق الثاني بالحرس الجمهوري العراقي.

مشاركاته

شارك بقمع التمرد الكردي بالسبعينات وكذلك بحرب أكتوبر 1973 عندما ذهب الجيش العراقي للمشاركة في الحرب على الجبهة السورية .
شارك بالحرب العراقية الإيرانية.
قاتل إبان الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003
يعمل حالياً رئيسا لقسم الدراسات العسكرية الإستراتيجية - دار العراق لدراسات المستقبل بالأردن.


وهذة لقاء ظهر بيه الفريق عدة مرات على روسيا اليوم
http://arabic.rt.com/prg/telecast/33432/



الان ناتي لمغزى الموضوع رابط تحميل الكتاب
http://www.4shared.com/office/eTh3ZSfi/____.html

عريف الجيش الامريكي
Corporal - Naib Arif
Corporal - Naib Arif
مشاركات: 89
اشترك في: الأربعاء أغسطس 22, 2012 3:21 am
مكان: Pittsburgh, PA, U.S.

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة عريف الجيش الامريكي » الأربعاء أكتوبر 03, 2012 1:43 pm

الفريق الحمداني تقدم بطلب الرجوع الى الخدمة عن طريق الملحق العسكري في السفارة الاردنية

hayder
Field Marshal - Muheeb
Field Marshal - Muheeb
مشاركات: 3116
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2010 10:21 pm
مكان: Europe

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة hayder » الأربعاء أكتوبر 03, 2012 1:49 pm

good news.

Finally Iraq is bringing back the experienced cadres to the military.

ابو حسين العراقي
2nd Lieutenant - Molazim Thani
2nd Lieutenant - Molazim Thani
مشاركات: 371
اشترك في: الأحد أكتوبر 02, 2011 9:47 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة ابو حسين العراقي » الأربعاء أكتوبر 03, 2012 6:22 pm

قدم طلب احالة على التقاعد والحصول على حقوقه التقاعدية

ايسوس العراق

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة ايسوس العراق » الأربعاء أكتوبر 03, 2012 9:31 pm

هل فعلا الفريق رعد تقدم بطلب العودة ؟؟
رجاء وضع المعلومة هنا.....؟؟؟؟

---------
للعلم الكتاب تم التلاعب به وهو مبني على الكثير من النصوص من الذي قام بتحريره ..
لذلك احاول ان اجد الكتاب الاصلي بنص الفريق

عريف الجيش الامريكي
Corporal - Naib Arif
Corporal - Naib Arif
مشاركات: 89
اشترك في: الأربعاء أغسطس 22, 2012 3:21 am
مكان: Pittsburgh, PA, U.S.

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة عريف الجيش الامريكي » الجمعة أكتوبر 05, 2012 1:15 am

لا اعرف بالضبط لقد شاهدته على التلفاز من ضمن الذين قدموا اوراقهم حسث كان واقفا بالصف

صورة العضو الشخصية
نبوخذنصر
Private - Jundi
Private - Jundi
مشاركات: 27
اشترك في: الخميس أكتوبر 18, 2012 7:42 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة نبوخذنصر » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 4:31 pm

السلام عليكم شباب هذه مقتطفات من كتاب الفريق اول الركن قائد الفيلق الثاني ح.ج بين ايديكم
توطئة ثم المقدمة



لن أشك ولا للحظة أن كل من يقرأ هذا الكتاب سوف يتألم أيما ألم على العراق، وعلى الاكيد سوف تنهار الدموع من عينيه كيف دمر المحتل (الصهيوصفوي سعودي خليجي نكس )هذا البلد وكيف تآمروا عليه وكيف استباحوه، وسوف يبكي أكثر على هذا الجيش كيف حلوه، وعلى ذلك البلد كيف اغتالوه، وعلى رجال العراق الابطال كيف اسروهم او قتلوهم... فالحديث عن العراق ذو شجون وآلام...

جيش اسد بابل... الجيش العظيم، الجيش المغوار، الجيش الشجاع، جيش البطولة، جيش الشهامة، جيش المهمات الصعبة، جيش التضحية والفداء، جيش النخوة والشرف

إن اختيار العراق أولا هو لأنه قائد الامة العربية بأكملها، ولأن تاريخ الامة بمعظمه جرى على أرض العراق وكانت رواياته وأحداثه تدور في بغداد والبصرة والكوفة، وأنه البلد الذي تخرج فيه العلماء والادباء والفقهاء والقادة والابطال، ولأن معارك كبرى فاصلة في تاريخنا الاسلامي والعربي كان قادتها ورجالها من العراق... ثم انه أولا وأخيرا جمجمة العرب... فبغداد حين تجرح، فقد جرحت الامة بأكملها، وحين تنهض فقد نهضت الامة، والاسد العراقي حين ينام تنام الامة معه، وحين يزأر بصوته مجلجلا فسوف تزأر الأمة معه... فلذلك لم يختاروا العراق أولا من فراغ... فهؤلاء درسوا تاريخنا جيدا وقرأوه بتمعن وتركيز شديدين... وقرروا أن احتلال الرقم الصعب أولا تهون بعده الارقام الاخرى، وأن ازاحة جيش بابل من الوجه أولا يستدعي بالضرورة أن الجيوش بعده يمكن ازاحتها بجرة قلم أو بواسطة الهاتف...

أمريكا تعلم أن معظم الجيوش العربية هي جيوش كرتونية... للاستعراض فقط... جيوش للحرب على الارهاب ولمهاجمة أوكار الارهابيين الذين يريدون زعزعة كرسي الحاكم أو مضايقة أمريكا – طبعا مع الاحترام لمن لازال في قلبه حب العروبة وحب الاستشهاد وتحرير فلسطين وغيرها من الاراضي العربية المحتلة – وأمريكا تلاعب بأصابع وزيرة خارجيتها رايس معظم هؤلاء الحكام المسترخين على كراسيهم... ولم اصابع رايس؟؟؟ بل أكاد أقسم أن أصغر موظف في الادارة الامريكية يستطيع املاء أوامره على أثخن حاكم عربي يدعي أن قراره مستقل!!!

صحيح أصدر الملعون البول بريمر قرار الصهيونية العالمية وحليفتها الفارسية الخمينية الكسروية بحل الجيش العراقي، لكن الكثير من رجال هذا الجيش العظيم يخوضون اشرف واشرس معارك الوفاء والتضحية، ويسطرون الملاحم البطولية الاسطورية التي بطحت الثور الامريكي أرضا ومرغته كاملا بالوحل... فكان القرار قرار ايقاف رواتب ليس إلا...



والكتاب الحالي سيحكي فصول بطولة وتضحية وشرف تذكرنا بمعارك الماضي المجيد...

وصلني هذا الكتاب هدية، وهذا هو عنوانه، وهذا مؤلفه... إنه أحد أبطال العراق... الفريق رعد مجيد الحمداني...

عكفت على قرائته بأكمله... وارتأيت أن نشر أهم ما فيه ربما يكون أولى من نشره كاملا بكل تفاصيله، فما يهم القاريء على كل حال الاطلاع على الأهم ثم المهم، ونحن اخترنا ويهمنا الأهم في الكتاب، وهو يبقى على كل حال شاهدا على عظمة العراق وعظمة جيشه وبطولته، فهو يبين ان الجيش العراقي حين أطلق عليه لقب جيش المهمات الصعبة، فإن هذا اللقب لم يطلق من فراغ، بل بالفعل، ومن سياق الاحداث التي وقعت، يبين الفريق رعد بشكل مفصل حروب كانت فاصلة في تاريخ العراق، وسطر فيها رجال العراق بطولات وملاحم اسطورية أعادت للأذهان المعارك الكبرى المجيدة في تاريخنا المجيد... لاسيما وأن مؤلف الكتاب قد خاض كل الحروب مع الجيش العراقي المغوار، فإذن شهادته قيمة، ووصفه للمعارك دقيق ومفصل ومحترف ومهني. إننا سوف نقرأ تنامي القدرة العسكرية العراقية وعبقرية الصناعة العسكرية الراقية، فالفريق رعد دخل الخدمة العسكرية والجيش لديه ست فرق قتالية، وغادر الجيش العظيم وفيه أكثر من عشرين فرقة قتالية محترفة.


يقول الفرق رعد في مقدمته ما يلي:

منذ تخرجي من الكلية العسكرية العراقية عام 1970 ضابطا برتبة ملازم دروع وأنا أدون يوميا خدمتي العسكرية لتساعدني في كتابة مذكراتي الشخصية عند انتهاء الخدمة. وما ظننت يوما أن هذا اليوم سيكون نهاية جيشنا الباسل في التاسع من نيسان عام 2003 حينما دنست بغداد (هو يستخدم كلمة سقطت)، ورضخ العراق (العراق لم ولن يرضخ) تحت الاحتلال الامريكي البريطاني تحت شعار (الحرية للعراق)، لقد ضربت الفوضى العارمة أطنابها في كل مكان، وهدرت دماء العراقيين، واقتلعت استراتيجية البلدوزر الامريكي اسس دولة العراق الحديث بكافة مؤسساتها عدا مؤسسة النفط.



لقد شملت هذه المذكرات ستة حروب شاء قدري أن أساهم فيها خلال الثلاثين عاما الفاصلة ما بين حرب تشرين الاول عام 1973 والحرب الاخيرة على العراق، ذكرت فيها ما علمته وفيه ما هو كشف للنقاب عن كثير من الاسرار درءا لأحكام الظالمة أو لتدوين ما يسيء للحقيقة.



في بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2003 وقد صادف شهر رمضان المبارك كنت مستمرا في حضور جلسات الاستنطاق الذي كان يجريه مكتب ICP التابع للقوات الامريكية في العراق، وقد كان من افضل الدوائر الامريكية من حيث الالتزام بالجانب الاخلاقي، فوجئت بعدد من ضباط مركز التحليل العملياتي المشترك الامريكي وقد طلبوا مني تثبيت سير العمليات الحربية الخاصة بفيلقي تجاه القوات الامريكية والفيلق الخامس الامريكي وفيلق مشاة البحرية – المارينز، واستغرق ذلك عدة جلسات طويلة لأهمية مراعاة الدقة في كتابة تاريخ الحرب، وقد كانوا ضباطا رائعين، أخص بالذكر العقيدين روبرت وكيفين، والضابطين سلطان والكس، وقد سبق ذلك لقاء متلفز مع القناة الرابعة البريطانية التي أ‘دت برنامجا بعنوان غزو العراق وكانوا على درجة عالية من الامانة الصحفية، وقد اصبحت في 29/2/2004 حرا، وخرجت من القائمة السوداء مع الاقرار بأنني قائد محترف غير متهم بأي جريمة.



وفي ختام تقديمي هذا اقف اجلالا واحتراما لضباط وجنود جيشنا الباسل الذين ارتقوا الشهادة في ساحات القتال دفاعا عن الوطن والشرف وكلي اسف وحسرة لضياع حقوق الشهداء في الحرب الاخيرة، وحقوق عوائلهم المعنوية والمادية، فكانوا ضحية لجريمة اخلاقية ارتكبت بحقهم بعد الحرب لعدم الاعتراف بحق هؤلاء في الدفاع عن وطنهم وسط بيئة طارئة تجهل معاني شرف الجندية وشرف الانتماء الوطني، علاوة على فقدان الكثيرين من الضباط والجنود للاستحقاقات التقاعد من الخدمة، كذلك انا مدين بالشكر للشيخ المهندس طلال الكعود الذي لولاه لما تمكنت من كتابة هذه المذكرات واخيرا الشكر لابني احمد الذي تكلف عناء الطباعة لكافة مسودات هذا العمل، الذي هو جزء مما يتطلبه الوفاء لجيشنا الباسل ووطننا العظيم.


وجها لوجه مع الصهاينة في مرتفعات الجولان عام 1973

يتحدث الفريق رعد عن حرب تشرين التي خاضها الجيش العراقي العظيم إلى جانب الاشقاء السوريين، وطبعا كما قلت في التوطئة، إن حديث الفريق مفصلا، ولكن أنا لخصت أهم ما ورد في مجريات تلك الحرب...



يقول الفريق رعد:

كان صيف عام 1973 ساخنا جدا نتيجة لاستمرار الصراع السياسي والعسكري مع اسرائيل التي دأبت منذ نشوئها عام 1948 على احتلال المزيد من الأراضي العربية، علاوة على اغتصاب فلسطين برمتها، وكانت هناك شعارات واستعدادات لحرب تحرير كبرى حسب ما يعلن، وفي الشهرين السابقين للحرب كان هناك شيء من استعراض القوة، إلا أن سقوط طائرات سورية من نوع ميغ بالكامل في معركة جوية فوق بحيرة طبريا دون إسقاط طائرة إسرائيلية واحدة كان مؤشرا غير سار للعرب في بداية خريف ذلك العام.



كنت أنذاك أنتسب إلى كتيبة الدبابات الثالثة – لواء المشاة الآلي الثامن – الفرقة المدرعة الثالثة، حيث كانت الكتيبة مدربة تدريبا جيدا، وكان للوائنا تاريخ عريق، وهو القوة البرية العراقية الوحدية التي شاركت في حرب عام 1967، وكنا نعسكر في منطقة الورار غرب الرمادي بحوالي عشرة كيلو مترات.



بعد ظهر يوم 6/10/1973 استمعنا من الاذاعات عن نشوب حرب كبرى بين العرب والاسرائيليين على الجبهتين السورية والمصرية، وأن اخواننا قد عبروا قناة السويس وحطموا اسطورة خط بارليف الدفاعي في الجبهة المصرية، وأن اخواننا السوريين قد اخترقوا المرتفعات السورية المحتلة التي تسمى الجولان أي خط آلون الدفاعي، وهناك احتمال بأن يفتح الملك حسين جبهة الاردن، إلا أن ذلك لم يحصل.



في الساعة العاشرة من يوم 7/10/1973 استلمنا الأمر الانذاري للتهيؤ للقتال على الجبهة السورية أو الاردنية – إذا اندلع فيها القتال – غير أنه كان هناك معضلة تأمين ناقلات للدبابات حيث كان عددها لايكفي إلا لنقل لواء مدرع واحد، وقد خصصت للواء المدرع الثاني عشر من فرقتنا المعسكر شمال تكريت، كما كانت هناك معضلة أخرى تمثلت بأن اللواء المدرع الثاني عشر كان قد بدأ باستلام أعتدته من مخازن عتاد الحبانية حيث زاحمنا في ذلك، إلا أنه كان هناك أملا بوصول سرية ناقلات أردنية لنقل كتيبتنا.



شرع لواؤنا بقيادة المقدم الركن محمود وهيب المجهز بعجلات قتال نوع (M-113) التي دخلت الخدمة في جيشنا عام 1963 بالتنقل على طريق الانبار – الكيلومتر 160 – الرطبة – الحدود الدولية مع سورية والاردن... وكان آنذاك طريقا رديئا للغاية بعرض 7 أمتار يتخلله العديد من الحفر والكثبان الرميلة..... مستغلا خفة هذه العجلات وسرعتها إلا أن مسافة 1000 كم التي كانت تفصل عن الحدود الشرقية لفلسطين المحتلة كانت معضلة كبيرة تؤثر على القدرة القتالية والفنية للعجلات، وكان المطلوب من كتيبتنا المباشرة بالتنقل لمسافات محدودة باتجاه الكيلومتر 160 لحين وصول الناقلات الاردنية، في ظل هذه الظروف استبدل آمر الوحدة الرائد عبد القادر بآمر جديد هو وليد محمد صالح التكريتي، ولم يبدو هذا التغيير سهلا لا عليهما ولا علينا كمقاتلين، لأن الفهم والمعرفة المتبادلة لخصائصنا كان مهيمن جدا من الناحية المعنوية في العلاقة ما بين الآمر ومرؤوسيه.



ومنذ يوم 9/10/1973 بدأت الناقلات الاردنية برفع سرايانا، ثم عززن بعدد من الناقلات العراقية، إلا أنها كانت من النوع القديم والبطيء الحركة، وكانت لنا وقفة في مفرق الطريق المؤديـة الى الحـدود السـورية الاردنيــة بمسـافة 90 كم، وقد كلفني آمر اللواء بالذهاب الى قاعدة H3 الجوية لمعرفة اتجاه الحركة حيث كنا ننتظر تحديده من قبل المقر الاعلى، حيث وجدت رسالة من رئيس أركان الجيش الفريق الركن (البطل العراقي العظيم) عبد الجبار شنشل تنبيء لواؤنا بالتوجه الى الجبهة السورية للقتال لأن الاردن اعتذر عن فتح جبهته لعدم استعداده للحرب، وقال بأنه سيبعث باللواء 40 المدرع للمشاركة بالقتال على الجبهة السورية، فانطلقنا بسرعة نحو الحدود السورية، وكانت لنا وقفة في منطقة ابوالشامات السورية للتزود بالوقود والاستراحة، ثم باشرنا التحرك نحو دمشق، فدخلنا أطرافها الجنوبية الشرقية عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل يوم 12/10/1973 وكانت مظلمة نتيجة التعتيم، إلا أن القمر كان بدرا، وكانت القوات الشعبية والشرطة العسكرية تؤمنان الدلالة لنا باتجاه الجبهة حيث شعرنا أن فرصتنا للمشاركة في القتال ما تزال قائمة وأن ذلك سيحدث بعد تنقل قليل، وليس كما خمنا بأننا سنقاتل في فلسطين، وقد بدا ذلك من خلال نداءات الأدلاء ذوي اللهجة الشامية (الحقوا شرفنا...... الله يعطيكم العافية... اسرعوا..... الاسرائيليين اقتربوا منا...



في قطنا، حدد السوريون اتجاه تقربنا نحو العدو حيث انحرفنا جنوبا على طريق دمشق – الكسوة – الصنمين – الشيخ مسكين، ثم انحرفنا من الصنمين غربا باتجاه قيطة تل عنتر – تلول المال – تل الشعار، وكان اللواء الثاني عشر المدرع بقيادة المقدم ركن سليم شاكر الامام ولواؤنا قد ضربا مركز قيادة العدو يقيادة الجنرال لاتر، حيث توقف الاندفاع المدرع المعادي باتجاه الكسوة – دمشق، حيث احتواه الهجوم العراقي الصاعق من الجناح الايمن، فقد كانت تدور هناك معركة دبابات كبيرة... وكان أول واجب لكتيبتنا ناقص السرية الاولى المشتركة في المعركة هو مهاجمة الجناح الايسر باتجاه تل الحارة لمنع الالتفاف على قواتنا من ذلك الاتجاه، في الوقت الذي شاهدنا فيه تراجعا غير منظم من قبل القوات السورية التي قاتلت ولاشك ببسالة في الايام الاولى من الحرب حيث تمكنت من خرق معظم مواضع الاسرائيليين بأعماق مختلفة، وتمكن لواء مدرع منها من الوصول الى بحيرة طبريا، وبعض المستعمرات الشمالية، إلا أن التعرض المقابل أرجع القوات الى الخلف......



واستمرت ألوية مدرعة اسرائيلية باندفاعها على محور القنيطرة – تل الشعار – مفرق سعسع – الكسوة – دمشق مستهدفة تهديد العاصمة وعزل القطاع الجنوبي من الجبهة السورية بكامله اذا ما استطاعت بعض القوات الاسرائيلية المتقدمة على المحور أعلاه من قطع طريق دمشق – شيخ مسكين – درعا في منطقة غباغب، إلا أن هجومنا الذي ضرب الجناح الايمن للاسرائيليين في منطقة تل الشعار – تل العدسية – تل الحارة أوقف التعرض الاسرائيلي المقابل في الوقت الذي وصلت فيه قطعات الاستطلاع الاسرائيلية مفرق سعسع وكناكر...... فجرت معركة تصادفية (خصم يصادف خصمة وهما في حالة الحركة) لقواتنا مع الاسرائيليين في هذه المنطقة تكبد فيها الطرفان خسائر كبيرة، إلا أن خسائر الجانب العراقي كانت بسبب الطيران الاسرائيلي الذي لعب دورا في المعركة، لكنه في المقابل تكبد خسائر أيضا، وخسائر جسيمة نتيجة فعالية أسلحة الدفاع الجوي السوري، وعلى الاخص منها منظومة صواريخ (كافدرات).



في يوم 14/10/1973 كثف العدو من غاراته الجوية، وبدأ بفتح ثغرات بجدار الدفاع السوري المدعوم بعناصر من الاختصاصيين السوفيات الذين كانوا يرتدون ملابس الجيش السوري... وقد تمكن العدو بفعل الغارات الكثيفة من استعادة جبل الشيخ من القوات الخاصة السورية وعلى ما يبدو كان العدو قد صمم على تدمير القوات العراقية لخطورة تأثيرها على الجبهة..... حينها علمنا باستشهاد آمر كتيبة دبابات قتيبة الرائد الركن عبد الهادي الراوي..... الذي تقدم غاضبا بدبابته مسرعا نحو دروع العدو ليثبت لآمر لوائه سليم شاكر الامام أن عزيمته لم تخر حينما اشتدت عليه نيران العدو الذي تسبب في تدمير عدد من دباباته ومن دبابات كتيبة المعتصم بقيادة الرائد الركن زهير قاسم شكري، ومن دروع الفوج الآلي بقيادة المقدم الركن حازم الجنابي....... كذلك تكبد لواؤنا خسائر غير قليلة..... وكان الفوج الاول منه بقيادة المقدم الركن عبد الكريم الحمداني، بينما كان الفوج الثاني بقيادة الرائد الركن كريم شاكر الامام، أما الفوج الثالث فكان بقيادة الرائد الركن حكمت عبد القادر، ومع الخسائر في الدبابات التي تكبدتها قواتنا إلا أن الروح المعنوية لكل قواتنا كانت عالية جدا....... وقد لفت انتباهنا هدوء ورباطة جأش القوات السورية رغم خسارتها لكل مكتسباتها الاولى في بداية الحرب.



ليلة 15 - 14/10/1973 أعدت قرفتنا خطة للهجوم على قوات العدو لتدميرها ودفعها خلف خط تلول المال – كفر ناسج – تل الحارة، أكملنا استطلاعاتنا واستحضاراتنا قبل الساعة 13:00 يوم 15/10/1973 على أن نشرع بالهجوم عند الساعة 15:00 من نفس اليوم، إلا أن هجومنا تأخر لأكثر من ساعة لعدم اكتمال حشد بعض وحداتنا على الحافة الشرقية لعارضة تل عنتر ذات الاهمية التعبوية حيث أمن لنا ارتفاع هذا التل والبالغ 92 م رصدا جيدا لساحة المعركة خلال فترة الاستطلاع.... ولقد لفت انتباهي على بعد أمتار منا ضابط الرصد المدفعي المخول للفرقة المقدم سالم الحاج عيسى وهو يقوم بتسجيل أهداف الهجوم برصد قنابل الدخان يقابله ضابط رصد اسرائيلي وهو يقوم بنفس المهمة ضدنا.....



ثم فجأة انقضت طائرة اسرائيلية من نوع سكاي هوك بيضاء اللون علينا ورشقتنا بصليات متتالية من مدافع رشاشاتها، فقفزت أنا ورفاقي من عجلة الاستطلاع نوع (بي أر دي ام) التي كانت تقلنا وهي تسير بسرعة، ونجونا من موت محقق إلا أننا أصبنا بكدمات نتيجة تدحرجنا العنيف على السفح، ثم واصلنا سيرنا نحو وحداتنا، وقبيل شروعنا بالهجوم سألت صاحبي الملازم عصام وكنا جالسين على كوم من الصخور السوداء الصغيرة لماذا لم تستطلع معنا؟ أجابني وهو مطرق الرأس: فيكم البركة... ثم استدرك قائلا: أنا أوصيت الدكتور منير – وقد كان والدكتور من سكنة الحلة – إذا استشهدت فعليه اعادة جثتي الى اهلي وأن يقبل بدلا عني ولدي رائد، فقلت له: دعك من هذا.. الاعمار بيد الله...



ثم يتحدث الفريق عن معركة حامية الوطيس بالدبابات دارت بين الجيش العراقي والقوات الاسرائيلية، ابلى فيها رجال الجيش العراقي بلاءا حسنا رغم ان الصهاينة هاجموا بالطائرات أيضا... وقد استمرت المعركة حتى منتصف الليل... كان كل واحد من رجال الجيش العراقي يعتقد أنه الناجي الوحيد لشدة ضراوة تلك المعركة..... ثم بدأ الجيش العراقي يعيد تنظيم وحداته الفرعية (الفصائل والسرايا) رويدا رويدا منذ ساعات الفجر الاولى في جو قارس البرودة.... وقد حدثت اشتباك قريب جدا بين الدبابات العراقية والدبابات الصهيونية...



ويذكر الفريق رعد موقفا حساسا جدا نتيجة الظلام أثناء المعركة، وهو أن الملازم علي زيدان من السرية الثانية كاد أن يدمر دبابابة أمر السرية الثالثة رياض جمال قبل الفجر، وذلك لصعوبة التمييز، وكانت المسافة بينهما قريبة جدا لولا ظهور هدف صديق بينهما تم تمييزه بسهولة من قبلهما..... كذلك أن العريف حميد شهيد كان يحاول اطفاء النيران في دبابته المحترقة نتيجة اصابتها بالمعركة وذراعه اليمنى قد تدلت مقطوعة الى جانبه بفعل شظية من القذائف المعادية التي أصابت دبابته.... فقد كانت معركة اشتباك قريب وعنيف.... كذلك من المواقف المحرجة خلال هذا الاشتباك القريب مع دروع العدو أن تعطل مدفع دبابة الفريق رعد، فاضطر مع الرامي العريف هندي عبود أن يعالجا العطل بسرعة فائقة ويستمرا بالاشتباك... ثم وفي الليلة التالية نسب اليهم الرائد الركن عدنان دحام كآمر جديد.... وحين تركهم بعد ساعات لمنصب آخر... تحمل مساعد الكتيبة موفق صالح العالي عبئا كبيرا بغياب آمر الكتيبة.



وفي الساعة 09:00 يوم 16/10/1973 حاول اللواء السادس المدرع من فرقتنا الذي وصل للتو بقيادة المقدم ركن غازي محمود العمر أن يستعيد تل عنتر من خلال قاعدة قوية مشكلة من اللواء الثاني عشر المدرع، ولواء المشاة الآلي الثامن، وقد استطاع هذا اللواء من احتلال قمة التل وسفوحه الشرقية الواسعة والشديدة الانحدار بقتال بطولي استبسالي راح فيه عدد من الشهداء....



وفي يوم 17/10/1973 شن اللواء 40 المدرع الاردني بقيادة العميد الركن خالد الذي وصل قبل ليلة هجوما مدبرا بإسناد ناري محدود لاستعادة تل الحارة... إلا أنه فشل بذلك رغم الأداء الجيد لدباباته السنتوريون المشابهة للدبابات الاسرائيلية...



وقد استمرت المناوشات بالمدفعية بيننا وبين العدو لأكثر من 36 ساعة متواصلة وعلى ما يبدو أن العدو لم يعد بإمكانه لا التقدم باتجاه مفرق سعسع – دمشق ولا مواصلة هجومه باتجاهنا، فانتقل الى الدفاع وركز على استخدام الاسلحة الحديثة المقاومة للدبابات نوع تاو التي فاجأتنا (لم نكن نعرف يومها أن الصهاينة يمتلكون هذا النوع)......



ثم اقترح علي زميلي الملازم أحمد عبد الرشيد أن نبحث عن مفقودينا لليومين السابقين ومنهم الملازم عصام العذاري، فليس من الشهامة أن يبقى مصيرهم غامضا، فتسللنا عبر واد صخري نحو مواضع العدو، وقد شاهدنا دروعنا المدمرة في المعارك السابقة وكذلك شهداءنا المحترقين بها (لاحظوا أن الصهاينة من يومهم يستخدمون الاسلحة المحرمة) وتعرفنا على دبابة الملازم عصام الذي كان قد استشهد رحمه الله... سبحان الله لقد تنبأ باستشهاده... ولم يتبق من جثته إلا القسم الاسفل منها.... ثم رصدنا منظومة الصواريخ الامريكية الجديدة من نوع تاو الامريكية الصنع التي كان يستخدمها الصهاينة... وقد عرفنا عليها آمر اللواء الاردني الذي شاهدها على أرض الواقع حين اتبع دورة تدريبية في أمريكا.... وكذلك رأينا عددا لا يستهان به من دبابات السنتورين الاسرائيلية.... ثم عدنا أدراجنا الى موضع سريتنا وقدمنا تقريرنا الى أمر سريتنا رياض جمال الذي كان ينتظرنا بفارغ الصبر...



ليلة 18– 19/10/1973 كلفنا بهجوم على قطاع الاختراق المعادي (للواءان المدرعان 19 و 20 الاسرائيليان) بكامل فرقتنا الثالثة بقيادة العميد الركن محمد فتحي أمين لتدمير العدو في تل عنتر وسفوحه الواسعة والصخور الناتئنة لدفعه باتجاه كفر ناسج – تلو المال، وجرى قصف تمهيدي كبير بكتائب مدفعية الفرقة 15 – 19 و21 على أن تقوم سرية الدبابات زائد مقر الكتيبة (المتبقي منها 8 دبابات فقط) بالتسلل ليلا على الجناح الايسر بنحو 5 كم بدلالة دورية قتال فلسطينية، فدارت معركة كبيرة ايضا، وكنا في موضع قريب وقد موهنا دباباتنا بالطين، فكنا نرى المعركة جيدا، وقد طلب مقدم اللواء قصي صبري من قوتنا الصغيرة ضرب العدو خلف تل عنتر.... فاندفعنا نحو دروع العدو التي كانت على مسافة ما يقارب 800 متر.. وعلى ما أظن فوجئوا بنا فدارت بيننا معركة شديدة... حيث كانت نسبتنا الى العدو 1/10 تقريبا.... وكان من شهدائنا الملازم صكبان ذو الشعر الاشقر.. وهو منطقة السعدية...تخرج في الكلية العسكرية قبل ثلاثة أشهر... وقد استطعت أنا رصد ثلاث دبابات اسرائيلية محترقة بمن فيها.... ثم دخلنا الى قرية كفر شمس الكائنة في أسفل التل فشاهدنا آثار معركة دامية ومدمرة وقد انتهت للتو... وقد حاول آمر الفوج الثاني من لوائنا (شقيق لآمر اللواء الثاني عشر المدرع) قبيل الانسحاب اخلاء بعض الجرحى القريبين من دبابتي، إلا أن الامر تعذر عليه حين قتل الجنود الصهاينة وبطريقة غادرة الجنود المسعفين والجرحى على السواء بنيرانهم المصوبة من أعلى التل... وقد علمنا فيما بعد أن الفوج الاول من اللواء السادس المدرع بقيادة الرائد الركن جواد أسعد شيتنه قد أبلى بلاء حسنا في هذه المعركة.



.... ثم وجدنا أنفسنا ثلاث دبابات بثلاثة ضباط مع ناقلة القيادة لمقدم لوائنا (أي رئيس أركان اللواء) الذي كان يحاول اقناع أمر اللواء بضرورة معادوة الهجوم بالاستفادة من وجود دباباتنا الثلاث (واحدة بقيادتي وهي مصابة بطلقة غير نافذة، والثانية بقيادة الملازم موفق صالح مساعد الآمر، والثالثة بقيادة الملازم عدنان المحياوي) في منطقة الهدف، إلا أن آمر اللواء وجد قواته غير قادرة على ذلك إلا بعد مرور اثنتي عشرة ساعة على أقل تقدير، وخاصة ان مدفعية اللواء قد استنفذت ذخائرها، وبعد محاولة يائسة للصمود، وقبيل تطويقنا انسحبنا مع الضياء الاخير نحو الشرق... (كان قد تبقى في دبابابتي ست طلقات فقط تم رميها لحماية ناقلة مقدم اللواء نوع (بي تي أر/50) والدبابتين الاخيرتين وقد نفذت ذخائرهما) وخلال عدة مواقف صعبة تمكنا من الوصول الى وحدتنا صباح اليوم التالي، والحقيقة كان موقف اللواء رائعا من حيث الشجاعة والاحساس بالمسؤولية لأنه من المفروض أن يكون أول المنسحبين وفقا لطبيعة واجباته، إلا أنه كان آخر من انسحبوا... ومن المفارقات انه اثناء الانسحاب سقطت دبابتي في حفرة احدثتها احدى قنابل الطائرات المعادية مما ادى الى اصابة مخابر الدبابة عسكر شلال الذي استشهد فيما بعد....



ثم رأينا دورية قتال سورية قامت باستضافتنا وقدموا لنا شاي ساخن في احدى المواضع السورية، وقد ودعونا بعبارات تشجيعية بعد ان دلونا الى الاتجاه الصحيح.. حيث سرنا بواسطة عجلة جيب عراقية يقودها الرائد محمود الدليمي من اللواء المدرع الثلاثين الذي وصل توا الى الجبهة السورية كمقدمة للفرقة المدرعة السادسة العراقية التي لم يتسنى لها فرصة القتال.... ثم وصلنا الى منطقة تحشد لوائنا...



وفي يوم 20/10/1973 قصف العدو الاسرائيلي ولأول مرة قواتنا بكثافة نارية بعد أن حشد اعدادا كبيرة من مدفعيته... وكانت طائرات العدو تقصف بعنف ما بين فترات رمي المدفعية... وبعد اعادة تنظيم سريع لقواتنا وصلتنا الاوامر للاستعداد لتعرض مقابل كبير مشترك مع القوات السورية في الساعة 06:00 يوم 23/10/1973 (الفرقتان المدرعتان الثالثة والسادسة وبعض التشكيلات القتالية العراقية زائد عدد مماثل من القوات السورية) إلا أن هذا الهجوم لم ينفذ لقبول سوريا قرار مجلس الامن القاضي بوقف إطلاق النار مع الاسرائيليين بدءا من اليوم التالي (24/10/1973)، وذلك بالاتفاق مع مصر التي كادت أن تفقد ما حققته من تقدم لقواتها نتيجة اندفاع قوات مدرعة اسرائيلية تقدر بسبعة ألوية بقيادة الجنرال المغامر شارون عبر ثغرة الدفرسوار الشهيرة نحو الضفة الغربية لقناة السويس حتى وصلت الى الكيلومتر 101 عن القاهرة...



ثم صدرت الاوامر لنا بالعودة الى بغداد بعد أن شعرت القيادة العراقية أنها أدت دورها في المعركة بكل إخلاص ووفاء على الجبهة السورية وأنها قدمت عددا من الشهداء العراقيين... فعاد الى بغداد (فرقتنا المدرعة ولواءان جبليان وأخر مشاة علاوة على الفرقة المدرعة السادسة، زائد أربعة أسراب طائرات مقاتلة من نوع ميغ 21 وسوخوي 7) أما على الجبهة المصرية فقد شارك العراق بسربين من طائرات الهوكر هنتر وكان يقودها أفضل الطيارين العراقيين.... ثم قمنا بمراسم دفن الشهداء العراقيين في منطقة السيدة زينب الكائنة جنوب دمشق... ثم شرعنا بالحركة صباح اليوم التالي باتجاه العراق وخلال اجتيازنا الطريق الدولي الجنوبي للعاصمة دمشق عبر الغوطة الجميلة تراءى لنا جبل قاسيون المشرف على هذه المدينة الموغة بالقدم وحاضرة الدولة الاموية... حيث أسفرت دمشق عن وجهها الحزين لتطبع قبلة شكر ووداع على جبين المقاتل العراقي الذي دافع عن شرفها، وكانت دماء 323 شهيدا عراقيا من الفرقة المدرعة الثالثة قد طرزت جلبابها بخيوط حمراء زاهية... كما عكس ضياء الشمس خلفنا وعلى روابي الجولان شواهد النخوة العراقية الاصيلة... فتلك هي أشلاء 137 دبابة وناقلة جنود و26 طائرة عراقية ستظل تحكي للأجيال القادمة قصة عظيمة عن روح الاخاء العربي... وعن نخوة العراقي الذي هب يدافع عن اخيه العربي...



وفي يوم 1/11/1973 دخلنا الحدود العراقية، وفي اليوم التالي انطلقنا نحو معسكرنا في الورار قرب مدينة الرمادي، وكان استقبال الجماهير لنا لايوصف، فقد غمرتنا بعواطفها الجياشة... حيث عبرت لنا عن فخرها بنا... فعلاوة على الواجب القومي والاخلاقي، فقد اكتسبنا خبرة رائعة من هذه المعركة، وخاصة في قتال الدروع...



الحقيقة التي يجب أن تقال ان الجيش الاسرائيلي كان منظما، ويمتلك مهارات قتالية عالية، وكان هناك تنسيق عالي ما بين قواته البرية والبحرية والجوية... وكل هذا يعود الى ما زودته به أمريكا من معدات ووسائل اتصال سهلت عليهم التنسيق فيما بينهم... عدا عن أن الولايات المتحدة أقامت جسرا جويا عسكريا من بعض مطاراتها الى أرض المعركة مباشرة!!! وهذا ما جعلهم يعوضون خسائرهم من المعدات العسكرية بسرعة فائقة... لقد تركت هذه التجربة في نفسي آثارا ايجابية عديدة أفادتني كثيرا في حياتي المهنية فيما بعد





قبل ان نخوض في الفصل الثالث من الكتاب اشير الى انه في الصفحتين 34 – 35 يوجد خرائط توضح ساحة عمليات الجيش العراقي على الارض السورية... وهو ما تحدث عنه الفصل الماضي...



الفريق رعد يطلق على هذا الفصل الثاني (صفحة 37) مسمى (حرب شمالي العراق) أما أنا فأطلق عليها الوصف الصحيح الذي كانت تصفه القيادة العراقية... وكل واحد حر برأيه... وأنا احترمه واحترم رأيه....

لمهم... يقول ما يلي:......... " أشير إلى أن لي تعليقات وتغيير ببعض المسميات.... لا شك أن القاريء الذكي سيعرفها"....



المشكلة الكردية في العراق مشكلة قديمة ظهرت منذ بداية التكوين السياسي الحديث للعراق على خلفية الوعود السياسية البريطانية العديدة للاقوام والطوائف التي كانت ضمن تركيبة الامبراطورية العثمانية قبل الحرب العالمية الاولى، وبعد زوال الخلافة العثمانية على أيدي بريطانيا والمتعاونين معها، لم تتمكن من الايفاء بكل وعودها لما يتعارض ومصالحها القومية.... فالاكراد كانوا يأملون بإنشاء وطن قومي في مناطق تواجدهم ضمن الشرق الاوسط...



ففي العام 1919 قمعت القوات البريطانية أول عصيان كردي في منطقة السليمانية بقيادة محمود الحفيد.... ثم وبعد نشوء الدولة العراقية الحديثة تحت تاج الملك فيصل الاول التحقت المناطق الشمالية الشرقية من العراق الحالي بالكيان السياسي العراقي الوليد (أي تحت حكم فيصل)...



وفي العام 1932 أخمد الجيش العراقي أول تمرد كردي ضد سلطة الدولة المركزية، وكان بقيادة أحمد البرزاني... ثم وخلال الحرب العالمية الثانية جرت ثاني محاولة تمرد بقيادة "الخائن " البرزاني ((والد مسعور... الذي لا يعرف كيف يكتب سطرين من اللغة العربية)) ولكن الجيش أخمدها بسرعة... فهرب البرزاني "مثل الفأر" الى الاتحاد السوفياتي....



ثم وبعد قيام النظام الجمهوري في العراق على أثر ما حدث يوم 14/7/1958 واعتراف الدستور الجمهوري في دولة العراق بالحقوق القومية للاكراد، واعلان العفو العام عن المتمردين الاكراد في الداخل والخارج، عاد "الخائن" البرزاني الى العراق معززا مكرما من الدولة... إلا أنه ولطبيعته الحقيرة الني نشأ عليها وأنشأ أولاده عليها، عض اليد الكريمة التي مدت له، فعاد الى التمرد على السلطة المركزية للدولة العراقية عام 1961، فواجهه الجيش العراقي هذه المرة بعمليات مسلحة ما لبثت أن توقفت بعد انقلاب عبد الكريم قاسم في 8/2/1963 (وفي نفس هذا العام ظهرت اول خلية موساد صهيونية في المنطقة الشمالية كان هدفها مساندة خونة الاكراد)...



ثم وبعد وفاة الرئيس عبد السلام عارف بحادثة سقوط المروحية في البصرة في 13/4/1966 عادت عمليات تمرد خونة الاكراد، وفي نفس هذه السنة زود الموساد الصهيوني خونة الاكراد بأسلحة فعالة ومدربين ومظليين على رأسهم العقيد الصهيوني تسوري ساغي، وكان للاسلحة والمدربين دورا في الواقع في تحقيق بعض النصر على اللواء الرابع في الجيش العراقي، وذلك في جبال هندرين.... وشهد نفس العام تشكيل أول جهاز استخبارات لخونة الشعب الكردي عرف باسم جهاز (الباستان) معتمدا على الخبرة الصهيونية...



((ثم يأتينا بعض الجهلة والشواذ والساقطين والمنحلين والخونة من الذين يظهرون على الفضائيات يريدون ان يقولوا للعالم ان البرزاني الاب كان ملا!!!! وانه كان شيخ طريقة!ّ! وكان لايقطع فريضة صلاة!!؟؟))



المهم...

ثم توقفت عمليات خونة الاكراد اثر الاعلان الشهير لرئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز في 29/6/1966، وفي العام 1967 توثقت العلاقة أكثر بين الصهاينة وخونة الاكراد حين زار المقبور البرزاني اسرائيل، فأعقبت هذه الزيارة تسهيل هجرة 5000 كردي يهودي الى اسرائيل... ثم وبعد ثورة 17 تموز 1968 عاد التمرد مرة ثانية، إلى أن توصلت الاطراف السياسية لايقاف القتال وفقا لبيان 11/3/1970 الذي وعد بمنح الاكراد حكما ذاتيا بعد مرور اربع سنوات على اعلانه...... ولعب "شهيد الحج الاكبر" صدام، الذي كان نائبا للرئيس احمد حسن البكر – الله يرحمه - دورا بارزا وأساسيا في التوصل الى هذه الاتفاقية... حيث منحت الاكراد العراقيين حقوقا ثقافية وادارية ودستورية واسعة، هذا في الوقت الذي كان محرما على الاكراد في مناطق اخرى التحدث باللغة الكردية... وفرح الاكراد بهذا يومها واقاموا الاحتفالات الكبيرة في بغداد حضرها عن الخائن البرزاني ولداه ادريس والمسعور (الذي كان على نهج والده في عض اليد العراقية الكريمة التي مدت له)..



والجدير بالذكر ان المباحثات التي أدت لتلك الاتفاقية كانت تجري في منطقة كلالة – حيث مقر البرزاني – وكان الشهيد صدام رحمة الله عليه المفاوض الحكومي فيها.



ما إن وصل الجيش العراقي العائد من سوريا إلى أرض الوطن بعد المشاركة في حرب تشرين حتى باشر خلال شهري 11 – 12 من نفس العام (1973) بإعادة التنظيم، واستبدال الدبابات القديمة نوع T54 بدبابات أحدث نوعا نوع T55، وكالمعتاد في بداية كل سنة ينخرط معظم الضباط الحديثين بدورات المقر العام التدريبية.



في 11/3/1974 صدر قانون الحكم الذاتي للمنطقة الشمالية تصديقا للبيان الذي صدر قبل أربع سنوات – الذي وقعه الشهيد مع الاكراد –..... (لاحظ أخي القاريء كيف أن الحكومة العراقية لم تخلف وعدها)... إلا أن توافق المصالح القومية "الفارسية المجوسية" مع الاسرائيلية في تحجيم الدور العراقي المتنامي، وانسجاما مع سياسة الولايات المتحدة الامريكية التي رأت في العراق معرقلا لمشروع كيسنجر الداعي الى سلسلة من اتفاقيات السلام للاقطار العربية المجاورة لفلسطين، جعلت هؤلاء جميعا يرون أن التدخل بالشؤون العراقية الداخلية، وخاصة افشال مشروع الحكم الذاتي للاكراد – سيقوض ويحد كثيرا السياسة العراقية تلك... هذا عدا عن أسباب أخرى... ما جعل خونة الاكراد ممثلين بالمقبور البرزاني يرفضون هذا القانون، ما ادى الى تجدد التمرد المسلح ضد السلطة في بغداد... ولعبت "الدولة المجوسية" بقيادة الشاه المقبور دورا مباشرا في التمرد الكردي، فشاركت المدفعية الفارسية المجوسية الثقيلة في اسناد العمليات المسلحة، فقد كان اسنادها سابقا يقتصر على دعم لوجستي وسياسي، لكن الان تغير الوضع، فالدولة المجوسية لها أطماع في الاراضي والمياه العراقية...لقد دفع الشعب العراقي ثمنا باهظا لتلك التدخلات الاقليمية في شؤونهم الداخلية...



ومن المعروف ان اسرائيل لعبت دورا مع بعض دول المنطقة لتنفيذ استراتيجية المحيط كاقتراب غير مباشر على الدول المساندة للقضية الفلسطينية... ومن خلال رد فعل الحكومات العراقية المتعاقبة، اصبحت المنطقة الكردية ذات ولاءات مختلفة، فمنها من يعمل ضمن تيار الدولة ومتعاون معها، ومنها من يعمل ضدها... فقد تحالف تيار جلال الطلباني مع تيار البرزاني ضد الحكومة العراقية... عندها أعلنت القيادة العراقية تكليف قواتنا المسلحة والمتطوعين من المواطنين الاكراد الموالين للحكومة (قبائل السورجية، الزيبارية، الجاف، والهركية وغيرهم) لانهاء التمرد الذي قاده الخائن البرزاني في شمال الوطن في 1/4/1974.



((أخي القاريء... أرجوك اقرأ الفقرة السابقة أكثر من مرة وقارن مع ما يجري اليوم على أرض الرافدين))....



صدر الامر بإلغاء الدورات التدريبية للضباط الجدد، حيث التحقت بوحدتي (كتيبة الدبابات الثالثة) التي حشدت في كركوك، وكان واجبها التجحفل مع قوة يقودها المقدم الركن عبد الستار المعيني، آمر لواء المشاة الرابع، زائدا الفوج الثاني من نفس اللواء مع ثلاث سرايا من المغاوير وما يعادل فوج من الموالين الكرد بإسناد مدفعي وهندسي وجوي لفتح طريق كركوك – طقطق – كويسنجق بطول 72 كم، وكسر الطوق عن فوجي اللواء اعلاه المحاصرين (الفوج الاول في طقطق والثاني في كويسنجق)، وفي نفس الوقت كلفت سرية الدبابات الاولى وحدتنا مع القوة (الفرقة الرابعة) المكلفة فتح طريق كركوك – دهوك – زاخو وسرية الدبابات الثانية بالتجحفل مع القوة المكلفة بفتح طريق كركوك – جمجمال – السليمانية... وكانت معظم تشكيلات الجيش العراقي ذات خبرة قتالية عالية في مواجهة أعمال التمرد المسلحة وحرب العصابات وخاصة الفرقتين الثانية والرابعة الجبليتين.



كنت في ذلك الوقت اشغل منصب معاون آمر سرية الدبابات الثالثة عندما كلفت سريتنا التجحفل (الدخول ضمن تشكيل مشاة سواء كان فوجا أو لواء) مع اللواء الرابع الجبلي، وهو من الالوية القوية ذات الخبرة الكبيرة، ولاجله اشار قائد المنطقة الشمالية الفريق سعيد حمو وقائد الفرقة الثانية العميد الركن طالب محمد كاظم لآمر اللواء الرابع على أهمية تحقيق نصر كبير في هذه العمليات الجديدة لتعويض هذا اللواء عن الخسارة المادية والمعنوية السابقة... لقد استلمنا مهمتنا كجزء من مهمة اللواء اعلاه بقيادة التقدم لفتح طريق كركوك – شوان – كويسنجق الذي أغلقته القوات المتمردة، وتم حشدنا ليلا في مفرق الطريق العام كركوك – التون كبري المتقاطع مع طريق كركوك – كويسنجق... وأذكر من كان معي من الضباط: عامر شياع وعبد الجليل عبد العزيز (استشهدا أثناء العدوان الخميني المجوسي على العراق) وتركي حروبي (اصبح قائدا لفرقة مدرعة وعميدا لكلية الحرب قبل أن يحال على التقاعد قبيل تدنيس العراق في عام 2003)...



في الساعة السادسة من يوم 22/4/1974 اندفعنا بتقدم سريع باتجاه شوان التي حدث فيها أول اشتباك، فجرى التقدم بين اشتباك وآخر حتى انتهت المهمة يوم 30/4/1974... والحمد لله كانت الخسائر محدودة.... كذلك نجحت القوة المكلفة بفتح طريق كركوك – جمجمال – السليمانية، ونجحت قوة أخرى كذلك في فتح طريق الموصل – دهوك – زاخو... وكانت قوات الفرقة الثامنة بقيادة العميد الركن طه الشكرجي المكلفة بفتح طريقي (اربيل – صلاح الدين – شقلاوة – سبيلك – كلي علي بيك – راوندوز – كلالة حاج عمران) تتقدم ببطيء بسبب وعورة المنطقة وشدة مقاومة المتمردين... فبقيت في منطقة بين جبل نواخين واسفل جبل كورك (اي منطقة كلي علي بيك).......



وفي 1/6/1974 اكملنا تحشدنا في منطقة قليسان جنوب السليمانية حيث تجحفلت سريتي مع لواء المشاة الرابع عشر الذي كان بقيادة العقيد الركن عبد الجبار الصافي حيث كلفنا بفتح طريق (السليمانية عربت دربندخان)... ثم وفي الساعة الخامسة والنصف من يوم 4/6/1974 شرعنا بالتعرض، حيث اصصدمنا بوقت مبكر بمقاومة متوسطة الشدة، فتم القضاء عليها خلال الساعة الاولى... واستشهد سائق دبابتي الجندي اول حسين غرقان.... بعدها انفتح الطريق نحو عربت، حيث استقبلنا اهلها بالرايات العراقية البيضاء، ومنها اندفعنا سريعا لازاحة باقي المقاومات في منطقة جسر دانجرو وزرايين، ومن ثم تدمير المقاومةالكبيرة في منطقة دربندخان، وتم الاتصال عند النفق بطلائع اللواء السادس عشر بقيادة العقيد الركن محمود وهيب المتقدم من جلولاء، وكان لدى العدو رشاشات ثقيلة من نوع دوشكا... فقررت الاندفاع رغم موضع الرمي الحصين والمسيطر عليه من قبل العدو... وكان يقود الدبابة العريف خالد بدلا من الشهيد حسين... وبصعوبة بالغة جثمت الدبابة على موضع الرشاشات المعادية... حينها تمكن المشاة من الاندفاع النهائي والوصول الى الهدف، وقد اثار صعود الدبابة دهشة آمر اللواء الذي منح العريف خالد مكافأة مالية....



في 9/6/1974 تعرضنا بالهجوم لمنطقة قره داغ الواقعة شرق السليمانية وتمكنا من طرد العدو منها بعد معركة استغرقت كل نهار ذلك اليوم، حيث انسحبت فلوله باتجاه سلسلة الجبال الفاصلة بين حوضي عربت ونهر ديالى..... ثم عدنا الى منطقة زرايين لاسناد الفوج الثاني من اللواء 90 الاحتياطي... وفي 11/6/1974 كرر العدو هجومه باتجاه مواضع الفوج المذكور دون تمكنه من كشف دباباتنا... إلا اننا تصدينا له بقوة ودمرناه....



في 17/6/1974 اكتمل تحشدنا مع قوة كبيرة غرب مدينة السليمانية وكان الهدف تحرير جبل أزمر المؤثر جدا على سلامة المدينة... كان عدد تشكيلات المشاة اربعة، زائد لواء قوات خاصة، وبعض الوحدات المدرعة بالاضافة الى اسناد ناري جيد، وكان واجبنا قيادة التقدم على طريق السليمانية – أزمر – جوارته... وتنتهي المهمة باحتلال قمة الجبل مع اللواء الرابع مشاة... وفي يوم 18/6/1974 شرعنا بالحركة وبدأنا بتسلق الطريق الضيق آنذاك....... وعند الساعة الثانية والنصف ظهرا توقفنا عند كلي أزمر وهو طريق شديد الالتواءات مع حافة شديدة الانهيار... ذلك أن فصيل الهندسة اكتشف عدد من الالغام المضادة للدبابات وعدد من موانع الطريق على شكل حفر... فصدر الامر بالانسحاب لتعذر وصول جميع الارتال الى اهدافها....



وفي يوم 19/6/1974 وقبل الشروع بالتقدم مجددا وصل الينا العميد الركن عبد الرحمن سوسة من مقر القيادة الشمالية، وهو ضابط كردي، وكان منفعلا جدا، فألقى القبض على آمر سريتنا متهما اياه بالانسحاب بدون أمر... وهذا ما أثار دهشتنا.. عندها جادلت هذا الضابط الكبير للدفاع عن آمر سريتي....... إلا أنه لم يستمع الي، واصر على أخذه معه بالمدرعة التي كان يستقلها.... ودفعا لشبهة تقصير سريتنا طلبت الاذن بالانطلاق، فأخبرني بأنه سيوعز الى اللواء الرابع بمواصلة التقدم خلف سريتي... فقدت السرية بأقصى سرعة نحو طريق الجبل وبدأنا بالصعود على ذات الطريق الذي انسحبنا منه في اليوم السابق... وبعناية الهية عبرت بجميع دباباتي في منطقة الكلي في ظل رمي شديد من الحافة العلوية للجبل دون تمكن اسلحة دبابتنا من الرد ومشاغلة نار العدو حيث تعذر على مدافع الدبابات الوصول الى زاوية الارتفاع المطلوبة لان حافة الجبل كانت على شكل قطع يساوي (90 درجة)...



أما الجهة اليسرى فتشكل فضاء الهاوية نحو الوادي.... لكننا استطعنا تدمير عدة مواضع لرشاشات معادية... وحين وصلنا الى حافة القمة كان فيها المخفر القديم الذي دمرناه بسهولة وقضينا على القوة المدافعة فيه علاوة على تدمير مدفع مقاوم للطائرات عيار (37 ملم)... بعدها اتسع المجال لانفتاح عدد من الدبابات، فتم احتلال القمة المشجرة.. فشاهدنا في فضائها تشكيلا من طائراتنا السوخوي المقاتلة، وعلمت فيما بعد أن طيار احدى تلك الطائرات اخبر القيادة الشمالية بوصولنا الى القمة التي كانت بارتفاع 1709 م... فاتصلوا بي باللاسلكي من القيادة الشمالية يحيوني مع عبارات التشجيع والاعجاب... فطلبت منهم قوة مشاة لمعالجة المقاومات المعادية...



وفي خلال أقل من ساعة شاهدت قوة مشاة الية محمولة بناقلات مدرعة من نوع (BTR 60)... ثم وصلتني مجموعة من القوات الخاصة كادت تموت من العطش، فأسعفناها بالماء المحمول في دباباتنا... وقبل الانسحاب مساء تم تبديلنا بدبابات من نوع M-24 من كتيبة الدبابات الثانية... وطلب منا قصف المواضع المعادية باتجاه جوارتة بحضور قائد المنطقة الشمالية الفريق سعيد حمو الذي ادهشه الاداء الجيد لمدفع الدبابة عيار 100 ملم وبمداه الطويل 16800 متر... عندها حانت لي الفرصة لاطلب من الفريق اطلاق سراح آمر سريتنا كمكا فأة لما أنجزناه مع اصراري على براءته... فتم لي ذلك وأطلق سراحه ومنحوني نوط الشجاعة مع مسدس هدية....



بعدها نفذنا عددا من الغارات باتجاهات مختلفة لتحقيق مبدأ (طارد العدو بدل أن يطاردك).... ثم وبجهد ممتاز من سرية الدبابات الخفيفة نوع BTR -76 بقيادة الملازم اول برجس سليمان (استشهد ايام العدوان الخميني المجوسي حين كان يقود لواءا مدرعا) وبمساعدة جهد هندسي كفؤ تمكن من اعتلاء قمة جبل كورك ومنها جاء تخطي المضيق وانفتح الطريق الى راوندوز وبعدها تم احتلال الجبل الكبير زوزك توأم جبل هندرين....



في 5/7/1974 وبعد تحرير جبل هيبت سلطان، كلفنا مع لوائنا المشاة الالي الثامن بقيادة العقيد الركن عبد الكريم الحمداني بهجوم ليلي مباغت من مفرق بستانة نحو خوشناو ثم شقلاوة (سفح جبل سفين الشمالي)وكانت غارة كبيرة استهدفت تدمير المناطق الادارية للمتمردين... فكانت غارة ناجحة جدا اسرنا فيها 32 متمردا... ودمرنا مئات الاطنان من مواد تموين القتال مع اكداس مكدسة من المشروبات الكحولية الغالية الثمن اثارت دهشتنا... واستطعنا رفع حمولة 70 عجلة من الارزاق للاستفادة منها... وكان يوم 7/7/1974 ممطر جدا... وتلك كانت من المفارقات...



وفي يوم 2/8/1974 نفذنا غارة كبيرة لتطهير المرتفعات المطلة على الطريق الواصل بين عربت ودربندخان... ونتيجة لعدم دقة موقف الفوج الاول (قوات خاصة) كادت ان تسقط الطائرةالتي تقل قائد المنطقة الشمالية ومعه قائد الفرقة الثانية بنيران العدو...



وفي يوم 7/8/1974 تحركنا الى قاطع (رانية – حوض بلكان) فتم تحريره بسهولة بعد سلسلة من المعارك التي اشترك فيها اللواء الاول الميكانيكي.... ثم تحركنا نحو قلعة دزة حيث حررناها بعد سلسلة من هجمات المشاة والقصف المدفعي الثقيل وكان ذلك يوم 18/8/1974... وقد سبق عملية تحريرها عبور بحيرة دوكان بالاطواف من قبل الفوج الثالث التابع للواء الثاني عشر المدرع وبعض وحدات لواء المشاة الالي بقيادة المقدم الركن محمد جواد البدر المعروف بهدوئه وكفاءته.... ثم عدنا الى مأوى قرب المقر الجوال للفرقة الثانية (جوار قرنة)... وكان عناصر الهندسة العسكرية يفجرون بعض الالغام المعادية المرفوعة من قلبهم في مضيق سنكسر على حافة بحيرة دوكان ما أدى الى نفوق بعض الاسماك التي تعرف باسم الشبوط التي قاربت المترين طولا...



وفي ليلة 30 – 31/8/1974 شن العدو هجوما كبيرا على قطعاتنا الموجودة في قاطع قلعة دزة، وكان ذلك بإسناد المدفعية "المجوسية الفارسية" من عيار 175 ملم، مع قصف مضيقي سنكسر ورانية، وقد ترافق ذلك مع قصف تجاه بطارية مدفعية تابعة لنا كانت هناك من عيار 130 ملم... فكان التدخل المجوسي الفارسي السافر "الوقح" مدهشا للجميع... ثم وعلى عجل شكلنا قوة مرتبة بإمرتي من الدروع والمشاة حيث اوجزني قائد المنطقة بمهمتي القاضية بنجدة القطعات في قاطع قلعة دزة وابتداء من قرية سنكسر لأن موقف الفوج الثالث من اللواء الثاني عشر المدرع المدافع في قلعة دزة كان غامضا...



لكن القصف الشديد على فتحة المضيق حال دون عبور المشاة المحمولين بالعجلات.. فقدت دبابتي بفاصلات طويلة لتفادي اصابتها وبسرعة عالية عبرنا النقطة الحرجة وتبين بأن موقف الفوج الاول من اللواء بقيادة المقدم عبد الكريم العيثاوي في سنكسر لا بأس به... وبعد تدمير مقاومة في منتصف المسافة عند قرية (جيراوة) وصلنا الى موقع قلعة دزة حيث تحمل الفوج الثالث من اللواء الثاني عشر بقيادة المقدم ركن حازم الجنابي شدة الهجوم والقصف الثقيل وقدم عددا من الشهداء.. وكان صمودهم مبعث دهشة للفرس المجوس، الذين كانوا يراقبون المعركة من جبل أسوس... وقد علمنا ذلك من خلال استراقنا السمع لمكالماتهم اللاسلكية...



وفي يوم 27/9/1974 كلفت بالتجحفل مع اللواء الثاني مشاة الذي كان بقيادة المقدم الركن قيدار محمد صالح.... وذلك بهدف تحرير المرتفعات الجبلية وتأمين قاعدة الانطلاق على محور ضيق جدا ضمن منطقة شديدة الوعورة لتخطي جبال هندرين نحو كلالة ولتفادي المقاومات في منطقة الجسور.... شرعنا بالتعرض بثلاث أرتال، الرتل الايمن الفوج الاول من اللواء الثاني عبر السلسلة الجبلية بهدف احتلال الراقم (يعني رقم ارتفاع القمة الجبلية بالامتار) 1821 وكنت اتقدم الرتل الوسطي بدباباتي واساسه الفوج الثاني من اللواء الثاني وهدفه قمة تدعى النجمة، والرتل الايسر الخفيف الطيار اي المتقدم على سلسلة القمم الجبلية من الكرد الموالين...



وبعد 8 كم من التقدم ضاقت علينا الارض وانحشرت دباباتي بين الصخور الكبيرة التي تجاوز حجمها وارتفاعها ارتفاع الدبابات... فتوقفت الارتال مساء يوم 28/9/1974، الرتل الايمن عند ا لراقم 1821 والرتل المركزي اسفل قمة النجمة، وظلت المعركة سجال واستنزاف لمدة 17 يوما تم على اثرها سحب قوتي بعد تدخل مقر الكتيبة لان المشاة في الحروب الجبلية لايفضلون ابدا الاستغناء عن الدبابات... وقد افادتني هذه الفترة الصعبة.. وكانت تجربة جيدة في موضوع القيادة والمحافظة على الروح المعنوية للجنود المحاصرين والمتعرضين لخطر القصف والتطويق واحتمالات الاسر... حيث كانت عناصر العدو تناديهم ليلا للاستسلام... وكانت مدافع دباباتنا افضل سلاح لتدمير المغارات والكهوف الموجودة على سفوح الجبال.... لقد كنا شبه محاصرين... وقد اضطررنا للمكوث طويلا داخل الدبابات حيث استثمرت الوقت بالقراءة... فقد استفدت كثيرا من مكتبة بشدر في قلعة دزة، فقد حصلت منها على كتب ثمينة كادت تحترق عندما تعرضت المكتبة للتدمير خلال القصف الايراني في الشهر السابق...



في 23/11/1974 كلفنا بالتجحفل مع اللواء الاول مشاة آلي بعد اتخاذنا من قلعة دزة قاعدة للانطلاق بسلسلة من الغارات وبالتعاون مع الكرد الموالين باتجاهات مختلفة... إلا أن أهمها كان عددا من الغارات باتجاه الحدود "الفارسية المجوسية" (هولشو – هيرو) وباتجاه منطقة شهيدان ومرة نحو منطقة (قادر كرم) ولكن مع اللواء الرابع بقيادة العقيد الركن طارق محمود شكري... واستمرت تلك الغارات الى موسم الثلوج حيث تحولنا الى الدفاع مع انحسار تأثير المدفعية المجوسية الثقيلة... فقد اهتممنا بتحصين المواضع... وقد أضاف لنا العمل في موسم الثلوج خبرة جديدة....



في 6/3/1975 أعلن عن اتفاقية المصالحة بين العراق ودولة "السموم الفارسية المجوسية النجسة" لتحسين العلاقات بين الطرفين... وتم في الجزائر توقيع اتفاقية المشهورة باسم اتفاق الجزائر الذي ينص على الملاحة في الخليج العربي... وقد وقعها عن الجانب العراقي نائب الرئيس في ذلك الوقت "الشهيد" صدام حسين... وفي نفس الاتفاقية تعهد الفرس بوقف دعم خونة الاكراد الذين شعروا بصدمة قوية نتيجتها... فقد استدعى الشاه الخائن الاكبر البرزاني وابلغه بكل برود ان الاتفاقية نافذة المفعول.... فما ان تحسن الطقس حتى نفذ لواؤنا الثامن اندفاعات سريعة باتجاه أوكارهم في كلالة وجومان انهار بعدها المتمردين بشكل مذهل... لكن بعضهم وبكل دناءة قبل هروبهم قام بقتل بعض الطيارين العراقيين الاسرى!!! وما ان اعلنت الدولة العفو العام عن المواطنين الكرد المتمردين حتى جاؤوا كسيل منحدر من الجبال للاستسلام وتسليم الاسلحة واستلام التعويضات!!! وقد افادت سجلات قاطعنا بأنه استسلم اكثر من 14 الف مسلح....



وفي 30/4/1975 انتهت عمليات القضاء على التمرد في شمال الوطن وعم السلام تلك الربوع الجميلة.... وفي يوم 5/5/1975 تركنا القاطع وتحشدنا في كركوك... وقد آلمني منظر المعارك والخسائر في كلا الطرفين... ففي النهاية كلهم عراقيون... لقد اكتسبت خبرة ودروس كثيرة من هذه الحرب في المناطق الجبلية واساليب مجابهة اعمال التمرد وحرب العصابات... ثم عدنا بالقطار الى بغداد، وبواسطة ناقلات الدبابات وصلنا على معكسرنا الدائم في الورار غرب الرمادي.. ولاشك اننا قدمنا الكثير من الشهداء لأجل قمع ذلك التمرد وفرض سيطرة الدولة... وعلى كل فقد سطر رجال جيشنا الاشاوس ملحمة أخرى في سبيل وحدة الوطن والشعب...

((خريطة العمليات في الصفحة 53 من الكتاب))....
آخر تعديل بواسطة نبوخذنصر في الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 5:27 pm، تم التعديل 3 مرات في المجمل.
الشمس شمسي و العراق عراقي [*][*][*] ما غير الدخلاء من اخلاقي

ابو حسين العراقي
2nd Lieutenant - Molazim Thani
2nd Lieutenant - Molazim Thani
مشاركات: 371
اشترك في: الأحد أكتوبر 02, 2011 9:47 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة ابو حسين العراقي » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 4:52 pm

اخي الكريم الفاضل : لو تكرمت على باقي اخوتك الاعضاء اتمنى لو تكون كتابة الموضوع على شكل اجزاء مفصلة وسهلة القراءة حتى ولو استغرق الامر وقتا حتى يتسنى للجميع القراءة والاستفادة وتقييم جهودك في الموضوع وبارك الله بيك

صورة العضو الشخصية
نبوخذنصر
Private - Jundi
Private - Jundi
مشاركات: 27
اشترك في: الخميس أكتوبر 18, 2012 7:42 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة نبوخذنصر » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 5:38 pm

العدوان الخميني المجوسي الكسروي على العراق العظيم

1980 – 1988



الفريق رعد يطلق على هذا الفصل الثالث (صفحة 55) مسمى (الحرب العراقية الإيرانية... حرب الخليج الأولى....)



الحقيقة هنا أريد أن أقول شيء... سواء اقتنع به من يقرأه أم لم يقتنع...

لكن... لعل المتابع لتاريخ العراق يرى أن هذا البلد بدأ يتعرض لمؤامرات دولية واقليمية ((محيطة به)) مؤثرة بعض الشيء بدأت تظهر بوضوح بعد قيام ثورة14 تموز 1958... ولاشك أنه كان للفرس و الاعراب (مصر و الخليج )الدور الاكبر في تلك المؤامرات، إن في دعم بعض حركات التمرد الانفصالية كما قرأنا في الفصل الماضي، او من خلال بعض طراطيرهم وجواسيسيهم الذين كانوا مدنسين لأرض العراق ومندسين بين العراقيين بحجة أنهم مؤمنين متدينين يريدون البقاء بجوار المراقد والمدن المقدسة... بينما كانوا يقومون بأعمال تخريبية من تفجيرات وسرقة ونهب ولصوصية واشاعة الفوضى... ولعل ما صار من حوادث بعد خلع الشاه ومجيء الخميني إلى السلطة ثم العدوان على العراق وما سبقه من محاولات لاغتيال بعض رموز الدولة لهو ابلغ دليل على أن العراق كان بالفعل محط أنظار المتآمرين....



ولاشك أن الخميني حين استولى على السلطة وخلع الشاه عنها في بلد الفرس، كان هدفه الاول والاخير تصدير ثورته البائسة..... فكان العراق أول ضحايا اجرامه... فالخميني عض - وبكل دناءة وحقارة وخسة نفس مجوسية نجسة – اليد العراقية الكريمة التي مدت له وانتشلته من مستنقع آسن وقع فيه حين لفظته الكثير من الدول وتجنبت دخوله أراضيها... فقدم له العراق الكريم الشهم مأوى وملاذ ووفر له كل ما يحتاجه... ليس هو فحسب، بل رهط من الحاشية التي كانت معه... فكان جزاء العراق بعد هذا اجرام خميني وعدوانه واعتداءاته التي سبقت العدوان الاكبر...



من هنا...

وبالنظر الى ما كان يقدمه العراق من وثائق مؤكدة الى ما يسمى هيئة الامم المتحدة عن دلائل اعتداءات فارسية خمينية على اراضيه والقيام بغارات جوية على حدوده ومحاولة اغتيال بعض رموز الدولة العراقية.... فإن ما وقع في شهر ايلول من عام 1980 ليس حربا عراقية ايرانية كما يحلو للبعض، والى الان، ان يردد... وانما قيام العراق بصد العدوان الخميني المجوسي على أراضيه...
الشمس شمسي و العراق عراقي [*][*][*] ما غير الدخلاء من اخلاقي

صورة العضو الشخصية
نبوخذنصر
Private - Jundi
Private - Jundi
مشاركات: 27
اشترك في: الخميس أكتوبر 18, 2012 7:42 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة نبوخذنصر » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 5:42 pm

فإذن تلك لم تكن حربا عراقية إيرانية.... رجاءا يا اخوان...إن ما يحدث في العراق الان من قتل وتشريد واغتيال للكفاءات العراقية سواء العلمية او العسكرية او الدينية او رموز الدولة العراقية بكل مناصبهم لهو يكشف بوضوح على أن ما جرى في القرن الماضي في فترة الثمانينات انما هو عدوان خميني كسروي مجوسي فارسي اضطر العراق معه للدفاع عن نفسه بوجه ذلك المد... ولو لم يكن العراق وقتها قويا بجيشه وشعبه وبقيادته لرأينا أنه حدث في تلك الايام ما يحدث اليوم... هل توضحت الصورة؟؟ لا أريد أن اطيل أكثر... لكن أعتقد انه على العراقي أن يختار اطلاق المسميات وأن يسمي الاشياء بمسماها الحقيقي لا حسب ما تقوله القنوات المستعربة الفضائحية وحسب ما يروجه المجوس أنفسهم... نحن لدينا قناعة تامة لن يقطعها أي شك ولن يستطيع كائنا من كان - مع احترامنا للعراقيين الاشراف فقط – ان يقنعنا بغير ما نحن مقتنعين به... تلك لم تكن حربا عراقية ايرانية... وانما عدوان خميني على بلد عظيم اسمه العراق....... رفعت الاقلام وجفت الصحف.......
نعود الى موضوعنا.... إذ يقول الفريق رعد في بداية هذا الفصل ما يلي:

بما أن ملحمة الحرب قد دامت ثمانية أعوام، ومرت بمراحل عديدة وشهدت تقلبات كبيرة في ميزان الصراع، فقد رأيت من المناسب تناول حوادثها المهمة حسب مراحلها وذلك بهدف تحقيق الفائدة بشكل أفضل.......



لقد فاجأت الاحداث السياسية الايرانية النظام السياسي العراقي وهو في بداية استلام زعامة شابة (استلم صدام حسين المنصب الاول في الدولة في منتصف العام 1979) يحدوها الامل في تحقيق حلم كبير جدا في انبعاث قدرات امة عربية من المحيط الى الخليج، واذا فشل الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر في تحقيق ذلك الحلم للاسباب المعروفة، فإن الزعامة الشابة القومية في العراق كانت لها كل الثقة في تحقيقه... لكن كيف يتحقق هذا الحلم في ظل المنافسة التي يفرضها التيار السياسي الجديد في ايران الذي كان يرى أن اول مكاسبه خارج ايران يجب ان تكون في العراق بوضعه الجيوبولتيكي امام عنفوان الثورة التي تعتبر العراق مجالها الحيوي الاول؟؟... ونظرا لضيق المساحة الاستراتيجية لكلا النظامين!!!!......... فقد كانا فريستين سهلتين للوقوع في الفخ الكبير الذي نصبته لهما الدول العظمى كما يرى المؤمنون بنظرية المؤامرة التي اعتمدت النفظ كأهم مرتكزات استراتيجيتها العملية في منطقة الشرق الاوسط......



وكرد فعل على الاجراءات الايرانية، ارتكب العراق سلسلة من الاخطاء السياسية منها الغاء اتفاقية الجزائر... وذلك يوم 17/9/1980 وطرد كل عراقي يشك بولائه لايران، وشملت عمليات الطرد ذوي الاصول الفارسية بعدما تأكد ضلوع عدد منهم في الهجمات المسلحة على الاحتفالات الجامعية كالحادث الذي وقع في جامعة المستنصرية..... وكذلك كان هناك حملة اعتقالات واسعة في صفوف حزب الدعوة " بعدما ثبت ضلوع اعضائه في نشاطات سياسية تخريبية...


من الضروري اعطاء صورة مبسطة للقاريء عن مستويات الاداء العسكري لكلا الطرفين:

ينتمي كلا الجيشين الى دولتين من قياسات العالم الثالث، وان كانا في أعلى سلم تلك القياسات.

اعتمد بناء المؤسستين على توصيف وظيفي للمناصب العليا وفق شروط الولاء السياسية وليس وفق معايير الكفاءة المجردة.

كلا القيادتين لم تصنع لنفسهما حدودا في التصرف.

يفتقر كلا الجيشين الى المستويات الرفيعة الكافية في فهم وادارك الاستراتيجية العسكرية واستخداماتها.

يعاني كلا الجيشين من محدودية المستوى الثقافي لمعظم كبار الضباط بالاضافة الى شبه الامية التي يتصف بها الجنود؟؟؟!!!!!!

يعتمد كلا الجيشين في تسليحه وتجهيزه على المصادر الخارجية...وهذا يكلف أموالا أساسها عوائد النفط.

الشمس شمسي و العراق عراقي [*][*][*] ما غير الدخلاء من اخلاقي

صورة العضو الشخصية
نبوخذنصر
Private - Jundi
Private - Jundi
مشاركات: 27
اشترك في: الخميس أكتوبر 18, 2012 7:42 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة نبوخذنصر » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 5:48 pm

يتابع الفريق فيقول:

في الساعة التاسعة والنصف من يوم 7/7/1980 اجتمع بناء قائد الفرقة التاسعة العقيد الركن طالع الدوري في مقره بمعسكر ابوغريب (كنت وقتها ضابط ركن استخبارات اللواء المدرع 35)، والقى علينا كلمة مطولة فحواها أن ايران بنظامها الجديد اصبحت تشكل تهديدا مباشرا للعراق... وأن هناك الكثير من الدلائل السياسية والاعلامية وحركات القطعات والاعمال التخريبية وعلى ضوء تقديرات القيادة السياسية فإن الحرب واقعة لا محالة....



خرجنا من الاجتماع... وكان لواؤنا المدرع في معسكر الحصوة، واللواء المدرع 43 بإمرة العقيد الركن ماجد في معسكر التاجي، وكان لواء المشاة الالي 14 بإمرة العقيد الركن عماد في الناصرية... ثم اجتمعنا مع آمر لوائنا العقيد الركن نوري جدوع العبيدي، وقد أوحى الآمر في هذا الاجتماع بأن لواءنا جاهز للقتال بنسبة 95%... وطلب من مقدم اللواء المقدم الركن فيصل مشعان الفيصل تحرير التقييم...



لكنني اعترضت على النسبة بشكل صريح واشرت الى ان ذلك يخالف الحقيقة وان لواءنا ولاسباب معروفة لا يتمتع بهذه الجاهزية كونه لواء حديث التكوين.... والخلاصة أنه غير معد للعمليات التعرضية.... وعلى أثرها تعرضت لتعنيف شديد من الآمر وأنني تجاوزت صلاحيتي في الكلام.... ثم ركبت معه في السيارة وحصل بيننا مشادة كلامية صدر على أثرها قرار من المقر الاعلى بنقلي إلى إمرة إدارة الضباط ثم نقلت الى منصب آمر جناج الاستطلاع في مدرسة التعبئة – مركز الدروع – وفقا لطلب مدير الدروع العميد الركن صلاح عسكر ومدير المركز العقيد الركن نزيه الرزو... وأنا اساسا كنت معلما في مدرسة الدروع قبل دخولي كلية الاركان عام 1978 حيث كلفت بتشكيل هذا الجناح مع ضباط آخرين منهم ضابط برتبة رائد يدعى غازي جاسم.



اندلاع الحرب والتعرض الوقائي

في 4/9/1980 بدأ الفرس بسلسلة من الاعمال العدائية تجاه مخافرنا الحدودية والقصبات السكانية القريبة من الحدود وكان أهم وأخطر هذه الاعتداءات تلك التي نفذتها المدفعية الفارسية من أماكن كان قسم منها جزء من الاراضي العراقية.. إلا أن السيطرة عليها آلت للفرس نتيجة للظروف التي مر بها العراق قبلا....... مقابل ذلك ارتفعت اللهجة المعادية للفرس في اعلامنا....... وكان هناك ناطق رسمي باسم وزارة الدفاع العراقية يفيد يوميا بالموقف المتصاعد من قصف مدفعي واختراق جوي او بحري مع وقوع عدد من الاعمال التخريبية في الداخل كان منها ما حدث في جامعة المستنصرية وجرح فيها وزير الاعلام في ذلك الوقت الاستاذ طارق عزيز... وعلى أثر ذلك كان ذلك القرار الخاطيء بطرد كل من كان من اصول فارسية الى دولة الفرس!!

في 18/9/1980 شنت الفرقة المدرعة السادسة والفرقة الالية الاولى سلسلة من الهجمات السريعة استطاعت من خلالها استعادة الاراضي العراقية التي كانت تحت سيطرة الفرس... وتم دفع عدد من بطاريات المدفعية الفارسية الى الخلف.. واهم هذه الاراضي كانت ما عرف باسم سيف سعد وسيف ابي عبيدة وبعض الروابي الحدوية..... ثم تشكلت لجنة في نفس اليوم من عدد من الضباط كنت ضمنهم مسؤولة عن بعض المهام الفنية والتعبوية للقاطع الجنوبي من هور الحويزة حتى الخرنوبية... كلفت برفع تقارير مفصلة عن اعمالها للمقر الاعلى اضافة الى نسخة للمقر الميداني ضمن القاطع.... وحين أتممنا الاستطلاع وزيارة القطعات المتحشدة هناك قصدنا يوم 22/9/1980 قائد الفرقة الخامسة العميد الركن صلاح القاضي... وحين لم نجده سلمنا التقرير الى العقيد الركن نهاد وكان يشغل منصب ضابط ركن الفرقة... ووجدنا في مكتبه آمر اللواء المدرع السادس في الفرقة العقيد الركن عبد العزيز الحديثي... كذلك العقيد الركن جميل نجم الدين آمر اللواء المدرع 26 وآمر لواء المشاة الالي العقيد الركن سمير أيوب... وكانوا قد استلموا مهمة الفرقة التي تقضي القيام بتعرض وقائي باتجاه الاحواز... وكان الموقف مزيج من الحماس والتحسب......



ثم تسلمنا رسالة من ضابط ركن الفرقة الاول تدعونا للالتحاق بوحداتنا الجديدة.. حيث عين المقدم الركن عبد الجليل احمد بمنصب ضابط ركن في مقر الفيلق الثاني، وصاحبي الرائد خالص الحديثي بمنصب ضابط ركن 3 حركات الفرقة المدرعة الثالثة في الناصرية، وأنا بمنصب ضابط ركن حركات الفرقة المدرعة الثانية عشرة في مندلي..... وحين وصلنا الى مقر الفرقة المدرعة الثالثة لتوصيل صاحبنا خالص كان ازيز الطائرات العراقية المنطلقة من قاعدة علي بن ابي طالب يملأ الجو... ثم ودعنا رفيقنا الرائد خالص وسلمنا على الضباط، ومنهم العقيد الركن انمار صلاح الدين... فقد كان صديقي...



وقفلنا عائدين الى بغداد... وخلال الطريق اخبرني زميلي عبد الجليل رأيا ادهشني وهو ان الحرب ربما تمتد الى خمس سنوات!!! وحين وصلنا بغداد كانت في وضع السكون الذي يسبق العاصفة... حيث ودعنا اهالينا وانتظرنا العجلات لنقلنا الى مقصدنا... ومع اطلالة يوم 23/9/1980 شنت عشرات الطائرات الفارسية المعادية غارات على بغداد، ولاول مرة اطلقت صافرات الانذار تنذر بالخطر الداهم والقادم من الشرق... وكانت معنويات اهل بغداد لا تقل روعة ورفعة عن معنويات المقاتلين الذين ودعناهم بالامس... وقد قاطعتننا سيارات الاسعاف والاطفاء في هذه المدينة الخالدة... وفيما بعد صدر بيان يعلن عن اسقاط 68 طائرة معادية فوق بغداد



في نفس اليوم وصلت الى مندلي... لكني علمت ان الفرقة المدرعة الثالثة تبادلت المواقع مع الفرقة الرابعة بقيادة العميد الركن عبد الستار المعيني حيث اصبحت على محور خانقين – كاني ماسي – نفط خانة... وبعد ساعتين تقريبا كنت في غرفة بناية قوة حماية النفط استلم كتاب التحاقي... وكان في نفس الغرفة قائد الفرقة العميد الركن محمد الويس، ومسؤول التنظيم الحزبي محمد بلال، وضابط الركن الاول العقيد الركن ناطق، والضباط: المقدم الركن عبد الاله، والمقدم الركن صباح عجيل، والمقدم الركن مهند الاعظمي....



ثم خرجت بصحبة ضابط ركن هيئة الاستخبارات (ابوقتيبة)... وكان صاحبي... حيث أوجز لي الموقف باسلوبة الساخر وباللهجة الشعبية.... فهمت ان لواء المشاة الالي 46 بإمرة المقدم الركن عبد الحافظ حبيب يواجه مقاومة شديد... ومهمة فرقتنا هي الاندفاع نحو نفظ شاه ثم الاستدارة يمينا نحو سومار للالتقاء بالفرقة الرابعة وفرقة المشاة الثامنة بقيادة العميد الركن سلمان شجاع....



لابد من الذكر ان اللواء المدرع العاشر الذي كان بإمرة العقيد الركن محمود شكر شاهين اصبح بإمرة فرقتنا في بداية التعرض للاراضي الفارسية... وهو الذي حسم معركة سومار بكل جدارة مدمرا اكثر من جحفل معركة فارسي... وقد هرب الكثير من دروع العدو نحو شعب الوديان طالبة الخلاص من ذلك التدمير... في الوقت الذي انهمكت فيه وحداتنا بجمع الاسرى واخلاء الجرحى والاستيلاء على العديد من الاسلحة والدروع والمعدات العسكرية... وكان أول مقر لفرقتنا في الاراضي الفارسية يقع عند مفرق اردوبان على الطريق الموصل بين سومار ونفط شاه....


العدوان الخميني المجوسي الكسروي على العراق العظيم
1980 – 1988
بدءا من 1/10/1980 بدأ العدو بسلسلة من أعمال الرصد فبث دورياته بالعمق ليكون صورة عن مقدار قطاعات الاختراق التي حدثت في مواضعه وأراضيه... كانت ليلة 3/10/1980 أول ليلة ممطرة في الحرب في نطاق قطاعنا... وكنت اتابع دورية قتال ارسلناها للبحث عن موضع المدفع المعادي الثقيل الذي شاغلنا في ذلك النهار اسفل جبل كرشكين.. اضافة الى متابعة موقف احد افواج اللواء الخامس الجبلي بقيادة الرائد الركن مازن الجنابي الذي دخل بإمرتنا...

في 4/10/1980 اصدر العراق بيانا رسيما أعلن فيه وقفا لإطلاق النار من جانب واحد بدءا من 5/10/1980 وبذلك أعطى فرصة ثمينة للسلام... ودعى الجانب الفارسي للتفاوض والعمل على حقن الدماء بين الجارين المسلمين... وفي نفس الوقت جاءنا أمر بتدمير كافة المنشأت العسكرية والمنعات المقامة بالقرب من حدودنا وكانت تشكل مصدر ايذاء لنا.... لكن رد فعل الفرس على البيان العراقي كان سلبيا وجاء على لسان بني صدر الذي اعتبره خطوة نحو الخلف..

في ليلة 7/10/1980 طلبت منا القيادة العامة أحدث توزيع للقطعات... وفي نفس اليوم وصلت الى وزارة الدفاع في بغداد التي كانت تتعرض لغارة معادية... وحين عودتي في المساء وجدت أن مقرنا يتعرض لقصف مدفعي شديد... حيث نقلنا المقر في اليوم التالي الى قرية تاليون في بداية حوض سومار ناحية فتحة حران في سلسلة التلال الحدودية.....

في صباح يوم 9/10/1980 سلم ضابط ايراني برتبة ملازم يدعى محمد علي أكبر نفسه الى الفوج الثاني من اللواء 18 الذي كان بقيادة العقيد الركن غائب أحمد غائب، وأثناء استضافتنا له كشف عن معلومات ميدانية مهمة... كما كشف لنا عن نية العدو بالتعرض لنا في هذا القاطع... وخلال استنطاقه تكونت لدينا صورة واضحة عن الصراع ما بين الحرس الثوري والجيش... وعلمنا أن هناك عدد من المقرات الميدانية المختلفة تقوم بتنفيذ واجبات قتالية ضدنا بشكل غير مركزي تقريبا.... كذلك علمنا بوجود مقرات في إيران للمعارضين العراقيين تشارك في الحرب ضدنا.... منهم اياد سعيد المتهم باغتيال عبد الكريم قاسم مع "الشهيد" صدام حسين في 7/9/1959....

في يوم الجمعة كانت كل تقارير الموقف تؤكد في كل مسارح العمليات تزايد حجم القطعات المدرعة المعادية... وبناءا عليه كان يوم 27/10/1980 يوما حافلا لسلاح المروحيات حيث شارك في القتال في قاطعنا تشكيلين مختلطين من المروحيات المقاتلة من نوع غزال وميغ 25... وقد أحدثت مشاركتهما صدمة على قطعات العدو... وقد استطعنا تدمير سبعة دروع للعدو..

في هذه الاثناء اتخذ بعض الاشقاء العرب - وللاسف الشديد - موقفا بجانب عدونا مثل سوريا وليبيا.... فالخلافات السياسية ما بين جناحي حزب البعث في سوريا والعراق ازدادت بعد تسلم الشهيد صدام – الله يرحمه – المنصب الاول في القيادة العراقية.... وقيامة بإفشال مشروع اتحاد الجناحين!!!!!...أما موقف ليبيا فيعود لقيام العراق فيما مضى بدعم الرئيس التشادي حسين حبري...

حول هذه النقطة... كنا نتمنى من سيادة الفريق رعد أن يشرح في الكتاب حول كيفية قيام الشهيد صدام رحمة الله عليه بإفشال مشروع الوحدة بين العراق وسوريا... المشروع تم وأده في سوريا وليس في العراق... على كل حال ليس هذا وقت الحديث عن هذا الأمر..... وربما يأتي اليوم الذي يفتح فيه أحد المخلصين هذا الملف....

في 7/11/1980 حدثت تغييرات جوهرية في مقرنا حيث نقل قائدنا الى السلك الدبلوماسي وعين آمر لواء المشاة الالي العميد الركن جواد اسعد شيتنة خليفة له.... وحلت مجموعة من ضباط الركن في مناصبنا ابتداء من رئيس أركان الفرقة الجديد العقيد الركن محمد جواد ونزولا الى أصغر منصب...وكان القائد الجديد عالي الهمة ويتصف بالجرأة ويتقن حرب العصابات...... فاستخدم الفوج الرابع من اللواء 32 قوات خاصة ليشن سلسلة من الغارات بالاضافة الى كافة سرايا المغاوير...... وقد كلفني بقيادة إحداهن....

وفي ليلة 18-19/11/1980 شنت الفرقة الالية الفارسية رقم 77 هجوما مدبرا بإسناد من طائرات نوعية كوبرا وتمكنت من اسقاط موضعي الفوج الاول والثاني من اللواء 46 وتدمير عدد من الدبابات... إلا أن فرقتنا أدارت معركتها الدفاعية بكفاءة وكان للقائد الجديد توجيهات ممتازة في الزمان والمكان الصحيحين... ولم يتوفر لفرقتنا قوة احتياطية سوية الفوج الخامس الذي كان بقيادة المقدم الركن منصور ضاحي من اللواء 32 قوات خاصة، اضافة الى سرية الدبابات الاولى من كتيبة دبابات الطارق بقيادة الرائد الركن قحطان النعيمي، لأن اللواء 37 المدرع بقيادة العقيد الركن منذر ابراهيم كان يعمل في قاطع مهران..... وفي يوم 25/11/1980 نقل آمر اللواء 46 الى منصب آخر في فرقة أخرى وعين بدلا منه العقيد الركن فوزي حميد...

في الفترة بين شهر كانون الاول والخامس من كانون الثاني 1981 شن الاعلام المعادي حربا نفسية شعواء عن اكتمال استعدادت هائلة فارسية لشن تعرض واسع على القوات العراقية... واللافت للنظر أن اقطاب العدو وقادة الجبهات المعادية تبادلوا فيما بينهم رسائل التهنئة بالنصر القادم - حسب ادعائهم - قبل الهجوم!!!

انتزاع المبادأة
في ليلة 5/1/1981 بدأت سلسلة من هجمات العدو المقابلة والمدبرة، حيث قام الاعداء بحشد كل ما لديهم من عدة وعتاد، وقد تعرضوا لموقع قواتنا في الخفاجية، وسيف سعد، وكيلان غرب... وقد امتحنت الفرقة التاسعة بقيادة طالع الدوري امتحانا عسيرا... وقد دارت معارك عنيفة بيننا وبينهم تكبد الطرفان فيها خسائر فادحة... إلا أن اللواء المدرع العاشر خاض ابرز معارك السجال وذلك حين قام بتدمير الفرقة المدرعة السادسة عشرة الفارسية... وفي هذه المعركة اثبت الدرع العراقي تفوقه على عدوه الفارسي... كذلك اثبت مشاتنا وجودهم بقوة في منطقة الجسور على نهر الكرخة... وفي يومي 5 و7/2/1981 زار "الشهيد" صدام الجبهة واعطى المقر مرونة في التصرف....

وفي يوم 26/2/1981 استبدل قائد الفرقة الثاني العميد الركن حازم برهاوي بقائدنا.. وسط جو من معارك السجال بيننا وبين العدو، حيث ان انتصاراته المحدودة في دانة خشك كانت اول خسارة ميدانية في الشمال الى خفاجية في الجنوب.... ومن خلال مرافقتي للقائد الجديد وجدت فيه شخصية قيادية رصينة، فقد كان يميل الى الاستماع اكثر منه للكلام... كان يتفحص جميع الاراء ويتفقد كل شبر في القاطع... فأجرى بعض التعديلات عل المنطقة الدفاعية لفرقتنا وركز في ذلك على الاجنحة والعمق لتحقيق مباديء الدفاع الجديد....

شرع العدو يوم 20/4/1981 بشن سلسلة من الهجمات المقابلة في قاطع الشوش وقد استمرت لمدة ثلاثة ايام... اعقبه هجوم أخر في قاطع سربيل زهاب يوم 25/4/1981 ثم هجوم آخر في نفس اليوم على قاطع امام حسن، ورغم تحقيقه بعض النتائج إلا أنه كان مثخنا بالخسائر، واتضح لنا أنهم بدأو يميلون الى قبول الخسائر الكبيرة في صفوفهم... ذلك انهم اعتمدوا أساليب القدمات المتعاقبة من المشاة دون مراعاة الاستخدام الجيد للارض وقبل اكمال الصنوف الساندة لادوارها كالمدفعية والهندسة العسكرية... كذلك بدأ صغار الرتب والملالي يقودون تلك الهجمات وبدأنا نسمع عن تسميات جديدة لوحداتهم مثل: (الباسدران – الحرس الثوري) (الباسيج –المتطوعون المستضعفون).... وقد استخدمت نتيجة لهذا فرقة المشاة السابعة بقيادة العميد الركن نزار الخزرجي لاستعادة بعض الرواقم المهمة كالراقم 1150..... ثم وفيما بعد ظهر تنافس بين قادة العدو على قيادة بعض الهجمات الرئيسية حيث كانت تشترى بتلك القيادة اسهم التقرب من الخميني... واعترف وزير دفاعهم عمر فاخوري بأنهم فقدوا نخبة قواتهم في الهجمات التي نفذوها رغم احرازهم شيء من النجاح هنا وهناك....إلا أنهم مصرين على القتال رافضين وقفه وبالتالي رافضين كل الحلول السلمية....

ولغرض المحافظة على المبادأة طلبت القيادة العامة الاستمرار بالعمليات التعرضية قدر الامكان، واجرت تغييرات مهمة في المناصب، وكانت من اهم عمليات التعرض تلك التي نفذتها قوة واجب من الفرقة المدرعة العاشرة بقيادة العميد الركن هشام صباح فخري على منطقة دهلران يومي 28 – 29/5/1981 ورافق ذلك الاعلان عن اسقاط سبع طائرات معادية من نوع فانتوم، اسقطت خمس منها بقتال جوي..... اما في قاطع شرق نهر الكارون فقد جرح آمر لواء المشاة الالي الثامن العقيد الركن فيصل مشعان الفيصل وتكبد اللواء بعض الخسائر وكذلك الامر بالنسبة لبعض وحدات الفرقة المدرعة الثالثة بقيادة العميد الركن قدوري جابر الدوري، وكذلك ظهر بعض القلق على وضع الفرقة الالية الاولى والفرقة المدرعة العاشرة في قاطع الشوش نظرا لوجود ثغرات واسعة ما بين الفرقتين....

في 1/6/1981 استلمت كتيبتي قاطع مسؤولية كتيبة استطلاع ابن الوليد (آمرها سعدون يونس) من الفرقة المدرعة السادسة نظرا لتحرك تلك الاخيرة الى قاطع آخر... وبعد أيام شاهدت كرة نارية متوهجة قادمة من العمق العراقي... وإذ بها على ما اعتقد لها علاقة بقصف المفاعل النووي العراقي الذي تفذته طائرات العدو الصهيوني التي استخدمت معدات حرب الكترونية للتشويش على الرادارات العراقية... وقد قامت بالمهمة ستة وثلاثون طائرة... تسعة نفذت المهمة والباقي لأغراض الحماية....

في 1/9/1981 شن العدو تعرضه المتوقع على قاطعي (سربيل زهاب في الشمال والخفاجية في الجنوب) وباسناد مدفعي جيد صدت قواتنا بدفاع بطولي هذين الهجومين في القاطعين، وكبدت المهاجمين خسائر كبيرة واعلن عن اسقاط 11 طائرة معادية حيث لعبت القوة الجوية العراقية دورا مهما في المعركتين... وفي ليلة 8/9/1981 اعلن العدو الحداد على فقدان وزير دفاعه فاخوري مع 96 ضابطا قضوا بحادث سقوط طائرة نقل عسكرية من نوع هيركوليس... سقطت حين عودتهم من عبادان...

وفي 18/10/1981 جرت عدة ترقيات بالرتب والمناصب في قيادتنا مع الاعلان عن تشكيل مقر الفيلق الرابع في العمارة بقيادة اللواء الركن هشام صباح فخري...... وصدرت في اليوم التالي تنقلات كبيرة لعدد من المناصب القيادية حيث اصبح العميد الركن ثابت سلطان قائدا للفرقة العاشرة...لقد اصبحت لدينا قناعة بأن الحرب ستطول كثيرا وان الانتصارات المحدودة التي حققها العدو قد اصابت بصيرته بقصر النظر وزادت من غطرسته وابعدته عن المنطق السليم....وفي هذه الفترة قدم الكثير من المتطوعين العرب للقتال الى جانبنا كان الكثير منهم اردنيون تشكلت منهم كتيبة سميت باسم كتيبة اليرموك... ساهم وقتها الملك حسين مساهمة رمزية حين اطلق قنبلة من مدفع عيار 130 ملم باتجاه المواضع الايرانية.....

وفي ليلة 30/11/1981 شن العدو هجوما تعرضيا على قاطعي الخفاجية والبسيتين قاتل وقتها رجالنا قتالا بطوليا شرسا... وتحملت تشكيلات الفرقة المدرعة العاشرة من اللواء المدرع 17 بإمرة العقيد رياض طه داود ولواء المشاة الالي 24 بإمرة العقيد الركن رشيد الكردي والقوات الخاصة وطأة ذلك الهجوم.. وقد ارتكب العدو الفارسي جريمة وحشية "تنم عن نفسيته المجوسية الفارسية الحقيرة" حين اعدم اعدادا كبيرة من اسرانا....

وفي ليلة 11/12/1981 شن العدو تعرضه المتوقع مستهدفا الراقم 1172 (حسب مخططات عثرنا عليها مع ضابط استطلاع فارسي اسرناه واستنطقه المقدم الركن عبد المنعم يسر)... وبعد سلسلة من المعارك العنيفة استطعنا طرد العدو في صباح يوم 5/1/1982 وذلك بمشاركة كل من اللواء 36 بقيادة العقيد زهير يونس واللواء الثاني والفوج الاول من اللواء الرابع الذي استشهد آمره المقدم الركن محمد العزاوي، وفوجين من القوات الخاصة بقيادة كل من بارق الحاج حنطة ووعد الله مصطفى، وقد غطى نصرنا الكثير من السلبيات.....

الفرس يديمون زخم هجماتهم...
أصر الفرس على ادامة زخماتهم وراحوا يهددون باحتلال العراق، فأطلقت القيادة الدعوة لتطوع جماهير الحزب في الوية المهمات الخاصة كنوع من انواع النفير وارتدى اعضاء القيادة السياسية والوزراء والملاكات الحزبية البذلات العسكرية للدلالة على خطورة الموقف وجدية التهديدات المعادية... وفي الوقت الذي صبغ الفرس تلك المعركة بشعارات قومية فارسية، رد العراق بصبغها بصبغة عربية لأنه يمثل البوابة الشرقية للوطن العربي ولانه يدافع عن دول الخليج بصورة غير مباشرة... وبالرغم من كل المساعي الحميدة التي بذلت لوقف الحرب، إلا أن العدو الفارسي كان يضع شروطا تعجيزية لوقفها.... وحين تعرض العدو لنا مجددا يوم 13/2/1981 في قاطع البسيتين كان دفاع قواتنا الجوية بطوليا فأفشله فشلا ذريعا واسقط له عدد من الطائرات...

كانت هناك دلائل قوية على قيام العدو بالتعرض على قاطع الشوش الذي تدافع فيه قطعات الفيلق الرابع (الفرقة المدرعة العاشرة والفرقة الاولى) وتم استقدام الفرقة المدرعة الثالثة بقيادة العميد الركن جواد اسعد شيتنة لتنفيذ هجوم اجهاضي... لكن تشكيلات العدو عبرت نهر الكرخة من اتجاهين: منطقة الكثبان – الرقابية – جنانة وباتجاه الدوسلك – جنانة، وبالرغم من الدفاع البطولي لقطعات الفرقة الاولى والفرقة العاشرة الا ان العدو استطاع الاستفادة من الثغرات وطالت طلائعه المناطق الخلفية التي اصابها ارتباك شديد..... ولولا التأثير الشخصي "للشهيد" صدام لانقلب الموقف الى هزيمة ولتجاوزت القطعات المطاردة خط الحدود الدولية.... ثم جاءت المعلومات الاستخبارية عن حشود جديدة للعدو في قاطعي الخفاجية والاحواز....... وقد نفذ العدو هجومه في ليلة 30/4/1982 على مواضع الفرقة المدرعة السادسة بقيادة العميد الركن محمود شكر شاهين وعلى مواضع الفرقة الالية الخامسة بقيادة العميد الركن ماهر عبد الرشيد المدافعة على مقترب الاحواز – الحدود الدولية ومن خلال قتال دفاعي مستميت وبطولي لم يتمكن العدو من تحقيق الا بعض النجاحات المحدودة ولعبت القوة الجوية العراقية دورا مهما في التجريد التعبوي....

في يوم 26/5/1982 اعلن بيان القيادة العامة للشعب العراقي وقوع المحمرة (الوسادة الأخيرة التي تغفو عليها البصرة) بيد قوات العدو الفارسي التي دنستها من الشمال ومن الجنوب عبر نهر الكارون.... واشار البيان الى اننا خسرنا معركة ولم نخسر الحرب... أصيبت المعنويات العامة بالصميم، وكأن الشمس غابت عنا للأبد... إلا أن الصلابة النفسية العالية "للشهيد" صدام حسين أعادت الثقة للجميع بأن ما خسرناه لن يعيقنا عن كسب الحرب...... حيث أشار إلى أننا سنكسب الحرب من خلال الاعتراف بالواقع... وإعداد خطة دفاع استراتيجية عن العراق، وشحذ الهمم لاحتواء ما سينوي عليه العدو.... وفي يوم 8/6/1982 وبكتمان شديد شرعنا باستعداداتنا الدفاعية على خط الحدود الدولية، وكانت مهمة وحدتي ستر الانسحاب بعمق 22 كم من خلال موضعي اعاقة، وتم ذلك بدون اشتباكات مع العدو.... واهتزت الامة العربية لهذا الحدث ولحدث آخر..... وهو احتلال بيروت من قبل الجيش الصهيوني الذي بدأ بضرب قوات الثورة الفلسطينية والاشتباك مع الجيش السوري.

التعرض المقابل المعادي
الجزء الأول
تعتبر المرحلة الثالثة من سفر هذه الحرب والتي أسميتها (التعرض المقابل) من أطول مراحل الحرب وأصعبها، حيث مرت بأحوال وظروف متقلبة، وكانت من أشد المراحل قلقا على المصير الوطني.... وقد أطلق العدو عواصف من التهديدات الرعناء ومارس اعلامه اخبث وسائل الحرب النفسية، وتصاعدت لغة الخطاب التهديدي "بسفالة وحقارة" حين اعلنوا ان هدفهم الاكبر احتلال العراق وتغيير النظام السياسي... (وحين لم يفلحوا بذلك وقتها...... دنسوا البلد فيما بعد عن طريق اخوانهم خنازير الامريكان والصهاينة)....

منذ نهاية شهر 6/1982 حذرت تقارير الاستخبارات العراقية من حشود كبيرة للعدو في ساحة العمليات الجنوبية، وخاصة في قاطع شرق البصرة... ففي ليلة 13 – 14/7/1982 شن العدو هجومه المرتقب مستهدفا احتلال الضفة الشرقية لشط العرب بما فيها منطقتي الشلامجة والتنومة والعبور الى القرنة بهدف عزل البصرة، إلا أن قواتنا قاتلت ببسالة وتمكنت من دحر العدو وأسر المئات من جنوده.... ثم كرر الهجوم في ليلة 16-17/7/1982 فطرد مرة أخرى مدحورا مذهولا بصلابة مقاتلي الجيش العراقي العظيم الذين ازدادو شجاعة وثقة وهمة عالية وأصرار على دحر الاعداء... ثم في ليلة 20-21/7/82 زج بقواته في قاطع الشلامجة إلا أنه حصد هزيمة منكرة... فاستشاط غضبا وشن هجومه الاخير يوم 28/7/1982 فدحر الى غير رجعة وتكبد خسائر باهظة جدا.. وزفت أخبار تلك الانتصارات الى الشعب العراقي....

في يوم 6/8/1982 حضرت مؤتمرا حول تشكيل الفرقة المدرعة السابعة عشرة بقيادة العميد الركن اياد فتيح الراوي (الاسير حاليا... والذي تحاكمه مع رفاقه جلاوزة الخميني المجوسي الكسروي الحاقد الملعون) على أنقاض الفرقة المدرعة التاسعة التي فككت جراء الاخفاقات التي منيت بها...... ثم وعلى ضوء تقارير الاستخبارات العراقية حول تحشد العدو في القاطع الاوسط زار " الشهيد" صدام حسين هذا القاطع برفقة رئيس أركان الجيش الفريق الركن سالم حسين العلي بهدف الاطلاع على الموقف... فكلفت وحدتي بإنشاء خط مراقبة وانصات دقيق، فنظمت عددا من دوريا الاستطلاع وفتحت رادارات الرازيت في أماكن مشرفة... ثم صدر قرارين: الأول نقلي الى منصب آمر كتيبة الدبابات 36 في اللواء المدرع 40 المشكل حديثا بإمرة القيادة العامة... والثاني استلامي أمرا بمسك موضع دفاعي ما بين اللواء الثاني واللواء 412 بعد وضع عدد من الوحدات بإمرتي...

يوم 22/9/1982 اعلن العدو عن اكمال استعدادته لهجوم الخريف الكاسح، وكانت قواته تتكون من فيلقين: القوات النظامية والثاني من الحرس والمتطوعين... واختار العدو رابع يوم عيد الاضحى لذلك الهجوم (1/10/1982)... فانكشف هجومه وبدأنا معه معركة حامية الوطيس قدم فيها الجيش العراقي تضحيات وشهداء... وتمكن العدو من احتلال ثلاث اهم عوارض في المنطقة الدفاعية للفرقة المدرعة الثانية عشرة التي كانت بقيادة واحد من خيرة ضباط الجيش العراقي العظيم وهو العميد الركن شوكت احمد عطا (رغم انه زميل دراسة الشهيد صدام إلا أنه لم يستثمر تلك الزمالة لأغراض شخصية أبدا... لاحظوا عزة نفس العراقي وشهامته)... والعوارض التي احتلها العدو هي: كتفي مضيق حران – كيسكة – صلاح الدين وسانوبا)... وقد جرت معارك سجال بيننا وبين العدو قدم الجيش فيها عددا من الشهداء إلا أنه كبد العدو أيضا خسائر باهظة...وقد حضر "الشهيد" صدام هذه المعركة فوجد قائدي الفيلق والفرقة في المقر الميداني شديدي الحزن والاسف على هذا الموقف العصيب فشجعهما... وكان الاعلام المعادي ناشطا في استغلال الموقف وبدأ يذيع اخبار كاذبة وملفقة عن اسر عدد كبير من الضباط ومنهم اسمي ومنصبي!!!!

وفي يوم 2/11/1982 انتهت المعركة بعدما تأكد لدينا صعوبة استعادة العوارض الرئيسية الثلاث آنفة الذكر، وعندها أخبرت بضرورة التحاقي بوحدتي الجديدة والتي أصبحت من وحدات الحرس الجمهوري كأول خطوة لتوسيعها فأصبح اللواء المدرع 40 يدعى لواء الحرس الجمهوري الثاني، وأصبحت كتيبة الدبابات 36 تدعى كتيبة دبابات الحمزة حرس جمهوري، وقد استلمت كتاب شكر من قائد الفرقة مع أمر التحاقي.... وفي طريقي الى مقر الفرقة لتوديع القائد توقفت اسفل مواضعنا ومنها تل سانوبا الذي تحيط به قطعاتنا أقرأ الفاتحة على أرواح شهدائنا ومنهم ابن عمتي جمال محمد آمر سرية مغاوير اللواء 412... وفي يوم 4/11/1982 اصبحت وبكل فخر واعتزاز منتسبا الى الحرس الجمهوري وظنت والدتي أنني سأرتدي بهذا الانتساب قبعة الريش!!! إلا أنني قلت لها أن حرس الشرف فقط يرتدون هذه القبعات أما نحن المقاتلون فلا نرتدي إلا الخوذة الفولاذية....

علمت من خلال القائد الجديد العقيد الركن رياض طه داود (من الضباط الاكفاء اللامعين) أنه ليس أمامنا سوى ستة أشهر لنعد لواؤنا من الناحية الفنية والادارية... وقد استلمنا بناء على تعليمات "الشهيد" صدام دبابات تي 72 ام، الواصلة حديثا الى القطر، والتي تعتبر قفزة تسليحية هامة أعطتنا ثقة عالية بالنفس... وقد عاهدت آمر اللواء أن لانخيب ظن الرئيس على هذا التشريف... وقد علمنا ليلا نهارا ساعدنا على ذلك أمران: الاشراف المباشر للرئيس علينا، والثاني نوعية جنود وضباط اللواء حيث كانوا جميعا من المتطوعين حتى انتهاء الحرب...

في ليلة 20-21/11/1982 قامت عدة تشكيلات من قواتنا الجوية والبحرية بعملية جريئة في الهجوم على منطقة انتظار ناقلات النفط الفارسية قرب جزيرة خرج شمال الخليج فتمكنت من اغراق خمس منها... وبدأت حينها ما عرف يومها باسم حرب الناقلات.... وفي يوم 1/2/1983 نفذت كتيبتي تمرينا امام مجموعة من خبراء قواتنا المسلحة منهم الفريق الركن محمد فتحي أمين مستشار الرئيس، وكانت النتيجة جيدا جدا....

وفي ليلة 6-7/2/1983 شن العدو هجوما على قاطع الشيب شرق ميسان، ونجح بخرق الجبهة بطول 14 كم وبعمق 8 كم، إلا أن الفرقة المدرعة الثالثة بقيادة العميد الركن حسين رشيد التكريتي (الاسير حاليا والذي يحاكمه زبانية المجوس الفرس الخمينيين) تمكنت من تقليص جبهة الخرق وقامت بمناورة ضرب جناح العدو الايسر بسلسلة من الهجمات المقابلة ودمرت له عشرات الدروع واسرت 1188 من جنود وافشلت ذلك التعرض، وفي صباح يوم 12/2/1983 جرى استعراض أسرى العدو في بغداد بالوقت الذي شرعت فيه قواتنا الجوية بسلسلة من الغارات على جزيرة خرج، وحين حاول العدو يوم 16/2/1983 تحسين موقفه فشل فشلا ذريعا لان قواتنا كانت قد احكمت قبضتها هناك...

في ليلة 10-11/4/1983 شن العدو هجوما كبيرا على قاطع عمليات الفيلق الرابع بمنطقة الفكة، ودارت معارك سجال لمدة اسبوع واحد دحر فيها العدو الذي كانت قواته شبه النظامية تقاتل وقتها، وتكبد خسائر كبيرة واسرنا له 417 جنديا وتم الاستيلاء على عدد كبير من دروعه، وفي هذا الوقت كانت جماهير شعبنا قد اعتادت على اخبار المعارك واقتنعت ان الحرب ستطول، فراح ينصرف الى تلبية متطلبات حياته اليومية التي اصحبت الحرب جزءا منها...

وفي هذا الوقت أيضا بدأ "المجوس" عملهم القذر من خلال عملائهم "الحشرات المدنسة لارض العراق" حيث فجروا سيارة ملغومة بجانب مبنى القوة الجوية، ودار الاذاعة والتلفزيون ومبنى الخطوط الجوية العراقية... فراح نتيجة تلك التفجيرات المجوسية الخمينية عددا من المواطنين الابرياء.... وفي يوم 26/5/1983 حضرنا مع "الشهيد": صدام حسين تمرينا تعبويا نفذه لواء الحرس الجمهوري الاول بالتعاون مع كلية الاركان....

وفي صباح يوم 28/5/1983 تحرك جحفل لواؤنا الى قاطع عمليات الفيلق الرابع (الشيب) وقد حضر الشهيد صدام حسين مع الشهيد عدنان خير الله لوداعنا.... وفي صباح 29/5/1983 اجتمع بنا قائد الفيلق الرابع... فباشرنا معه بعض الاستطلاعات الضرورية في المنطقة الدفاعية للفرق (14،15،18،20) واطلعنا على خطط فرقتي الاحتياط (الفرقة المدرعة الثالثة والفرقة المدرعة العاشرة) ودرسنا المعارك السابقة التي دارت في هذا القاطع واعددنا خططا واجرينا الكثير من الممارسات تحت تأثير رصد ونار العدو...

... وفي يوم 21/7/1983 كلفت وحدتي بتدمير عدد محدود مكن النقاط الحصينة والمراصد في السواتر المعاية المقابلة، فكانت بداية طيبة وممارسة قتال حقيقية ممتازة....
العدوان الخميني المجوسي الكسروي على العراق العظيم

1980 – 1988



يوم 26/7/1983 شن العدو هجوما كبيرا في القاطع الشمالي منطقة حاج عمران، وتم له الاستيلاء عليها بالتعاون مع خونة الاكراد البرزانيين.... وفي يوم 29/7/1983 نفذ الفيلق الاول بقيادة اللواء الركن نعمة فارس المحياوي هجوما صاعقا ولأول مرة بالصولة المحمولة جوا، فتم تحرير العارضة الجبلية كردة مند...



ثم تعرض العدو على قاطع زرباطية – مهران فاحتل منطقتي الصدور والدراجي فدارت معارك سجال بواسطة اللواء 37 واللواء 70 واللواء 18 ووحدات مغاوير الفيلق الثاني... فاستشهد أمر اللواء 70 العقيد الركن محمد جوهر...عندها تحركت الفرقة المدرعة الثالثة لمعالجة الموقف كما تحرك اللواء الاول حرس جمهوري كاحتياط مع لوائنا الى مندلي – قزانية....



وفي 1/9/1983 حضر الشهيد صدام حسين للاطلاع على سير المعارك الدائرة بقيادة الفرقة الثالثة... فاشترك اللواء الاول حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن عبد الرحمن لتعزيز موقف قواتنا في هذه المعركة الشديد... وفي 4/9/1983 استلمنا تكليفا يقضي باستلام أو تعزيز واجب اللواء الاول حرس جمهوري وذلك بواسطة المرافق الاقدم للشهيد صدام صباح مرزا..... الذي هبط بمروحيته في مقري... فتحركنا سريعا الى منطقة مخفر السيحة الجديد كمنطقة تحشد....واسعفنا في طريقنا عشرات الجرحى... وفي مرصد اللواء 606 التقيت بأحد مرافقي الشهيد صدام وهو ارشد ياسين فرجوته تخصيص مروحية لنقل الجرحى....



ثم اتجهنا نحو الجناح الايمن للعدو حيث كانت تجري معارك فك الطوق عن الفوج الاول من اللواء 417 الذي كان يقاتل ببطولة اسطورية لا مثيل لها... إلا أنه صدر أمر آخر بترك هذا القاطع فورا لاحتمال اندفاع العدو من مضيق حران لاحتلال مدينة مندلي... فتحركنا سريعا الى هناك، وعلمنا مع الاسف الشديد ان قواتنا فشلت في فك الحصار عن ذلك الفوج المغوار... ولم ينجو منه الا ثلاثة ضباط وخمسين من المراتب والباقي استشهد (في عام 2001 أوصلت ملاحظة للشهيد صدام عن هذا الفوج الذي لم يتذكره أحد، فأمر بتكريمه وأعاد تشكيله في معسكر الورار بإشراف مقر وزارة الدفاع)... وللفترة من 11/8/1983 ولغاية 21/9/1983 كنا نغلق فتحة مضيق حران كاحتياط للفرقة المدرعة الثانية عشرة التي كانت تقاتل هناك....



لقد تحسن الموقف الدولي كثيرا لصالحنا، فأعلن وزير خارجية فرنسا كلود شيسون أن فرنسا تقف الى جانب العراق، وأعلن عن موافقة وزارة الدفاع الفرنسية على اعارة القوة الجوية العراقية طائرات سوبر ايتندار المجهزة بصواريخ – جو – سطح اوكسيست لتدمير الاهداف البحرية...



وفي 7/8/1983 تحرك لوائنا الى قاطع مندلي لغرض الاندفاع لاحتلال حوض سومار من الجانب المعادي كأحد البدائل للقيادة فأكملنا الاستعدادات خلال 72 ساعة على أن تكون كتيبة دبابات الحمزة التابعة للحرس الجمهوري رأس الرمح...



وفي 18/10/1983 أعلن ناطق عسكري أن العدو أكمل استعداداته للهجوم على قاطع بنجوين في الشمال الشرقي من القطر... وفعلا شرع العدو في اليوم التالي بهجومه على القاطع المتوقع فدارت معارك شديدة، تمكن العدو بعدها من احتلال بنجوين بالكامل في يوم 30/10/1983 وحين حاول الاندفاع لاستثمار هجومه نحو سيد صادق اوقفته قواتنا عند العارضة الجبلية الحيوية، وقد تمكن اللواء الاول حرس جمهوري من تحرير بعض الرواقم المهمة... والجدير بالذكر أن عناصر خونة الاكراد التابعين للخائن جلال الطلباني لعبت دورا مهما في انجاح مهمة العدو...وقد تركت استعادة بنجوين لوقت لاحق وعاد لوائنا الى بغداد كاحتياط عام يوم 20/11/1983....



وفي هذا الوقت وصل الى بغداد دونالد رامسزفت (الذي هندس العدوان الاخير على العراق) وسلم رسالة من الرئيس ريغان الى (الشهيد) صدام حسين... كذلك تحسن الموقف السوفييتي وصار الى جانبنا بعدما ضرب حزب تودة الماركسي في إيران....



في 27/12/1983 عين آمر لوائنا بمنصب قائد الفرقة المدرعة الثانية عشرة بعدما أصيب قائد الفرقة السابق بجراح، واختير آمر اللواء المدرع الثاني عشر العقيد الركن أحمد ابراهيم حماش مكانه... وفي يوم 17/1/1984 اجتمع بنا الشهيد صدام في القصر الجمهوري وأبدى توجيهاته حول تطوير كفاءة وحدات الحرس الجمهوري وامكانية توسيع هذه القوات المهمة، وأنه قرر تنسيب العقيد الركن عبد العزيز الحديثي آمرا للواء الاول حرس جمهوري (وكان قد أمر بإخراجه من السجن، حيث كان قد تعرض له على ضوء جداله مع قائده حول طريقة عبور نهر الكارون حين كان يشغل منصب آمر اللواء السادس)...



وفي يوم 27/1/1984 اعلن عن قيام طائرات التفوق الجوي العراقية نوع ميغ 25 بعشرات الطلعات التحذيرية فوق طهران وعشرين مدينة فارسية للحد من غلواء تهديدات العدو في الاعداد لهجوم الربيع الكاسح والحاسم وغير ذلك من العبارات الرنانة الجوفاء.... وترافق ذلك مع الاعلان عن شراء سربين من طائرات ميغ 29، وبالفعل قصفت الطائرات العراقية ديزفول "المدينة التي ينتمي اليها ابن صاحبة الراية المجرم المجوسي صولاغ" – بندر خميني – البتروكيماويات بصواريخ أرض – أرض كرد على قصف العدو لمدينة البصرة يومي 11 -12/2/1984...



وفي يوم 12/2/1984 علمت بزيارة (الشهيد) صدام حسين لعائلتي القاطنة المجمع السكني في أم العظام، وذلك خلال تفقده لعوائل مقاتلي الحرس الجمهوري...



في ليلة 22 -23/2/1984 شن العدو الفارسي تعرضا واسعا شمل كامل قاطع شرق البصرة، إلا أن الجهد الرئيسي لم يحدد بعد....وفي المنطقة الدفاعية (فرقة 8- مخفر بوبيان) صد الفيلق الثالث بقيادة اللواء الركن ماهر عبد الرشيد هجوما ثانويا للعدو.... لكن الجهد الرئيس للعدو كان قد اكمل احتلال معظم اهدافه في هور الحويزة... فسقطت كل حقول نفط مجنون الشمالية حيث كانت حمايتها قد تركت لوحدات من الشرطة والجيش الشعبي... وعلى الفور تحركنا... حيث اكملنا عبور شط العرب على جسر محمد القاسم بعد سلسلة من المتاعب...



يوم 24/2/1984 كانت جميع الاتجاهات توحي لنا الاشتباك مع العدو، إلا أن ايجازا سريعا من قبل ضابط الفيلق الثالث العميد الركن نبيل خليل سعيد وقد وضح لنا الموقف حين أفاد بأن المنطقة المحصورة ما بلين الطريق الموصل الى غزيل حيث موقع اللواء 56 بقيادة العقيد الركن محمد ابراهيم المحاصر والى امتداد حافة الهور حتى السويب يتواجد فيها العدو... وأن قطعات الفيلق تقاتل الان في منطقة شركة النفط لحقل مجنون... بناء على ذلك نظمت كتيبتي بتشكيل قتال صندوقي الشكل... فتمكنا من الانفتاح في الخط الدفاعي الثاني للفيلق، فتمت لنا السيطرة والتنسيق مع باقي جحافل معركة اللواء، حيث بدأنا نعمل بوضوح فدارات معركة شديدة في الليلة اللاحقة 25/2/1984 حيث تم للفيلق الثالث الاتصال باللواء 56 المحاصر، ثم بدأت الفرقة المدرعة السادسة بقيادة العميد الركن جميل نجم الدين بالهجوم المقابل على العدو من جهة حافة الهور وامتدادات السداد الترابية... ثم زجت الفرقة الرابعة بقيادة العميد الركن عبد الكريم العيثاوي وكسبت بعض الشيء.... وكانت المعارك سجال ما بين الخطين 32-36...وفوجيء العدو بكفاءة دباباتنا حين استعادت وحدتي موضع الفوج الثاني التابع للواء 95... ولم يستغرق منا استعادتها سوى ساعتين فقط.... في الوقت نفسه كانت قيادة شرق دجلة بقيادة اللواء الركن محمد عبد القادر تحقق نجاحات متتالية، فحررت منطقتي الصخرة والبيضة ونصف لسان عجيرة... وكان الموقف يوم 12/3/1984 مشجعا حيث تم استعادة الاماكن الواقعة بيد العدو من مخفر بوبيان – كشك البصري – غزيل – منطقة شركة نفط مجنون – السويب وخط التشميل 36 داخل الهور...



وفي يوم 13/4/1984 الغي الواجب بعد ان اكملنا الصفحة التمهيدية بتدمير النقاط الامامية للعدو... وفي 14/4/1984 صدر لنا الامر بالعودة الى بغداد نظرا لاستقرار الموقف... وفي 28 من نفس الشهر صدر الامر بتشكيل مقر ميداني للحرس الجمهوري دعي "مقر فرقة الحرس الجمهوري بقيادة العميد الركن حسين رشيد التكريتي" وتشكيل لواء القوات الخاصة الثالث بإمرة حمد الحمود ولواء المشاة الرابع بإمرة خضر العامري...



في 13/9/1984 انفتح اللواء العاشر حرس جمهوري في قاطع كركوك واللواء الثالث قوات خاصة حرس جمهوري في رايات شمال الوطن على ضوء بدء عمليات تصفية ما بين المقاتلين الاكراد للحزبين الرئيسين التابعين للخائنين (مسعور والطلباني)...وفي هذه الفترة كانت مياه البحر قد ابتلعت ألاف الاطنان من القدرة البحرية الفارسية والاسطول التجاري والنفطي نتيجة العمليات الجوية والبحرية العراقية البطولية....



وفي يوم 7/10/1984 شن العدو هجوما على قاطع سيف سعد (كان اللواء العاشر المدرع حرس جمهوري قد عاد الى مقره).. وخلال 72 ساعة درات معارك سجال بيننا وبينه....وتمكنت قواتنا من احتواء الهجوم المعادي واستعادة جزء مما كسبه العدو... وقد تفانى اللوائين الاول والثالث حرس جمهوري وقوات خاصة بالقتال... وفي الفترة الممتدة من 11/1984 الى 2/1985 شنت قواتنا وعلى طول ساحة الحرب سلسلة من الهجمات الناجحة ادت الى تعزيز الثقة بالنفس وكبدت العدو فيها خسائر فادحة في الارواح والمعدات...



معركة تاج المعارك عام 1985

أهم أحداث عام 1985 كانت معركة تاج المعارك، المعركة الدفاعية التعرضية المثالية التي أظهرت كفاءة قواتنا المسلحة بشكل رائع ومشرف على مستوى التخطيط والتنفيذ من رأس القيادة العامة وحتى مستوى الوحدات الفرعية المقاتلة والساندة... لقد كانت معركة تستحق التدريس في جميع الاكاديميات والكليات العسكرية... وقد كتب عنها الكثير... لقد وصف "الشهيد" صدام شكل وأبعاد هذه المعركة في لحظة اندلاعها على ورقة خضراء صغيرة... وتحققت صحة ذلك التصور... لقد كانت استخباراتنا تتلقى عونا من مصادر اقليمية ذات صلات دولية...وقد كتب السيد هاني وهيب، المستشار الصحفي عن استبصار السيد الرئيس لهذه المعركة فيما بعد....



في صباح 12/3/1985 عرجت على كتيـبة دبابـات الوحدة للواء 10 المدرع، حرس جمهوري، المحتشدة في شرق البصرة (كتيبان) وكان بصدد زيارة آمرها المقدم الركن عبد حمد مهاوش (استشهد وهو برتبة لواء ركن في معتقلات خنازير الامريكان بعد تدنيس العراق) الذي تربطني به علاقة تعود الى عام 1972 حيث اشتركنا بواجب حماية قاعدة الحبانية... ثم دخل علينا أحد ضباطه يقول عن قيام العدو بشن هجوم في القسم الشمالي من قاطعنا... فانصرفت على الفور الى مقر لوائنا المحتشد في منطقة الزريجي، فوجدت أمر اللواء مجتمعا بآمري الوحدات والضباط واستلمت منه الانذار للتهيؤ للقتال خلال ساعتنين... وعلمت بأن العدو يخترق هور الحويزة مجددا.... وفي ظهر نفس اليوم صدر بلاغ عن القيادة العامة حول هذا الهجوم المعادي مع الاشارة الى معركة الاحتواء لكلا الفرقتين (الفرقة المدرعة العاشرة بقيادة العميد الركن صبيح عمران طرفة في القسم الشمالي من قطاع الاختراق، والفرقة المدرعة السادسة في القسم الجنوبي منه، بقيادة العميد الركن اياد فتيح الراوي – الاسير حاليا، والذي تحاكمه مع رفاقه الطغمة الخمينية الكسروية المجوسية الكافرة المتسلطة على العراق)... استمر القتال بين الطرفين... واستطاعت قواتنا ايقاف ذروة الهجوم المعادي قرب الضفة الشرقية لنهر دجلة... وأخذت جبهة الاختراق المعادي تضيق يوميا...



في يوم 14/3/1985 صدر الأمر لنا بالتحشد في منطقة المزيرعة ضمن منطقة قتال الفرقة 6 المدرعة... حيث استكمال جحفل لوائنا هناك... وكانت الفرقة المدرعة 6 تخضو القتال بشراسة... في الساعة الواحدة والنصف ظهرا نفس اليوم هبطت طائرة نائب القائد العام وزير الدفاع واصدر امره للمباشرة بتعزيز هجوم جخفل لواء المشاة الالي 25 من الفرقة المدرعة 6 بكتيبة دبابات الحمزة التي اقودها، وذلك بهدف استعادة منطقة همايون، وبإسناد من غرب نهر دجلة.. كتيبة دبابات العز... بقيادة المقدم الركن نظام طه.... وبحركة سريعة وصلنا الى منطقة اجتماع جحفل اللواء المكلف بالهجوم قبل عشر دقائق من الوقت المحدد... لكنني فؤجئت بأن القوة غير مستعدة للهجوم نتيجة التعب والارهاق الذي اصاباها في معركة الامس... فقلت لآمر الجحفل انني استلمت أمرا بالهجوم من اعلى مستوى قيادي ومن المحتمل انه سيراقب المعركة من طائرته السمتية (المروحية) ومهما كانت النتائج فإن موقفي لا يسمح بأي نقاش او تبرير وعليه توكلنا على الله....شرعنا بالهجوم واستخدمنا الدخان الذاتي للدبابات لتأمين ستارات الدخان للاقتراب الأمين وتقليل احتمالات الاصابة بأسلحة مقاومة الدبابات...



صعق العدو من الكفاءة الفنية والتعبوية لدباباتنا... وأجبروا على خفض رؤوسهم (ورؤوسهم مهانة على أية حال لأنهم فرس مجوس) ما حال دون استخدام اسلحتهم بشكل كفؤ ضدنا علاوة على تكبيدهم خسائر فادحة... وكانت كتيبة دبابات العز تؤمن الاسناد بالمرمى المباشر عبر نهر دجلة... ونالت تلك المعركة اعجاب وزير الدفاع.... وبعد ساعتين شن العدو هجوما مقابلا علينا تم دحره بسرعة حين فتحت نيران رشاشات دباباتنا المصوبة بدقة بالاستعانة بالضياء الابيض بعد رفع المرشحات عن بواعث الانارة الليلية.... وكانت خسائرنا لاتتعدى بعض الجرحى وتعطل دبابتين...



وفي يوم 15/3/1985 استلمت أمرا بتقدم اللواء شمالا باتجاه منطقة العزير حيث سيكون عملنا اللاحق مع الرتل الشمالي – الفرقة المدرعة 10 في شمال مسرح القتال، وكان معنا اللواء المدرع العاشر – حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن ابراهيم عبد الستار... اتخذنا تشكيل المسير بعد عبور نهر دجلة من جسر عبد الله شمال القرنة، وعلمت أن اللواء العاشر المدرع قد سبقنا بالحركة....وحين وصلنا الى مكان تكاملنا الجديد... ومع اشراقة الشمس شاهدت حركة كثيفة للاشخاص عن ذلك المعبر... فظننت ان تلك المجاميع تعود لاحدى وحدات قوات شرق دجلة المسحوبة عبر النهر... لكن وفي خلال لحظات اتخذت تلك المجموعات اوضاع الرمي وفتحت نيرانها الكثيفة علينا... فانطلق سائق الدبابة بأقصى سرعة بدون توقف، وطلبت من الذين خلفي الهجوم لاقتحام هذه المقاومة المفاجئة لأن أي توقف يعني تدمير دباباتنا، وهي ضمن مدى تأثير الاسلحة المقاومة للدبابات... واستطاع مساعدي الشهم قدري شاكر – الذي استشهد بنهاية الحرب – ازاحة الدبابة الى خارج الرمي المباشر ونجونا بفضل الله... عندها شاهدت معركة سحق المقاومة المعادية وكان أداء مقاتلينا رائعا.....



وفي الساعة الثالثة بعد الظهر من نفس اليوم انفتح جحفل لوائنا خلف اللواء 42 المدرع – الفرقة 10 المدرعة بقيادة العقيد الركن موحان حافظ المشتبك مع العدو منذ ليلتين سابقتين على خط نهر يدعى الرويف، وكانت طبيعة المعركة هي التراشق بالنيران من مديات قصيرة دون تحقيق اي نتيجة... أصيب آمر هذا اللواء بجروح بسيطة... وفي المساء اصبح بإمرة جحفل لوائنا الفوج 3 من قوة الطواريء (حرس الشهيد صدام) يقوده الرائد طارق التكريتي، كذلك أصبح بإمرتنا الفوج الثاني من اللواء 702 بقيادة العقيد الركن أزهر سعد الله، بالوقت الذي أوكلت قيادة فرقة الحرس الجمهوري الى أمين السر العام العميد الركن طالع الدوري لأن قائد فرقتنا العميد الركن حسين رشيد وضابط ركنه علي اللهيبي اصيبا بجراح بليغة خلال تنقلهما من القطاع الجنوبي الى الشمالي....



في يوم 17/3/1985 كان اصرار القيادة العامة شديدا على حسم الموقف لأن القتال اصبح بطيئا ومكلفا... وسيشجع العدو على الاستمرار بتعزيز قواته هناك عبر هور الحويزة... عندها أصحبت أعصاب آمرينا مشدودة على الآخر... وعلى الخط الآخر تكبدت كتيبة دبابات المجد بقيادة المقدم الركن عبد الصمد حسن يوسف خسائر غير قليلة، أما الفوج الآلي بقيادة المقدم الركن سعد رشيد الدليمي فكانت خسائره أقل... حينها، وبعد استطلاع قمت به، أوجزت لآمري السرايا فكرتي وهي المناورة من اليسار من خلال الفتحة الفاصلة بيننا وبين اللواء العاشر المدرع – حرس جمهوري – إذا تمكنا من تأمين معبر عبر المانع بواسطة الجرافات الالية الثلاث التي بحوزتنا والتي يقودها ضابط هندسة شجاع اسمه محمد... وقد وجدت أن هذه النقطة اضعف ما يكون في مقاومة العدو... وذهب بواسطة عجلة استطلاع الى مرصد آمر اللواء لأخبره مقصدي.... فوجدته قد استلم أمرا قاطعا وفوريا باقتحام المقاومة المعادية، وكان أمره ينص على اندفاع كتيبتي بمحاذاة نهر دجلة وعبر بساتين النخيل هناك، اي من اليمين، حيث ان الاندفاع بهذا الاتجاه في خطورة قصوى لأنه مركز دفاعات العدو... وبعد حوار ساخن رجوته ان يسمح بالمناورة من الجناح الايسر للاحاطة بالعدو من الخلف، لأن هذا الاتجاه هو الاضمن وهو الذي سيحسم الامر لصالحنا.. فوافق على مضض مع تحميلي المسؤولية الكاملة في حالة الاخفاق كمخالف للأوامر، وأشهد ضابط ركنه الرائد نجيب الصالحي على ذلك....



استخدمت جهاز اللاسلكي لأصدر الاوامر لآمري السرايا... وحسب الخطة المتفق عليها والحمد لله كان الاداء سريعا ومتقنا... اسرنا اولا سبعة جنود للعدو... ثم تدفقت السرايا الاربع على شكل حركة مروحية ينتهي محورها عند نهر آخر يدعى مطيوي بمسافة 5 كم تقريبا... أصيب العدو بذعر كبير حين ظهرت دباباتنا خلفه... دمرنا عدد من الاسلحة المقاومة للدروع من عيار 106 ملم المركبة على عجلات جيب... ثم قامت دبابات اللواء 30 المدرع بقيادة العقيد الركن قيس الاعظمي بالرمي المباشر عبر نهر دجلة... لكن طلبنا منهم بواسطة المقدم فاضل السعيدي التوقف عن الرمي حيث انه ينهال علينا....وكانت تلك الساعة ليست ككل الساعات فكررنا نفس آلية العمل ولكن ليلا هذه المرة مع اقتحام مباشر باستخدام الضياء الابيض لدروعنا، فتم احتلال الهدف وأسرنا بعض عناصر أحد أفواج اللواء 55 المظلي المعادي ومن ضمنهم ضابطان أحدهما برتبة نقيب، والثاني برتبة ملازم يدعى حسن... عندها أعطيت الموقف لمقرنا الاعلى وطلبت التعزيز بالمشاة فتم ذلك بعمل مشترك وبالتعاون مع الفوج 16 الآلي للوائنا الذي كان أداؤه رائعا...



في ليلة 17-18/3/1985 شعرنا بانهيار العدو وبدء عملية انسحابه، وسمعنا صيحات الجنود والنداءات فيما بينهم، كذلك سمعنا أصوات سحب الآليات مما أكد على احكام دفاعنا لجميع الجبهات... وما أن اشرقت شمس ذلك اليوم حتى تأكد لنا هزيمة العدو... لقد أثار منظر العشرات من جنود العدو المذعورين الذين يقفزون من مواضعهم الاعتزاز في نفوسنا، فمنهم من كان يركض هاربا ومنهم من كان يرفع يديه مستسلما وقد تركوا قتلاهم وجرحاهم في أرض المعركة.... وفي تمام الساعة الثامنة وصلنا الروطة... ثم وصلت الينا طلائع الفرقة 6 المدرعة وقد شكل الالتقاء بيننا لوحة دراماتيكية مؤثرة... وبعد قليل حلقت فوقنا طائرات عراقية لوح لنا من كان فيها بحرارة فائقة... فهبط من احداها "المرحوم الشهيد" عدنان خير الله وحيانا بحرارة وبعدها استمعنا الى بيان القيادة العامة لزف بشرى النصر للشعب العراقي العظيم مبتدئا بعبارة (ياحوم اتبع لوجرينا) وكان هذا مثلا بدويا بحجم الخسائر الكبيرة للعدو الفارسي... وتأكد لي ولرفاقي ان حركات الاحاطة للدروع واستخدام الدخان يحققان النجاحات بأقل الخسائر والتضحيات بالاضافة الى الصدمة في نفوس الاعداء... ففي معركة الرتل الشمالي لم نخسر أية دبابة ولم نخسر أي مقاتل سوى 17 جريحا، في حين كلفتنا معركة اقتحام الطريق شهيدا واحدا وسبعة جرحة وتدمير ثلاث دبابات واعطاب رابعة...



صباح يوم 24/3/1985 غادرنا مسرح القتال الى منطقة قلعة صالح جنوب مدينة العمارة... ثم عدنا الى بغداد، وتعبيرا عن خيبة العدو الفارسي راح بكل حقارة وسفالة يطلق صواريخ نوع ارض – ارض على بغداد العز أصابت تلك الصواريخ حيا مدنيا (لاحظوا نفسية الفرس النجسة الحاقدة)...



وفي يوم 10/4/1985 تم استدعاؤنا الى نادي الفارس قرب المطار الدولي غرب بغداد حيث استقبلنا صدام حسين، الذي كان قد انهى اجتماعين لمجلس قيادة الثورة والقيادة العامة، وبعد المصافحة جلسنا معه، حيث اخبرنا بوجود معلومات تشير الى قيام العدو بحشد فرقتين شرق هور الحويزة للمباشرة بعدوان جديد كرد فعل على الهزيمة المرة التي تلقاها في المعركة الاخيرة... وطلب منا إعادة تشكيلاتنا ووحداتنا إلى قاطع العمليات السابق زيادة في الاحتراس...



في هذه الفترة شنت طائراتنا وقواتنا الصاروخية سلسلة من الهجمات العقابية على العدو، ردا على هجماته الصاروخية على بغداد وكركوك والموصل، ولعبت طائرات الميراج ومي 25 دورا مهما في قصف العدو بالعمق وخاصة العاصمة طهران، وكانت تلك المرة الاولى منذ ان اوقفت قاصفاتنا الاستراتيجية تي يو 22 قصفها للعمق منذ بداية الحرب....لقد تطورت قواتنا الجوية فنيا في هذه الحرب حيث يمكن الارضاع الجوي لطائرات الميراج والميغ، وهذا ما جعلها قادرة على قصف الاهداف البعيدة.... ان اسبوعين من القصف الاستراتيجي للاهداف المعادية العميقة اشعر العدو وخاصة سكان طهران بوطأة الحرب.



في 26/5/1985 ازداد القصف الجوي العراقي للاهداف الفارسية، وذلك ردا على عملية انتحارية استهدفت شيخ الكويت جابر، كان الفرس وراءها، فقد قصفت الطائرات العراقية منشأت العدو البترولية، كجزيرة خرج وارصفة التحميل وناقلات النفط في شمال الخليج العربي، وكانت ذروة هجومنا الجوي يوم 3/6/1985 حين هاجمت 73 طائرة عراقية العاصمة طهران، وجزيرة خرج، ومجمع البتروكيماويات في بندر خميني ومعسكر خانة الفارسي.... استمر ذلك القصف الشديد حتى يوم 15/6/1985 حين اعلن الشهيد صدام حسين ايقافه لمدة اسبوعين بسبب اقتراب موعد عيد الفطر المبارك (19/6/1985)... وساد احساس عام لدى العراق بأن قواته المسلحة بلغت شأنا كبيرا في الاداء القتالي والتسليح العالي الحديث مع توسع كبير في مجال التصنيع العسكري... واستمر تصاعد الفعاليات التعبوية الناجحة لقواتنا في ساحات العمليات المختلفة امتدادا للنجاح الكبير في تاج المعارك.



يوم 17/7/1985 شن العدو تعرضا في الشمال بأسلوب التسلل بالتعاون مع خونة الشعب الكردي... فردت طائراتنا الجوية بالقصف الشديد لجزيرة خرج، واصبح ذلك من المهام القتالية الجوية الاعتيادية... وفي 1/10/1985 اعتدت الطائرات الصهيونية على مقر المرحوم ياسر عرفات في تونس، إلا أنه نجا من ذلك الاعتداء لكونه كان خارج المقر... واعقب ذلك اجبار الطائرات الامريكية طائرة مصرية على الهبوط في أيطاليا، وكان من ضمن الركاب ابوالعباس (القيادي الذي توفي في المعتقل الامريكي عقب تدنيس العراق)... فحدثت ازمة سياسية بين مصر وايطاليا والولايات المتحدة... وعلى المستوى العربي كانت هناك محاولات لاعادة العلاقات الدبلوماسية بين كل من العراق والاردن من جهة وسورية من جهة أخرى.... أما من الناحية الاقتصادية فقد أنجز العراق المرحلة الاولى من مشروع ايصال النفط العراقي الى ميناء ينبع في السعودية على البحر الاحمر لزيادة القدرة على تصدير النفط العراقي... هذا في الوقت الذي كان فيه اقتصاد الدولة الفارسية يعاني مصاعب جمة....



يوم 25/10/1985 عين آمر لوائنا قائدا للفرقة المدرعة السادسة... وعين بدلا منه محمد يونس التكريتي... وفي يوم 11/12/1985 علمنا بقيام العدو بعمليات حشد كبيرة لقواته في القاطع الجنوبي، كما علمنا بأن القوة الجوية العراقية تقوم بسلسلة من الغارات العنيفة على تلك التحشدات حيث نفذت خلال ستة أيام 749 مهمة قتالية.... أيضا شاهدنا انجازات كبيرة لتحسين مسارح العمليات لاغراض الدفاع عدا المنطقة الدفاعية للفرقة 29 بقيادة العميد الركن عبد الواحد شنان المدافعة في هور ام النعاج... إلا أن دلائل الهجوم المعادي كانت واضحة في قاطع عمليات الفيلق السابع بعكس ما تشير اليه تقارير الاستخبارات بأن الهجوم المعادي المرتقب سيكون في قاطع عمليات الفيلق السادس....



انتهى عام 1985 وبدأ عام 1986 ونحن نترقب عدوانا واسعا للعدو... إلا أن الشيء المؤكد لنا كان أن العام المنصرم هو عام الانتصارات لقواتنا المسلحة الباسلة...



الفصل القادم سيحكي عن وقوع الفاو أسيرة بيد العدو المجوسي الفارسي...

العدوان الخميني المجوسي الكسروي على العراق العظيم

1980 – 1988



سقوط الفاو 1986 (بدءا من ص 116 من الكتاب) في الصفحات 71 – 81 – 90 – 101 – 115 يوجد خرائط عن سير المعارك الماضية....
يقول الفريق رعد:



كان الحدث الاخطر عام 1986 وقوع مدينة الفاو اسيرة بيد المحتل الفارسي الغاصب، وكذلك شبه جزيرة الفاو التي يشكل رأس المثلث فيها (رأس البيشة) ملتقى شط العرب وخور عبد الله في الخليج العربي وقاعدة ذلك المثلث هي الخط المار شمال المملحة من شمال رصيف ام المعامر على شط العرب حتى خور عبد الله...



واعتبرت المعركة معركة منعطف، سواء حين احتلالها او عند تحريرها بعد عامين تقريبا مع تضيحات جسيمة قدمها العراق بلغت حوالي 350 الف شهيد من خيرة أبناء العراق......(ولاحول ولاقوة الا بالله... نحسبهم جميعا في جنان الخلد إن شاء الله)... فبعد ترقب لأكثر من شهر، وفي يوم 9/2/1986 شن العدو الفارسي تعرضا واسعا من منطقة كشك البصري شمالا حتى ميناء الفاو جنوبا...وقد علمنا أن العدو احتل الفاو وهو في حال توسيع نجاحاته الاولى والاندفاع شمالا نحو البصرة أو غربا باتجاه أم قصر....



في يوم 10/2/1986 حضرت اجتماعا لآمر جحفل اللواء الذي أخبرنا بمعضلة التنقل السوقي لتشكيلات الحرس الجمهوري، فناقلات الدبابات خصصت لنقل اللواء المدرع العاشر، فيما خصصت طائرات النقل العسكري والمدني المتيسرة لنقل كل من اللواء الثالث قوات خاصة – حرس جمهوري – بإمرة العقيد الركن حمد الحمود ولواء المشاة الرابع حرس جمهوري بإمرة العميد خضر العامري، أما جحفل لوائنا فلم يتيسر له إلا القطارات، وسيكون للفوج الالي بقيادة المقدم الركن رعد رشاد الاسبقية الاولى ولكتيبتي الاسبقية الثانية.... وخلال رحلة التنقل البطيئة كنت احاول تكوين صورة مسبقة عن الموقف... لقد كان هجوم العدو مفاجئا لتقارير استخباراتنا التي خطأت ما نطقت عنه تقارير الاستطلاع الميداني لقاطع عمليات الفيلق السابع بقيادة الفريق الركن شوكت احمد العطا، حيث كانت الدلائل واضحة لهذا الهجوم، إلا أن استخباراتنا برئاسة العميد الركن محمود شكر شاهين ومسؤول شعبة ايران العقيد الركن ايوب كانت قاطعة بأن الهجوم المرتقب سيكون جهده الرئيسي في قاطع عمليات الفيلق السادس بقيادة الفريق الركن سلطان هاشم (الاسير مع اخوانه، والذي تحاكمه الشرذمة الخمينية المجوسية الكافرة لدوره البطولي في قادسية صدام المجيدة)... حتى ان قائد الفيلق السابع اصبح رديفا لقائد الفيلق السادس...



لقد دخل اللواء السادس، قوات خاصة حرس جمهوري واللواء الرابع مشاة حرس جمهوري المعركة بدون استحضارات، وعلى ضوء معلومات مشوشة للغاية ومتضاربة، وكانت مسؤولية الفاو تقع اساسا على عاتق الفرقة 26 بقيادة العميد الركن ماجد، الذي واجه تفوقا كبيرا للعدو، اضافة الى المباغتة السوقية، وفي مثل هذه المعارك تكون حالة الارباك هي السائدة لأسباب اهمها تركيز تفوق العدو في الزمان والمكان الذي اختاره هو... كذلك استطاع ان يحدد حرية الحركة للمدافع من خلال عدة اختراقات او توجيه ضربات عنيفة بوسائط اسناد نارية....



ومن جهة أخرى كانت وحدات اللواء الاول حرس جمهوري تقاتل على اتجاهين، فمنها من كان على الطريق الاستراتيجي ومنها من كان على الطريق الساحلي... وسط هذا الموقف الغامض دفع لوائنا على الطريق الاستراتيجي عند الفوج السادس عشر الالي الذي كان يقاتل على الطريق الساحلي ونقل عجلاته القتالية بالعبارات... فكان تسلسلنا بعد اللواء العاشر المدرع حرس جمهوري الذي اشتبك مع العدو....... وجرت سلسلة من المعارك كان الموقف فيها شديد الضبابية......... وفي ليلة 12-13/2/1986 سقط مقر الفرقة السادسة والعشرين وكان مقرها في منطقة المملحة فنزلت اللعنات الغاضبة على هذا المقر السيء الحظ حين بدأت تقارير الموقف تشير الى خروقات متعددة للعدو من اتجاه رصيف ام المعامر وشماله ومن اتجاه جنوب ميناء الفاو علاوة على منطقة الميناء....



ورغم القتال البطولي (الفردي والجماعي) للقوات المدافعة وقوات الحرس الجمهوري إلا أن رؤوس الارتال توقفت في نقطة القنطرة على الطريق الساحلي، وكان اللواء الاول حرس جمهوري يتفانى بالقتال على هذه القنطرة واللواء العاشر المدرع حرس جمهوري يقاتل بقوة على الطريق الاستراتيجي بمسافة 3 كم شمال المملحة... وكانت قطعات الفيلق السابع تخوض قتالا شرسا تحت مطرقة مدفعية العدو شمال رصيف ام المعامر على الطريق الشمالي.. ولاشك أن الجيش العراقي قدم تضحيات جسيمة وشهداء كثر في تلك المعارك... وكان من بين المصابين آمـر اللـواء الأول حرس جمهوري العقيد الركن وعد الله... وحاولت قواتنا الجوية رأب الصدع وتقليل قدرة العدو على الاستمرار... لكن ذروة الهجوم لم تتوقف... وأكدت المعلومات ان العدو ينصب جسورا فوق شط العرب ليلا لتعبر قطعاته ويفككها نهارا تفاديا لقيام قواتنا الجوية بتدميرها...



كان التفوق الفارسي حاسما – للاسف الشديد – وخاصة في رؤوس الجسور المعادية... وكان موقف كتيبة استطلاع الفيلق السابع يثير الشعور المزدوج بالفخر والاشفاق معا....... حيث عزلت في منطقة رأس البيشة على آخر رقعة من البر العراقي في شمال الخليج العربي، وكانت معنويات تلك القطعات المعزولة رائعة، حيث كانوا يطالبون بالتعزيز او الاتصال بهم وكانوا يقاتلون بروح معنوية عالية....



وفي ليلة 14-15/2/1986 اقتنعت القيادة أن ما يجري من جهد حربي هو الجهد الرئيسي لهجوم العدو، وان المعركة لاتزال في بدايتها، وانه قد تكون هناك مفاجآت أخرى، وعليه زجت بقوات كبيرة على المحاور الثلاثة ليلة 15/2، فالمحور الشمالي كانت تقاتل فيه الفرقة المدرعة السادسة، والفرقة الخامسة الالية، وبقايا الفرقة السادسة والعشرين، اما المحور الوسطي فقد كان يقاتل فيه اللواء العاشر حرس جمهوري، وبعض وحدات اللواء الاول حرس جمهوري، واللواء الرابع حرس جمهوري، واللواء الثالث قوات خاصة حرس جمهوري بالاضافة الى كل من الفرقة الثانية والفرقة الرابعة، اما المحور الثالث الساحلي فقد كانت تقاتل فيه قوات اللواء الاول حرس جمهوري وقسم من وحدات اللواء الثاني حرس جمهوري بقيادة فرقة الحرس الجمهوري وتحت غطاء جوي واسناد ناري كبير وهجمات بحرية مقابلة ادت الى اغراق 29 هدفا بحريا للعدو، ومن خلال استنطاق طيار برتبة نقيب اسقطنا طائرته من نوع اف 5 علمنا أن هجوم العدو يقع تحت اسم رمزي هو فجر 8، وان القدمة الاولى للعدو تجاوزت خمسين الف جندي، وان اكثر من 1500 جندي عراقي وقعوا في الاسر حتى ليلة 12 – 13/2...



في يوم 14/2/1986 أمر جحفل لوائنا بقطع التماس فورا والتجمع قرب ساحة سعد جنوب البصرة، والتهيؤ للحركة السريعة الى قاطع الفيلق الثالث شرق البصرة، حيث اكد معاون رئيس اركان الجيش الفريق سعدي طعمة الجبوري أنه في الليلة القادمة سيطور العدو هجومه بالاندفاع من قاطع غزيل لمهاجمة البصرة ومحاصرة قواتنا بين فكي كماشة....وتمكنت كتيبتي من الانفتاح قبل فجر يوم 16/2 في منطقة كشك البصري على افتراض ضرب جناح العدو الايسر الذي سيخرق من اتجاه غزيل... كنا نأمل ان تتاح لنا فرصة القتال حيث القدرة متاحة لعمل القطعات المدرعة... إلا أن ما حدث لم يعد عن كونه تراشقا بالمدفعية ومدافع الدبابات عبر الحدود الفاصلة، ودامت هذه المعركة ثلاثة ايام.... لقد كان هدف العدو احتلال البصرة انطلاقا من الفاو... صحيح حقق بعض الانتصارات لكنها بالفعل كانت انتصارات باهظة الثمن ومكلفة كثيرا له.. ذلك ان قواتنا استماتت في القتال وقاتلت بشراسة بطولية، وكانت تأثير قواتنا الجوية فعالا... ما دفعهم أخيرا الى التحول للدفاع للاحتفاظ بما كسبوه بعدما تلاشت ذروة هجومهم المكلف، ثم باشروا في تحصين مواضعهم بالعقد والسواتر الترابية وباجراءات الاغمار، وبذل العدو جهدا هندسيا كبيرا وتحمل خسائر باهظة لأجل هذا....



في يوم 25/2/1986 شن العدو، تحت تأثير اعلامي ونفسي كبير معروف الهدف، هجوما محددا في القاطع الشمالي، وذلك لاشغال قواتنا في اقصى الاتجاه المعاكس، وكانت وتيرة فعالياتنا القتالية تزداد يوما بعد يوم اصرارا على تحرير الفاو ودفع العدو عبر شط العرب.... في شمال القطر حقق الفيلق الاول بعض النجاحات حين استعاد مواضع اللواء 504 من العدو، وكذلك قام الفيلق الرابع بقاطع شرق العمارة بهجومين متتاليين فتمت استعادة جزء من منطقة الشرهاني المحتلة وجزء من مواضع فكة ومنطقة نهر دويريج، وشن الفيلق الثاني هجوما آخر على عدد من الرواقم في قاطع حران... لقد تمت هذه العمليات الجريئة بهدف استثمار الفراغ الجزئي لبقية قواطع العمليات من قوات العدو ولاجباره على سحب نسبة من احتياطاته... اعقب ذلك في 22/3/1986 هجومين للفيلقين الاول والخامس وتمت استعادة العديد من الرواقم الجبلية في منطقة بنجوين وحاج عمران وأهمها جبل كردكو... وقد ترافق الهجومان مع قصف جوي استراتيجي لاهداف اقتصادية في العمق الفارسي كمصافي النفط في اصفهان وتدمير جسور قطورة السوقي الذي يربط الفرس مع تركيا، وكذلك جسر القطار الذي يربطهم مع دول الاتحاد السوفييتي (من ناحية آسيا)....



في 4/5/1986 شن اللواء المدرع 70 بقيادة العقيد الركن عبد الامير خزعل هجوما بطوليا جريئا وسريعا، فاحتل مدينة مهران الفارسية في القاطع الاوسط.... لكنه انسحب منها في 1/7/1986.... اعقب ذلك قرار القيادة بالاعداد المفصل والطويل لتحرير الفاو بوقت مناسب لاحقا... اعقبه قرار آخر بإعادة تنظيم وحدات الحرس الجمهوري وتوسعتها، وذلك باستحداث تشكيلات قتالية عديدة مدرعة وآلية ومشاة ومغاوير لزياد قدرة الحرس الجمهوري بهدف تحرير الفاو، وتهيئة الفيلق السابع لنفس الغرض.... في هذه الفترة كانت مواضع الفرقة المدرعة السابعة عشرة تعاني بعض الصعوبات وخسران المواقع، وكانت بقيادة العميد الركن مؤيد العاني، فتحركت بعض وحدات الحرس الجمهوري لاستعادة المواضع المحصورة بين مخفري السيحة القديم والجديد... ونتج عن هذه المعارك استشهاد آمر اللواء الرابع حرس جمهوري العميد الركن خضر العامري وجرح مقدم اللواء خلف العبيدي...



يمكن تلخيص حوادث 1986 بما يلي:



14/9/1986 نقلت الى قيادة فرقة المدينة المنورة بقيادة العميد الركن احمد الحماش المشكلة حديثا بمنصب معاون مدير الادارة، مراعاة لظروفي الصحية (اصابني انزلاق غضروفي ناتج عن اصابتي قبل عام في تاج المعارك، رقدت لمدة شهرين في المستشفى)..... وتألفت هذه القيادة من التشكيلات المدرعة اللواء الثاني حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن قيس الاعظمي، واللواء العاشر المدرع بقيادة العقيد الركن ضياء ماهر التكريتي، وشكل لواء المشاة الالي الرابع عشر حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن عبد الصمد حسن يوسف، مع تشكيل فرقة المشاة بغداد بقيادة العقيد الركن كامل ساجد.... ثم تشكيل الفرقة المدرعة حمورابي بقيادة العميد الركن إبراهيم عبد الستار...

تصاعد كبير في واجبات القصف السوقي (الاستراتيجي) لقواتنا الجوية التي استفادت من خصائص طائرة التفوق الجوي ميغ 25 وتطوير امكانيات الارضاع الجوي لطائرات الميراج بحيث وصلت الى اهداف بعمق 1250، الى جزيرة لاراك قرب مضيق هرمز جنوب الخليج، حيث ازدادت الخسائر الاقتصادية النفطية الفارسية....

رد الفعل الفارسي تركز على توجيه الصواريخ على بغداد بحيث راح العديد من الشهداء المدنيين.

انطلاق فضيحة سياسية في الولايات المتحدة حول صفقات سلاح امريكية دون علم الكونجرس في 6/12/1986، وسميت الفضيحة يومها باسم ايران غيت.

يوم 24/12/1986 شن العدو هجوما كبيرا ومتوقعا في قاطع عمليات الفيلق الثالث الذي يقوده اللواء الركن طالع الدوري في منطقة الشلامجة، وفي قاطع عمليات الفيلق السابع المجاور الذي كان يقوده اللواء الركن ماهر عبد الرشيد في جزيرة ام الرصاص حتى شمال السيبة.... لكن هذا الهجوم كان فاشلا وتكبد العدو خسائر كبيرة، وسمي هذا اليوم باليوم العظيم...



انتهى هذا العام مع وجود دلائل لهجوم معادي محدود في العام التالي.
الشمس شمسي و العراق عراقي [*][*][*] ما غير الدخلاء من اخلاقي

صورة العضو الشخصية
نبوخذنصر
Private - Jundi
Private - Jundi
مشاركات: 27
اشترك في: الخميس أكتوبر 18, 2012 7:42 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة نبوخذنصر » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 5:59 pm

معركة الحصاد الأكبر...



كانت معركة الفاو اشهر معارك العام 1986 واقساها نتيجة لاحتلال الفاو من قبل المحتل الفارسي... وكان قرار القيادة حكيما بالصبر والانتظار لبناء مشروع كبير ومضمون لتحريرها، مع استمرار حصار العدو فيها وجعلها مقبرة كبيرة لجنوده... وفي يوم 6/1/1987 جرى استبدال رئيس أركان الجيش الفريق أول عبد الجواد ذنون بالفريق أول الركن المتقاعد سعد الدين عزيز، الذي كان يشغل منصب مدير الموانيء..



في ليلة 9-10/1/1987 شن العدو هجوما كبيرا مستهدفا نفس اتجاهات الهجوم السابق (هجوم 24/12/1986)،الاتجاه الاول: المحمرة – الشلامجة – التنومة – البصرة، والاتجاه الاخر الزاوية القائمة للحدود، بحيرة الاسماك – التنومة – البصرة... حيث كانت الفرقة 11 بقيادة العميد الركن عبد الواحد شنان تدافع في الاتجاه الاول، بينما كانت الفرقة الثامنة بقيادة العميد الركن ابراهيم الشيخ الآغا تدافع في الاتجاه الثاني، علاوة على تشكيلات الفرقة المدرعة الثانية عشرة بقيادة العميد الركن رياض طه، وتشكيلات الفرقة الخامسة الالية بقيادة العميد الركن حسن يوسف كاحتياط للفرقتين المدافعتين، ولم تكن الفرقة المدرعة الثالثة بقيادة العميد الركن سلمان حامد بعيدة عن مسرح القتال... فدارت معركة سريعة تمكن العدو فيها للاسف من تحقيق بعض النجاحات...



وعلى ضوء ذلك انذرت فرقة بغداد حرس جمهوري بقيادة العميد الركن كامل بالتحرك السريع نحو قاطع شرق البصرة... كذلك انذرت فرقة المدينة المنورة حرس جمهوري بقيادة العميد الركن احمد ابراهيم حماش... في نفس الوقت كان اللواء المدرع الثاني حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن أحمد الراوي قد تحرك سابقا مع فرقة بغداد.... عند وصولنا، كان خط الدعيج قد احتله العدو... وكانت فرقة بغداد واللواء المدرع الثاني حرس جمهوري يقاتلان بشجاعة وبإصرار عنيد بالاتجاه الشرقي من مسرح القتال، وكانت الفرقة الحادية عشرة تدير معركتها ببسالة وبطولة.... وفي يوم 20/1/1987 وضع نائب القائد العام خطة مستعجلة للهجوم المقابل لقائد الحرس الجمهوري العميد الركن حسين رشيد (الاسير حاليا والذي تحاكمه الحشرات الخمينية المجوسية الكافرة مع اخوانه لدورهم البطولي في قادسية صدام) في مقر الحرس الجمهوري في منطقة الجباسي... والذي كلفت به فرقتنا ومن ثلاثة تشكيلات: اللواء المدرع 10 حرس جمهوري بإمرة العقيد ضياء ماهر التكريتي المتحشدة في منطقة الجباسي، ولواء 10 مشاة حرس جمهوري بإمرة العقيد الركن غالب الشيخلي (أعدمه خنازير الخنزير الخائن طلباني عام 1992 عندما كان قائدا للفرقة 36 في دوكان)، واللواء 15 الالي بإمرة العقيد الركن ياسين من فرقة المشاة الالية الخامسة... وكانت ساعة الهجوم قد تحددت عند تمام الساعة الثالثة بعد الظهر.... كان تصور نائب القائد العام ان القطعات جاهزة في مناطق اجتماعها، لكن حساب الخرائط يختلف عن حساب واقع الحال على الارض، وما كان يحسب لساعات، اتسع لأيام طويلة... فتوالت المواقف المؤسفة.. فجرح آمر اللواء السادس حرس جمهوري، واستشهد عدد من الضباط والجنود بلغوا 30 ضابطا وجنديا من احدى وحدات مدفعيتنا.... ثم جرح آمر اللواء 15 مشاة... وكانت تلك الليلة من أسوأ الليالي... وايضا استشهد العقيد الركن علي الشيخلي آمر اللواء المدرع 37... واستشهد معه عدد كبير من ضباطه وجنوده....



وكان صباح يوم 21/1/1987 صباحا غير سار... فقد تلاشى زخم اللواء 15 المشاة الالي في منتصف المسافة ما بين نهري جاسم والدعيج، واشتبك اللواء العاشر المدرع بشدة مع العدو امام الخط الدفاعي الاول بقليل... وانقطع الاتصال باللواء السادس مشاة حرس جمهوري وهو ما يزال في غابات النخيل الاولى... وفي ظل هذا الموقف ضاع الامل، وفقد قائد الفرقة اعصابه وهو يستمع لرنات الهاتف الذي كان يرن جرسه كل حين ليسأل ما الموقف؟؟ لقد تأخرتم... أسرعوا... كان قائد الفرقة يبحث عمن يأتيه بأخبار هذا اللواء الذي كان يقوده المقدم صباح... فتطوعت لهذه المهمة لسببين:



الاول: انه هالني حرج قائدي الذي وجبت علي مساعدته مهما كان الثمن، والثاني انه حرام علينا ان نظلم الذين يقاتلون في هذه الظروف الصعبة... وفي اللحظة التي هممت فيها بالخروج دخل علينا رئيس أركان الفرقة العقيد الركن قيس الاعظمي ليخبرنا ان خط جاسم قد سقط بيد العدو باستثناء بعض النقاط المحدودة.... ساد الصمت الرهيب تلك الغرفة... فخرجت على عجلة من أمري متوكلا على الله... خرجت على الطريق الذي يوصلني الى خط جاسم ثم خط الدعيج... كان القصف العدواني شديدا... ثم ركبت عجلة الى مقر اللواء، اجتازت بنا ذلك الخط الدفاعي الاول نحو مقر اللواء الخامس عشر... حيث توقفت في أحد المواضع التي تبعد 300 متر عن المقر... فقد اصبح التقدم مستحيلا بسبب الرماية المباشرة لدبابات العدو المتموضعة خلف سار على شكل قوس... بعد جهد تمكنت من الوصول الى مقر اللواء، فوجدت وكيل آمر اللواء المقدم صباح مع بضعة ضباط ومجموعة من الجنود بوضع نفسي صعب، ليس خوفا من موت أو أسر، وانما خوفا مما قد يظن بهم من تقصير... فأكبرت فيهم بطولتهم وشجاعتهم وأخبرتهم أن سبب قدومي هو الاطمئنان على سلامتهم.... ثم علمت منهم أن هناك عدة مقرات معزولة في مقر اللواء 45 مشاة، الفرقة الحادية عشرة المحصن جيدا الى يسارنا على مسافة غير بعيدة... فقادني حب الاستطلاع اليها... فشاهدت ثلاثة دبابات معادية تقوم بالرمي المباشر على المزاغل....يصعب وصف وجود اولئك المقاتلين الذين كان نصفهم جرحى والنصف الباقي متسترا في مدخل ذلك المقر الهابط الى الاسفل بسلسلة طويلة من الدرجات المؤدية الى مجموعة غرف مظلمة... ما إن دخلت حتى وجدت نفسي وسط مشادة كلامية حادة بين آمر اللواء 45 العقيد محمد سعيد وآمر اللواء 46 مشاة آلي العقيد الركن يعمر زكي الخيرو (وهو رفيق سلاح قديم) وكان كل واحد منهما يحمل الآخر مسؤولية الموقف.... كيف انهي هذه الفوضى؟؟ صحت بأعلى صوتي انني مبعوث وزير الدفاع نائب القائد العام لاطلع على الموقف... فساد الصمت الممزوج بالذهول!!! شجعني هذا الادعاء على ان اخبرهم بأن سيادته اشاد ببطولاتهم وشجاعتهم وما عليهم سوى الصمود هذه الليلة فقط حتى يتسنى لهم الانسحاب من خلف خط جاسم... وطلبت أن يكون أقدمهم آمرا للجميع...ولإعطاء المزيد من المصداقية لما ادعيته طلبت منهم وثيقة موقعة من قبل كل آمر بما يملك من قوة وما هي خطة الآمر الاقدم في تأمين خطة دفاعه حتى يوم غد...فانصاع الجميع لإمرة آمر اللواء 45 (العقيد الركن محمد سعيد....) الذي كان أقدم العقداء.... سلموني الوثيقة المطلوبة وخرجت مسرعا وعدت بنفس المسار الخطر....



لم يصدق قائدي وضباط الركن (العقيد الركن عبد القادر يونس والرائد الركن سفيان عبد الله "الذي أعدم على يد جاسوس كويتي حقير بعد احتلال العراق وتدنيسه) انني عدت اليهم....ثم ذهبت الى قائد الحرس الجمهوري اتوسل اليه تنفيذ ما وعدت به اولئك المقاتلين بعد ادعائي أنه وعد من وزير الدفاع.... والحمد لله تم التنفيذ من الليلة التالية وتم تأمين ناقلات اشخاص مدرعة ونجا اولئك الرجال جميعا من الاسر... لقد نجحت قواتنا في ايقاف الهجوم المعادي، وانحصر مسرح القتال بجبهة طولها عشرة كيلومترات باتجاه الشلامجة وسبعة كيلومترات باتجاه بحيرة الاسماك وبأعماق متفاوتة... كان ذلك مسرحا صغيرا للقتال... كان العدو يضخ الى جبهات القتال ارتالا من القطعات النظامية وغير النظامية وينتظرهم خلف ممواضع القتال مجموعة من الامرين الصغار... فيكونون مجموعات قتالية صغيرة تحدد لها أهداف صغيرة... كان قتالا غير نمطيا لم نألفه كجيش منظم... لقد كان الاصرار من جانبنا كبيرا على حماية التراب الوطني.... لقد كادت تلك الاساليب المعادية ان تشل تفكيرنا القيادي لولا المرونة القيادية "للشهيد" صدام حسين الذي حضر الى ساحات المعارك اكثر من مرة، فتجاوز القيود الاكاديمية في حل المعضلات الميدانية وترك لنا الصلاحية المطلقة التي امتلكها بالاعتماد على المنطق العام للحرب والسياسة وبمشورة من نائبه وزير الدفاع الذي كان يتمتع بشخصية قيادية رصينة وهادئة، والذي كان دائما في المعارك....



في 27/1/1987 تمكن العدو من اختراق جناحنا الايمن... فكلفني قائدي بالذهاب الى مقر اللواء العاشر المدرع لمعاونة آمره في ادارة معركة الهجوم المقابل... فاقترحت أن يكون الهجوم المقابل من اتجاهين لتخفيف تأثير نار العدو وارباكه.. وخلال المعركة حضر قائدي مع قائد الفرقة الثانية العميد الركن احمد راكان الشمري... وبمعركة سريعة تمكن اللواء من استعادة موضع الفوج الثاني من اللواء 81 وموضع الفوج الاول من اللواء 105 اللذين احتلا في الليلة الماضية... وتمكنا من أسر 19 جنديا... وكان لآمر الفوج الالي للواء العاشر الرائد الركن عبد الحليم كاظم ولآمر سرية المغاوير من نفس اللواء دورا مهما في هذا النجاح... لفت نظري قائد الفرقة الثانية (العميد أحمد راكان) بهدوء اعصابه ووفرة ملكته الشعرية....



في 29-30/1/1987 تم تبديل فرقتنا بالفرقة الثانية... واستغل العدو عملية التبديل ليسقط موضع فوج من اللواء 36 الذي كان يقوده العقيد الركن حسين الحلبوسي – من ضباط القوات الخاصة -... حاول آمر اللواء استرجاعه لكنه لم يفلح بسبب بقاء العدو ثابتا في موقعه... بذلت وحداتنا الهندسية العسكرية جهدا كبيرا تحت نار العدو بقيادة آمرها المقدم الشجاع قاسم مجيد.... الذي كان مثال الجندي الحريص... في قاطع خط جاسم استمر القتال سجالا بيننا وبين العدو في نقطة التقاء مواضع الفرقة الحادية عشرة... وكانت خسائر العدو جسيمة.... وأطلق على هذه المعركة اسم معركة الحصاد الاكبر... انتقم العدو لخسائره بقصفه لمدينة البصرة وبغداد بصواريخ أرض – أرض... كذلك كثفت قواتنا الجوية قصفها لطهران موقعة الكثير من الخسائر... لقد ا صبح الموقف الدولي في ذلك العام اكثر وضوحا في إدانة ايران... كذلك استدعى وزير الخارجية السوفييتي وزير خارجية الفرس للحث على ايقاف الحرب... وبنفس الوقت زار السيد طارق عزيز موسكو...



يوم 24/2/1987 تحركت فرقتنا الى منطقة قلعة صالح في قاطع العمارة.....ثم صدر لها أمر العودة لتدهور الموقف..... وكانت معركة اللواء الثاني المدرع حرس جمهوري، وخاصة الفوج الالي السادس عشر بإمرة المقدم الركن عبد الرحيم المندلاوي رائعة في حسم الموقف....



في الفترة من 2-4/1987 ازداد ضغط العدو باتجاهين: الاول جنوب خط جاسم، والثاني باتجاه بحيرة الاسماك... واصبح التهديد قائما باتجاه قناة التغذية الموصلة بين شط العرب وبحيرة الاسماك... حيث كلفت قوات الحرس الجمهوري باستعادة الموقف على السدة الدفاعية المسماة بالسدة 1000.... وفي ليلة 7/4/1987 تمت استعادة السدة كاملا بهجوم سريع وبإسناد ناري كثيف، وبذكاء اعلامي صدر بيان للقيادة العامة لإعادة الثقة بالنفس... وجرت مراسيم تكرام للعديد من القادة والآمرين حتى مستوى الجنود المقاتلين الذين أظهروا أداءا مميزا... وتمت ترقية قائد الحرس الجمهوري الى رتبة لواء ركن...



في 13/4/1987 عادت فرقتنا الى منطقة قلعة صالح... وبدأ الفرس سلسلة هجمات في قاطع عمليات الفيلق الثاني، إلا أن معظم تلك الهجمات منيت بفشل ذريع... فغيروا اتجاهات هجماتهم الى قاطعي الفيلق الاول والفيلق الخامس للاستفادة من وعودة المنطقة ومن معاونة خونة أكراد الطلباني والبرزاني....



فجر يوم 18/5/1987هاجمت احدى طائراتنا المقاتلة بالخطأ فرقاطة امركية (تدعى ستارك) تعمل ضمن القوات البحرية الامريكية والاوروبية في الخليج لتأمين التجارة البحرية... وقتل في ذلك الهجوم 37 بحارا أمريكيا... أعلن العراق أسفه لهذا الحادث الغير مقصود، مع استعداده لتعويض اسر الضحايا ((دفع العراق ثمانمائة الف دولار عن كل جندي... والطريف في الأمر، ان الرئيس الامريكي رونالد ريغان كان يومها في المستشفى تمهيدا لخضوعه لعملية جراحية، وحين سمع النبأ من مساعديه، قال على الفور: هؤلاء الايرانيين الـعهرة.... فقال له المساعد: انهم العراقيون يا سيدي وقد قصفوها بالخطأ.... فرد ريغان: على كل حال يبقى الايرانيون عهرة!!!))... في 26/5/1987 كانت الايام الاخيرة لشهر رمضان المبارك... لقد بدأ العراقيون يشعرون بوطأة الحرب... حيث كثر شهداؤنا وصارت أرقامهم مقلقة بعض الشيء...



في 16/6/1987 كانت نشرات الاخبار تشير الى مساعي مجلس الامن لاستصدار قرار ملزم بإيقاف الحرب خلال فترة محددة... ورافق تلك الاحداث استدعاء "الشهيد" صدام حسين لقائد الحرس الجمهوري للاستعداد لعملية تحرير الفاو... وفي يوم 21/6/1987 خرجنا لاستطلاع محورنا باتجاه الفاو... وفي اليوم التالي طور العدو هجومه واحتل جبل ماوت... وبدأ بتوسيع مناطق احتلاله... بناء على ذلك صدرت الاوامر لفرقة بغداد حرس جمهوري ولوائي قوات خاصة حرس جمهوري بالتوجه نحو القاطع لصد العدو في قاطع الفيلق الاول... وفي 26/6/1987 اعلن عن انتصارات مهمة لقواتنا هناك... وفي 11/7/1987 اعلن بيان القيادة العامة عن استعادة جزء من السدة الشرقية لحقل مجنون الجنوبي من قبل قوات الحسين، وهي فرقة مشاة بقيادة العميد الركن يالجين عمر... وتم أسر أكثر من خمسين جنديا فارسيا... وبعد اسبوع استعادت الفرقة 22 بقيادة العميد الركن طارق عارضة كيسكة.... وفي 25/7/1987 جرت تغييرات في تركيبة القيادة العليا للقوات المسلحة.. فعين الفريق نزار الخزرجي رئيسا لأركان الجيش بدلا من الفريق سعد الدين عزيز... وعين قائد الحرس الجمهوري بمنصب معاون رئيس أركان الجيش للعمليات، وعين قائدا للحرس الجمهوري اللواء الركن إياد فتيح الراوي وهو من القادة العراقيين المشهود لهم بالشجاعة والاصرار على تحدي المعضلات....



في 18/7/1987 أعلن مجلس الامن قراره رقم 598 القاضي بوقف الحرب بضمانة دولية، وبعد 48 ساعة وافق العراق على ذلك القرار... بينما لم يرد الجانب الفارسي... وفي 28/7/1987 اعلن العراق اسقاط طائرة سورية مقاتلة من نوع ميغ 21 فوق مجمع عكاشات الصناعي غرب البلاد – مع الاسف الشديد – وفي يوم 31/7/1987 وخلال موسم الحج، قام الفرس (معظمهم قوات شعبية متخفية بزي حجاج) باستفزازات ومظاهرات لقوات الامن السعودية... فراح ضحية تلك الاحداث 420 قتيلا و630 جريحا.... وفي 15/8/1987 أخبرني صديقي آمر الصنف الكيماوي – حرس جمهوري – حازم عبد القهار الراوي بأنني قد رشحت للنقل الى مقر قيادة الحرس الجمهوري... وفي 4/9/1987 اعلنت "الكويت" أن منشأتها النفطية قصفت بصاروخ ايراني... فرد العراق على ذلك بضرب منشأت نفطية مهمة للعدو بواسطة طائرات متطورة تقنيا... وبمدى طويل بلغ 1250 كم... فعبر الفرس عن صدمتهم لهذا الانجاز العراقي المشرف بقصفهم الاجرامي لمدينة البصرة وبشدة.... وفي 13/9/1987 زار بغداد لامين العام للامم المتحدة خافيير بيريز دوي كويلار... وفي 22/9/1987 اشتبكت البحرية الامريكية مع الفارسية، فأعلنت البحرية الامريكية عن اسقاط ثلاث سفن حربية فارسية.. وقبل ذلك بيوم شنت 64 طائرة مقاتلة عراقية هجمات على قوات العدو المحتشدة امام قاطع الفيلق الثاني... وبدأ الفرس يروجون لمقولة ان هناك حلفا عراقيا امريكيا ضدهم... وراحوا بكل وحشية واجرام يقصفون بغداد بصواريخ أرض – أرض...



يوم 13/10/1987 كان يوم حزن في كل العراق حين قصف الفرس بوحشية اجرامية صاروخ ارض – ارض فأصاب مدرسة بلاط الشهداء، وكان ذلك في الساعة الثامنة والربع صباحا عند اصطفاف الطلاب الصغار.... فراح ضحية ذلك القصف المجوسي الاجرامي 32 طفلا شهيدا.. وجرح 182 طفلا... وصاحب ذلك حملات استنكار دولية على ذلك العدوان الاجرامي الخميني المجوسي.... وفي مساء يوم 8/11/1987 صدر الامر بالتهيؤ للتخطيط لتحرير الفاو وتقديم دراساتنا العملية مع باقي فرق الحرس الجمهوري... وفي 11/11/1987 صدر البيان الختامي لقمة عمان التي سميت بقمة الوفاق والاتفاق والتي جمعت الشهيد صدام حسين مع حافظ الاسد.... وفي 19/11/1987 اعلن العراق اسقاط طائرتين من نوع اف 5... وكذلك عن ضرب مباني المفاعل النووي الفارسي بقنابل موجهة بالليزر... فأعلن الفرس بشكل مفاجيء التعبئة العامة... وفي 13/12/1987 صدر أمر نقلي الى مقر قوات الحرس الجمهوري... وبذلك انتهى عام 1987 ونحن نتابع تحشدات العدو في القاطع الشمالي...



في الصفحات 140 – 141 – 142 يوجد خريطة معركة الحصاد الاكبر وخرائط المعارك الاخرى....



المرحلة الرابعة والاخيرة

معارك الحسم عام 1988

معركة تحرير الفاو (ابتداءا من ص 143 من الكتاب)



في العام المنصرم حقق العدو بعض النجاحات واحتل بعض أجزاء وطننا الغالي، لكن نجاحاته لم تكن سهلة، بل مكلفة جدا.... هذه المرحلة هي مرحلة تحرير الاجزاء المغتصبة من وطننا الغالي، والتي بدأت بتحرير الفاو، وقد أسماها الشهيد صدام حينها (مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم)، وانتهت هذه المرحلة بمعركة توكلنا على الله الرابعة التي أوصلتنا الى الانتصار الكبير في هذه الحرب... لقد تمنت القوى الكبرى المعادية أن يخسر العراق هذه الحرب ماديا ومعنويا لثنيه عن برنامجه الطموح والداعي الى إحياء ودعم مشروع تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني...



في الفترة من 17-22/1/1988 شن العدو سلسلة من الهجمات المتلاحقة في قاطع عمليات الفيلق الاول... سقطت فيها عارضة جبلية مهمة تدعى احمد رومي... كذلك مواضع الالوية المدافعة فيها (اللواء 83 واللواء 603).... كانت الظروف المناخية صعبة للغاية... حيث غطت الثلوج المنطقة كلها.. وبلغت سماكة الثلج مترين.... وأسر واستشهد عدد كبير من جنودنا.... كان الموقف العسكري العام على جميع الجبهات في حالة ترقب شديد مع وجود احتمال كبير بقيام العدو بتوسيع فعالياته في الشمال... كل ذلك وسط جو إعلامي مؤذي للغاية حيث كانت تصريحات الخصوم السياسيين والعسكريين تطلق من دون حساب... كان الكل يترقب اعلان عراقي بخسارة الحرب مع الفرس!!!!



في 19/2/1988 أشيع في بغداد أن هناك حملة متوقعة لإخلائها من سكانها لاحتمال قيام العدو خلال ذوبان الثلوج بتدمير السدود المقامة شمال القطر وإغراق العاصمة.... وكانت تصدر بيانات من التصنيع العسكري تبشر بتطوير صناعة صواريخ أرض – أرض بمدى طويل يصل الى 1000كم....



في 25/2/1988 قصف العدو بغداد بصاروخين أرض – أرض.. فشنت طائراتنا المقاتلة يوم 27/2/ غارة عنيفة على مصافي النفط في طهران وكذلك قصفت طهران نفسها بصواريخ الحسين أرض – أرض التي يبلغ مدراها 650 كم.. وكانت انجازا عظيما للصناعة العسكرية العراقية... ثم وسع العراق ضرباته بقدرته الجوية المقتدرة لتشمل اصفهان اضافة الى العاصمة.... فرد العدو بقصف الموصل وتكريت... وكانت نسبة الصواريخ لصالح العراق بمعدل 6/2........ فعم الرعب بين المواطنين في كلا البلدين... وفي 10/3/1988 أعلن العراق من جانب واحد ايقاف حرب المدن بإنذار 24 ساعة شرط أن تكون آخر ضربة عراقية تعبيرا عن الاقتدار... فنفذت احدى عشر رمية صواريخ ارض – ارض و26 غارة على المدن الفارسية...



في ليلة 13/2/1988 شن العدو هجوما محدودا على قاطع الفيلق الثاني، إلا أنه باء بالفشل الذريع.... وفي ليلة 15/2/1988 شن العدو تعرضا واسعا على القاطع الشمالي الشرقي مستهدفا منطقة خور مال – حلبجة، وتمكن من احتلالها وأسر قائد الفرقة المدافعة (الفرقة 34 مشاة، العميد الركن علي العلكاوي) مع عدد من الضباط والمراتب... فشكل ذلك صدمة في معنويات قواتنا.. واصبح الموقف مقلقا جدا ومشابها لما حدث عام 1986 حين خسرنا الفاو.... وفي محاولة لتردي الموقف اصدر قائد الفيلق اللواء الركن كامل وبدعم من رئيس أركان الجيش الفريق نزار الخزرجي أوامر بإعدام عدد من الضباط والجنود... لكن آمر اللواء 66 قوات خاصة، العميد الركن جعفر الصادق تسلل ليلا الى بغداد ووصل الى "الشهيد" صدام وقابله وترجاه الأمر بوقف الاعدامات.... فأوقفها... وكان مقدم اللواء العقيد الركن وفاء وعدد من الجنود قد نجوا منها... وزاد الامر سوءا في تلك الفترة ان تمكنت الفرقة 84 الفارسية من التوغل في مدينة حلبجة ((أرجوك انتبه أخي القاريء لإسم المدينة وللتاريخ الذي هاجمتها فيه الفرقة المجوسية... وقارن ذلك مع ضرب حلبجة بالكيماوي وتأكد بنفسك من الذي قصف حلبجة بالكيماوي... هل الجيش العراقي العظيم ام الجيش المجوسي الفارسي القذر؟؟))... بهدف مهاجمة مرتفعات شميران المشرفة على حلبجة ومن ثم الاندفاع نحو السليمانية عبر مفرق سيد صادق...



لكن المشرف على الحرس الجمهوري حسين كامل) قاد آمري المدفعية (العميد س) وآمر الصنف الكيماوي العقيد الركن (ح) مع قوة مدفعية خاصة تتألف من ست كتائب، منها كتيبة راجمات الصواريخ محملة برؤوس كيماوية نوع صقر آمرها المقدم ر. م... فضربت الفرقة المجوسية الفارسية بآلاف المقذوفات وبـ 720 صاروخا... وكبدتها خسائر فادحة، ما اضطرها الى اخلاء المنطقة والانسحاب الى داخل الدولة الفارسية... ولكن للاسف وقع ضحية ذلك الهجوم 150 مواطن كردي لم يغادروا المنطقة... على ان معظم سكان حلبجة كانوا قد غادروها منذ بداء العمليات....



وأكدت بعض القيادات الكردية إضافة الى مصادر جيشنا أن الفرس استخدموا الاسلحة الكيماوية في تلك المعارك.... وبنفس الوقت تم تنفيذ خطة عسكرية كبيرة مخادعة حين فتحت القيادة العامة مقرا لها في السليمانية مع تغطية اعلامية لوزير الدفاع نائب القائد العام الفريق (المرحوم الشهيد) عدنان خير الله وذلك لابقاء الجهد الرئيسي المعادي في ذلك القاطع، ولتسهيل عملية تحرير الفاو التي أصر لشهيد صدام على تحريرها بأسرع وقت...



في 19/3/1988 شنت المقاتلا العراقية سلسلة من الغارات العنيفة على أربع مدن فارسية... وأعلن بنفس الوقت عن نجاح هجوم صاعق نفذته القوات العراقية على أوكار الخائن جلال طلباني.. لكنه نجا ((مثلما ينجو الفأر من مخالب الذئب)) لأنه كان خارج وكره... وفي 2/4/1988 شنت الفرقة المدرعة العاشرة سلسلة من الهجمات في قاطع حلبجة.... لكن ليلا طويلا خيم على طول ساحة الحرب وبات الأمل بالنجاح ضئيلا...



في 7/4/1988 طلب مني رئيس أركان الحرس الجمهوري اللواء الركن ابراهيم الآغا الحضور إلى دائرته... وإذ به يطلب مني أن أقسم على المصحف الشريف بكتمان التخطيط لمشروع عمليات تحرير شبه جزيرة الفاو بالتعاون مع الفيلق السابع، والقوة الجوية، والقوة البحرية، وطيران الجيش...



وكان مجمل تخطيط الحرس الجمهوري يقوم على الهجوم بجبهة فرقتين وعمق فرقة ثالثة مع الاحتفاظ بفرقة رابعة كاحتياط.... كنت العضو الثالث في فريق التخطيط الذي ضم بالاضافة الى ضابط استخبارات الحرس الجمهوري العقيد الركن حازم مهدي، والعقيد الركن نظام طه، إضافة للقائد ورئيس أركانه... كان عملنا مضنيا... لكنه كان مرغوبا لسببين: الثقة التي حصلنا عليها، والرغبة بالمشاركة في اعداد المشروع الكبير لتحرير جزء عزيز من الوطن....



بدأنا بهيكل الخطة العامة (فكرة العمليات)، ثم جدول محاور الاستحضارات، مع جدول زمني لخطة التحشد وخطة المخادعة، وكان اجمالي الالوية المخصصة عشرين لواء مختلفا، و44 كتيبة مدفعية وصواريخ، بالاضافة الى آلاف الاطنان من مواد تموين القتال، وخمس كتائب هندسة... مع قيامنا بالاستطلاعات الرئيسية والتفصيلية لبعض المحاور والاهداف... وكان الموضوع حساسا جدا، وعليه كان يجب على قواتنا تحقيق النصر المنشود...



وإلا...



فسوف نخسر الحرب لامحالة... لقد كان قرار صدام بابقاء مركز ثقل الاستراتيجية العراقية في أدنى الجنوب قرارا شجاعا مبنيا على حسابات دقيقة..مع مجازفة كبيرة في ظل ظروف قاسية.... ورافق ذلك خطة مخادعة سوقية (استراتيجية) أعدت بدقة عالية... حتى ان رئيس أركان الجيش الفريق نزار الخزرجي كان يعتقد ان تلك الخطة هي الحقيقة... وفقا لما سمعناه من مدير الاستخبارات العسكرية... وكان أمرا غريبا فعلا ان يستبعد رئيس أركان الجيش من المشاركة والاشراف على أخطر عملية في الحرب، في حين أشرك معاونه للعمليات الفريق الركن حسين رشيد التكريتي، ومدير الاستخبارات العسكرية اللواء الركن صابر عبد العزيز الدوري،


وفي غرفة عمليات الحرس الجمهوري وحال تحرير الفاو، قال صدام لرئيس أركان الجيش بالحرف الواحد: لقد دخلت التاريخ يا فريق نزار من أوسع أبوابه في هذه المعركة... لأنك رئيس أركان هذا الجيش العظيم... فرد عليه: شكرا سيدي.. مع نظرة فيها الكثير من العتاب.. فسرتها وأنا اراقب ملامح وجهيهما بأن ذلك نوع من الترضية لرئيس أركان الجيش...









كان للقرار الاستراتيجي بتحرير شبه جزيرة الفاو له ما يبرره:



70% من قدرة العدو تعمل في ساحة العمليات الشمالية.

60% من القوة المدافعة في قاطع شبه جزيرة الفاو المحتل قد تحركت شمالا.

توفر معظم قوات النخبة في الجيش العراقي في قاطع الجنوب، ومنها قوات الحرس الجمهوري..مركز ثقل الجيش..

اصبحت الفاو اكثر من هدف سياسي ووطني وشكلت حاجزا نفسيا صعبا للغاية.. وتحريرها سيشكل ولاشك منعطفا خطيرا لصالحنا..



وكان "كبير السحرة الدجالين" المنافق خامنئي، وعند احتلال الفاو، قد صرح "إذا ما تمكن صدام حسين من استرجاعها، فإنني سأذهب بنفسي إلى بغداد لتهنئته"... لكن صدام ورجاله حرروا الفاو وغير الفاو ودعسوا على رقبته وعلى رقبة الخميني وجرعوهم كأس السم الزعاف...ولم تتدنس شوارع بغداد بالحاخام الخامنئي....



كانت المعلومات المحصلة عن الفاو جيدة... فآخر تصوير جوي للقاطع كان بتاريخ 30/3/1988 احتوى على تفاصيل دقيقة جدا عن توزيع القطعات والاسلحة والعقد الدفاعية والاسلحة الساندة... وتم اعداد مسرح قتال مشابه لمسرح قاطع العمارة، وتدربت معظم الوحدات والتشكيلات على طبيعة الارض، وثابر قائد الحرس الجمهوري على رفع قدرة قواته لبلوغ المستوى الذين يؤمن لها الظفر بالمعركة لتحرير الفاو...... وهي المهمة التي أقسم على تحقيقها حين استلم مسؤولية الحرس الجمهوري، وكان صدام موفقا في اختيار هذا القائد المثابر والشجاع جدا ((اللواء إياد فتيح الراوي))

كانت مهمة تحرير الجزء الغربي ملقاة على عاتق فرقة المدينة المنورة، حرس جمهوري، والذي يبدأ من خور عبد الله الى نصف قاطع المسؤولية، وبالعمق الى المشروع 81 (مشروع قديم لصواريخ البحرية العراقية)، أما مسؤولية فرقة بغداد، حرس جمهوري، فكانت على الطريق الاستراتيجي الذي يحد قاطع مسؤولية الفيلق السابع إلى الحدود الفاصلة مع فرقة المدينة المنورة حرس جمهوري وبالعمق الى نهاية منطقة المملحة.... أما مهمة فرقة حمورابي حرس جمهوري فكانت الصفحة الثانية، وهي تحرير الفاو بالتعاون مع جهد الفيلق السابع والاندفاع الى رأس البيشة، أي الى رأس المثلث البري العراقي المطل على الخليج العربي... أما فرقة نبوخذ نصر :D :D :D حرس جمهوري بقيادة العميد الركن أزهر عبد الله فهي فرقة احتياط....



وبعد العرض جرت تعديلات على خطتي فرقة المدينة المنور بقيادة العميد الركن أحمد حماش، وفرقة حمورابي بقيادة العميد الركن ابراهيم عبد الستار... أما خطة فرقة بغداد حرس جمهوري بقيادة العميد الركن عبد الواحد شنان فكانت مستوفية... وكانت أعقد الاعمال والمهام هي الجهد الهندسي الذي كان يتمحور على فتح الممرات والمجازات وتأمين اكساء المنطقة الرخوة لتسمح باندفاع الدروع والعجلات عبر فرش حصر معدنية، وكذلك اكساء الممرات بمادة السبيس والحصى، علاوة على تأمين الجسور الصغيرة وتهيئة وسائد الاحذية العريضة لمنع غوص أرجل قطعات الصولة... وكانت الهمة عالية والحمد لله... وكانت ضمن واجباتي كضابط ركن عمليات عرض ما نتوصل اليه على معاون رئيس أركان الجيش، ومنه الى الشهيد صدام، حيث كنت استقل طائرة مروحية الى مديرية الاستخبارات العسكرية برئاسة اللواء صابر عبد العزيز الدوري لاطلاع الشخص المخول على الخطة، وهو وفيق السامرائي... ثم استقل احدى عجلات ديوان الرئاسة الى مبنى القيادة التي اتخذت آنذاك من أحد قصور الضيافة مقرا لها (قصر بغداد)....



يوم بدء العمليات تأخر الى يوم 17/4/1988 لعدم تكامل استحضارات الفيلق السابع بقيادة اللواء الركن ماهر عبد الرشيد، وكان هذا اليوم يصادف أول يوم رمضان، فأطلق الشهيد صدام على هذه العملية مسمى عملية رمضان... وكانت عناية الله سبحانه وتعالى لصالحنا... حيث ساءت الاحوال الجوية مما حد من إمكانيات الرصد المعادي... حيث كان للعدو أكثر من 70 برجا كبيرا للمراقبة...



ليلة الهجوم الكبير حضر صدام وعدنان خير الله الى مقرنا....وأدارا جزءا من المعركة من غرفة عمليات قوات الحرس الجمهوري... وقد كلف نجليه (عدي وقصي) بمشاركة قائدي الحرس الجمهوري والفيلق السابع... فعدي كان مع الحرس، وقصي مع الفيلق السابع

في الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 17/4/1988 أطلقت أكثر من ألف فوهة نيران القصف التمهيدي المركز... ومن ضمنها ضربة بالسلاح الكيماوي... وبدءا من الساعة السادسة شاركت الدبابات المخصصة لتدمير النقاط الحصينة الامامية من على منصات صنعت لها... وشاركت القوة الجوية وعدد من زوارق البحرية في مرحلة القصف التمهيدي... وفي تمام الساعة السادسة والنصف انطلقت وحدات الصولة لاقتحام الحاجز النفسي الكبير... سرعان ما بدأنا نستمع من خلال الاتصالات البشائر الاولى للنصر... لم تتأخر القطعات المعقبة الاخرى من زف أخبار النصر الواحد تلو الاخر ونحن غير مصدقين من سرعة ذلك النجاح... وبعد مرور ست ساعات كانت كل التشكيلات الامامية في أهدافها عدا قاطع لواء القوات الخاصة السادس عشر حرس جمهوري، الذي كان بإمرة العقيد الركن طلال القيسي.... حيث كان المانع المائي كبيرا وعميقا... وقد تركزت أمامه قوة معادية كبيرة جدا... ومن خلال مواطيء النجاح الاولى، تم دفع القدمة الثانية من الصولة، ومن خلال قاطع اللواء السادس بقيادة العقيد الركن رعد رشاد تم الالتفاف حول مقاومة اللواء السادس عشر... فتم تدميرها بالكامل... وانطلقت الالوية المدرعة بالاندفاع نحو العمق... ومع حلول ليل ذلك اليوم اكملت كافة تشكيلاتنا اهدافها للصفحة الاولى بكل مراحلها.... كذلك وردتنا أخبار النصر في قاطع الفيلق السابع الذي كان يقاتل في القسم الشرقي....



في ليلة 17-18/4/1988 وبعد أن اكملت فرقتنا احتلال أهدافها وكذلك فرق الفيلق السابع، قام آمر مدفعية هذا الفيلق اللواء نايف قصب جنديل بزيارة مقرنا على ضوء توجيه الشهيد صدام بضرورة تكثيف اجراءات التنسيق... فاطلع على موقفنا واطلعنا على مواقف قوات فيلقه.... كان هناك تنافس شديد لكسب شرف دخول الفاو بين الفيلق السابع وقوات الحرس الجمهوري...



بدأت الصفحة الثانية بقصف تمهيدي ونار ساترة، فدارت معركة شديدة... وفي تمام الساعة الثانية عشرة أعلن اللواء 20 حرس جمهوري تتقدمه كتيبة دبابات الفارس التي يقودها المقدم ركن سالم حافظ من اللواء السابع عشر المدرع حرس جمهوري دخول الفاو... وتم رفع العلم العراقي... وتداخل ذلك أيضا مع دخول قطعات اللواء 30 المدرع من الفيلق السابع... فزفت البشرى الكبرى..



وهنا أمر صدام حسين بدمج وتداخل الصفحة التالية دون انتظار مرحلة ترصين الهدف، حيث اندفعت فرقة حمورابي حرس جمهوري لتحقيق واكمال الصفحة الثالثة... فواصل لواء المشاة 23 حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن صالح يوسف الى رأس البيشة... فأمر الشهيد صدام بالسماح للعدو المهزوم بعبور شط العرب على جسر الانابيب المقام من قبلة لاشاعة روح الهزيمة في قطعات العدو في الضفة الشرقية لشط العرب... ثم وبناء على رجاء أعضاء القيادة العامة، وخاصة الطيار الحكم التكريتي، اكتفينا بتدمير ذلك الجسر بالقوة الجوية... ذلك أن الشهيد تساءل فيما لو كان لنا امكانية العبور الى الاراضي الفارسية لتأكيد الاقتدار العراقي.... وفيما بعد كتب صدام بيان النصر العراقي المبين وأملاه بالهاتف على وزير الاعلام يومها لطيف نصيف جاسم، واذيع البيان على الشعب العراقي العظيم.. فكانت البشرى عظيمة والفرحة أعظم وكان حدثا عراقيا عظيما....



قلب هذا النصر موازين القوى، فارتفعت معنويات قواتنا وشعبنا الى عنان السماء، وحصلت الصدمة بالعدو الفارسي، وكأنه لم يصدق ما حدث... وعصر ذلك اليوم حلق صدام وعدنان بالمروحية فوق الاراضي المحررة... وكانت آثار القصف المدفعي والصاروخي احدى الملاحظات التي تحدث عنها صدام فيما بعد.... لقد تفوق مركز الثقل العراقي الذي نفذ الهجوم على قدرة الخصم... فلم تبد منه ردة فعل نظرا لبعد مركز ثقل قواته المتواجد في أقصى الشمال.... وكانت تضحياتنا مقبولة نوعا ما... فلم تتجاوز الف شهيد.. في حين عند احتلال الفاو خسرنا حوالي الخمسين الف شهيد... ولا شك ان العدو خسر الالاف المؤلفه من جنوده في تلك المعركة الميمونة المظفرة... لقد دلت هذه المعركة على حب الوطن وقدرة قواته المسلحة وعلى استعداد الشعب للتضحية من اجل كرامة الوطن وطهارة ترابه...



لقد حدث ما توقعه صدام في أن معركة تحرير الفاو هي بوابة النصر الكبير، وانها معركة المنعطف لكسب الحرب... وهنا ادعى الاعداء الفرس ان كسب معركة الفاو كان نتيجة تحالف امريكي عراقي، وان جنودا امريكيين شاركوا بالمعركة الى جانب الجنود العراقيين!!!! وذهب بعض التافهين والناعقين والمتفلسفين والمستعربين والمدعين أنهم محللين الى الزعم ان تخطيط هذه المعركة يعود الى ضباط ركن مصريين!!!! وفي الحقيقة كان كلا الادعائين باطلين.... فمعركة تحرير الفاو من الالف الى الياء كانت معركة عراقية مائة بالمائة... لم يتدخل فيها لا الامريكان ولا المصريين الكذابين المنافقين مزوري التاريخ ولا غيرهم.....



في الصفحة 156 من الكتاب يوجد خريطة معركة تحرير الفاو...



معارك توكلنا على الله – الأولى -

(ابتداء من ص 157)



كانت نتائج معركة الفاو (رمضان المبارك) ليلة 17-18/4/1988 رائعة وكبيرة من الناحيتين المادية والمعنوية، وكانت حقا معركة المنعطف الكبير... وقد رافقها ضجة اعلامية عربية كبرى... لقد تمت استعادة المبادأة من العدو، بل انتزاعها منه، وبدأ بعدها يترنح من هذه الضربة التي كسرت فكه الزجاجي... وحاول أن يصورها انها ضربة تحت الحزام... لكننا كعراقيين نعلم قبل غيرنا ان هذه المعركة تم التخطيط لها منذ زمن بعيد.. حتى جاء القرار الاستراتيجي الشجاع للشهيد صدام في الوقت والزمان المناسبين...



صباح يوم 27/4/1988 اقسمت اليمين مجددا على التخطيط لمهمة تحرير أخرى.. ألا وهي مهمة تحرير الاراضي العراقية المحتلة في قاطع الشلامجة... خرجت مع قائد الحرس الجمهوري لاستطلاع ذلك القاطع...وكانت معظم استطلاعاتنا سيرا على الاقدام في الخنادق الامامية لقواتنا المدافعة هناك.... كان التخطيط يجري بسرية عالية كما في المعركة السابقة، إلا أن وضعنا النفسي كان مريحا، وكنا متفائلين جدا... كنا نسهر عدة ليال متوالية، وكان معدل الوثائق التي كنت أحررها وأرسمها يزيد عن ثلاثين وثيقة كل ليلة... وكان ممنوع علينا استخدام الالات الطابعة واجهزة الاستنساخ لشدة ضوابط أمن الخطط... وخلال تلك الفترة اعلن تلفزيون بغداد عن تجربة ناجحة لصاروخ عراقي أرض – أرض بمدى 900 كم اطلق عليه اسم العباس...



في يوم 10/5/1988 استلم قائد الحرس الجمهوري توجيها من القيادة العامة بأن موعد تنفيذ خطة تحرير الشلامجة هو 1/6/1988 بمشاركة الفيلق الثالث الذي سينفذ مهاما ثانوية باتجاه كوت سوادي... أما الجهد الرئيسي المحصور ما بين خشم البحيرة خارج الى شط العرب داخل فسيكون من مسؤولية قوات الحرس الجمهوري....



فجر يوم 14/5/1988 شنت عدة تشكيلات من طائراتنا المقاتلة غارة جوية بمدى 1200 كم على جزيرة لاراك الفارسية النفطية عند مدخل الخليج العربي... حيث اصبح للعراق ذراع طويلة يضرب فيها القدرات المعادية العسكرية منها والاقتصادية...



خلال مرحلة الاستحضارات تأكدت لنا قوة العدو كالاتي: سبعة افواج مشاة في خط جاسم، ستة افواج في الساتر الحدودي شلهة الاغوات، سبعة افواج مشاة اخرى في خط الدعيج، اي العمق، عشرة افواج مشاة احتياط خلف خط الحدود الدولية، اضافة الى فوج دبابات في الخط الدفاعي الثاني من اللواء 3 المدرع، الفرقة 92 المدرعة، وبإسناد 40 مدفعا وقاذفا للصواريخ....



في يوم 25/5/1988 (الساعة 03:45) استلمنا أمرا وقع علينا كالصاعقة... حيث قدم يوم الهجوم الى هذا اليوم بدلا من يوم 26/5/ وصارت ساعة الشروع به 08:30 بدلا من 06:30.. فيا للهول... كيف نعدل ونسرع الخطط؟؟ بينما كل ما لدينا من الوقت هو ساعات قليلة؟!! كان الموقف حرجا للغاية... بل ويصعب وصفه... لكن لعبت أجهزة الاتصال دورها، واندفع ضباط الارتباط وضباط الركن في كل الاتجاهات لتبليغ وتسريع حركات القطعات... وتم تحقيق المطلوب... ثم جرى التعديل وأجلت ساعة الشروع الى الساعة 09:30.... وتم تبليغ جميع التشكيلات باستثناء أحد تشكيلات فرقة بغداد – حرس جمهوري – حيث وصله التبليغ بعدما كان قد عبر خط الشروع بثلاثمائة متر... فأوقفت حركته... وكان موقفا حرجا للواء يقف بين خط الشروع وخط الاماكن الدفاعية للعدو...



في الساعة 09:30 بدأت مئات المدافع وضمن منهج موقوت بتأمين النار الساترة لقطع الصولة وضمنها ضربة كيميائية... فانطلقت الفصائل الامامية بعبور الممرات التي فتحتها القطعات الهندسية في الليلة الماضية... وملأت صيحاتهم الجو بعبارة الله أكبر لتعلو على أصوات المدافع....



ثم انطلقت الدبابات الامامية للتشكيلات المعقبة... وفي الساعة 10:42 استلمنا اول تقرير عن الموقف يفيد باحتلال الخط الدفاعي الاول نهر جاسم... فتعالت الاصوات بالحمد والتكبير... وفي الساعة الحادية عشرة تكامل عبور جحفل معركة كتيبة دبابات ضمنها سرية مشاة آلي من اللواء السابع عشر المدرع – حرس جمهوري – بقيادة العقيد الركن عبد العزيز الحيالي شط نهر العرب بفجوة 500 م على جسر نصبته كتيبة تجسير الحرس الجمهوري.... وقد بذل عناصر الهندسة العسكرية اقصى جهد للمحافظة على سلامة الجسر... وكانت قطعات من الضفادع البشرية من اللواء 26 واجبات خاصة حرس جمهوري قد مهدت لهذا العبور... حيث قضت على المقاومات المعادية في الضفة الشرقية للشط (النهر)... وكان انجاز العناصر رائعا... اعقب ذلك احتلال الجزء الغربي من الخط الدفاعي الثاني (نهر الدعيج) في الوقت الذي استطاعت فيه فرقة المدينة المنورة تحرير الجزء الشرقي من نهر جاسم.... وفي الساعة 12:00 اندفع اللواء السادس عشر قوات خاصة حرس جمهوري لاكمال وتحرير جزيرة الطويلة مع توغل فرقة المدينة المنورة نحو خط الدعيج... وكان لواء المغاوير الثاني عشر واللواء 22 يواصلان تحرير أجزاء أخرى من جزيرة إلى أخرى.... وكان أداء اللواء 12 ممتازا... وفي الساعة 12:30 زار الشهيد صدام مقرنا... وتم أعطاؤه ايجازا عن آخر تطور للموقف....



وفي الساعة 12:50 شرعت فرقة بغداد بالاندفاع نحو خط الدعيج لاكمال الصفحة الثانية، وفي الساعة 13:25 تمكنت فرقة المدينة المنورة من الوصول الى اهدافها.. كذلك أكملت فرقة حمورابي حرس جمهوري أهداف الصفحة الثانية... وفي الساعة 14:45 تم احتلال السدة الحدودية.... وفي الساعة 15:40 تم تحرير جزيرة الفياض... ثم تحرير آخر نقطة في جزيرة شلهة الاغوات... وبذلك اكملت فرق الحرس الجمهوري مهماتها... في الوقت الذي انجز فيه الفيلق الثالث بقيادة اللواء الركن صلاح عبود مهمته بتحرير الارض الوطنية المحصورة بين بحيرة الاسماك والسدة الحدودية.... وفي هذه المعارك استشهد آمر اللواء 24 العقيد الركن بشير وهو في مقدمة قطعاته...



تبادلنا التهاني مع الشهيد صدام... الذي جلس في ركن من مقرنا مع نائبه وزير الدفاع الشهيد عدنان ليكتب نص بيان القيادة العامة لزف البشرى للشعب العراقي الأبي الشهم من خلال وزير الاعلام الذي استلم النص بواسطة الهاتف....



((يوجد خريطة في الصفحة 162 من الكتاب توضح عملية تحرير الشلامجة البطولية))...



المعركة الثانية

تحرير جزر حقول نفط مجنون

قاطع عمليات الفيلق الثالث

(ص 163)



في 12/6/1988 بدأنا بالاستعدادات مرة أخرى لتحرير جزء آخر من تراب الوطن الغالي (على ضوء خطط مستلمة من القيادة)...وهو عبارة عن مجوعة جزر صناعية يقع القسم الاعظم منها داخل حدود الوطن... بنيت لأغراض عمليات استخراج النفط... وهي تنقسم الى شمالية وجنوبية.... الشمالية منها ترتبط مع الدولة الفارسية بسداد ترابية... والجنوبية تتصل بمنطقة السويب... ملتقى نهري دجلة والفرات.....كرمة علي.....



بدأنا في أكثر من اتجاه... تصوير جوي، نقل قطعات ومعدات الاعتدة، جمع وسائط العبور المختلفة الى مسرح القتال.. مثل المسطحات المائية مختلفة الاعماق تكسو معظمها نباتات المستنقعات الكثيفة... كانت قوات العدو تتألف من لواء باسدران، يتكون من خمسة أفواج إضافة الى سرية دبابات من اللواء الثالث المدرع، الفرقة 23 المدرعة باسدران في حقول النفط الجنوبية، ومن 15 – 20 فوجا من المشاة في حقول النفط الشمالية... يسندها ثلاثة افواج مدفعية.... اضافة الى خمسة افواج باسدران شرق عقدة السداد رشيدة....



كان الفيلق السادس بقيادة اللواء الركن (البطل) سلطان هاشم احمد يدافع عن الحافة الغربية لجزء مجنون، والمحاذية لنهر دجلة.. أما الفيلق الثالث فكان يدافع عن الحافة الجنوبية لتلك الجزر... لابد أولا من الاشارة الى جهود صنف الهندسة في هذه المعركة كما في السابق عظيما... وكانت معنويات مقاتلينا تيسر الحلول لأكثر المعضلات...... أعددنا خطط تنقل وتحشد وتجحفل دقيقة لثلاث فرق من الحرس الجمهوري في الامام وفرقة في العمق...



ليلة 12-13/6/1988 قام العدو بشن هجوم مفاجيء على جزء من قاطع الفرقة التاسعة عشر التي كانت بقيادة العميد الركن مجيد السامرائي :) من الفيلق الثالث... وذلك في قاطع الشلامجة المحرر... فوجهت عدة تشكيلات من الحرس الجمهوري التي شنت هجوما سريعا طردت فيه القوات المعادية من الموقع..... وسلمته الى قوات الفيلق الثالث التي اجرت ترصين لمواقعها....



كانت خطة الحرس الجمهوري تقوم على استعادة حقول مجنون الجنوبية ثم الاندفاع الى المنطقة الشمالية بقوة فرقتين لكل هجوم... وكان قائد الحرس الجمهوري قد أشرف شخصيا على تدريب المدفعية على نوعين من النيران الساترة: تمركزات نارية، ورميات خطية..... مع انزال قوة لا تقل عن فوج قوات خاصة لقطع طريق انسحاب العدو، ولأسر أكبر عدد ممكن من جنوده...



تم توزيع قطعات الصولة كما يلي:



136 طوفا من القوة البحرية

1460 زورق صولة منها 260 زورق مطاطي

220 زورقا حاملا لأسلحة مساندة

2700 دعامة جسر فليني للمشاة

830 دعامة جسر خفيف للعجلات

12 دبابة تجسير

جسر بانتونات PMP بطول 500 م

إنشاء خمسة أحواض (أرصفة) إنزال قوارب

48 طوفا وبرمائية

138 عجلة قتال PMPI



في الساعة 03:45 يوم 25/6/1988 بدأ القصف التمهدي للمدفعية والصواريخ بحوالي 400 فوهة سلاح..... وفي الساعة 04:15 شرعت قطعات صولة القدمة الاولى بعبور خط الشروع... وبعد حوالي ساعتين أنجزت فرقة حمورابي الصفحة الاولى من المعركة بخسائر قليلة، منها استشهاد آمر لواء المغاوير الثاني عشر المقدم الركن أحمد عكلة، فخلفه وكيله توفيق، وشرعت بتنفيذ الصفحة الثانية...



وفي الساعة السابعة والنصف من نفس اليوم أنجزت فرقة المدينة المنور حرس جمهوري احتلال أهداف الصفحة الاولى وشرعت باحتلال أهداف الصفحة الثانية... وفي الساعة التاسعة أكمل لواء المشاة الالي الخامس عشر حرس جمهوري أهداف الصفحة الثانية... وبحلول الساعة السابعة والنصف مساء تم تحرير جزر مجنون بأكملها... ومن ثم انزال فوج القوات الخاصة من اللواء السادس عشر حرس جمهوري خلف خطوط العدو... وتم الاتصال مع قطعات الفيلق السادس في سدة الدسم....



وكانت التقارير الواحد تلو الثاني تتحدث عن تحقيق الانتصار تلو الانتصار في أعقد عمل تعرضي في تاريخ الجيش العراقي... وكالعادة، زارنا الشهيد صدام ونائبه الشهيد عدنان في مقرنا.... وأشرفا على سير القتال بقلوب مطمئنة واثقة بالنصر... والحمد لله أنجزت قواتنا تحرير جزء آخر عزيز وغالي من وطننا... وبدت ساعة إعلان كسبنا للحرب قريبة جدا... وكالعادة تناقلت وسائل الاعلام العربية والعالمية عبر الاقمار الصناعية صورا عن ذلك النصر العراقي الجديد....



((خريطة المعركة في الصفحة 167)).....



المعركة الثالثة

قاطع الزبيدات

قاطع عمليات الفيلق الرابع

(ص 168)



تأكد بلا شك الاقتدار العراقي، وتأكد لنا أننا بفضل الله كسبنا هذه الحرب الظالمة التي شنت علينا... لقد كانت نتائج التحرير في المعارك السابقة دلالة على انهيار العدو وفقدانه الارادة على القتال، وأن معنويات قادته ومقاتليه اصبحت في الحضيض... وتأكد لنا اصرار القيادة على ادامة زخم التعرض المقابل بهدف استثمار الروح المعنوية لقواتنا اثر الانتصارات السابقة..



استلم قائد الحرس الجمهوري توجيه الشهيد صدام بالتهيؤ السريع لتحرير الأجزاء المحتلة من تراب العراق العظيم في قاطع عمليات الفيلق الرابع – قاطع الزبيدات – بالرغم من قساوة المناخ الحار.. وتعب القطعات التي أنجزت ثلاث معارك كبرى.. وذلك بالمشاركة مع قوات من الفيلق الرابع بقيادة اللواء الركن أياد خليل زكي...



إن ساحة العمليات الجديدة ذات أرض متموجة، وكانت سلسلة حمرين تشكل الجزء الوعر منها، ويعتبر نهر دويريج المحاذي للحدود الدولية مانعا لعمل القطعات المدرعة، حيث يتحدد العبور بالجسور..



أو....



من خلال المخاضات المحدودة....زودتنا الاستخبارات العسكرية بصور جوية جيدة... كانت مهمة قوات الحرس الجمهوري التي حددتها توجيه الخطط للقيادة العامة تتمثل بالهجوم على مواضع العدو في منطقة الشرهاني لاستعادة الاراضي العراقية المحتلة من شمال مرصد القائد بحوالي 2 كم والى منطقة الحدود الدولية جنوب مخفر الشرهاني داخل، وتدمير العدو داخل الاراضي الفارسية من مخفر عنكيزة وحتى شمال جم صريم بحوالي 2 كم... ثم الاندفاع الى منطقة عين الخوش لتدمير مدفعية العدو واسر اكبر عدد ممكن من مقاتليه.. وذلك بهدف معادلة عدد الاسرى العراقيين في معسكرات العدو...



في الصفحة الاولى من هذه المعركة تهجم فرقة بغداد وفرقة المدينة المنورة وفرقة نبوخذنصر مع الضياء الاول ليوم 12/7/1988... من مرصد القائد وحتى مخفر عنكيزة.... وتبقى فرقة حرس جمهوري احتياط... اما في الصفحة الثانية فتهجم فرقة بغداد وفرقة المدينة المنورة وفرقة نبوخذ نصر على مواضع العدو في مفرق الطريق العام ونهر دويريج وتصل الى عقدة الطريق شمال جم صريم للوصول الى عين الخوش وموسى الحادي في العمق الفارسي.... خرجت مع قائد الحرس الجمهوري لاستطلاع نهائي لأهدافنا، اولا بواسطة مروحية، ثم بواسطة عجلة استطلاع صغيرة...



بعد اكمال التحشدات، بدأت العملية في الساعة 06:45 من يوم 12/7/1988 بقصف تمهيدي شديد من مدافع وصواريخ اكثر من 40 كتيبة مدفعية... وفي الساعة 07:15 عبرت قطعات الصولة خطوط شروعها تحت ستر نار المدفعية والدبابات.. وفي الساعة 07:40 من نفس اليوم اكمل لواء المشاة 19 حرس جمهوري واللواء 11 مغاوير احتلال الساتر الاول... واندفع لواء المشاة 20 ولواء المشاة الخامس ولواء المشاة 22 لاحتلال الساتر الثاني... وفي الساعة الثامنة صباحا بدأ القتال في الساتر الثاني... وفي الساعة التاسع والربع تم احتلاله... وفي الساعة 10:40 اكمل الفوج الاول من اللواء السادس عشر قوات خاصة حرس جمهوري احتلال هدفه شمال نهر دويريج... وفي الساعة 11:32 بدأ قتال الصفحة الثانية... وفي الساعة 12:57 اكملت اهداف الصفحة الثانية وشرعت وحدات الهندسة بإزالة السواتر فورا...



حضر الشهيد صدام الى مقرنا للاشراف على التنفيذ وكان هاديء الاعصاب... يتفحص تقارير الموقف بدقة، ويستمع باهتمام لشرح قائدنا عن سير العمليات ويبدي ملاحظاته، ثم يتصل بالقادة المتنفذين واحدا بعد الاخر يبارك لهم الانتصارات، وكواثق بالنصر أشار الى ضرورة اسر أكبر عدد ممكن من جنود العدو وتدمير ما يمكن تدميره من أسلحة وعتاد...



في يوم 14/7/1988 تم احتلال مقر الفرقة 21 الفارسية، ومقر عملياتهم، وسبق ذلك انزال فوج قوات خاصة من اللواء السادس عشر حرس جمهوري بواسطة الطائرات السمتية في عين الخوش، وتم الوصول الى منطقة جنانة، وكان مجموع اسرى العدو قد بلغ 7221 اسيرا بين ضابط وجندي... وكنا نتابع عمليات تطور الخطة بالطائرات، وكنت استقل واحدة من نوع غازيل.... كنا نضطر للهبوط اكثر من مرة عندما يتسلم الطيار تحذيرا بوجود طيران معاد.. وحصلت حادثة مؤسفة حين استشهد بنيران صديقة صديقي المقدم قدري شاكر صالح وكان مساعدا لي حين كنت آمرا لكتيبة دبابات الحمزة... كذلك وللاسف استشهد أحد الصحفيين العرب الذي كان يتجول بين قطعاتنا....



كانت هذه المعركة تتميز بأنها جرت بأقل وقت من التحضيرات ونطاقها كان واسعا جدا وتطور خلال مراحل التنفيذ، كما انها كانت المعركة التي اسر فيها أكبر عدد من جنود العدو... وهي المعركة التي نفذ فيها جيشنا اكبر نطاق مناورة... وكانت مفخرة للجيش العراقي العظيم سجلت له انه ناور بفيلقي عمليات ثقيلين بتوقيتات وظروف عملياتية تعتبر قياسية جدا تعجز عنها جيوش دول كبرى... كذلك في هذه المعركة فقد العدو ارادته في القتال، حيث كان افراده لا يبذلون جهدا كبيرا للتخلص من الاسر... فقد كانوا يستسلمون فورا....



((خريطة المعركة في الصفحة 173))...



المعركة الرابعة

قاطع سربيل زهاب كيلان غرب

قاطع عمليات الفيلق الثاني

(ص 174)



صباح يوم 18/7/1988 بدأت قوات الحرس الجمهوري بالتنقل من قاطع عمليات الفيلق الرابع الى قاطع عمليات الفيلق الثاني خانقين – جلولاء.. على اثر صدور توجيه القيادة العامة للهجوم على العدو في اراضيه بين منطقتي امام حسن – وسربيل زهاب لتدمير واسر اكبر عدد ممكن من قواته والاستيلاء على الاف الاطنان من العتاد المتواجد في ذلك القاطع، واجباره على ايقاف العدوان.... قبل ذلك بيوم كنت استمع من راديو السيارة التي كنت استقلها ان الفرس اعلنوا قبولهم لقرار مجلس الامن 598... وكانوا قد رفضوا ذلك القرار قبل عام بعجرفة وغطرسة فقد كانوا لاينوون وقف القتال الا بعد اسقاط النظام السياسي في العراق..... وبعد هذا الاعلان الفارسي بدأت القيادة العامة عندنا تضغط لسرعة اكمال التحشدات كي لا يتعرض العراق لضغوط دولية لايقاف الحرب قبل ان نحرم العدو من امكانياته المادية وكذلك لأسر اكبر عدد ممكن من قواته لمعادلة موضوع الاسرى بين الطرفين.... كذلك علمت عن عبارات اليأس التي أطلقها الدجال خميني حين توسل اليه قادته قبول وقف اطلاق النار وهم ينقلون له حقائق الموقف العام.... حينها قال ذلك المقبور: اني اخولكم قبول هذا القرار وكأني أتجرع كأس السم الزعاف... وكان لايتحدث الا الحقيقة...



كانت ساحة العمليات عبارة عن منطقة جبلية تكتنفها عدة سهول كبيرة تقع بين سلاسل متعددة من الجبال، واهم هذه السهول سهل سربيل زهاب وسهل امام حسن... وكان يخترق تلك الساحة نهر الوند وبعض الوديان الكبيرة كوادي كيلان غرب ونفط تولك وكنكاتوش... وتمر في هذه الساحة عدة طرق اهمها الطريق الدولي – طهران – بغداد عبر سربيل زهاب – قصر شيرين – خانقين، وكذلك الطريق الحدودي جاي حمام – كوهينة – قصر شيرين وطريق قصر شيرين – خانقين...



يوم 22/7/1988 وفي الساعة 06:45 بدأت مدفعية الحرس الجمهوري بالقصف على المواضع الامامية وعلى بعض المواضع التعبوية في العمق واخرست عددا من مدفعيات العدو وبمشاركة القوات الجوية.... وفي الساعة 07:15 شرعت قوات الحرس الجمهوري بتنفيذ خططها.. فاخترقت قطعات الصولة خط الحدود الدولية باتجاه سربيل زهاب – وامام حسن على مراحل بالوقت الذي شرع فيه الفيلق الثاني (الفرقة المدرعة العاشرة والفرقة الالية الخامسة) بالاندفاع على محوري مندلي – سومار – نفطخانة – جبل درامان... وبعد قليل بدأت التقارير تتحدث عن الانتصارات الاولى وتؤكد عدم جدية العدو في القتال....كلفت بتدقيق الموقف حيث وصلت قطعاتنا بالعمق نو باي طاق عبر كلي داود... ثم عدت الى سربيل زهاب حيث تمركزت هناك معظم تشكيلات فرقة نبوخذ نصر حرس جمهوري... رجعت الى مقرنا التعبوي عبر قصر شيرين ثم المنذرية...



في الساعة 10:37 زارنا الشهيد صدام ونائبه الشهيد عدنان حيث اصدر عدة توجيهات لقائدنا حول تطوير الموقف بجميع الاتجاهات، وخاصة باتجاه كيلان غرب واحتلالها والاتصال بطلائع الفيلق الثاني، الفرقة الالية الخامسة... واسر ما لايقل عن عشرة الاف جندي من جنود العدو... واشار الشهيد علينا بضرورة استخدام القوات المحمولة لإحكام السيطرة على عقد الطرق... كذلك كلفت فرقة القوات الخاصة حرس جمهوري بقيادة العميد الركن وعد الله مصطفى بالاندفاع لاحتلال محافظة كيلان غرب، على أن يؤمن اللواء الثامن عشر آلي حرس جمهوري الاتصال بها....



وتم إنزال اللواء السادس عشر قوات خاصة بواسطة طائرات سمتية على المرتفعات المطلة على مدينة كيلان غرب... وفي الساعة 19:00 قبل الغروب دخل احد افواج القوات الخاصة مدينة كيلان غرب... وفي اليوم التالي 24/7 دفع اللواء المدرع التاسع حرس جمهوري نحو قلعة شاهين لتدمير قوة تعادل سرية دبابات معادية كانت هناك... حين اكمل مهمته اتصل مع الفرقة الالية الخامسة... هذا في الوقت الذي قامت فيه سرايا التموين والنقل بأقصى جهد لنقل الاعتدة المستولى عليها... وكانت بأرقام فلكية ما اضطر مقرنا لاتخاذ قرار بتدمير ما يمكن اخلاؤه....



كانت اعداد الاسرى من العدو تتضاعف، وقامت الطائرات بنقل عدد كبير منهم الى مناطق بعيدة، وكان منظرهم وهم يلوحون للطائرات للاستسلام أمرا لايصدق... وعند نزول اي طائرة لنقلهم، كانوا يتدافعون اليها بالمناكب... وقد افاد احدهم وهو برتبة رائد ان رفسنجاني زارهم يوم 18/7 وطلب اليهم بذل الجهد بعدم الاستسلام لان العراقيين لن يتجاوزون كثيرا في العمق الفارسي!!!!



كان صدام قد اصدر في اليوم التالي لهجومنا أمرا لكل فيالق الجيش بالتعرض اللامركزي لاستعادة اي شبر من تراب الوطن لازال خارج سيطرتنا... فاندفعت عدة تشكيلات من كل فيلق ومنها الفيلق الخاص (المتقاعدون) بقيادة الفريق الركن اسماعيل تايه النعيمي فاستعادوا كل الاجزاء المحتلة... وكان الفيلق الثالث قد ذهب بعيدا نحو الاحواز الى معسكر حميد الفارسي ودخل بمعركة.... وخاصة اللواء الثاني عشر المدرع بقيادة العقيد الركن محمد يونس أمين... وفي هذه المعركة استشهد قائد الفرقة الثالثة اللواء الركن طاهر عبد الرشيد بحادث سقوط طائرة كان يستقلها... استعدنا قمم سيف سعد وسانويا، وبعض الروابي: جلات – الدراجي – الصدور..



في ليلة 25-26/7 وفي ساعة متأخرة اتصل وزير الدفاع – نائب القائد العام – الشهيد عدنان خير الله، وكنت آنذاك ضابط ركن خفر العمليات، وكان يستفسر عن الموقف، وقد طلب مني عدم ايقاظ قائد الحرس الجمهوري وعدم ازعاجه تقديرا منه لراحة قائد يدير معركة... فاعطيته الموقف، وقد خمنت وجود الشهيد صدام الى جواره... وكانت لدماثة اخلاقه اثرا كبيرا في نفسي... وفي ليلة 27-28/7 صدر الامر لقواتنا التي توغلت في الاراضي الفارسي بعمق 70 كم بالانسحاب منها وتدمير كافة الاعتدة والاسلحة التي لن تستطيع اخلائها... واستغرقت عملية الانسحاب 48 ساعة... كانت مشاعر الجميع لاتوصف... فقد انتصرنا والحمد لله...



في 6/8/1988 تحركت قواتنا باتجاه الجنوب (العمارة والبصرة) وقد رفعت أعلام النصر، أعلام العراق العظيم على رؤوس أرتالها......... ومساء 8/8/1988 أعلن صدام عبر رسالة متلفزة أن العراق وافق على الدخول بمفاوضات مباشرة مع الدولة الفارسية، مع أيقاف القتال، وانهاء الحرب التي استمرت ثمان سنوات... تلك الحرب التي كانت توقعات الخصوم تقول انها ستنتهي لصالح الفرس.... وعلى إثر هذا الاعلان خرجت الجماهير العراقية في كل مكان تعبر عن فرحها الغامر بهذا النصر العظيم بشيء لا يصدق.... موجات لاتنتهي من العراقيين تخرج الى الشوارع والساحات العامة...






وفيما أنا أتابع هذا المنظر الرائع للنصر من خلال شاشة التلزيون في مقر الحرس الجمهوري بالبرجسية تراءى لي كل الشهداء الابطال الذين جادوا بدمائهم الزكية ليصنعوا هذا النصر مع من ظل من رفاقهم المقاتلين.... وتراءت لي صور لا تنتهي من صور البطولة والجهاد لجيشنا... صور عظيمة من الصبر والمطاولة التي كانت أسيرة في تاريخنا... وظن الكثيرون أن ذلك موقوف على الماضي المجيد.... لقد تحررت طاقة شعب كانت كامنة.... ولقد كان هذا الشعب يمتلكها..... بل استعادت الامة العربية زهوها في هذا النصر العظيم بعد سلسلة من الازمات والهزائم التي منيت بها نتيجة ما أثقلتها به سبعة قرون سوداء مضت.... وليس كل ما ظهر في صور البطولة هو ما ظهر... بل كان هناك صور عظيمة لم يسعف القدر والحظ على ابرازها.... فكان هناك كما في حرب جنود وأبطال مجهولون.....



((خريطة المعركة الرابعة في الصفحة 181))
الشمس شمسي و العراق عراقي [*][*][*] ما غير الدخلاء من اخلاقي

صورة العضو الشخصية
نبوخذنصر
Private - Jundi
Private - Jundi
مشاركات: 27
اشترك في: الخميس أكتوبر 18, 2012 7:42 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة نبوخذنصر » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 6:07 pm

دخول الجيش العراقي الى أرض الكويت عام 1990

يطلق الفريق رعد على هذا الفصل الخامس من الكتاب (ص 183) عنوان: الحرب على الكويت عام 1990؟؟!! والحقيقة أنا لا أدري لم اختار هذا العنوان... فما حصل في ذلك العام كان حربا من شيوخ ال الانبطاح على العراق وليس حربا من العراق على الكويت... كانت مؤامرة نفذها أولئك القوم بالتعاون مع دول البترودولار الأخرى وبالتنسيق الكامل مع أمريكا والصهيونية العالمية والفرس من طرف خفي غير معلن... هذه حقيقة ثابتة أكدتها الايام اللاحقة...



على أية حال... يقول الفريق رعد ما يلي:

الحمد لله خرج الحرب منتصرا في نهاية تلك الحرب... خرج العراق مزهوا ومفتخرا بما حققه، لقد أصبح الحلم حقيقة، وهذه الحقيقة أيقظت العرب من رقادهم، وحركت كل الآمال وكل الأماني، وصار اليقين أن أحلام العرب وأمانيهم قابلة للتحقيق.... لاشك كان هناك خسائر بشرية، تبعها عقابيل نفسية وأخلاقية واجتماعية وضاع عمر جيل كامل من الشباب، هذا عدا عن الخسائر المادية... لكن خرج العراق وهو يمتلك الثقة والقدرة بنفسه.... فأكبر جيش عرفته المنطقة هو عراقي... وأكبر قاعدة للتصنيع العسكري عراقية.... مع افضل خبرة قتال عالية...

لقد عبرت القوة العراقية عن نفسها بصراحة ووضوح،
ما إن انتهى العدوان الخميني على العراق حتى طلب صدام مقابلة قائد الحرس الجمهوري، الفريق الركن اياد فتيح الراوي في بغداد كنت، والجميع، نظن أن سبب الاستدعاء هو تحليل نتائج الحرب، وعلى ضوء ما لمسته من اختلاف في وجهات النظر، ما بين رؤية المقر العام وقيادات الفيالق، حيث كنت ممثلا الحرس الجمهوري في موضوع تحليل المعارك وكان لي مساهمة واضحة..... فقد خولني قائدي بالكلام عن قوات الحرس الجمهوري....



استدعاني قائد الحرس بعد أن عاد إلى مقره في البرجسية غرب البصرة، وكان بمزاج جيد... وراح يتحدث معي عن قدرات اسرائيل العسكرية ومقارنتها مع قدراتنا... وركز على الاسلحة الستراتيجية وخاصة صواريخ أرض/أرض بعيدة المدى، وأمرني بلقاء قائد سلاح الصواريخ العميد الركن حازم شهاب.... في ذلك الوقت كان سلاح الصواريخ سلاحا فتيا، لكنه قفز قفزات متواترة نحو امتلاك الذراع العراقية الطويلة مع القوة الجوية العراقية التي تطورت كثيرا في نهاية العدوان الخميني ... وكان هدف لقاء العميد حازم معرفة أية معلومات عن انفتاح بطاريات العدو الصهيوني وموقع اسلحته النووية.... أيقنت بعد ذلك اللقاء ان القيادة العراقية بدأت التفكير جديا بالمشروع القومي لتحرير فلسطين.... (-| (-|

في لقائي مع قائد سلاح الصواريخ في مقره جنوب بغداد (ناحية المشروع) وهو من العقول الذكية في جيشنا وله طاقة كبيرة على الحديث المستمر.. اخبرته بما طلب قائدي... فانعقد لسانه من الدهشة وظهر الارتباك عليه... فقد استنتج خطورة الموضوع... وفي حوار سريع مع أحد ضباط ركنه اخبرني معتذرا بأنه لايملك شيء يفيدني ووعدني ببذل كل الجهود للحصول على المعلومات المطلوبة وبالتعاون مع الاستخبارات العسكرية، ومنها شعبة اسرائيل....



في اليوم التالي، وعلى مائدة العشاء، طرحت مجموعة من المعضلات امام قائد الحرس الجمهوري، واشرت الى انه لو كان لدينا اهتمام بالاعداد للمعركة القومية الشاملة ضد اسرائيل فإني أعرض الاستفادة مما أملك من متابعة لتطور القدرات الاسرائيلية......



وفي بداية عام 1989 بدأت تشكيلات الحرس الجمهوري بإعداد وتنفيذ سلسلة من التمارين التعبوية على ضوء خبرتنا... وكنت أنذاك آمر لجحفل اللواء 17 حرس جمهوري، والذي أساسه اللواء الاول... الذي أعيد تشكيله بعد معركة الفاو عام 1986... وهو لواء يمتلك خبرة متراكمة اضافة الى مقاتلين من الطراز الاول...



وفي 7/4/1989 عسكرنا في معسكر الراشدية شمال شرق بغداد.. ثم كلفت بالانضمام الى زمرة استطلاع لساحة العمليات الاردنية – الاسرائيلية الفلسطينية... استقبلونا في عمان بالكثير من الاحترام... حيث كان هناك الفريق فتحي أبوطالب رئيس الاركان، وكانوا يحترموننا بشكل كبير ويعاملوننا معاملة خاصة... واسجل لهم دقة مواعيدهم والالتزام بالتوقيتات وتمسكهم بالتقاليد العسكرية... لكنهم كانوا بعيدين جدا عن فكرة الحرب مع اسرائيل....



وبهضبة ام قيس، ملتقى الحدود السورية الاردنية الفلسطينية في محافظة اربد بدأنا استطلاعنا....حيث نهايات نهر اليرموك وبحيرة طبريا وامتدادات المرتفعات السورية المحتلة (الجولان) مع شمال الاردن وفلسطين...ومن الطريف ان فلاحة اردنية، وبعد ان انهيت صلاة الظهر اسفل احد المراصد، رحبت بي وقالت: ألست ضابطا عراقيا؟ فقلت نعم... فقالت: ما الذي أتى بكم الى هنا؟ فأجبتها: وهل يسأل المرء أو يكرم في داره؟؟ قالت والله انتم على رؤوسنا، انتم شرفنا، ولكن نظن ما جئتم هنا إلا للحرب!!! الله يعطيكم العافية... ما بدنا حرب.!!!



ثم تفاجأنا بجنود العدو الصهيوني يلتقطون صورا لنا بالفيديو وعادي.. ونحن نرتدي ملابس الجيش العراقي!!! اما المشهد الذي تأثرنا به كثيرا فهو مشهد قبة الصخرة على حافة المسجد الاقصى المبارك.... وفي تلك الفترة حدثت في الاردن مظاهر شغب نتيجة افتقار الناس الى الاغذية الاساسية وارتفاع الاسعار... وذلك ايضا نتيجة ازمة اقتصادية حادة مرت بها البلاد.. وخلال زيارتنا لقاعدة الشهيد نزار السلطي الجوية التي بناها العراق خلال دعمه للجبهة الشرقية عام 1967 شاهدنا انفتاح سربين من الطائرات المقاتلة نوع اف 5 امريكية الصنع....



وخلال تجولنا في القاعدة قال لي أحد الضباط الاردنيين: هل انتم جادون بتحرير فلسطين من هنا؟ وكان يقصد من هنا اي الاردن... ألستم مدركين للضغوط السياسية الدولية للولايات المتحدة نحو القبول بمشروع سلام مع اسرائيل؟؟ لقد كانت افضل الفرق الاردنية معززة بقوة مضافة منفتحة على الحدود الشمالية مع سوريا، بينما كانت باقي الفرق في العمق، بوضع لايوحي بأي قلق حالي او مستقبلي من جهة فلسطين!!!



بعد العودة الى العراق نفذنا الاستعراض العسكري الكبير في مدارج مطار المثنى.... في ذلك الوقت احبطت محاولة لاغتيال الشهيد صدام على غرار المحاولة التي اغتيل بها انور السادات... وذلك قبل تنفيذها... وكان الذي ينوي تنفيذها بعض ضباط الحرس الجمهوري من عشيرة الجبور.... وبعد الاستقرار شرعنا باعداد تمارين تعبوية لاقتحام خطوط الدفاع الاولى لاسرائيل كصفحة اولى للحرب...



يوم 4/5/1989 نعى صدام، وزير الدفاع ونائب القائد العام، الشهيد عدنان خير الله طلفاح، شقيق السيدة ساجدة، الذي وافاه الاجل بسقوط طائرته السمتية في موقع جنوب أربيل عند عودته الى بغداد... وعم الحزن معظم العراقيين قيادة وجيشا وشعبا لما امتلكه الشهيد من قيم اخلاقية عالية ونفس كريمة وما سطره من تاريخ مجيد واداء قيادي اتسم بالشجاعة والمسؤولية الاخلاقية العالية..... لقد خيم جو كـئيـب على قواتنا، وسمي الموقع الذي سقطت فيه الطائرة المشؤومة بالعدنانية، وبني فيه جامع كبير بنفس الاسم تخليدا لذكراه...فووري جثمانه في تكريت اولا ثم نقل الى مقبرة خاصة قرب نصب الشهيد شرق بغداد.







((من الصفحة 189 الى الصفحة 193 يتحدث الفريق رعد عن تمارين وتدريبات عسكرية واستطلاعات وفعاليات تدريبية ومحاضرات لرفع الكفاءة العسكرية))



في 2/7/1990 اجتمع صدام بقيادة الحرس الجمهوري، ودار الحديث حسب ما علمت حول المؤامرة التي يتعرض لها العراق والدور التخريبي الذي يقوم به الشيوخ "المنصبين" على الكويت..... ونكران جميل العراق في الدفاع عنهم والتضحية بأبناءه ورجاله لأجلهم وأجل غيرهم.... وأن القيادة العراقية مستاءة جدا من تصرفاتهم العدوانية ومؤامراتهم الواضحة التي لا لبس فيها....((تذكر عزيزي القاريء ان فهد بن عبد العزيز – الله لا يرحمه - في ذلك العام قال: انه لولا العراق لكنا الان شحاذين في زوايا الهند)).... انهى صدام كلامه مستفسرا عن قدرات الحرس الجمهوري ودرجة استعداده للقتال، فأكد له القادة أن الحرس بأعلى درجات الاستعداد....



في الساعة 03:30 يوم 15/7/1990 اتصل بي العقيد الركن معتمد التكريتي رئيس اركان فرقة حمورابي حرس جمهوري، وكان مقرها في الصويرة، وطلب مني تهيئة جحفل لوائي المدرع السابع عشر وكان مقره في الكوت... وأخبرني ان ناقلات الدبابات ستصل في الصباح... هيئت عائلتي لإعادتها الى بغداد، فقد كنت اسكن دور الضباط في الكوت.... وخلال تبادلي الحديث مع مقدم اللواء العقيد شباط علي مطر اشرت ان التلويح بالقوة او استعراضها هو وسيلة من وسائل السياسة....



صباح 15/7 ودعت عائلتي، ثم اشرفت على تحميل دروعنا على الناقلات... وأصدرت الوثائق الخاصة بذلك، وقمت بتأمين الشؤون الادارية...ثم سلكنا طريق الكوت – الناصرية – البصرة... وكان الجو حارا...وخلال التنقل علمت أن باقي تشكيلات الفرق الاخرى قد تحركت ايضا....



وفي يوم 18/7/1990 تكامل جحفل لوائي في منطقة البرجسية بموازاة طريق البصرة – سفوان – جبل سنام... وشرعنا بإكمال الاستعداد القتالي من الناحيتين الفنية والادارية... وكانت حركة المسافرين بين العراق والكويت مستمرة... وكان المسافرون يتوقفون يسألوننا سؤالا واحدا: إلى أين أنتم ذاهبون؟ وكانت الاجابة: للاشتراك بتمرين... وقد لاحظت سيارتين من نوع كابرس تحمل كل منها لوحات كويتية تتجولان على الطريق المحاذي لتنقلنا عدة مرات... وكانت تصرفات راكبيها غير طبيعية... فأرسلت من ينذرهم ليتركوا المنطقة... فغادرا على الفور....



يوم 19/7/1990 دخلت على قائد الفرقة... فوجدت مصحفا على طاولته... وبعد تبادل الحديث طلب مني أن أقف للقسم على كتمان مشروع يحمل الرقم 17 ويتعلق بتحرير الكويت... وأن مهمة جحفل لوائي تشكل الجزء الاعظم من مهمة الحرس الجمهوري.... كانت أكثر توقعاتي لا تتجاوز قيامنا باحتلال الشريط الحدودي الذي تجاوزت عليه الكويت والذي جرى الحديث عنه مؤخرا... او الاندفاع بضعة كيلومترات جنوبا الى القبة النفطية لحقول الرميلة الجنوبية العراقية....



فجر يوم 30/7/1990 ذهبت برفقة عدد من الضباط الى مديرية الاستخبارات العسكرية للحصول على المعلومات المطلوبة... تأكد لنا وجود ستة ألوية كويتية هي:



لواء المشاة الالي السادس أمام عارضة المطلاع الشهيرة في منطقة ظهر اللياح وكان مجهزا بدروع حديثة.

لواء المغاوير رقم 80 خلف عارضة المطلاع مباشرة.

اللواء المدرع 35 على طريق السالمي 40 كم عن المطلاع.

اللواء الاميري المجهز بناقلات اشخاص مدرعة (مصرية الصنع تدعى فهد)

اللواء المدرع الخامس عشر في الاحمدي على الطريق الدولي نحو الحجاز والمحاذي للساحل.

لواء الحدود موزع على الحدود الدولية مع العراق.



وكان مقررا أن أدخل الى الكويت للاستطلاع كسائق شاحنة عسكرية كبيرة تقوم بنقل حمولة عسكرية موردة للعراق من ميناء الاحمدي... لكنني اعترضت على ضابط المخابرات المرافق العميد سنان عبد الجبار، لأنني اردت مرافقا (معاون) يجيد معالجة الاعطال الفنية التي قد تصيب الشاحنة...



وفي يوم 31/7/1990اخبرنا بالعودة الى وحدتنا بأقصى سرعة... حيث كان قائدي ينتظر وصولي بفارغ الصبر... وكان قائد الحرس الجمهوري قد أرسل أحد ضباط ركنه العقيد الركن فوزي ابراهيم اللهيبي بصفة تاجر الى الكويت لغرض الاستطلاع...



وضع الفريق اياد فتيح الراوي خطة التعرض بجبهة اربع فرق:

فرقة حمواربي تهاجم على الطريق العام صفوان – العبدلي – المطلاع – الجهراء – الكويت العاصمة يقدمها جحفل لوائي بالتنسيق مع اللواء السادس عشر قوات خاصة، والقوة الهابطة من الجو... مهمتها التركيز على القصر الاميري – قصر بيان – مجلس الوزراء – وزارتي الداخلية والدفاع... تعقبها فرقة نبوخذ نصر مشاة بقيادة العميد الركن محمود دهام بديوي على نفس المحور لاحكام السيطرة على العاصمة.



تندفع فرقة الفاو حرس جمهوري على الطريق الساحلي ام قصر – الطريق الساحلي – شمال الكويت العاصمة وتمسك بجزيرة بوبيان وتكون بقيادة العميد الركن ميسر فاضل الجبوري.



فرقة المدينة المنورة حرس جمهوري تندفع على محور الرميلة المعبر 11 – الابرق – قاعدة علي السالم – الاحمدي للسيطرة على منطقة جنوب العاصمة، وتكون بقيادة العميد الركن ضياء ماهر التكريتي.



فرقة توكلنا على الله تنفدع على المحور الوسطي منطقة المقالع ما بين فرقة حمورابي وفرقة المدينة المنورة للسيطرة على المنطقة الغربية من الكويت وتكون بقيادة العميد الركن احمد عبد الله صالح..



اما فرقة عدنان حرس جمهوري مشاة فتندفع بقيادة العميد الركن فوزي التكريتي معقبة فرقة المدينة المنورة للامساك بالمنطقة الساحلية من الاحمدي الى السعودية... ثم تندفع فرقة بغداد حرس جمهوري بقيادة العميد الركن محمود معقبة على محور العبدلي – الجهراء – العاصمة الكويت – الوفرة للامساك بالقسم الجنوبي من الكويت.... اما لواء الواجبات الخاصة السادس والعشرين (الضفادع البشرية) فهو احتياط مع مقر فرقة القوات الخاصة حرس جمهوري بقيادة العميد الركن وعد الله مصطفى....



في الساعة 18:00 يوم 31/7/1990 حضرت مؤتمر الأوامر النهائي مع باقي آمري التشكيلات... وحددت العملية في الساعة الرابعة فجرا يوم 2/8/1990... وكان قائد الحرس الجمهوري الفريق اياد قد اصدر الكثير من التعليمات الدقيقة والخاصة بتحديد الاتجاهات وضبط المسير... وفي نفس اليوم حصلنا على وثيقتين هامتين: التصاوير الجوية لعموم نطاق التعرض من خلال آخر استطلاع جوي لطائرة ميغ 23 بتاريخ 30/7 وخريطة سياحية للعاصمة الكويت....



كان لي خطة تقوم على ما يلي:

تقوم سرية مغاوير اللواء بالتسلل بدءا من الساعة 01:00 يوم 2/8 وتقتحم قلعة السديرية وتأسر من فيها بدون اراقة دماء.

تقسيم جحفل اللواء الى رتلين متوازنين ومتوازيين في الحركة تفصل بينهما مسافة بمعدل 500 م ليلا و1000 نهارا..

بعد اجتياز جحفل اللواء الاول عارضة المطلاع وبالاستفادة من الخارطة السياحية التي استنستختها للجميع قسمت جحفل لوائي الى ثلاثة جحافل معركة: الجحفل الاول (الفارس) بقيادة المقدم الركن احمد كمون ومهمته الطريق الدائري الخامس نحو الصليبخات – ميناء الشويخ – رأس الارض واحتلال قصر السيف الاميري مع السيطرة على الفنادق الكبرى ووزارة الدفاع وتجنب اراقة الدماء ما امكن.... الجحفل الثاني (17 تموز) يندفع خلف القسم الاكبر من الطريق الدائري السادس... هدفه احتلال مطار الكويت الذي يتضمن قاعدة عسكرية جوية... كذلك احتلال منطقة الفنطاس... الجحفل الثالث (القسم الاكبر) بإمرتي، وهو يتضمن كتيبة دبابات القائد زائد فوج المشاة الالي 23 وسرية هندسة الصولة وكتيبة مدفعية ذاتية الحركة 116 وبطارية مقاومة الطائرات المستقلة... ومهمته الاندفاع على الطريق الدائري السادس واختراق الجهراء ثم العاصمة وازاحة كافة المقاومات – ان وجدت – وقوات الشرطة والحرس الاميري وصولا الى الخليج العربي عند فندق المسيلة.... ثم ينحرف شرقا على الطريق الحولي الساحلي حيث يلتقي مع الجحفل الاول عند منطقة رأس الارض – الابراج ويحكم تطويق العاصمة.... وكانت أمنيتي تنفيذ المهمة بدون اراقة الدماء.... وأن لايكون قتالنا الا دفاعا عن النفس... وقد أمرت بأن يكون الامرون في الامام مع حمل الاعلام البيضاء للتلويح بها للقوات الكويتية لتجنب الاشتباكات قدر الامكان.... كذلك طلبت منهم مشاغلة الدروع الكويتية وعدم تدميرها والاكتفاء بإرهاب طواقمها....



خلال تناولي العشاء مع آمر جحفل اللواء الثامن المدرع حرس جمهوري العميد الركن عبد القادر يونس شاهدنا على شاشة التلفزيون الاخبار التي تقول بعودة سعد الصباح قادما من السعودية... وفي الساعة 23:00 (أي ليلة التعرض) أجبرت نفسي على النوم لمدة ساعتين لأغراض الراحة...



بعد أن استيقظت من النوم صليت ركعتين متوسلا الى الله أن يوفقنا في مهمتنا، وأن ننجزها دون اراقة الدماء... ثم اطلقت العنان لسرية المغاوير لتقتحم قلعة السديرية... ثم شاهدنا ثلاث طلقات تنوير خضراء وهي الاشارة المتفق عليها بأنه تم احتلال الهدف دون اراقة الدماء... وفي الساعة 03:30 أعطيت الكلمة الجفرية للشروع بالتحرك تجاه الحدود الدولية.... وخلال سيرنا لم نتلق أي إشارة من مقرنا الاعلى.... فقد كان الصمت رهيبا... ما حدا بالرائد الركن ابراهيم الجبوري ضابط الركن المرافق الى الاعتقاد الجازم بأن المهمة ألغيت!!! وأن لواؤنا وحده في الطريق الى الكويت... لكن القاعدة العسكرية الفقهية تقول (الأمر لا يلغيه إلا أمر)... وما إن شارفت الساعة الخامسة والنصف صباحا حتى شاهدنا ومضات حمراء وخضراء فوقنا تشير الى طيران هيلوكبتر سمتية تنقل القوات الخاصة... فشعرنا بالاطمئنان والثقة بأننا في الاتجاه الصحيح....



حال وصولنا الى وادي اللياح وجدنا مقاومة بسيطة من وحدات لواء المشاة الالي السادس الكويتي... فجرت معركة سريعة معه انسحب بعدها الى الفور وترك مواضعه... ثم شاهدنا سرية دبابات من اللواء 35 المدرع الكويتي نوع جفتن بريطانية الصنع... وما ان شاهدونا حتى لاذوا بالفرار بعد ان أطلقنا بعض الطلقات التحذيرية.... وترك الجنود دباباتهم وحمدت الله انه لم ترق دماء وأننا أنجزنا المرحلة الاولى بنجاح... وحينما التفت الى اليسار رصدت بمنظاري مجاميع من لواء المغاوير رقم 80 الكويتي تلوذ بالفرار.. وأخرين يفترشون الارض جلوسا... فأشرنا لهم بالاعلام بترك المكان... ففعلوا...



((ثم يكذبون بكل وقاحة... ويتبجحون بالقول أنهم قاوموا الجيش العراقي!!!! خوش مقاومة....))....
الشمس شمسي و العراق عراقي [*][*][*] ما غير الدخلاء من اخلاقي

صورة العضو الشخصية
نبوخذنصر
Private - Jundi
Private - Jundi
مشاركات: 27
اشترك في: الخميس أكتوبر 18, 2012 7:42 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة نبوخذنصر » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 6:16 pm

أم المعارك

على حافة الحرب

(التسارع الرهيب للأحداث)





كانت الساعة تشير الى السادسة واربعين دقيقة وقد اكملنا اجتياز المطلاع، فأوعزت الى احدى عجلات القتال المدرعة بتدمير منطاد المطلاع الابيض الكبير، ولما لم ينفجر تركت المهمة للمعقبين... وانطلقنا مع آمر جحفل الفارس بالانطلاق على الطريق الدائري الخامس نحو ميناء الشيوخ ورأس الارض... حيث بدت لنا لوحات التعريف بالطرقات... ثم اصطدمنا بجحفل معركة كويتي من اللواء 35 المدرع.. فأشرنا لهم بعدم القتال... إلا أن دباباتهم استمرت بالرمي وكان رميا عشوائيا غير موفقا، ما يدل على عدم خبرتهم... وحسب سياق العمل تمت ازاحة تلك المقاومة سريعا....



ثم انطلقنا سريعا حتى الطريق الدائري السابع... وتحرك جحفل 17 تموز نحو هدفه المتمثل باحتلال المطار والقاعدة الجوية والفنطاس... ثم اجتزنا طرف محافظة الجهراء.... لقد هالني شدة ارتباك المواطنين الكويتيين وبعض الخليجيين على الطريق... وكانت الدهشة والرعب يعتريان الوجوه... فحاولنا جاهدين بعث الطمأنينية في النفوس وايقاف السير... لكن الارتباك كان عظيما.... ولقد بذل ضابط الركن المرافق لي مع زمرة من الجنود جهودا عظيمة لوقف حالة الارتباك والذعر والسيطرة على المدنيين الذين ازدادت اعدادهم... فاليوم كان يوم خميس ويخرج معظم الناس الى البر الصحراوي او لزيارة الاقارب في السعودية او العكس... لقد راعني منظر امرأة تضم اولادها الى صدرها خوفا من دباباتنا...



وفي الساعة 08:30 كان تداخلنا مع ارتال السيارات المزدحمة قد بلغ حدا لايوصف... وتوقفت عجلتي القيادة مع عجلة المحطة اللاسلكية المعقبة في مفرق طرق حديث (تحت الانشاء)... ثم توقفت مدرعتان مملوءتان بالحرس الاميري مصوبين اسلحتهم نحونا.. لكنهم كانوا كالتماثيل... كذلك رأيت سيارات شرطة المرور... وكان هناك ثكنة قريبة لها ابراج.. وعلى يسارها كان يقع حي الفردوس السكني... وفيه أحد المصارف حيث تدافع الناس لسحب الاموال... وكان عناصر الشرطة ينادون بأجهزة التوكي ووكي...



وكانت المصيبة ان رتل دبابات القائد الذي يقوده المقدم الركن عبد حماد قد توقف بعيدا عنا... وكان الازدحام لايوصف والموقف صعب للغاية.. لكن الله سبحانه وتعالى منحنا القدرة على الصبر... وحين اوشك وقود عجلة المحطة اللاسلكية على النفاذ ناديت ضابط شرطة وكان برتبة ملازم أول، وكان منفعلا للغاية وهويتحدث بجهاز لاسلكي... طلبت منه أمرين: أن يساعدنا في فتح الطريق لأن هناك ألف دبابابة سوف تتقدم... (بالغت بالرقم كثيرا) وقد تدهس الالاف من الابرياء... والامر الثاني بأن يساعدنا في ملء العجلات من الوقود... وكان مرتبكا جدا، ولما طمأنته استجاب لي... وحين كان سائقه يقوم بملء العجلات سألته عن الجنود الراكبين بالمدرعتين (الحرس الاميري) فأجابني بكل ممنونية... فتقدمت من الجنود وقلت لهم ان ينسحبوا على الفور الى الثكنات... فأجابني آمرهم وهو برتبة عريف: أمرك سيدي....



ثم قامت مفرزة من الشرطة بتنظيم حركة المرور وفتح الطريق لنا، فأسرعنا نحو هدفنا... وعند أول الطريق الصاعد (طريق مجسر) الذي يمر من تحته طريق الغرب السريع نحو السعودية مرورا بالاحمدي شاهدت رتلا طويلا من السيارات الحكومية السوداء تتخللها مدرعات الفهد للحماية.... فأيقنت بأن الحكومة الكويتية قد افلتت من الاسر... وطبعا سبقها الطاقم الاميري... في هذه الاثناء مر الى جانبي ضابط كويتي برتبة عقيد... بعد أن ترك سيارته نوع كابريس... فطلبت منه المساعدة في افساح السير لنا... فابتسم لي وأشار الى سائقه العسكري للمساعدة.... وبعد قليل وصلت العجلات المدرعة الى مقري، وكان فيها مقدم اللواء مع عجلة القيادة للمدفعية....



في الساعة 09:30 وصلنا الى فندق المسيلة، فشاهدت مياه الخليج الزرقاء وحمدت الله عز وجل على هذا النجاح السريع... ثم وصلت كتيبة دبابات القائد والفوج الثالث قوات خاصة حرس جمهوري الذي هبط بواسطة الطائرات على هضبة المطلاع فجر نفس اليوم... فانطلقت سريعا في طريق الخليج العربي الحولي رأس الارض للالتقاء بجحفل معركة الفارس الذي أخذ بتدمير سرية مدرعات حماية القصر الاميري (السيف) حين اصرت على القتال....



وعند وزارتي الدفاع والداخلية كان هناك مقاومة شديدة... لكن عالجنا الامور بروية قدر الامكان مع تقديم الاسناد للواء السادس عشر قوات خاصة... واشرت عليهم انه من الافضل اعطاء المقاومين فرصة الهروب... مع الاشارة الى ضرورة حماية الفنادق والاسواق الثمينة واغلاق مداخلها... وبسرعة وصلنا الى محيط السفارة العراقية في منطقة السالمية... كانت سيارات شرطة المرور والنجدة تسرع في كل الاتجاهات وكلها تطلق صفارات الانذار وبعضها ينقلب ومن شدة الارتباك او لتفادي الاصصدام بدروعنا... وقد طلبت من الفوج الثاني قوات خاصة بقيادة الرائد الركن ابراهيم الذي التحق بإمرتي السيطرة على الطريق لالقاء القبض على عناصر الحكومة وضباط الجيش ومن يراه مهما.... وبعد أزاحة المقاومة قرب السفارة العراقية تم الاتصال بجحفل الفارس في رأس الارض.... ثم اتخذت من الساحة الامامية لنادي بدع البحري مقرا لنا....



في ظهر نفس اليوم تجمع في مقري عدد كبير من العسكريين الكويتيين اقدمهم برتبة عميد ركن يدعى عدنان، وكان صائما لحلول الاول من رجب، فطلبت منه المساعدة في ايجاد مكان ملائم لهم فأشار لي بنادي الطيران الواقع في شارع الخليج العربي... أخذناهم جميعا الى هناك، وبعد القاء كلمة طمأنتهم جميعا... فطلب بعضهم الاتصال بأهله أو زيارة مريض فأجبت طلباتهم... وأبقيت الحرس الكويتي بكامل اسلحتهم لحمايتهم مع طاقم ضيافة.... وقمت بعزل ضابطين بريطانيين في غرفة خاصة، احدهما برتبة رائد صنف هندسة عسكرية، والثاني طيار هيليوكوبتر برتبة نقيب بعد ان سمحت لهما بالاتصال بالسفارة البريطانية.... وفي حدود الساعة الحادية عشرة التقيت مع قائدي ومع ضابط الركن العقيد الركن صلاح مجيد....واتضح لي أن طائراتنا تقوم بالصولة الجوية في سماء العاصمة بحثا عن الاذاعة والتلفزيون اللذين كانا مستمرين في اطلاق نداء الاستغاثة!!!



وبعد ظهر نفس اليوم تكاملت مهمة فرق نبوخذ نصر وأمكست بالمرافق الحيوية في العاصمة.... ثم بعثت الى مراكز الشرطة طالبا منهم مزاولة عملهم لحفظ الامن الداخلي كما طلبت من جميع الدبابات المطوقة للعاصمة توجيه مدافعها باتجاه البحر لإشعار المواطنين بالأمان... وفي المساء تناولت العشاء مع الضابطين البريطانيين في حجرة حارس نادي بدع البحري وذلك لمعرفة سبب تواجدهما في الكويت.. واتضح انهما ضمن طواقم تعليمية... وقد ابديا اعجابهما بالجيش العراقي والسلوك الحضاري الذي عاملناهما به...



في الساعة 23:00 جاءني صديقاي من المخابرات العراقية: العقيد محمود الدفاعي والعقيد حسيب الرفاعي وقد أعلماني ان مدير المخابرات الدكتور سبعاوي (فك الله اسره مع اخوانه) يريدني لأمر هام في مقره في السفارة العراقية... ذهبت اليه... وبعد التحية والمجاملات والثناء على قوات الحرس الجمهوري اخبرني بأن لديهم معلومات تقول بأن سعد الصباح قد حشد قوة مؤلفة من لواءين قرب الحدود مع السعودية وينوي الهجوم غدا!!!



فقلت له:

بأنه من وجهة نظري كان لديهم ستة ألوية فجر هذا اليوم، ولم يتمكن من صدنا... فكيف يمكن له اعادة تنظيم قواته المهزومة والمتشردة خلال هذه الليلة وينفذ عمليات تعرضية تتطلب أضعاف المدافعين!!!! فقال ان هذه المعلومات التي لديه والتصرف تصرفكم...



وفي صباح 3/8/1990 علمت أن وقتا هدر بالبحث عن حسين الزبن، القائد في الطيران الكويتي... واتضح انه كان مدعوا لحفل خاص...



وفي الساعة العاشرة والنصف من نفس اليوم القت احدى قواتنا القبض على الشيخ سالم الفهد الصباح وهو صهر ولي العهد... وكان يرتدي ملابس الكاوبوي... استقبلته وعاملته بكل احترام... لكنه حاول الظهور امامي بمظهر غير الموزون، واخبرني انه مدمن كحول!!!! وطلب مني اطلاق سراحه لأن ذلك خير من بقاءه... وقد طمأنته بأني مقدر لظروفه... وعلمت منه كيف هربت الاسرة الحاكمة وتفاصيل ردود فعلهم حين علموا بدخول رجالنا ((حبذا لو بين الفريق رعد في كتابه كيف هربت الاسرة بالطوافة الامريكية))..... وبعد أن اطمأن الي طلب مني الذهاب الى قصره لاحكام اقفاله وايجاز الخدم فيه... فاستجبت لطلبه ورافقه ضابط ركن من مقر اللواء مع عنصر حماية... وبعدما انجز ما اراد تناول الغذاء معنا... ثم سلمناه الى ضابط أمن الفرقة المقدم رياض حسين الذي قاده بكل احترام... وعندها شكرني بشكل خاص واهداني هويته كتذكار... لكنه كان يحمل اربع هويات شخصية... وهو من مواليد 1954... وصف نفسه بأنه مترف وماجن كبير!!!! ((لا....شي حلو.... وخوش وصف والله))....



بعد ظهر نفس اليوم اصبح لوائي بإمرة فرقة نبوخذ نصر حرس جمهوري بقيادة العميد الركن محمود دهام، والتي صارت مسؤولة عن العاصمة.... وتم في ذلك اليوم القضاء على بعض المقاومات الطفيفة هنا وهناك... وخاصة في منطقة وزارتي الداخلية والدفاع.. بعدها اصبحت كل الاراضي الكويتية تحت سيطرتنا التامة، بما في ذلك القاعدتين الجويتين احمد الجابر جنوب الكويت، وعلي السالم على طريق السالمي.... وبعد صلاة الجمعة جاءتني مجموعة من الشباب العرب يتحدثون عن بعض حوادث السرقة التي قامت بها العمالة الاسيوية الوافدة... فاتخذنا الاجراءات اللازمة واعدنا سيارة مسروقة لصاحبها (وهو يمني الجنسية) وطلبت من عناصر مخفر شرطة السالمي البقاء على رأس عملهم والقيام بواجباتهم....



وفي يوم 4/8/1990 اصبح مقري في نادي النصر الرياضي، وقد اخترته لانه غير محاط بمنطقة سكنية ولانه واسع....وحين حاولت الاتصال بإدارة النادي رفضوا القدوم لخشيتهم.. ومن خلال طواقم الخدمة، وهم من الجنسيتين المصرية والنبجلاديشية حصرت امامهم جميع الموجودات في النادي... وقمت بمنع أي جندي من جنودنا بالدخول الى الحي السكني "خيطان" المجاور للنادي... وعبثا حاولنا اقناع الكثير من الناس بعدم مغادرة بيوتهم وان هروبهم سيخلق فراغا قد يساء التصرف به... ولكن دون جدوى....ومن خلال مشاهدتي للمواطنين الكويتيين بدا لي انهم غير مكترثين بما يجري... وكان الكويتيين والمقيمين يقدمون لجنودنا الطعام بسخاء... وقد وقفت امام صورة لجابر وبقربها لوحة مرورية تقول: توقع ما ليس متوقعا..... فقلت لاحد المواطنين بأنه كان يجب وضع هذه العبارة امام دوائر المسؤولين والسياسيين والعسكريين الكويتيين....اشير الى ان الحدايق والشوارع بقيت كما هي وبقي النظام الآلي لري الحدائق يعمل بلا انقطاع، كما بقيت منظومتا الماء والكهرباء تعملان حتى بعد مغادرتنا وانسحابنا من المدينة....



من الصفحة 215 – 218 يتحدث الفريق رعد عن تحرك الوحدات العسكرية وعن امور سياسية خارجية، اعتقد بحثناها سابقا في الموضوع الذي نشرته شبكة البصرة سابقا عن هذه الازمة بالذات (دور ال الصباح في المؤامرة على العراق)... ويقول في الصفحة 217 ان القيادة العراقية ارتكبت أكبر الاخطاء الاستراتيجية باحتلالها للكويت....



((في الصفحات 219 و220 يوجد خرائط تبين دخول القوات العراقية الى أرض الكويت))..



الفصل السادس من الكتاب... ص 221...



مما لاشك فيه أن احتلال العراق للكويت كان أمرا مرفوضا على كل المستويات الدولية والاقليمية والمحلية والاخلاقية والقانونية، وعلى الرغم انه من الثابت تاريخيا أن الكويت كانت جزءا من ولاية البصرة العراقية في العهد العثماني، إلا أن التاريخ نفسه يثبت أيضا أن العراق كان جزءا من الامبراطورية العثمانية حتى 11/3/1917 عندما دخل الجنرال مود بغداد محتلا على رأس جيوشه البريطانية والهندية...



((والتاريخ أيضا يقول أن بلاد الشام كلها كانت جزءا من الامبراطورية العثمانية وكذلك كانت مصر، والحجاز ولم يكن هناك شيء اسمه دول الخليج... وانضوت كذلك تحت الراية العثمانية بعض دول أوروبا مثل البوسنة والبلقان وألبانيا وجزء من اليونان...))



الكويت دولة مستقلة معترف بها عربيا واقليميا ودوليا منذ العام 1962 ((حصلوا على ذلك الاعتراف بالرشاوي والوساطات...)) على إثر مطالبة رئيس الوزراء العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم بضمها إلى لواء البصرة. في ذلك الوقت كانت هذه الدولة مشيخة خليجية محمية من قبل بريطانيا، وكان الملك غازي قد سبق عبد الكريم قاسم في ثلاثينيات القرن الماضي بالمطالبة بضم الكويت، وربما يتساءل بعض المراقبين ما هي اسباب الازمات المتكررة بين العراق والكويت منذ بداية التكوين السياسي الحديث للعراق في العام 1920؟ في الحقيقة لقد شـكلت الكويت عائقا أمام العراق نحو المياه العميقـة في الخليج..... خاصة أن نسبة جزيرتي وربة وبوبيان للكويت قد خنقت المجـال الطبيعي للعراق نحو المياه..... فحدت كثيرا من حركة التجارة البحرية العراقية، لأن الجغرافية الطبيعية للعراق تستوجب تلك الاطلالة، وفي رأيي أنه من الحكمة إيجاد حل يرضي الطرفين لهذا الاختناق الطبيعي لنزع الفتيل الرئيسي للأزمات المتكررة ما بين الجارين الشقيقين...



((الحل الذي سيرضي يا سيادة الفريق هو عودة الفرع للأصل إن عاجلا أم آجلا... حتى ينتهي العالم بأسره من شرور أسرة ال الانبطاح الشاذة المتأمرة على العراق.... والتي دفعت مليارات الدولارات لأجل إدامة الحصار الجائر... ومن ثم لأجل العدوان الصهيوصفوي مغولي على العراق))



مما لاشك فيه أن قرار احتلال العراق للكويت كان خطأ استراتيجا 100% ارتكبه صدام حسين، (بغض النظر عن شجاعته)... صحيح أنه كان لغرور وطموح الرئيس العراقي واحساسه باستحقاق الزعامة على الامة العربية وهمينة أوهام القوة الخادعة على وعيه وافتقاره للاحساس الحقيقي بحركة الزمن جعله يستخف بالمواثيق العربية والدولية لتحقيق تلك الرغبات، فما كان يصبو اليه تجاوزه العصر كثيرا ((مع الاسف أن يصدر هذا الكلام من أحد رجال الجيش العراقي العظيم.... إلا إذا كان نسخه من كتاب آخر....))... إلا أن الجامعة العربية المتمثلة بالدول العربية الاساسية تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية هذا الغزو، فقد كان بالامكان تحجيم تلك الازمة الخطيرة كثيرا وابقائها في مجال الحل العربي وعدم تركها لمنظمة الامم المتحدة والدول العظمى لتدخلها ضمن ما تتطلبه مصالحها وفق ما رأه الكثير من المختصين بالعلوم السياسية.... سيما وأن بعض الدول العربية اسرعت بإعطاء موافقتها على إرسال قواتها تحت راية الامم المتحدة في الوقت الذي أعلن فيه عن نشاطات عسكرية دولية كبيرة لحشد سريع لقوات دولية في المملكة العربية السعودية..... والحق يقال أنه لم تكن هناك أية اجراءات عسكرية أو نوايا عراقية ضد المملكة العربية السعودية...((ص 222))...


في يوم 17/8/1990 صدرت لنا الأوامر بالقيام باستطلاعات مكثفة للحدود السعودية – الكويتية تحسبا لقيام الامريكيين بتنفيذ وعودهم بالاعتداء على العراق... وقد رصدت أنا شخصيا العديد من زمر الاستطلاع في المخافر السعودية وهم يرتدون ملابس عسكرية مختلفة الاشكال والعديد منهم ذوو ملامح أوروبية وأمريكية......



برز الدهاء السياسي الفارسي في الاستغلال الامثل لمشاكل العراق مع الولايات المتحدة والعالم... في حين كان الفرس يصفون امريكا بالشيطان الاكبر... فقد كانت هذه بداية الفرصة الذهبية لتصفية حسابات الفرس مع العراق من خلال الآخرين... وهنا طالبت دويلات ومشيخات الخليج العراق الاعتراف بخطأ احتلاله للكويت والانسحاب الفوري.. وكان هذا أهون على العراق من عداء وحرب مع ايران داما سنوات طوال وانتهيا بجرة قلم... وهذا بالتأكيد طلب منطقي... إلا أن حماقة السياسة العراقية رفضت ذلك بشدة!!؟؟؟؟ ((ص 224)).....



نشير إلى أن الحجج الملفقة التي استند اليها الوغد تشيني عن تهديد عراقي محتمل للسعودية ظهرت دلائله من خلال صور جوية لعدد من الدروع العراقية المتجهة صوب الحدود السعودية، ما قد يشير الى بداية هجوم عراقي قريب لاحتلال السعودية!!!!!! وحقيقة الامر ان الصور كانت تعود الى ثماني دبابات كويتية من اللواء الخامس والثلاثون المدرع.... كانت جنازيرها قد غرزت في أرض رملية رخوة جدا خلال هروبها من مواجهة الجيش العراقي!!! وحين تأخر اخلاء تلك الدبابات بقيت في مكانها..... ألامر الذي أغضب صدام..... فأحيـل على التقاعد من جراء هذه الحادثة كل من العميد الركن بشار أيوب قائد الفرقة الخامسة، والعقيد الركن سامي أحمد آمر اللواء السادس والعشرين المدرع.. لتقصيرهما في اخلاء الدبابات...... حيث كانت ضمن قاطع الفرقة الخامسة.... واستمر الموقف العام سوءا والرئيس صدام يزداد عنادا...... فقد عرفوا كيف يستفزونه ثم يستدرجونه إلى سلسلة من الافخاخ المعدة بكفاءة..... ((ص 226))...



((يبدو أن سيادة الفريق رعد نسي أن الموقف السياسي العراقي كان ينوي الانسحاب العسكري من أرض الكويت فعلا.. لكن الذي حصل أنه لما أراد العراق الانسحاب اغلقوا عليه الباب ((العرب الجرب المستعربة والامريكان والصهاينة والفرس على السواء))... فوجد العراق نفسه كالرجل الذي دخل بيتا كبيرا بإرادته... ولهذا البيت أكثر من خمسين باب للخروج... وحين حاول يخرج من الباب الاول وجده مغلقا من الخارج بإحكام.... فاتجه للباب الثاني، فوجده أيضا مغلق.. ولما اتجه الى الثالث أيضا وجده مغلق... والرابع مغلق... والخامس والسادس... وهكذا... كلما أتجه إلى باب من الابواب الخمسين وجده مغلقا... والإغلاق المحكم من الخارج وليس من الداخل....))... وحين حاول صدام عقد لقاء مع فهد – بواسطة من السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان - لأجل حل هذا الموضوع... رفض فهد بحث الموضوع مع السلطان من أساسه... والرفض كان بناءا على أوامر أمريكية....



صباح يوم 23/8/1990 تم استدعاؤنا الى مقر الحرس الجمهوري في البرجسية (البصرة) احيث اجرينا تحليلا لمعركة استعادة الكويت.. وقد تعرفت على بعض المشكلات التي واجهت بعض التشكيلات... ثم عدنا سريعا الى تشكيلاتنا القتالية في الكويت...



في الصفحات 227 -228 يقول الفريق رعد ان صدام تدارس مع القيادة العسكرية تقديرا للموقف الدفاعي الاستراتيجي في ساحة العمليات الكويتية... وأن القيادة العسكرية كانت بعيدة عن هذا العمل الخطير... (لأن الذي نفذ "الغـزو" الحرس الجمهوري).... بل تفاجأت به على مسـتوى وزارة الدفاع (كـان الوزيـر يومهـا الفـريـق الـركــن عبد الجبار شنشل) أو على مستوى رئاسة أركان الجيش ممثلة بالفريق نزار الخزرجي ومعاونيه..... وفيما بعد أحاط الدكتور عبد الوهاب القصاب – كان يعمل ضابط ركن في رئاسة أركان الجيش – الفريق رعد علما أن الشهيد استدعى رئيس أركان الجيش لاستطلاع رأيه باستراتيجية الدفاع... فأجاب رئيس الأركان مؤشرا على الخريطة بأن خط الدفاع ينبغي أن يبدأ من عارضة المطلاع (سلسلة التلال شمال الجهراء) وبأنه من الحكمة استثمار ذلك سياسيا والانسحاب الى الاراضي العراقية... فبان عدم الارتياح على وجه الشهيد صدام... وأحال بعدها الفريق نزار على التقاعد واستبدله بالفريق حسين رشيد التكريتي....



((من الصفحة 229 الى الصفحة 233 يتحدث الفريق رعد عن الموقف الاستراتيجي العراقي في الدفاع، وعن مرتكزات الاستراتيجية الدفاعية العراقية...وعن تخصيص مساحة 120 كم مربع كمنطقة انفتاح لتقليل تأثير الضربات الجوية مع اخفاء كامل للاسلحة والدروع تحت مستوى الارض... وعملية إعادة انتشار جيش تعداد 750 الف مقاتل....كذلك اجراء سلسلة من الاستطلاعات الميدانية المفصلة... حيث توفرت معلومات دقيقة عن العدو من خلال استنطاق ثلاثة اسرى فرنسيين أحدهم برتبة نقيب عندما وقعوا اسرى بيد احدى الكمائن العراقية المتقدمة.... ثم حديث عن تشكيل قيادتين ميدانيتين للدفاع عن العاصمة الكويت بقيادة الفريق كامل ساجت وبمساعدة الفريق بارق الحاج حنطة... وقيادة الخليج بقيادة اللواء الركن محمود فيزي الهزاع... ليرتفع تعداد القوات العراقية الى 850 الف مقاتل بما فيها الحرس الجمهوري...))..
الشمس شمسي و العراق عراقي [*][*][*] ما غير الدخلاء من اخلاقي

صورة العضو الشخصية
نبوخذنصر
Private - Jundi
Private - Jundi
مشاركات: 27
اشترك في: الخميس أكتوبر 18, 2012 7:42 pm

Re: قبل ان يغادرنا التاريخ

مشاركة بواسطة نبوخذنصر » الثلاثاء أكتوبر 23, 2012 6:33 pm

في الصفحة 233 يقول ما يلي:

يوم الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1990 عرضت الخطة الاستراتيجية للدفاع على قيادات الحرس الجمهوري... وكان هناك مناقشة مفتوحة... وحين جاء دوري في الكلام تجرأت ونقدت الخطة وفق السلبيات الآتية:



ان الاعتماد على الحرب البرية تجاه استراتيجية الحرب الجوية التي تعتمدها الولايات المتحدة وحلفاؤها يعني ان ذروة الهجوم المعادي ستكون خ خارج ذروة الدفاع لاعتماد العدو على انهاك القوات المدافعة بسلسلة من عمليات القصف للحد من حركتها..



استشهدت بمقولة المارشال الالماني رومل (من امتلك التفوق الجوي جعل اسلحة خصمه كالسيف والقوس)... وعليه ينبغي الطلب من القيادة التنازل عن هذه الصحراء المترامية الاطراف والتركيز على حرمان العدو من قدرته على احاطة ساحة العمليات من الجانب الغربي نحو جنوب العراق... وعليه وجب التركيز على جزيرتي وربة وبوبيان...



إجبار العدو على خوض سلسلة من معارك المدن في العاصمة الكويت والجهراء على سبيل المثال... والاعتماد على المشاة والقوات الخاصة لمثل هذه المعارك... اما القطعات فينبغي أن تدافع في العمق وبمجموعات صغيرة للحيلولة دون تشكيل أهداف ملائمة للضربات الجوية.... استبعدت الخطة للضربات الجوية الاستراتيجية في العمق العراقي وهذا خطأ وأنا لا اتفق معها بأن القصف التمهيدي (التجريد الجوي) سيكون لمدة لاتزيد عن 72 ساعة، بل أتوقع استمرارة لأسابيع....



إن المشكلة الاساسية في هذه الخطة تكمن بهيمنة تجربة الحرب مع ايران على حساباتها، فهذه الخطة معدة لمواجهة جيوش في أعلى المستويات التي عرفها تاريخ الحروب وفي بيئة حربية حديثة جدا... وأن دورة العمليات الدفاعية ستكون عاجزة عن التنفيذ نتيجة التفوق الجوي الساحق للعدو مما سيقيد حركتنا مقابل حركة مطلقة له بالمناورة... ان الاقتراب غير المباشر جزء أساسي من عقيدة الجيش الامريكي... وتفتيت منظومتنا الدفاعية له اسبقية استراتيجية في قواعد العمل المعتمدة لديهم... وعليه فالخطة تحتاج الى مراجعة....



لم يلق هذا الكلام قبولا... بل سخرية واستهجانا... وأخذت معنى سياسيا...وقف ضابط امن قوات الحرس الجمهوري (طارق) ليقول بالحرف الواحد: انه كلام خطير يخالف توجيهات السيد الرئيس ويهبط المعنويات...لابد من أنه العميل الامريكي بيننا... ورفعت شكوى ضدي للشهيد صدام وتشكل مجلس حربي للتحقيق معي ولمعرفة ما اقصده وهل هو تشكيك بتوجيهات الرئيس.... وتقرر تجميد عملي لحين الانتهاء من التحقيق... ولولا الشهيد قصي الذي دافع عني امام والده، لكانت الاجراءات السيئة قد اتخذت بحقي ظلما.... ثم عدت الى عملي بحرية يشوبها الحذر....



أما في الصفحة 236 فيقول :

في الثاني والعشرين من كانون الاول 1990 صدر مرسوم جمهوري بتعيين الفريق أول سعدي طعمة الجبوري وزيرا للدفاع، بدلا من الفريق عبد الجبار شنشل، الذي عين مؤقتا خلفا للمرحوم الشهيد عدنان خير الله... وكان الفريق سعدي يشغل منصب المفتش العام للقوات المسلحة، إلا أن فرص استثمار كفاءاته محدودة... فهو غير قادر على تبديل أوضاع ميدانية وصلت ذروتها ولايفصلها عن شن الحرب سوى ثلاثة أسابيع... وأن هذا الرجل شديد الانضباط، ولاعتبارات انسانية يصعب عليه ابداء وجهات نظر لتعديل خطط نزلت عميقا في الميدان، وهو في صدمة حدث تعيينه بشكل مفاجيء لهذا المنصب الكبير، وقد يكون في قرارة نفسه يعلم أنه كبش الفداء العظيم للخسارة المضمونة التي لاحت في الافق!!!! وإذا كان هناك من نصر فهو ليس له!!! وكان يشعر بمنافس شديد وقوي له جدا ألا وهو حسين كامل...



الغريب أن صلابة التعنت للقرار السياسي العراقي بلغت ذروتها عندما فشل لقاء طارق عزيز وجيمس بيكر في جنيف!!!! ((والغريب أن سيادة الفريق رعد لم يذكر أن جيمس بيكر جاء أصلا إلى جنيف ليفشل اللقاء... وليس لدرء الحرب.. كما ادعى!))....



الصفحة 237 يضع عنوانها

اندلاع الحرب وخسارتها في الكويت!!

في الساعة السادسة مساء يوم 15/1/1991 زار الشهيد صدام القوات العراقية في ساحة العمليات الكويتية وهو بمعنويات عالية... نظر الى ساعته وقال: أين هم؟؟ ثم سأل الفريق إياد فتيح الراوي قائد الحرس الجمهوري عن نسبة توقعه للهجوم، فأجابه الفريق إياد بأنه محتمل بواحد من ألف... لايختلف اثنان على شجاعة وكفاءة ونزاهة هذا القائد، إلا أنه كمعظم القادة العراقيين يفتقر إلى الثقافة الاستراتيجية المستقلة ويسلم بالرأي السياسي بشكل مطلق!!!!!



في الساعة الثانية والنصف صباح يوم 17/1/1991 قذفت الطائرات المعادية اهدافا مختلفة في بغداد... أيقظني جندي الحراسة المناوب مرتبكا وقائلا: سيدي... انهض الجو مليء بالطائرات!! عندها هرولت مسرعا الى خارج الملجأ...وإذ بأزيز الطائرات يملأ السماء، وأسلحة الدفاع الجوي تطلق قذائفها نحوها... وكانت الطائرات تحلق بارتفاعات عالية... فأوقفنا الرمي.... استمر القصف لمدة 39 يوما بلياليها، وشمل ساحة الحرب برمتها (العراق والكويت)... حيث القت طائرات القصف الاستراتيجي والتعبوي F117 B52 B2 B1 والتورنيدو والميراج أكثر من مائة الف طن من القنابل، وأكثر من 400 صاروخ جوال بعيد المدى فوق العراق!!!



كذلك سقطت الآلاف من المقذوفات المسيرة والاعتيادية (مصنوعة من اليورانيوم المنضب) ومقذوفات المدافع البرية.... لقد تحمل جنودنا وضباطنا هول ذلك القصف بكل ثبات رغم التضحيات الجسيمة.... كذلك ألقت الطائرات المعادية على معظم القوات المدافعة ملايين من منشورات الحرب النفسية تدعو الجنود للهرب من ساحة الحرب...

استطاعت القوات العراقية اطلاق صواريخ الحسين، فأصابت أهدافا في تل أبيب والسعودية وبعض مشيخات الخليج، ولم يتمكن الطيران المعادي وقوات الخدمة السرية من كشفها أو تدمير قواعد إطلاقها... واستطاع أحد الصواريخ قتل 29 طيار امريكي في قاعدة الظهران الجوية... وأصل هذا الصاروخ هو سكود السوفياتي، لكن المصانع الحربية العراقية طورته فيما بعد وأطلقت عليه اسم الحسين....... كذلك فشلت بطاريات باترويوت في التصدي الفعال له...... ((وهي البطاريات التي هللت وطلبت وزمرت بها صحف حسني مبارك والصحف الصفراء الصادرة في مشيخات الخليج))...



حاولت القيادة العراقية استدراج قوات التحالف للمعركة البرية... فزار القائد العام الفيلق الثالث بقيادة اللواء الركن صلاح عبود، وطلب منه شن هجوم بمستوى فرقة لاحتلال مدينة الخفجي ومينائها بهدف جر العدو الى الحرب البرية... وقع الاختيار على الفرقة الالية الخامسة بقيادة العميد الركن ياسين المعيني، وبإسناد الفرقتين الثالثة المدرعة والأولى الآلية بقيادة العميد الركن حسن زيدان والعميد الركن حسين حسن... وكان ذلك يوم 30/1/1991 نجحت الفرقة الخامسة في الاحتلال المؤقت للهدف... ساعدها في ذلك تخصيص 2000 طلعة يوميا للطيران المعادي للبحث عن منصات اطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني.... ثم انسحبت تلك الفرقة يوم الثالث من شباط دون جر العدو الى هدفها.... وفي يوم 13/2/1991 ارتكبت الطائرات الامريكية جريمة قصف ملجأ العامرية الذي راح ضحيته 405 من الشهداء بين أمرأة وشيخ وطفل....



((هذه هي الحضارة الامريكية التي انبهر بها المستعربون!! فجعلتهم يركعون ويسجدون لبوش حين زارهم في مشيخاتهم... فقدموا الاوسمة والهدايا الغالية الثمينة شكرا له وعرفانا على قتل أطفال العراق ونساؤه وشيوخه وتدمير البلد ونهبها واحراقها وتركها بأيدي العصابات الغدرية الصفوية الخمينية النجسة....... بينما حين يزور بوش دولة أخرى، يحترم حكامها شعوبهم، لا يقابل إلا بالازدراء والمظاهرات الغاضبة والشتائم واللعنات...))



في يوم 24 شباط شنت قوات التحالف هجومها البري...... وفي هذا اليوم اصبت بجروح وحروق نتيجة صاروخ أطلقته طائرة أمريكية... وصلت قطعات الفرق الامريكية الى نهر الفرات واحتلت قاعدة علي بن أبي طالب الجوية.... ثم إلى منطقة أور الاثرية ((لاحظوا ان اختيار هذا المكان ليس عبثيا...بل عن سابق عزم وتصميم تلمودي صهيوني لأن اليهود يقدسون هذا المكان... ولذلك لم يكن غريبا ان الصهيوني حتى النخاع، وأحد مهندسي احتلال العراق، المجرم الحقير وولفويتز كان أول مكان زاره في العراق حين دنسه بعد الاحتلال هو مدينة أور.... لايفعلون شيء إلا عن سابق تخطيط محكم ومدروس....)) حتى منطقة تل لحم... فهوجمت فرقة القوات الخاصة حرس جمهوري مع مناورة متوسطة المدى من قبل الفيلق الامريكي السابع مع حماية فرنسية دون التوغل في الاراضي العراقية....



كان هدف هذه المناورة استهداف الاحتياطات العراقية المركزية، اي قاطع الفيلق الرابع بقيادة الفريق الركن اياد خليل زكي من وادي حفر الباطن ثم الاندفاع شمالا لمهاجمة قوات الحرس الجمهوري التي كانت تدافع على شكل قوس كبير عن جنوب وجنوب غرب البصرة مع هجوم بامتداد ساحل الخليج باتجاه مباشر نحو المدن الرئيسية نفذه فيلق عربي الكلاب العرب الجرب اللذين دافعنا عنهم في67 و 73 اصبحوا رجالا كما قال الشاعر العراقي المتنبي يا امة ضحكت من جهلها الامم !!!!!لكن القيادة العراقية استشعرت هذا الخطر وهدف هذه المناورة.... فأصدرت أمرا سريعا وحاسما بالانسحاب الفوري نحو الاراضي العراقية ضمن قاطع البصرة...



وهنا ارتكبت جريمة الخامس والعشرون من شباط النكراء.... التي ستبقى عارا على جبين أمريكا وحلفائها... وعارا أبديا إلى يوم القيامة على جبين كل حاكم مستعرب خائن ذليل منحط.... ارتضى أن يكون بسطارا للجندي الامريكي.... وارتضى أن يكون ثورا تركب عليه الخنازير الامريكية والصهيونية.... وهي الجريمة المروعة التي استهدفت القوات العراقية المنسحبة...



استطاعت قوات الحرس الجمهوري التي كانت بقدرات ومعنويات قتالية عالية جدا الاشتباك مع القوات المعادية ودارت معارك شديدة يومي 26 – 27 شباط.... وتمكن اللواء المدرع السابع عشر من فرقة حمورابي وبمساعدة من اللواء الثالث والعشرين فرقة عدنان حرس جمهوري ومدفعية الحرس من ايقاف تقدم فرقة مدرعة امريكية...



وفي يوم الثامن والعشرين من شباط اعلن الوغد بوش ايقاف العمليات الحربية....

لاشك كانت التضحيات العراقية جسيمة... اعقب وقف العدوان مفاوضات خيمة صفوان قرب جبل سنام جنوب البصرة، مثل العراق فيها البطل الاسير سلطان هاشم، مع الفريق صلاح عبود... بينما كان في الجانب الاخر المجرم الصليبي الوغد شوارزكوف والتافه الجبان ابن ال سعود... وكان مقررا ان يكون في المفاوضات الفريق نزار الخزرجي، إلا أن جرحا اصابه في الناصرية منعه من المشاركة.... وفي تلك المفاوضات اوحى المجرم شوارزكوف للضابطين العراقيين البطلين بأن التحالف – وبأموال مشيخات البترودولار طبعا – يدعم أي محاولة للانقلاب على الشهيد صدام... لكن ابطال العراق بقوا على مبادئهم – والى اليوم – ورفضوا الفكرة بشدة...



((بعد ذلك واجه الجيش العراقي التمرد الغوغائي المدعوم من قبل دولة المجوس))..... لأنها الفرصة المناسبة للثأر من الجش العراقي ونظامه السياسي... وللأمانة كان توقيت هذه الانتفاضة سيئا لأنها اعتبرت طعنة في ظهر جيش لاذ بوطنه وهو يلعق جراح حرب خسرها لتوه وخسر فيها الكثير من طاقاته البشرية والمادية والمعنوية نتيجة لسياسة كارثية حمقاء لقيادته السياسية....



فخرجت مجاميع معدة سلفا من 14 محافظة عراقية من اصل 18... وللأسف الشديد استخدمت القوة المفرطة من قبل الطرفين... ومن حسن حظي انني لم اشارك فيها نتيجة اصابتي في الحرب، وقد نجاني الله الرحيم من مواقف يعلم هو سبحانه أنها ستوقعني باتهامات ظالمة من قبل قيادتنا أو من قبل القيادات المناهضة للنظام... لأنني ما كنت لأتمكن من تنفيذ أوامر تتنافى والقيم العسكرية والانسانية وفقا لخصائصي الذاتية!!!



وأظن لو تأخرت هذه الانتفاضة شهر أو شهرين لتغير الوضع السياسي ايجابيا نتيجة التذمر الذي ساد الكثيرين من العناصر القيادية!!! ومنها قوات الحرس الجمهوري نتيجة القرار الكارثي بإحتلال الكويت!!!!!



ولقد استجاب الجيش العراقي لمهمة إعادة حفظ الامن الداخلي لأنه جيش وطني رأى أن نتائج هذه "الانتفاضة" ستكون لصالح إيران أو استجابة للإدارة الأمريكية المؤيدة لإسرائيل... وجرى ما جرى من وقائع مؤلمة.... وللحقيقة لم تستخدم الغازات السامة في عمليات القمع بل قذفت بعض طائرات الهليكوبتر الطحين الابيض للإيهام باستخدام الغازات السامة فوق بعض المناطق الكردية....((ص 243))....
يتابع الفريق رعد الحديث فيقول: ((ص 244))...

التأمت جروحي في 16 نيسان 1991... وكان قائد فرقتنا قد تعين بمنصب قائد الفيلق الثاني لما ابلاه من قدره وكفاءة في الحرب، كما ترقى قائد الحرس الجمهوري ((أياد الراوي)) إلى رتبة فريق ركن، وصار بمنصب رئيس أركان الجيش لكفاءته أيضا في الحرب، وصار اللواء الركن ابراهيم عبد الستار التكريتي قائد الفيلق الثاني قائدا للحرس الجمهوري...



إن خير من وصف مأزق الاستراتيجية العسكرية العراقية في "حرب الخليج الثانية" هو رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الركن حسين رشيد التكريتي (فك الله أسره مع اخوانه)... حين سأله صديقه حازم عبد القهار عن وصفه لما حدث... فأجاب: كأننا وسط دوامة بحرية هائلة أخذتنا عميقا حتى لامست أقدامنا قاع البحر... إلا أن حسن الحظ أدركنا أخيرا حين وجدنا أنفسنا نصف غرقى... متشبثين بقطع خشبية طافية...



إلا أنه يمكن إجمال عناصر ذلك المأزق بما يلي:

القيادة العراقية حددت أهدافا كبيرة جدا فاقت قدرة القوات المسلحة العراقية...

مركزية القائد السياسي امتدت الى آلية صنع القرار العسكري الاستراتيجي كونه قائدا عاما للقوات المسلحة، بينما لم يكن يمتلك الثقافة العسكرية الكافية بهذا المستوى!!!! وغالبا ما افصح أمام القادة عن مسلك العمل؟؟!! ما صعب على هؤلاء البحث عن البدائل الأنسب لأسباب انسانية محضة كالخوف من سطوة القائد السياسي أو سعيا لإرضائه!!!! وما يتبع ذلك من فوائد شخصية محتملة!!!! وكان القليلون منهم يجازفون بحكم الضرورات الوطنية!!

قصور عام في التثقيف العالي للمستويات المسؤولة عن التخطيط الاستراتيجي أدى الى قبول المجازفة بأدنى التحفظات وفهم خاطيء لعقلية الخصم..

القرار السياسي العراقي حرم نفسه من الفسحة الضرورية للمناورة على المستوى الاستراتيجي...

الاتصال بالقائد العام شابته الكثير من الصعوبات والمعوقات المعنوية والمادية التي حالت دون استيفاء العديد من المعضلات للمناقشة الضرورية... ما أدى إلى إصدار قرارات ذات نهايات سائبة... ناهيك عن بعض الملاحظات الشخصية للقائد العام حول بعض القضايا تمتاز بالكثير من القدسية غير المبررة وفقا لطبائع سلوك المحيطين به يصعب على المخططين الفكاك منها!!!؟؟؟؟

الفجوة الواسعة بالإمكانيات ما بين الطرف العراقي والطرف المقابل....

افتقار الجانب العراقي الى منظومة القيادة والسيطرة الحديثة جعل من موضوع تعديل الخطط شبه متعذرا...

التقييم السياسي العام كان يذهب الى عدم قبول امريكا للحرب المباشرة على ضوء تجربتها في فييتنام وان ما يحصل لن يعدو كونه عمليات حشد عسكرية....



هذا الكلام (ملخص طبعا وليس كله) ورد من ص 244 الى 246... وخرائط المعارك في الصفحتين 247 – 248..



الصفحة 249 عنوانها

ما بين حربي 1991 وعام 2003



يقول الفريق رعد:

كان قدر هذا الشعب أن يحكم منذ عام 1958 بأقل قدر من الحكمة، بسياسات ضيقة الافق، وخاصة في المرحلة الأخيرة وفق بيئة سياسية معقدة في تداخل هائل من المصالح الذاتية والاقليمية والدولية!!!!! لعبت السياسات الدولية والاقليمية الدور الرئيسي في استراتيجية بعيدة المدى لإضعاف العراق بسلسلة طويلة من الازمات والحروب للوصل الى هدف تقسيمه، مع مشروع لتغيير الجغرافية السياسية لمنطقة الشرق الاوسط، بما يخدم مشروع الشرق الاوسط الكبير... استمر مشروع إضعاف العراق عبر إحكام الحصار الاقتصادي عليه بالرغم من انتهاء "حرب الخليج الثانية" وإخراج الجيش العراقي بالقوة من الكويت بعد احتلال دام أكثر من ستة أشهر!!! وفرضت على العراق مناطق حظر طيران جوي وصار الشمال شبه خارج عن سلطة الدولة... كذلك تعرض البلد الى أكثر من غارة جوية عدوانية وبشكل مستمر ضربت أهدافا متنوعة عسكرية وأمنية...



ايضا تخلل تلك الفترة فشل عدة مؤامرات سياسية ضد النظام السياسي العراقي، منها ما استهدف حياة الشهيد صدام، كالمحاولة الفاشلة لضباط من عشيرة الجبور قاموا بها في الذكرى الأولى لتحرير الفاو عام 1989، ثم تلتها مؤامرة بعض الضباط من المتقاعدين لقلب نظام الحكم منهم: مشتاق طالب، راجي التكريتي، سالم البصو، مظهر أبوجيشي، محمد بلال، وعبد الكريم الحمداني.. ثم تلا ذلك مؤامرة الطيار محمد مظلوم الدليمي... وهؤلاء كلهم من العرب السنة!!!! ((ص 250))....



الغريب أن الفريق رعد يقول عن القائد السياسي والقائد العام للقوات المسلحة (الذي هو الشهيد صدام طبعا) انه لم يكن يمتلك الثقافة العسكرية الكافية!! طيب.... بالمناسبة أن الشهيد رحمة الله عليه قال لخافيير بيريز دي كويلار الامين العام السابق للامم المتحدة حين زار بغداد قبل وقوع العدوان الثلاثيني المجرم... قال له الشهيد بكل صراحة انه وحسب التصنيفات فإنني لا أعتبر عسكريا بل من صنف المحامين لانني لم ادرس العلوم العسكرية ولا ليوم واحد!!!! لكننا بهذه الحالة لايمكن ان نقول عن قائد البلاد انه لا يملك الثقافة العسكرية ((وخاصة اذا كان من رجلا من صنف صدام))... ممكن ان نقول انه ليس عسكريا بالاصل... أما انه لايملك ثقافة عسكرية!!! كان من الافضل لو لم يقلها الفريق.... او.... لو لم ينسخها من كتاب آخر!!!



ثم إن الغريب أن يخاف القادة العسكريين من سطوة الرئيس!!! و... ناهيك عن بعض الملاحظات الشخصية للقائد العام حول بعض القضايا تمتاز بالكثير من القدسية غير المبررة... مثل ماذا مثلا؟؟ يا حبذا لو كان الفريق رعد قد أورد الأمثلة.. بدلا من صف الحروف والكلمات هكذا؟!!!



انا لست بوضع من ينتقد الفريق رعد أو يحاسبه على كلامه ولست أنا ابدا من يقول لم قلت هذا ولم لم تقل ذاك....



لكن....

لا أدري لم استخدام هذه الكلمة بحق الضباط الذين ورت أسماؤهم ((العرب السنة))... هذه كما يقال غلطة من الفريق رعد... والمثل يقول غلطة الشاطر بألف!!! هذه الجملة كان يكررها المدعو العقور الزنيم زعيم جماعة الحشاشين والقوادين وأبناء المتعة، المسماة الإئتلاف الصفوي الصهيوني الشيطاني... وكان أيضا يكررها كل السفلة المنضوين تحت مجلسه المسمى المجلس الاحقر للايدز والسرقة واللصوصية والنهب...



تاريخ الكتاب يقول انه صادر بعد تدنيس العراق واحتلاله... والفريق رعد يعلم قبل غيره متى ظهرت هذه المسميات البغيضة التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد، وهو عسكري محترف كان منتميا لأعظم وأشرف وأنزه وأقوى جيش عربي... الجيش الذي انضوى جميع أبناء الوطن تحت رايته... فلم تكرار مسميات ما ظهرت إلا بعد الاحتلال وما اخترعها إلا المحتل وأذنابه السفلة الحقراء... أمثال العقور الزنيم وغيره من عناصر الزمر المجوسية الكافرة المتسلطة على الشعب العراقي؟؟



في أي كتاب يصدر أو مقال او قصة أو رواية يوجد بعض الجمل والعبارات والمسميات يقال عنها إنها تحسب على الكاتب وليس على الكتاب.... فيقولون هذه تحسب عليه... يعني توجه ملامة لادراجها او استخدامها... ولا أعتقد أنه كان من الحكمة إدراج ذلك المسمى وترديد عبارات المحتل وأذنابه....



الغريب في أمر هذه التسمية أنه حين كانت القنوات المستعربة ((الحقيرة)) تجري لقاءات مع العقور الزنيم او ابنه بالتمعة غلام خراسان، وكان أحدهما يكرر هذه الجملة ((اخواننا العرب السنة)) فإنه ولا واحد من الكلاب المذيعين تجرأ وسأله: ماذا تقصد بكلمة اخوانك العرب السنة؟؟ هل انت لست من العرب مثلا؟؟؟ لكن لماذا لم يتجرأ أولئك الجبناء على سؤال العقور الزنيم ذلك السؤال؟؟ لأن التسمية أصلا اختراع أمريكي صفوي صهيوني، ولايجوز المساس بالمسميات والتصنيفات الامريكية!!!! بينما حين تجري تلك المحطات لقاءا مع أحد الوطنيين الاشراف ((كحال اللقاء الذي أجرته الجزيرة مع اللواء البطل خالد الهاشمي)) فإن المذيع الحقير العميل لم يعدم وسيلة في مقاطعة اللواء وتغيير الموضوع وتحويره!!! واستخدام كلمات من قاموس المحتل الصهيوصفوي مغولي.... ناهيك عن الغمز واللمز من طرف العراق وجيشه المقدام....



فالحقيقة... العتب كل العتب... على الفريق رعد في أن ينساق وراء قاموس المحتل ويقحم في كتابه جمل وعبارات ما كان يجب ادراجها واستخدامها... نقول له أنت أكبر من أن تستخدم جمل وعبارات أناس أصغر منك بكثير.... وأرجو من حضرتك، وحضرات القراء الكرام أن يعيدوا قراءة هذا المقال الذي هو في قمة الروعة، كتبه الدكتور مصطفى الصباغ، عضو الهيئة الوطنية اللبنانية لدعم العراق والمقاومة العراقية... تحية محبة للجيش العراقي العظيم وللواء البطل خالد الهاشمي.. اقرأوا هذه الكلمات التي تفيض حبا بالعراق وجيش العراق وقائد العراق... هل تعرف من هذا الجيش يافريق رعد من هو السني ومن هو الشيعي ومن هو النصراني أو الصابئي أو الكردي أو غيرهم؟؟؟... نشرته البصرة يوم 11/4/2008



أنما الشعوب برجالها

الى اللواء خالد غازي الهاشمي قائد الفرقة 51 الفيلق الثالث في الجيش الوطني العراقي أثناء العدوان على العراق عام 2003 نيسان.... لقد شرفت نسبك ووطنك وشعبك، ومن خلالك الى كل بطل في الجيش العراقي أنحني وأهدي حبي وأحترامي....



ليس من العدل لي ولملايين من أبناء الامة العربية الشرفاء الذين عايشوا أو سمعوا أو قرأوا عن الجيش العراقي العظيم صانع البطولات والماثر العظام... جيش التاريخ الوضاء الملىء بالانجازات التاريخية والمتنزه عن فعل الجبن والخيانة أن ننتظر اللقاء الذي أجرته قناة الجزيرة الفضائية مع اللواء خالد الهاشمي لكي يراجعوا حساباتهم ويتأكدوا من أن جيش العراق ذلك العملاق المعانق لعنان السماء فعلا وقولا ويتأكدوا أن هذه المؤسسة لم تنزلق الى محيطات وقواميس النعوت السلبية اللاخلاقية التي حاول المرجفون الصاقها به والتطاول على عظمته وتاريخه وأمجاده.



أن الجيش العراقي ومنذ تأسيسه كان جيشا وطنيا وقوميا... عقائديا يؤمن برسالة أمته العربية العظيمة التي تستوحي بياض صفحاتها من تاريخنا العربي- الاسلامي... هذا الجيش الذي كان الواحة الجامعة لابناء العراق دون تمييز لدين ومذهب بل وكان حضنا للكثيرمن أبناء الامة العربية الذين أنضووا تحت جناحيه وخدموا مسيرة الامة من خلال أنتمائهم لهذا الصرح العظيم....



إن تاريخ هذا الجيش العظيم لهو شاهد على نقاء أنتماءته حيث أن وطنية هذا الجيش تجلت بأمتياز بأسقاط النظام الملكي الذي أقامه الانكليز أرضاء لفيصل بن الحسين.. وكذلك في إسقاط دكتاتورية عبد الكريم قاسم حين تمرغ بأحضان الشعوبية وأضطهد التوجه القومي فيه ومارس ديكتاتوريته... كيف يمكن لجيش كهذا أن يقبل الظلم والحكم الدكتاتوري أن يكون وفيا لقائد عظيم بحجم الشهيد القائد صدام حسين رحمه الله أذا كان دكتاتورا كما حاول الاذلاء أن يتهموه به....



إن الوجه القومي المشرق للجيش العراقي تتجلى في كل محطات التاريخ وأن تراب فلسطين الحبيبة عام 1948 ليشهد لهذا الجيش في مواجهة العصابات الصهيونية، ومقبرة شهداء الجيش العراقي في جنين لهي خير شاهد على الوجه القومي لهذا الجيش..... كما أن عام 1973 ليشهد لهذا الجيش العظم الذي سارت قطعاته على السرف لتصل الى أرض الجولان السوري وتحمي دمشق عاصمة الامويين من السقوط وتكيل الضربات الموجعة للجيش الصهيوني المتباهي بقوته وقدراته.... وتلك مصر التي صال وجال الطيارون العراقيون وأخوانهم المصريون في سمائها لتحمي الاجواء المصرية من العدوان الصهيوني ولقنت العدو معنى الفروسية الجوية وكما جسدها الشاعر الشعبي العراقي فلاح عسكر رحمه الله في قصيدته "مصر هي اللي تشهد لنا دمنا فوق الكاع صار لهم علامه...... وسوريا اللي تشهد اللنا يا سيماهم سينما لكل الاطفال يلا بطايق شافت أبطال الكرامة،، عيني يا جيش العراق".....



وكيف يمكن لنا أن ننسى صولات وجولات أبناء العراق في الجيش وكل المتفرعات العسكرية التي قاتلت العدو الفارسي وأسقطت الرهانات المذهبية لنظام الملالي، وكيف قاتل أبناء العراق على قلب رجل واحد وساعد واحد وكيف كنا نسمع أهازيج الابطال حين يرددون صونا لشرف الماجدات العراقيات "أحنا مشيينا مشيينا للحرب.. عاشق يدافع من أجل محبوبته وأحنا مشيينا للحرب وهذا العراقي العراقي من يحب يفنى ولا عايل يمس محبوبته وأحنا مشينا للحرب"



أن هذا الجيش العظيم بقدر ما كان جيشا مهنيا كان جيشا وطنيا بأمتياز ولذا فان القيادة السياسية لثورة 17 - 30 تموز المجيدة كانت دائما لا تخفي أفتخارها وأعتزازها بهذه المؤسسة ومنتسبيها، ولم يكن يساورها أي خوف من أي فعل عدائي قد يساور البعض أن يقوم به من تأمر أو خيانة لان الثقة كانت بالجندي العراقي قبل المدفع والدبابة والطائرة كانت الثقة بالانسان المؤمن بربه ووطنه رغم كل المغريات..... واذا كانت ميزة الانتماء الى الجيش العراقي ميزة للانتماء للوطن وحبه فأن ميزة الادب والاحترام صفة متلازمة مع روحية التضحية والشرف والعطاء... صفة الاحترام والتقدير للقادة الذين لا يمكن أن يذكروا الا بمساحات عطاءتهم وتضحياتهم للامة والوطن وأنت أيها القائد الهاشمي حينما سؤلت عن أي لقاء بالقائد الشهيد صدام حسين أبيت الا أن تنعته بالرئيس الشهيد رغم محاولات الكثيرين تشويه الحقائق عن ذلك العملاق الذي لم يبخل حتى بروحه فداء للعراق وفلسطين والامة العربية... لقد أصبت أيها القائد كبد الحقيقة التي لا يعلى عليها والصدق في الكلمة التي أنت مسوؤل عنها أمام التاريخ لكي لا تصبح كما في جوقة العملاء الاذلاء والمهرجين الخونة.



أيها العراقي البطل وانت تؤكد أن هناك من قام بالاتصال بك بداية الاحتلال للعراق وحكم غاردنر الاميركي من أولئك السفهاء حين عرضوا عليك أن تكون قائدا لجيش الردة البديل عن جيش العراق البطل وكان ردك بحجم عظمة أنتماءك... رد العظمة التي يستشعر بها أن تقول لهم بأن يبحثوا عن قرد ليقوم بذلك،،، لقد أبيت الا أن تظل ماردا كما الابطال يمتشق ما بين الارض والسماء لا أن تصبح قردا يرقص على نقر دفوف المحتلين كأولئك الذين جاءوا محتمين بعباءة المحتل وعلى ظهر دبابة عمياء ويرتدون ثوب الذل والذين ظنوا أن أرتداء لبنطال عسكري أميركي سيجعل منهم محررين...



خمس سنوات ورغم مرارة الحصار والتأمر والترويج للاشاعات الصفراء المغرضة حول مفاهيم الخيانة والفشل يظهر ضابط شجاع محارب... جرئ غير متكلف ينطق بالحق الذي ضاع بين متاهات الحقد والخيانة. تلك التي انتمى إليها.. أولئك الذين جاؤا يقفزون كالقرود على الدبابات الاميركية محتمين بعباءة المحتل راسمين ابتسامات الغدر والخيانة على وجوههم التي تلطخت والى الابد بلعنة الدين والوطن والتاريخ....



الجيش الوطني العراقي لم يكن يوما ملكا لصدام حسين رحمه الله وان كان هذا الجيش يعشقه ولم يكن ملكا للبعث.. الجيش العراقي كان جيش الامة العربية من المحيط الى الخليج.... وكان جيش البعث حين كان البعث هو المعبر عن طموحات الامة وأهدافها وكان جيش صدام حسين حين كان القائد صدام حسين يقدر قيمة هذا الصرح العظيم احتراما وتقديرا.. وتضحية وفداء.... لذا لم يبخل هذا الجيش العملاق عندما أستنهض أن يتقدم على مذبح الفداء ليقدم التضحيات....



وشتان ما بين هاشمي سار على طريق العزة... طريق الحق وأولئك الذين مزقوا لحمة الشعب ارضاء للمحتل وبعضهم يتبرقع بملابس رجال الدين والدين منهم، براء اولئك الذين يحلمون بتقطيع أوصال الوطن ارضاء للشيطانين الاكبر والاصغر... هل هؤلاء سيتكلفون بالاجابة والدفاع عن خيانتهم بدكتاتورية الشهيد البطل صدام حسين رحمه الله أم بالتباكي على الديمقراطية اليتيمة أو لانهم كانوا دائما عملاء للاجنبي الذي أغدق عليهم من نعم الخيانة وأسقاهم من ينابيع الغدر واللؤم وجعلهم يستحمون في دماء العراقيين الاوفياء لوطنهم...



هل سيقولون أنهم كانوا يتلهفون على تدمير وطنهم خدمة لكرسي في وزارة أو مقعد في برلمان أو للسرقات التي تراكضوا لاجلها وهم يعرفون أنهم سيطردون قريبا من العراق الى الجحور التي جاؤا منها وهم يجرون أذيال الهزيمة والفشل....



وإذا كانت محاولات مقدمي البرامج لا تبدو دائما حسنة النوايا وإنما تهدف الى الايقاع دائما بالضيوف... غير أنك أيها المخلص الوفي أبن المؤسسة الوطنية والقومية الذي لا يخاف في الحق لؤمة لائم الصريح في الكلمة والعبارة قد أجبت وأنت تسأل عن ما قيل في خيانة بعض ضباط الجيش العراقي... كانت أجابتك ساطعة كالشمس "بأنك قد قرأت ما يقارب 26 كتابا" تداولت العدوان على العراق وحيثياته ونتائجه وأن كل الاسماء للضباط العراقيين الذين أتهموا بالخيانة ما كانت الا أباطيل حيث ان الكثيرين منهم قد أستشهدوا في الحرب او في الاسر والآخرين لا زالوا في الاسر ينتظرون المحاكمة... واذا كانت أجابتك لا تدل فقط على كونك عسكريا محترفا وإنما كمثقف يطالع ويقرأ ويحلل، فأن هذه السمة هى سمة كل المننتسبين الى ذلك الصرح العظيم الجيش العراقي مراتب وقاده لان الثقافة كحالة إنسانية كانت جزء من تأهيل الجندي الذي يضع وطنه ملء عينيه ووسع قلبه...... ((ثم يأتينا سيادة الفريق رعد ليقول – مع الاسف الشديد - في الصفحة 58 من كتابه أن الجيش العراقي يعاني من محدودية المستوى الثقافي لمعظم كبار الضباط!!!!))



أما وقد توهجت حينما أعدت تعريف الخيانة ومن يكون الخائن اولئك الذين تخلوا عن أوطانهم وهربوا من مسوؤلياتها في أرض المعركة او تعاونوا مع المعتدين او من أصدر الفتاوى بعدم مقاومة المعتدي نعم الخائن ليس اولئك الذين وهبوا حياتهم وأرواحهم لقضايا أمتهم وشعبهم ليبقى الوطن رافع الرأس منتصب القامة....



أما في حديثك عن المقاومة العراقية بكل أطيافها فقد كنت تجسد النموذج الباسل لابطال العراق حيث تكلمت بكل فخر وأعتزاز عن فعلها وانت لا تدعي شرف القتال إلى صفوفها لاسباب موجبة بالبعد الامني والحرص عليها.. كما أنك أبدعت حين أزلت الغموض الذي كان يكتنف سلاح الجيش العراقي حيث قلت أن ثلثه قد أصبح في يد المقاومة العراقية نصرها الله وحماها والثلث قد دمر والثلث الاخير تم بيعه من قبل الخونة تجار الخردة الذين لا هم لهم الا سرقة الوطن وبيع ممتلكاته..



هنيئا لك يا جيش العراق العظيم بكل منتسب لك مراتب وضباط.. هنيئا لك بأولئك الصادقين للوعد الذين يستشرقون بريق النصر القادم لا محالة للعراق وشعبه والامة العربية والهزيمة للعدو ودحره وللرؤية الصادقة بأن العراق لا بد أن يعود عراقا بكل أطيافه القومية والدينية وطنا واحدا يشد بعضه إلى بعض وبفسيفساء تضفي البهجة والحب لدماء الشهداء والالام الاسرى القابضين على الجمر ويلعن أولئك الذي ستأنف منهم حتى مزابل التاريخ ومواخير العار وستبقى يا عراق كبيرا بكل الشرفاء الاحرار المخلصين.



إذا كان الاعلام العربي قد تخاذل في نصرة العراق الذي لم يبخل على الامة بثرواته وأبنائه واذا كانت الفضائيات العربية قد تقاعست عن أن تكون مرأة للحق وتحاول بخجل وخوف أن تعطي فسحة ولو قليلة لرجال من طراز اللواء خالد الهاشمي وفسحة اكبر أمام الوطنيين العراقيين ورجال المقاومة العراقية البطلة ليعبروا عن الحقائق التي حاول الخونة والعملاء والمندسون أن يغسلوا بها العقول الطيبة وإطلاق الاراجيف المشوهة للحقائق ولتكفر عن بعض خطاياها...



وهل ستسمح قناة الجزيرة بالحديث لاولئك الابطال الذين كانوا شاهدين على الصفحات الرائعة التي سطرها العراقيون عامة والجيش العراقي خاصة في مواجهة العدوان الامريكي –الامبريالي – الصهيوني رغم الفجوة الكبيرة في العدد والعدة والامكانات....... كما لي ان أتساءل هل ستعطي قناة الجزيرة الفرصة لاحد أولئك الابطال الذين صنعوا أسطورة معركة المطار والخسائر التي تكبدتها القوات الاميركية مما أضطرها لكي تضرب بالقنابل النيترونية... وعذرا ان قلت أن الساكت عن الحق شيطان أخرس.... فمتى سنخالف الشيطان ونزواته وممارسة قمع الحقيقة والتاريخ... أن التاريخ لا بد ان ينتفض ولا بد للرجال العظام أن ينطقوا بالحق أولئك الذين رغم احتلال العراق يصنعون المجد كل يوم برصاص بنادقهم وعطر عبواتهم ورحيق أنفاسهم. أولئك صناع المجد الذي جذوره تضرب في أعماق الارض ورأسه في أعالي السماء.



يتابع الفريق رعد فيقول:

في 1/6/1991 التحقت بكلية الحرب لإكمال الدراسات العسكرية العليا... وكان المشرف على رسالتي في الكلية الفريق الركن المتقاعد طارق محمود شكري، وهو من خيرة كفاءات الجيش العراقي... وحين تخرجت في شهر نيسان 1992 بعث الشهيد قصي صدام بطلبي ليخبرني أن أجهز نفسي لمنصب قائد فرقة مدرعة في الحرس الجمهوري، ولحين صدور المرسوم طلب مني مساعدة عميد معهد التدريب النموذجي للحرس الجمهوري..... ثم صدر مرسوم جمهوري بتعييني قائد الفرقة المدرعة السادسة من الفيلق الثالث المنفتحة في قاطع البصرة بدلا من اللواء الركن نوفل اسماعيل التكريتي (المعروف بدماثة الخلق والشجاعة، وسبق أن عمل بمنصب معاون رئيس جهاز المخابرات وله سجل نظيف)... وبعد التحاقي بالمنصب المذكور تعرضت الفرقة لعدوان أمريكي وبريطاني أدى الى استشهاد آمر القاطع العميد الركن الطيار حازم مع 32 من الضباط وضباط الصف... بعدها اجريت تغييرا لأماكن انفتاح الفرقة مع سلسلة طويلة من الاجراءات الفنية... وبذل منتسبوها جهودا جبارة لإعادة القدرة القتالية لها... ووجدت من قائد الفيلق الثالث الفرق الركن صباح نوري علوان كل العون... وفي بداية عام 1992 حضر وزير الدفاع الجديد الفريق علي حسن المجيد ((الذي تحاكمه الحثالات الخمينية المجوسية الكسروية لأنه بطل من أبطال العراق العظيم)) مشروعا تدريبيا للفرقة حاز على إعجابه وإعجاب رئيس أركان الجيش الفريق إياد الراوي، ومعاونيه الفريقين سلطان هاشم ومحمد عبد القادر... وقد نفذت المناورة في شرق البصرة...



وحين أرسل الشهيد صدام فريقا من الخبراء لتقييم الفرقة من جميع النواحي الفنية والادارية والقتالية، كانت النتيجة مطابقة للنتائج السابقة (الخبراء هم الفرقاء شوكت أحمد عطا، صبيح عمران طرفة، يالجين عمر)... وفي أحد الايام وبينما أنا مع قائد الفرقة أخبرت بضرورة حضوري الى بغداد لمقابلة الرئيس... فقال لي قائد الفيلق: خسرناك يا عميد رعد... وعندها صدر مرسوم جمهوري بتعييني قائدا لفرقة المدينة المنورة المدرعة حرس جمهوري... وهكذا عدت إلى الحرس مرة ثانية في آذار 1993.. ولما خولوني باختيار القائد الذي سيحل محلي بالفرقة السادسة، وقع اختياري على العميد الركن محمد صالح العكيدي....



كان مقر فرقة المدينة المنورة والتشكيلات الساندة كالمدفعية وغيرها في معسكر التاجي شمال بغداد، واللواء الثاني المدرع في معسكر الحصوة، ولواء المشاة الآلي الرابع عشر في معسكر التاجي الذي حول الى معسكر المسيب جنوب غرب بغداد لعدم وجود فسحة كافية للتدريب في المعسكر الاول... وكانت من افضل الفرق تجهيزا وتسليحا، وهي مسؤولة عن أمن العاصمة بالتعاون مع قوات الحرس الخاص (حماية المواقع الرئاسية وجانب الكرخ) بقيادة العميد الركن كمال مصطفى ((الأسير البطل الذي تحاكمه حشرات وحثالات الصفويين الخمينيين الكسرويين))... وفي وقت مبكر من استلامي مسؤوليتي الجديدة أعددت دراسة معمة عن الدروس المستفادة من واقعة أم المعارك... فعرضتها على العميد الركن كمال مصطفى قائد الحرس الخاص، وهو من أقرباء الشهيد، ويمتاز بالمنطق السليم، فأشاد بها، إلا أنه نصحني بإجراء بعض التعديلات عليها وتخفيف بعض العبارات... ثم عرضتها على المشرف الشهيد قصي صدام حسين، فطلب مني إلقاء سلسلة محاضرات على دورات معهد التدريب النموذجي لقوات الحرس الجمهوري، وبمساعدة عميد المعهد العميد الركن حقي شفيق، وهو من الضباط العلميين في الجيش العراقي....



في منتصف ايلول عام 1994 دعي قادة فرق الحرس الجمهوري لعرض القدرة القتالية لفرقهم أمام المشرف على القوات الشهيد قصي صدام، وذلك في ظل احتمال استعادة أرض الكويت مرة ثانية... وكنت أنذاك أقدم القادة... فكنت أول من تكلم، فعرضت القدرة الحقيقية وفق جداول من الارقام والمعادلات الرياضية، واستخدمت الحاسوب لهذا الغرض، وبصراحة أكدت عدم جدوى مثل هكذا عمليات قتالية بسبب اختلال ميزان القوى... فالقوات الامريكية مرابطة في أرض الكويت وفي المنطقة، علاوة على التورط بموضوع لا زلنا نعاني من عواقبه، والله وحده يعلم ما سيحل بالعراق من كوارث إذا ما قمنا بالعمليات القتالية...



كنت ألاحظ حرج بعض القادة وتجهم البعض الآخر من عرضي، لكن المشرف كان في انتباه شديد لكل كلمة أقولها... وبعد يومين دعيت إلى مقابلة الشهيد صدام على عجل... كان ذلك في العاشرة والنصف ليلا... فدخلت على غرفة السكرتير عبد الحميد حمود أسأله عن سبب الاستدعاء، حيث كنت متوقعا أمرا جللا... لكنه أجابني بهدوء بأنه لا يعلم السبب... وطلب مني الدخول على مكتب الرئيس الخاص... فاجتزت قاعة الاستقبال إلى نهايتها... طرقت الباب... فأذن لي بالدخول... وفقا للسياق العسكري قدمت نفسي بصوت مرتفع... علمت أن سبب الاستدعاء متعلق بما عرضته قبل يومين أمام المشرف وقادة الحرس.... ثم وبهدوء واطمئنان وخلال أكثر من ساعة عرضت عليه كل ما اعتقدت أنه أخطاء ومعضلات ينبغي عرضها على رئيس البلاد والقائد العام للقوات المسلحة... كأجوبة على كل ما سألني... وفي نهاية اللقاء قال لي: ماذا تريد من صدام حسين؟؟ بعدما بان عليه الرضا مما عرضته عليه... فأجبته: الحمد لله لا أحتاج لأي شيء... وحين كرر السؤال.. خشيت من الفهم الخاطيء لإجابتي (فقد عرف عنه أن الذين يقابلونه لعرض حاجاتهم عليه يلبيها لهم على الأغلب بسخاء عظيم)... فقلت له ولازالت يدي بيده مصافحا: متى ما خرجت من الخدمة العسكرية، اسمح لي بأن أطرق بابك.... فرد علي بعبارة: الله محييك......



عدت إلى مقري فرحا، وكأنني قد تحررت من قيد ثقيل حين برأت ذمتي بقول الحقيقة دون خوف أو وجل أو نفاق.. وعلى الرغم من حق أي قائد عسكري أن يقابل الرئيس مرة كل ثلاثة أشهر ويطلب منه ما يطلب، إلا أنني والحمد لله لم أفعل ذلك طيلة مدة القيادة الطويلة التي عملت بها، ولم آخذ إلا ما كان استحقاقا رسميا...



في يوم 17/5/1996 وفي الساعة الثامنة مساء كان من المفترض أن يلتقي الشهيد صدام مع قادة الحرس الجمهوري في مقر القيادة العامة لمناقشة القدرة القتالية للحرس، إلا أن أمرا تطلب مغادرة الرئيس، فتم اللقاء مع المشرف الشهيد قصي وأمين السر العام الفريق الركن حسين رشيد التكريتي.... فك الله أسره مع اخوانه..... وباعتبار كنت أقدم القادة، كنت أول المتكلمين، فاشتكيت من التحديد الصارم على صرف الاعتدة الحية وخاصة عتاد مدافع الدبابات حيث عندي ثلاث دفعات من رماة الدروع والضباط الاحداث لم يمارسوا الرمي بالعتاد الحي... وهذا يحد من كفاءة الفرقة....



ثم يتابع الفريق رعد فيقول:

كان أهم حدث في عام 1995 هو خروج حسين كامل من العراق إلى الأردن... ففي منتصف هذا العام اتصل بي هاتفيا رئيس أركاني العميد الركن مظهر حسين، ورجا حضوري على خط هاتف القصر الجمهوري... وإذا بالشهيد قصي على الطرف الأخر يقول: الوالد يبلغك أن هذا... حسين كامل هرب إلى الاردن.. هل تعتقد أن له أعوانا في الحرس الجمهوري؟؟ فطمأنته أن لا أعوان عندنا... فقال: الكل في حالة إنذار... الأوامر من السيد الرئيس أو مني....



كانت بعض الشبهات ((التي تبين أن لا أساس لها)) تحوم حول اللواء الركن كمال مصطفى، الذي صار قائدا لفيلق الله أكبر حرس جمهوري، وهو الفيلق الذي يتألف من ثلاث فرق أحداها فرقتي... وحين زارنا الشهيد قصي صدام في مقري بمعسكر التاجي سربت خبر تلك الزيارة إلى قائد الفيلق اللواء كمال، وكان مقره في تكريت... وحين وصلنا بعد حوالي ساعة... أكد للشهيد قصي أن لاعلاقة له على الاطلاق بخروج حسين كامل...



في نهاية شهر آب استجار ((الخائن بن الخائن، والناكر للنعمة وللجميل، والذي عض اليد الكريمة التي مدت له)) مسعور البرزاني بالشهيد صدام ضد خصمه الطلباني، حيت تمكن الطلباني مع طراطيره من احتلال مدينة اربيل مع عناصر الخائن الاكبر والخنزير الامريكي الدولي والمحتال العالمي الجلبي، بدعم من عملاء الاستخبارات الامريكية والبريطانية زاد عددهم على ثلاثة آلاف.... وقد سبق ذلك سلسلة طويلة من المعارك بين الطرفين... فشنت فرقتان من الحرس الجمهوري (فرقة عدنان وفرقة بغداد زائد لواء القوات الخاصة الثالث) (وكانت فرقتي احتياطا إضافة إلى فرقة من الفيلق الخامس وفرقة من الفيلق الاول (جيش) هجوما سريعا وكاسحا تم خلاله الدعس على رأس الكلب الطلباني وطراطيره وتم طردهم مثل الفئران من اربيل والسليمانية، هم وعناصر الحقير الجلبي،... وسلمت المدينتان الى عناصر مسعور... وحين انسحبت قواتنا، ردت قوات الطلباني الكرة واستردت السليمانية من طراطير مسعور... واللافت ان المقاتلين الاكراد من الطرفين لم يبديا قدرا كافيا من الشجاعة في القتال.... ((يعني بمعى آخر جبناء مثل مسعور والطلباني)).....



بعد شهرين تم تعييني بمنصب رئيس أركان فيلق الله أكبر حرس جمهوري، فنقلت عائلتي إلى معسكر القوة الجوية المجاور لمقر الفيلق، حيث كانت عوائل الضباط تقطن هناك... وفي شهر كانون الاول علمنا بتعرض الشهيد عدي صدام الى اعتداء أصابه بعدة طلقات... تبين فيما بعد أن ((خنازير حزب الدعوة الى ممارسة الرذيلة والمتعة)) كانوا وراء ذلك الاعتداء...



وبعد يومين من حادث الاعتداء على الشهيد عدي تسلمت أمرا من المشرف الشهيد قصي يقضي بمعالجة موقف حصل قريبا من القصر الرئاسي المشيد على بحيرة الثرثار... وتسلمت الأمر من مدير دائرة أمن الحرس الجمهوري خالد كليب، وبضمنه أن فرقة الحرس الخاص بقيادة العميد وليد توفيق التكريتي ولواء الواجبات الخاصة السادس والعشرين صارا بإمرتي مؤقتا لمعالجة الأمر... وحين وصلت الى بحيرة الثرثار وجدت أمر الفوج السابع حرس خاص الراكن الركن محمد فيصل... وبعد الاستفسار منه، تبين أن بعض الصيادين من عشائر الدليم كانوا يتصيدون السمك في تلك البحيرة... وحين اقتربوا من القصر اكثر مما ينبغي بادلتهم قوة الحماية بطلقات تحذيرية... فما كان منهم إلا أن أطلقوا النار أيضا... فحدث تراشق بالنار لفترة محدودة وانتهى الأمر... وتبين أن إحدى الطلقات أصابت عرضا يختا كان يستخدمه الشهيد صدام... فرأيت أن الأمر عرضيا ولا يستحق الوقوف عنده، وقمت بمضاعفة المسافة الممنوعة للاقتراب من القصر كي يتم مستقبلا تفادي ما حدث..... وأخبرت الشهيد قصي بهذا.... فأيدني بما قمت به....



في نهاية عام 1998 قامت الطائرات الامريكية والبريطانية بعدوان جوي على العراق تحت مسمى ثعلب الصحراء... فكان أن راح من فرقة بغداد حرس جمهوري (مقرها مدينة الكوت) 79 شهيدا... أما مقرنا في تكريت فقد أصابه أربع صواريخ جوالة من نوع كروز...



في شهر تشرين الثاني 1999 صدر المرسوم الجمهوري القاضي بتعييني قائدا لفيلق الحرس الجمهوري الثاني (الفتح المبين) وكان مقره مدينة المدائن (سلمان باك) جنوب بغداد بحوالي 52 كم... وتم ترقيتي إلى رتبة فريق ركن... وكان هذا الفيلق يتألف من الفرق التالية: المدنية المنورة المدرعة، النداء المدرعة، بغداد مشاة، مع اللواء الثالث قوات خاصة... صنوف ساندة ومدفعية وخدمية، وكتيبة استطلاع مدرعة... اما قاطع المسؤولية فيمتد من محافظة ديالى إلى محافظة واسط... إلى كربلاء والنجف.. ومحافظة بابل علاوة على الجزء الجنوبي من بغداد العاصمة...



في عام 2001 توقعت دوائر استخباراتنا ان تستغل ((دولة السموم الخمينية الفارسية الكسروية النجسة)) مناسبة زيارة أربعينية سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما... وذلك لإحداث فتنة سياسية لإثارة بعض المغرر بهم (السذج المخدوعين بتلك الدولة وبملاليها الحقراء الانجاس الكفرة))... فكلفت بفتح قوات مناسبة عند المقتربات المؤدية إلى كربلاء... والحمد لله لم يحصل شيء يعرقل مراسم تلك الزيارة... وشهد نفس العام هجمات الحادي عشر من إيلول وتدمير برجي التجارة العالميين في نيويورك...



في عام 2002 تحسنت امكانياتنا من تحديث وسد نواقص 75% من العجلات العسكرية، و20% من الاسلحة والمدفعية والدروع، وخصصت مبالغ جيدة لسد نقصنا من التجهيزات الادارية والفنية وارتفعت نسبة الرواتب والمخصصات لتحسن واردات وزارة الدفاع من الاليات والتجهيزات بعدما تم سد نقص معظم الوزارات وبدأ تحويل الفائض للجيش والحرس الجمهوري....




العدوان الأمريكي البريطاني على العراق 2003

قبل أن نخوض في هذا الفصل... فإنني من هنا، أتوجه بجزيل الشكر وعظيم الامتنان الى سيدي اللواء الركن عبد الوهاب قصاب على الرسالة التي وجهها لي بواسطة شبكة البصرة... وأقول له إن مثلي يتشرف بتلقي رسالة من مثلك... وكما أعجبتكم طريقة عرض الكتاب.. كذلك أسجل اعجابي بشخصكم الكريم حين ظهرتم على قناة الجزيرة يوم 9/4 الفائت... أما مقدمتكم التي كتبتموها للكتاب فقد كانت بحق رائعة.... كذلك لي الشرف في أنكم تتابعون يا سيدي عرض الكتاب...

*******

هذا هو الفصل الاخير من الكتاب... يبدأ من صفحة 261... اختار الفريق رعد عنوانا له هو: الحرب الامريكية البريطانية على العراق عام 2003... وأنا بدلتها إلى (العدوان) لأنها بالفعل عدوانا على بلد آمن... وليست حربا... والفريق أدرى مني بكثير عن كيفية وقوع حرب بين بلدين... وأدرى مني أيضا عن الفرق الشاسع بين أن نقول حرب.... وأن نقول عدوان....



على أية حال... يقول الفريق ما يلي...

الموقف السياسي العام للحرب...

بعد انتهاء ((عدوان 1991))... اكتسب النظام السياسي في العراق قدرة على التواصل والعمل بمحيطه الاقليمي، واكتسب قدرة معنوية عالية واحتراما لصموده أمام أكبر قدرة عسكرية عالمية بعد الحرب الكورية... وفي ظل الاحباط النفسي للامة العربية بضياع الأمل بتحرير فلسطين، نجح الخطاب السياسي العراقي في ربط موضوع الحرب بالقضية الفلسطينية، فأضحى العراق وقيادته السياسية ممثلا بالشهيد صدام القوة العملية والموثوق بها في عموم الرأي العام العربي لاستمرارية الصراع العربي الصهيوني ومحوره قضية فلسطين التي لازالت دون حل مرضي... فانطلقت عاصفة من العواطف العربية مؤيدة للعراق وحاجبة الكثير من الحقائق الموضوعية للقدرة العراقية.... ما دفع بالقيادة قدما بالاتجاه الخاطيء!!!!!! ولم يعد لها أي فسحة كافية للمناورة في قراراتها الاستراتيجية اللاحقة!!؟؟؟



إن استعادة الدولة للسيطرة على محافظات الجنوب التي اندلعت فيها أعمال التمرد الغوغائي عام 1991 قد خيب ظن الدوائر الامريكية والصهيونية والفارسية على السواء، ذلك أنها توقعت سقوط النظام... وقد وظف خصوم بوش من الديمقراطيين هذا الموضوع سياسيا واعلاميا ضد بوش، ومنهم الكاتب الصهيوني الشهير جوناثان راندل في كتابه مفترق أمة... ولهذا خسر بوش فرصة الفوز بولاية ثانية للرئاسة... أما الطرف الآخر... صدام حسين..... فقد وقع في فخ أوهام القوة التي بدت له بعد استعادة توازنه، فجلس على كرسي الحكم مطمئنا لقدرته... فجيشه من الناحية العددية لم يخسر سوى ربع مليون إصابة مختلفة، ولقد ظن أن بإمكانه تعويض خسائره من الطائرات والأسلحة بإغراءات خزين البترول العراقي الذي لاينضب قبل نهاية القرن الحادي والعشرون، ولأن شعبه يقف خلفه مساندا له بالمحبة أو نتيجة للخوف، مع مؤازرة مئات الملايين من الامة والعربية والاسلامية.. فقد أصبح رمزا عالميا لمجابهة الامبريالية الامريكية في أرجاء المعمورة.... لقد اعتقد أن حسن الحظ لم يفارقه وقدره الالهي لازال عظيما..... لقد أكد هذا الزعيم العربي أن النصر السياسي على أعدائه قد لاتحدده نتائج المعارك العسكرية وإن خسرها... وبدا كمسيح مسلح ليخلص الناس من شرور الشيطان الامريكي!!!!



وفي إحدى الندوات العلمية العسكرية بنهاية عام 1995 كنت أنا أحضرها، علق الشهيد صدام على بحث مشترك لعدد من القادة كنت أحدهم، وقال: أنا مستغرب جدا من هؤلاء القادة الاكفاء الذين يبحثون في نتائج العدوان الثلاثني عام 1991، في حين يرددون ما يطرحه الاعلام المعادي من احصائيات غير دقيقة، فلو كانت الارقام صحيحة أو كان لها قيمة في حسابات الصراع لما كنا جميعا هنا في هذه القاعة الكبيرة.... أنتم المنتصرون.. فركزوا على الجوانب المشرقة من أعمالكم... وهذا توجيه إلى وزير الدفاع ولكل دوائر الوزارة والوزارات المعنية...((ص 263)...



الحقيقة أن المقدمة طويلة... ولا أظن أن هناك ضابطا في الجيش العراقي يشبه رئيسه بالمسيح المسلح... مخلص الناس...؟!! هذه جملة: بدا كمسيح مسلح.. لا يستخدمها مسلم أو مسيحي عربي.... ((طبعا مع تعظيمنا الشديد لمقام سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام وأمنيتنا أن نكون مثله على طريق النور والخير والهداية))....هذه يستخدمها الامريكيين، لأن أصلا غالبية الشعب الامريكي.... أو نسبة كبيرة منه.... أصلا لا يعرفون شيء لا من الدين المسيحي ولا حتى من دين الجن الازرق!!! الامريكيين، في غالبيتهم، دينهم موسيقى الروك أندرول والهمبرجر والمصارعة وأفلام الإباحة... أسهل شيء على بعضهم الاستهزاء بالكنيسة وتعاليمها... وفلان يشبه المسيح وفلانة تشبه مريم وهذا مثل يوحنا والثالث مثل يهوذا وهكذا.... ولعل القراء يعلمون عن مغنية امريكية اسمها مادونا، كان لها شأن في عالم البوب... هذه الانسانة حرمت من حقوقها الكنسية... لماذا؟؟ لأنها هزأت بإحدى أغانيها بالصليب وبسيدنا المسيح عليه السلام؟؟ فإذا كان هذا شأنهم... فلماذا حتى نقتبس من كتبهم وننساق وراء عباراتهم ونقحمها في مخطوطاتنا؟؟



على كل حال، أنا ارتأيت أن أتجاوز الباقي منها، وأخط رؤوس أقلام.... لأنه على ما يبدو من خلال قرائتها، إنها إما مقتبسة من كتاب الصهيوني جوناثان راندل (مفترق أمة).... أو..... من كتاب آخر ((أنا هذه نظرتي وربما تكون خاطئة))...



على اية حال....

يقول الفريق رعد في الصفحة 263 ان الحصار أحال المجتمع العراقي إلى أدنى مستويات المعيشة وأفقر الحكومة العراقية الى حدود الافلاس!!! واتجه السعي إلى عدة مجالات... مجال سياسي ودبلوماسي – مجال اقتصادي – مجال عسكري ((يقول عنه الفريق ان صدام خصص له موارد كبيرة خارج السياقات المالية للدولة فأدى ذلك فيما بعد وبشكل مطرد الى تفشي الفساد الاداري في دوائر التصنيع العسكري والجهات ذات العلاقة من القوات المسلحة!!!!! في ظل انخفاض حاد بالرواتب والمستويات المعيشية.... ((ص 265))

ثم في نفس الصفحة وفي حديثه عن المجال الثقافي يقول ان العراق سعى لتعيمم فلسفة خاطئة من خلال تعظيم المعنويات على حساب الحقائق وخاصة في المجالين الثقافي والاعلامي!!! وفي نفس الصفحة أيضا يقول ان مدة الولاية الطويلة لبيل كلينتون كانت رحمة من السماء للنظام العراقي للاستمرار بالحياة السياسية والعملية وان النظام ضيع الفرصة الذهبية للخروج بأنصاف حلول مفيدة لحالة مماثلة لحالة القيادة الفلسطينية التي ظنت خطأ كما ظن النظام العراقي ان التساهل والمشاطرة الامريكية هما دليل ضعف... وان هنري كيسنجر يقول في كتابه هل تحتاج أمريكا الى سياسة خارجية جديدة؟؟ ان كلينتون قدم مشروعا للصلح المشرف مع الشهيد صدام حسين، وقد لامه على ذلك كثيرا ((كيسنجر لام كلينتون!!؟؟))...



في الصفحة 268 يتحدث عن الحشودات العسكرية تمهيدا للعدوان على العراق، وأن أل سعود وزايد بن سلطان حاولا اقناع العراق بقبول مبادرة زايد التي تقضي بالتنازل عن الحكم..... ... وأن العراق رفضها، و ان عزة الدوري قد لعب دورا سلبيا في مؤتمر القمة الذي عرضت فيه تلك المبادرة؟؟؟!!!!!..


ثم قصة لقاء ألح على طلبه ((هكذا يقول.... ألح مدير جهاز المخابرات العراقي)) طاهر جليل الحبوش مع صدام... فالتقى به في قصره القريب من المطار، ودخل عليه وهو جالس على حافة بحيرة يصطاد السمك!!! فأخبره برسالة شفوية من الرئيس الفرنسي جاك شيراك تقول: كن على يقين ايها الرئيس أن الامريكيين سيهاجمون، وهدفهم الأول أنت فاحذر!!!..... ودون اكتراث..... استمع الشهيد لمضمون الرسالة...... فأومأ برأسه قائلا لطاهر - الذي لم يأذن له بالجلوس – ألهذا جئت؟؟.... إذهب....وكرس في الشهر الاخير قبل الحرب كل جهده لإقناع الرأي العام العراقي بقبول المنازلة المفروضة عليه من اجل الشرف الوطني!!!...
المهم...... في الصفحة 269 يتحدث عن الموقف العسكري العراقي العام للحرب.... وأن الفرس رفضوا إعادة الـ 135 طائرة التي تم ايداعها عام 1991


ثم في نفس الصفحة يتحدث عن تدني مستويات تدريب الطيارين العراقيين لأسباب فنية ومادية واقتصادية!!! وانتهاء أعمار الطائرات ومنظوماتها الفنية والتسليحية... ((طبعا هذا كله نتيجة الحصار الجائر الظالم الذي فرضه المستعربين البترودولاريين... وأمريكا والصهاينة))....



ثم في الصفحة 270 يتحدث عن أمر غريب في الجيش العراقي!!!!! وهو أن عوامل ساعدت على تخلف مستويات اعداد القدرة العسكرية لمواجهة الحرب منها: تدني المستويات المعيشية لعبت دورا في انهيار أخلاقيات الجندية وشرف المهنة وانصراف الكثيرين للبحث عن وسائل عيش أخرى إلى جانب الجندية لتأمين الحد الادنى من مستويات المعيشة السابقة لمعظم الضباط ومراتب المتطوعين إ ضافة الى تفشي ظواهر الفساد الاداري في أعماق مختلفة من المؤسسة العسكرية العراقية!!!



أعيد تشكيل الجيش بعد عدوان عام 1991 بخمسة فيالق (ثماني عشر فرقة)... منها ثلاث مدرعة وثلاث ميكانيكية، والباقي فرق مشاة، مع إلغاء سلاح القوات الخاصة...وأعيد تنظيم الحرس الجمهوري الى فيلقين، كل فيلق ثلاث فرق.. إضافة إلى لواء القوات الخاصة والتشكيلات الساندة والخدمية كالمدفعية والدفاع الجوي والهندسة العسكرية والوقاية الكيماوية ووحدات النقل والتصليح والمخابرة والطبابة وغيرها....



وفي الصفحة 271 حديث عن القدرات العسكرية العراقية:



قوات الحدود: هدفها تأمين المخافر والمراصد للأغراض الامنية والاقتصادية والعسكرية ولمراقبة الحدود مع دول الجوار الست (سوريا – تركيا – أرض شبه جزيرة الاعراب – كاظمة – الاردن - ايران)...

جيش القدس: أنشيء أصلا لدعم الانتفاضة الفلسطينية... يتألف من 21 فرقة، كان رئيس اركانه الفريق اياد فتيح الراوي – ثم صار المواطنون يخدمون فيه لمدة شهرين أو أكثر بالتتابع...

فدائيو صدام: تنظيم شبه عسكري اساسه فكرة من الفريق المتقاعد هشام صباح الفخري... وهو من القادة الكبار.... اقترح تشكيل هذا التنظيم برسالة الى عدي صدام... ومع مرور الايام تشكل مقر اعلى يدعى رئاسة اركان فدائيو صدام اسندت الى الفريق الركن قيس الاعظمي... وشغل مناصبه القيادية ضباط دائمو الخدمة من الحرس الجمهوري والجيش...خضع افراده لتدريبات قاسية... وكان منهم صفوة قادرة على تنفيذ عمليات عنيفة... وكانت مهام هذا التنظيم مطاردة الفارين من الخدمة، وتفكيك شبكات المهربين وكذلك شبكات الدعارة...

جيش الشعب: جيش من الحزب والتنظيمات الحزبية المسلح بأسلحة خفيفة... وهو لحماية المرافق الحيوية في الدولة...



الصفحات: 274 – 275 حديث عن الموقف الموقف العسكري الامريكي – البريطاني

في الصفحة 277 تحددت الاستراتيجية العسكرية الامريكية "للعدوان" على العراق كما يلي:

اسقاط النظام السياسي بزعامة صدام حسين كهدف استراتيجي للحرب

مدة الحرب يجب ان لا تتعدى 6 – 8 اسابيع

إجراء تدخل مباشر ما بين عمليات القصف الجوي والعمليات البرية

إعطاء دور مهم للقوات الخاصة

استثمار القوات المحمولة جوا

تفعيل دور الجبهة الداخلية من خلال الخونة

المحافظة على آبار النفط العراقية سالمة قدر الامكان

الحيلولة دون تمكن القوات العراقية من استخدام أسلحة الدمار الشامل إن وجدت



أما خيارات الاستراتيجية العسكرية الامريكية فكانت كما يلي:

الأول: حشد القوات الرئيسية المخصصة للعمليات البرية في مسرح العمليات التركي، والاعتماد على تعاون خونة الاكراد للمرحلة الاولى.. احتلال المحافظات الشمالية، واحتلال قاعدة صدام الجوية في القيارة، والسيطرة على القصر الرئاسي في جبل مكحول (يبعد 200 شمال بغداد)، ثم الاندفاع بجهدين: رئيسي غرب دجلة وثانوي شرق دجلة باتجاه الجنوب لاحتلال بغداد بعد السيطرة على سامراء والثرثار... ويرافق ذلك هجوم القوات من ناحية "الكويت"..

الثاني: حشد القوات في مسرح العمليات الكويتي والاندفاع لعزل البصرة والناصرية مع احتلال آبار النفط... ثم الاندفاع على محور الفرات..

الثالث: حشد القوات في مسرح العمليات الاردني والاندفاع لتطويق بغداد والتعويل على القوات الخاصة والقوات المحمولة لاحتلال الاهداف الرئيسية والقاء القبض على الشخصيات السياسية الرئيسية بالاستفادة من الخونة المتواجدين في الداخل...



خيارات العراق الاستراتيجية... ((ص 281)))..

يمكن تحديدها للدفاع عن العراق بما يلي:

قبول الحرب إذا كان الهدف السياسي للعدو هو اسقاط النظام السياسي العراقي.

الاعداد للدفاع الشامل تشارك فيه كل طاقات الدولة والشعب

استنزاف العدو على محاور تقربه وقبول المعركة الحاسمة في العاصمة بغداد

يؤسس الجيش العراقي الاطار العام للدفاع على جميع المحاور التقريبية للعدو، وتكون مسؤولية الحرس الجمهوري الدفاع عن مركز العراق ومن ضمنه العاصمة بغداد..

اتخاذ أكبر اجراءات لاستثمار كافة الطاقات للاستعداد الامثل للحرب وتهيئة مستلزمات القتال (مواد تموين القتال والعتاد ووقود الارزاق) لفترات طويلة وبأعداد كبيرة تؤمن إدارة دفاع طويل لا يقل عن ستة أشهر.

الاعداد الفكري والنفسي للشعب والقوات المسلحة لقبول معركة طويلة الامد والاصرار على تكبيد العدو ما يمكن من الخسائر..

المحافظة على الموارد النفطية العراقية وعدم تدميرها إلا في الضرورات القصوى..

معالجة معضلة القيادة وتقسيم العراق إلى أربع مناطق (شمالية، مركزية، الفرات الاوسط، الجنوبية)



من ص 281 – 285 حديث عن نقاط الضعف في القدرة العسكرية العراقية وعن جهود شخصية في تطوير اساليب القتال..



خطة الدفاع عن بغداد... ((ص 286))...

بعد عام 1991 كانت هناك خطط للدفاع عن بغداد اساسها الخطط الامنية التي يشترك في تنفيذها الحرس الجمهوري الخاص وفرقة أو أكثر من الحرس الجمهوري وجهاز الأمن الخاص وبعض الأجهزة الأمنية الاخرى... وطبعا كل هذا ضد احتمالات شن هجوم أمريكي أو اسرائيلي أو عمليات تأمرية من الداخل.... ليست من الاوساط الشعبية...... كما يقول الفريق رعد...... وانما من خلال عملاء المجوس والصهاينة والامريكيين والمستعربين على السواء..... الذين ما عدموا وسيلة للتخلص من شهيد الحج الاكبر بالدولارات والعملاء... وكانت كل تلك الخطط سرية للغاية، وكان هناك غرفة عمليات خاصة تدير تلك العمليات في حال حدوثها... وعندما كنت قائدا لفرقة المدينة المنورة كنت مسؤولا عن تنفيذ جزء من تلك الخطط بما يخص الجانب الشرقي من بغداد...



عندما تعاظمت التطورات السياسية المنذرة بالحرب كانت هناك مناقشات غير محسومة حول أسس الدفاع عن بغداد وكانت احدى فرق فيلقي إضافة الى لواء القوات الخاصة (فرقة النداء ولواء القوات الخاصة الثالث حرس جمهوري) مشاركين في الاساس في خطة الدفاع عن العاصمة، وبحكم الضرورات الامنية لم أكن معنيا بتلك الخطة ولم أسأل يوما قائد الفرقة أو آمر اللواء أي شيء عن ذلك... وهكذا هي طبيعة الامور في الحرس الجمهوري حيث يمنع علينا الزيارات خارج الواجبات الرسمية!!!



في 18/12/2002 حضرت مع قادة فرق النداء، حمورابي، المدينة المنورة وأمري المدفعية والدفاع الجوي وآمر الحرس الجمهوري الخاص ومدير الاركان وضابط الركن مؤتمرا لا نعرف جدول أعماله، وذلك في رئاسة أركان الحرس الجمهوري في مقرها العام غرب بغداد... حضر رئيس أركان الحرس الفريق أول سيف الدين الراوي يحمل خريطة مؤشر عليها خطة دعيت باسم خطة الدفاع عن بغداد، وراح يشرح لنا تلك الخطة.... وهي عبارة عن اربع دوائر ذات الوان مختلفة تحيط ببغداد، وتشير كل دائرة الى خط دفاعي دائري تشترك فيه الفرق الثلاث المدرعة بالتساوي، وبحسب مواقع انفتاحها (النداء من الشرق، المدنية المنورة من الجنوب والجنوب الغربي، حمورابي من الشمال والشمال الغربي) وكان الفحوى انه كلما حقق العدو تماسه بقواتنا في أي من تلك الدوائر وبعد قتال معين يصدر الايعاز لتلك الفرق بالانسحاب بالقتال التراجعي الى الدائرة الاخرى نحو العمق، وبهذه البساطة لحين قبول القتال النهائي داخل محيط العاصمة... وكان نصف القطر في تلك الدفاعات الخطية الدائرية ولجميع الاتجاهات يبلغ 50/60 كم عدا خط المراصد ودوريات الاستطلاع، وهي تخرج أمام تلك الخطوط الدفاعية... وهكذا... وبكل بساطة...



في نفس الصفحة يقول الفريق رعد انه حاول الاعتراض عليها، لكن الفريق سيف الدين قاطعه بأنه مصادق عليها من المقر الاعلى وعليهم التنفيذ....



وفي ص 288 اتصل سكرتير الشهيد قصي العميد الركن عبد السلام ياسين طالبا حضور الجميع الى الطابق الارضي لعرض الخطة امام الشهيد قصي... فشرحها الفريق سيف الدين للمرة الثانية... وهنا اعترض الفريق رعد على الخطة جملة وتفصيلا طالبا الاذن من المشرف للحديث.... ما جعل الفريق سيف يمتعض من هذا التصرف.!! فوقف الفريق رعد بجانب الخريطة مركزا على أمرين: الاول ان الخطة ساذجة وسطحية وغير عملية على الاطلاق.... والثاني ان سياق التخطيط لعمليات كبيرة يجب أن يأخذ سياقه الصحيح وفق مراحل عديدة تتلاشى فيها الاخطاء بسلسلة طويلة من النقاشات والدراسات... ورجوت المشرف: أن يمنحنا الوقت الكافي لإعداد خطة بديلة وفق السياقات الصحيحة بحيث يساهم فيها كل المعنيين دون التمسك بوجهات نظر تطرح مبكرا.... لكن المشرف وقف، ووقف الجميع من حولنا... واستعجل الرأي برأي توفيقي أكثر مما هو واقعي... وبسبب احترامي الشديد له ما تمنيت أن أحرجه لأي سبب كان لأن الموضوع أكبر من هذه الامنيات ومن مشاعرنا... فشعرت أن واضع الخطة هو رئيس الاركان ونسب افكارها الى الشهيدين صدام وقصي.... فإذن الاعتراض يمس الجانب الادبي لهذا القائد الشاب الذي له دالة علي حين انقذني من حكم بالسجن لمدة طويلة عندما اعترضت على خطة الدفاع عن الكويت... انفض الاجتماع...



ثم يقول الفريق رعد:

انه في اليوم الثاني استدعاه رئيس الاركان (الفريق سيف) وكان خلاصة ما قاله: إن السيد المشرف قد أخبرني بأنه لم يفهم أي شيء مما طرحته أمس، وهو يشك في قواك الذهنية أو من أنك تعاني من مشاكل عائلية... فرفضت تلك الاهانة.... ونزلت مسرعا الى مكتب المشرف مصرا على مقابلته، وإن كان يوم عطلة، وبعد ساعة حضر الشهيد قصي.. وبعد أن استقبلني باحترام كعادته... بدأ الحديث عن نمطي في القيادة الذي يختلف عن النمط السائد عندنا في القوات المسلحة العراقية.. لكنني رجوته الكلام عن موضوعنا الذي تكلف مشكورا بترك عائلته اليوم ولقائه اياي لأجله... فنزعت رتبتي من على كتفي ووضعتها على الطاولة... ما أثارت هذه الحركة الشهيد قصي... فقال: مقامك محفوظ.... ارتدي رتبتك... فارتديتها بصعوبة بسبب حالتي العصبية... وكانت خلاصة ما طرحته عليه هو خطورة الموضوع الذي جرى الاختلاف عليه بالرأي وان مناقشة مثل هكذا مواضيع كبيرة يجب أن لاتحددها العواطف... وانا مستعد لقبول اعفائي من منصبي وسحب رتبتي لكن لااتنازل عن حقي كجندي أرى المخاطر تحيق ببلدي فأوافق على أي رأي يطرح بسبب المجاملة... فركزت على ضرورة بناء هذه الخطة وفق السياقات الاكاديمية الصحيحة.... وشرحت وجهة نظري بأنه من الخطأ الجسيم أن نقبل القتال في بغداد ونحددها كهدف رئيسي ضمن سلسلة أهداف لعدو قادر على أن يحيلها إلى ركام محروق، والصحيح أن يكون الدفاع بعيدا عنها وليس فيها....ويجب أن نجعل العراق كله أهدافا متساوية بحيث لايكون فيه مكان محدد للقيادة وأن نعتمد حربا مشابهة لحرب العصابات....



أصغى المشرف إلى جيدا وفهم مقاصدي التي طرحتها وخاصة في جوهر بناء الخطط بالتحليل الدقيق للتهديدات المعادية... ووعدني بإعادة المؤتمر مساء يوم السبت 21/12/2002 وترك الموضوع له بالكامل... وفعلا صدق وعده واجتمعنا بنفس اليوم، وبعد عرض دقيق للمشرف وضح للحضور ضرورة اعادة النظر بالخطة السابقة واعتماد السياق الصحيح... ثم التفت نحوي قائلا: هل لديك شيء توضحه؟ فأجبته بأن لقاءنا هذا سيكون مباركا عندما نعود من الخطأ إلى الصواب وأن مسؤوليتنا تجاه الوطن والشعب أكبر مما تأخذنا اليه العزة بالخطأ او بالنفس... راجيا رئيس الاركان أن لايأخذ هذا الموضوع بشكل شخصي... ورجوت أن يتشكل فريق من المخططين للدفاع عن العراق وفق السياقات الصحيحة... ورجوت المشرف مطالبة القيادة السياسية بوثيقة تسمى توجيه الخطط.... وانفض الاجتماع...



إزدادت حساسية الفريق سيف الدين تجاه الفريق رعد – كما يقول – ورغم انه حاد الذكاء ولديه خبرة كبيرة وقابلية بدنية، إلا ان نقطه ضعفه الانانية المفرطة والحساسية الشديدة وطموحه الذي لاحدود له حيث انه كان يأمل أن يكون وزيرا للدفاع قبل وقوع الحرب!!!!
الشمس شمسي و العراق عراقي [*][*][*] ما غير الدخلاء من اخلاقي

أضف رد جديد

العودة إلى “كتب، جرائد و مجلات”