سلاما يا ثورة الشعب المجيدة

ناقش المواضيع السياسية و الاقتصادية بأسلوب هاديء و متحضر
أضف رد جديد
ابن بغداد
Captain - Naqib
Captain - Naqib
مشاركات: 769
اشترك في: الأحد ديسمبر 02, 2012 12:54 pm

سلاما يا ثورة الشعب المجيدة

مشاركة بواسطة ابن بغداد » الاثنين يوليو 14, 2014 11:53 pm

صورة

قبل 56 سنة و في ذورة فصل الصيف العراقي اللاهب و مع بزوغ فجر يوم الرابع عشر من شهر تموز انطلقت رحلة الشعب العراقي نحو الحرية و تحقيق الذات و علت ارادة ابناء الرافدين فوق ارادة المستعمرين و ظلم الاقطاعين و انتفض الفقراء والمحرومين والفلاحين والطلبة مع الضباط الاحرار ليحرروا وطنهم وليصبحوا اسياد انفسهم . ليس للقاصرين على مشاهد الدم والسحل التي رافقت الاحداث المتسلسلة لذلك اليوم المجيد حجة في نقل وضع التغيير الذي حصل في العراق من حالة الثورة الى الانقلاب اي مبرر لكونها احداث عرضية حصلت من جموع شعبية تختلف ارائها و افكارها في كل شيء الا انها اتفقت على امر واحد هو ضرور التغيير . فالشيوعين ارادوا التغيير و البعثيين ارادوا التغيير والقومين ارادوا التغير و الاسلاميين ارادوا التغير والفقراء ارادوا التغيير والطلبة ارادوا التغيير و المثقفين والفنانين و الفلاحين والجيش كذلك . الشعب العراقي بمجمله اراد التغيير . اما لماذا الجيش وتدخله وهل يعد ذلك انقلابا ؟ فالاكيد انه لا . لان الطلبة حاولوا فعلها عام 1952 فكانت (نكرة السلمان) بأنتظارهم وتعددت ثورات الفلاحين في الفرات الاوسط وتكررت مرارا وتكرارا وفي كل مرة تتحرك السلطة لسحقها وترحيل قادة و شيوخ العشائر خارج العراق او داخله بعيدا عن اهلهم . وحتى القوى السياسية العراقية نالت نصيبها من القمع و ضجت بهم السجون بالاحكام العرفية . اما عن شكل الديمقراطية المهلهلة التي كانت تأطر الوضع السياسي السائد انذاك فيكفي ان نقول بأن اصحاب القرار أنذاك كانوا يتبادلون تهاني الفوز قبل الانتخابات المعروفة النتائج سلفاً . كان التغيير مطلبا شعبيا و وطنيا . كان الشعب ينتظر الرصاصة الاولى بفارغ الصبر وما ان دوت الانفجارات في محيط قصر الرحاب حتى خرجت الملايين دون شعور و دون ادراك وكأن اصوات تلك الانفجارات تشبه صوت طفل وليد انتظره اباه كثيرا . لم يعهد التاريخ قبل يوم 14 تموز من عام 1958 ان تخرج جموع الناس من الفقراء و المعوزين ترافق ارتال الجيش للدخول الى بغداد و من ثم الى القصر الملكي لانتزاع حريتها ولم تكلف السلطة الجديدة نفسها عناء البحث عن رموز النظام الملكي حيث تركت الامر للشعب الذي لم يترك لاحدهم المجال لينفذ . انها ثورة . انها تغيير . ولانها ثورة عراقية و ثورة للفقراء ماكان العراقيين ليتركوا ثمرة جهودهم تذهب الى الاخرين فمن يأبى ان يكون تحت غطاء (حلف بغداد) يأبى كذلك ان يكون تحت غطاء ( الجمهورية العربية المتحدة) وكما كان العراقيين يبغضون دور الوصي عبد الاله كانوا ايضا يبغضون دور عبد الناصر الذي اراد ( البلح في جيب و النفط في جي ) . انها ثورة العراقيين لاثورة الاتحاد السوفيتي ولا ثورة عبد الناصر ولا ثورة السفارات الاجنبية . ولانها ثورتهم فقد نصبوا من يحمل هموهم و يشعر بمشاعرهم و يضمد جراح الاقطاع و يدواي الم الفقر و يحمل أمالهم نحو العيش بحرية بلا خوف و لا تهديد . لقد كان عبد الكريم قاسم صوت الشعب المنتفض و ارادة الفقراء والضعفاء والمحرومين الذين رفضوا استبدال وصاية السفير البريطاني بوصاية (عبناصر) وفضلوا حرية الاختيار فختاروا ابن بلدهم و اختاروا ان يكون العراق سيدا نفسه لاتابعا و مستعبد . كل ماحصل من انجازات فريدة و احلام تحققت بما يشبه المعجزة في ظرف أعوام قليلة من عمر هذه الثورة لم يكن من وحي الزعيم عبد الكريم قاسم انما كان من ارادة الشعب التي احترمها هذا الزعيم ففسح المجال للادباء والمثقفين والطلبة والاحزاب والنقابات و دفع بعجلة الصناعة العراقية نحو الامام و تحققت اهم اهداف الثورة في مجال الزراعة والصناعة و تسليح الجيش وبناء مؤسسة عسكرية قوية و استقلالية الدور العراقي في المنطقة و شهد المجتمع العراقي حالة من الانفتاح الايجابي لم يشهد لها نظير في مجال حقوق المرأة و الاحوال الاجتماعية و حملات متواصلة للقضاء على الفقر و الامية وبناء مدن طبية متكاملة واستحداث جامعات متطورة و انشاء مدن حديثة لكل فئات المجتمع العراقي وبخاصة الفقراء . واخيرا امتلاك العراق لثرواته النفطية . كل هذه المنجزات كانت تمثل اسبابا حقيقية تدفع اعداء العراقيين للتأمر عليهم و قتل ثورتهم التي حققت ما فشل الاخرين في تحقيقه . فلم يبقى احد الا وتأمر او اشترك في مؤامرة تواصى على تنفيذها القريب والبعيد ليس الا لان ثورة 14 تموز عام 1958 اخرجت العراق من الدائرة التي كانت مرسومة لاهله . كان المتأمرين يزدادون حقدا على الثورة يوما بعد يوما وكانت الثورة وقائدها وشعبها يزدادون رحمة بهم وعطفا عليهم . لم يترك المتأمرين عملاء الخارج يوما من ايام الثورة الا ومارسوا فيه العايبهم و دسائسهم الرخيصة وبادلوا شعار (عفا الله عما سلف) بشعار(تلاقفوها تلاقفوها ) حتى وصلوا لمرحلة انتزاع مدن من جسد العراق كما حصل في مدينة الموصل على يد الشواف وزمرته من غير الانقلابات الفاشلة و محاولات الاغتيال المتعددة . استمر خونه الوطن بخيانتهم واستمر الوطن بحنانه عسى ان يعودوا الى رشدهم ولكن هيهات (افأنت تهدي من في النار) وكيف ترتجي خيرا من اناس قبلوا ان يكونوا عبيدا عند غيرهم على ان يكونوا اسيادا على انفسهم . ولما اتفقت ارادة عبيد الدولار و عشاق السلطة مع ارادات القوى الاقليمية والدولية كانت نهاية تجربة فريدة في كل شيء حتى جاء يوم الثامن من شباط عام 1963 لتأتي مع غربان البعث و افاعي الناصرية و خونه الملح الغادرون و خطط الدول الكبرى التي اراد ان لايعود الى العراق الى ماكان قبل 14 تموز 1985 بل الى اكثر من ذلك . سلاما على الجمهورية العراقية الخالدة .

أضف رد جديد

العودة إلى “البرلمان”